• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

مَنْ سَمّ رسولَ اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ؟


مَنْ سَمّ رسولَ اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ؟
قال الشيخ الصدوق (أعلى اللّه مقامه) : اعتقادنا في النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) أنّه سُمّ في غزاة خيبر ، فما زالت هذه الأكلةُ تعاوده حتّى‏ قطعتْ أبهرَه (1) .
ولكنْ ما هو الدليل على‏ هذا الاعتقاد ؟ لا بدّ أنْ يكون الشيخ الصدوق (رحمه اللّه) قد استند على‏ روايات صحيحةٍ وصلت إليه بيّنت ذلك ؛ فقد روى‏ الشيخ المحدّث أبو جعفر محمّد بن الحسن الصفّار القمّي (2) ، قال :
حدّثنا أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمّد ، عن عليّ عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه (الصادق) (عليه السّلام) ، قال : (( سُمّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يوم خيبر ، فتكلّم اللحمُ فقال : يا رسولَ اللّه , إنّي مسموم . فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) عند موته : اليوم قطّعتْ مطاياي (مطاي خ ل) الأُكلةُ التي أكلتُ بخيبر ، وما من نبيّ ولا وصيّ إلاّ شهيد ))(3) .
قال الشيخ المجلسي (رضوان اللّه عليه) بعد نقل الخبر :
بيان : المطايا : جمع مطيّة ، وهي الدابّة التي تمطو في سيرها . وكأنّه استُعير هنا للأعضاء والقوى‏ التي بها يقوم الإنسان . والأصوب : مطاي كما في بعض النسخ ، والمطا : الظهر(4) .
وقال الصفّار القمّي (أعلى اللّه مقامه) : حدّثنا إبراهيم بن هاشم ، عن جعفر بن محمّد ، عن عبد اللّه بن ميمون القدّاح ، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) ، قال : (( سمّت اليهوديّة النبي (صلّى اللّه عليه وآله) في ذراع . قال : وكان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يحبّ الذراعَ والكتف ، ويكره الورك لقربها مِن المبال . قال : لمّا أُتي بالشواء أكل من الذراع ـ وكان يحبّها ـ فأكل ما شاء اللّه ، ثمّ قال الذراع : يا رسول ‏اللّه , إنّي مسموم . فتركه ، وما زال ينتقض به سمُّه حتّى‏ مات (صلّى اللّه عليه وآله) ))(5) .
وروى‏ الشيخ الكليني (رحمة اللّه عليه) عن محمّد بن يحيى‏ ، عن ابن عيسى‏ ، عن ابن فضّال ، عن ابن بُكير ، عن زرارة ، عن أبي جعفر (الباقر) (عليه السّلام) ، قال : (( إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أُتي باليهوديّة التي سمّت الشاة للنبي (صلّى اللّه عليه وآله) ، فقال لها : ما حملَكِ على ما صنعتِ ؟ فقالتْ : قلتُ : إنْ كان نبيّاً لم يضرَّه ، وإنْ كان ملِكاً أرحتُ الناسَ منه . قال : فعفا رسولُ اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عنها ))(6) .
ونقل الشيخ الطبرسي ـ المفسّر ـ (أعلى اللّه مقامه) عن المؤرّخ المعروف ابن إسحاق مقطعاً في باب غزوة خيبر ، جاء فيه : ولمّا اطمأنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أهدتْ له زينبُ بنتُ الحارث بن سلاّم بن مشكم ـ وهي ابنة أخي مرحب ـ شاةً مصليّة(7) ، وقد سألت : أيُّ عضوٍ مِن الشاة أحبّ إلى رسول ‏اللّه (صلّى‏ اللّه عليه وآله) ؟
فقيل لها : الذراع . فأكثرتْ فيها السمّ ، وسمّت(8) سائر الشاة ، ثمّ جاءت بها ، فلمّا وضعتْها بين يديه تناول الذراع فأخذها ، فلاك منها مضغةً وانتهش(9) منها ، ومعه بشر بن البراء بن‏ معرور ، فتناول عظماً فانتهش منه(10) , فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) : (( ارفعوا أيديكم ؛ فإنّ كتف هذه الشاة تُخبرني أنّها مسمومة )) . فدعاها فاعترفت ... فقال : (( ما حملَكِ على‏ ذلك ؟ )) . قالت : بلغتَ مِن قومي ما لم يَخْفَ عليك ، فقلتُ : إنْ كان نبيّاً فسيُخبَر ، وإن كان ملِكاً استرحتُ منه . فتجاوز عنها رسول‏ اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ، ومات بشر بن البراء مِن أكلته التي أكل .
ودخلت أمّ بشر بن البراء على‏ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) تعوده في مرضه الذي تُوفّي فيه ، فقال : (( يا أمّ بشر ، ما زالت أكلةُ خيبر التي أكلتُ مع ابنك تعاودني ، فهذا أوان قطعت أبهري )) . فكان المسلمون يرون أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) مات شهيداً ، مع ما أكرمه اللّهُ به من النبوّة(11).
ومع أنّ المرأة اليهوديّة التي سمّتِ النبيَّ (صلّى اللّه عليه وآله) قد اعتذرت إليه بأنّها رأتْ أنّه إنْ كان نبيّاً أُخبر بالوحي فلم يضرَّه السمّ ، وإن كان ملكاً يريد التسلّط على العباد والبلاد كان السمّ سبباً في إراحة الناس منه . مع هذا ، فإنّنا أخذنا نسمع من اليهود همساً يقول بأنّهم همُ الذين دفعوها إلى وضع السمّ في ذراع الشاة .
قال لافي موسى‏ لافي : إنّه لا دينَ إلاّ الدين اليهودي ، وكلّ ما سواه من الأديان المزعومة فاسدٌ ومرذول ، أما كفتْنا البلابل التي أحدثها (...)(12) يسوع(13) حتّى‏ جاءنا هذا (...)(14) الآخر (...)(15) يزيدنا بلبلة وشغباً ؟! إذنْ لنجعل مقاومتنا واحدة ؛ ذلك(16) صلبناه(17) ، وهذا لم نحتج لأن‏ نصلبه ؛ لأنّنا أمتناه مسموماً ...
أورد هذا النصَّ الكاتب (صابر طعيمة) في كتابه (الماسونيّة ذلك العالم المجهول) على‏ الصفحة التاسعة عشرة بعد المئة ، معلّقاً عليه في الهامش بقوله : إنّما يدّعي اليهودُ أنّ النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) مات بأثر السمّ الذي وضعوه له في المدينة بكتفِ شاة .
وحقيقة حاول اليهود كثيراً التآمر على حياة رسول ‏اللّه (عليه السّلام) ؛ مرّةً بإلقاء الحجر مِن أعلى‏ الجدار الذي كان يجلس عليه يتفاوض معهم في حيّهم ، ومرّةً بدسّ السمّ عند يهوديٍّ دعاه إلى تناول الطعام .
ثمّ استبعد الكاتب (طعيمة) أنْ يكون النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) قد سُمّ ، لتصوّره أنّ ذلك لا يجري على‏ النبيّ ؛ إذِ الأمر مخالفٌ لشأن كرامته على‏ اللّه تعالى ـ كما يتصوّر ـ فيقول : ولكنّ الحقيقة هي فيما أخبر به (صلّى اللّه عليه وآله) ـ فيما معناه حين لفظ الشاة ـ : هذه الشاة تُخبرني أنّها مسمومة ، وإذا كان اللّه كرّمه بالمعجزة الإلهيّة إلى هذا الحدّ ، فكيف يموت (صلّى اللّه عليه وآله) مسموماً ؟!
ونراه استدلالاً مخالفاً :
أوّلاً : للروايات التي ذكرتْ أنّه (صلّى اللّه عليه وآله) أخبر بشهادة الأنبياء والأوصياء ، وأنّه مات مسموماً .
وثانياً : للمنطق الذي يقول بأنّ الشهادة شرف خلعه اللّهُ تعالى على الأنبياء (صلوات اللّه عليهم جميعاً) كما ذكرنا .
وكرامةٌ كالشهادة لا يمكن تصوّر حرمان النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) منها ، وهو أشرف الأنبياء والمرسلين ، وأشرف الخلائق أجمعين ، وقد شاء اللّه تبارك وتعالى أنْ يجعل لهُ كلَّ شرفٍ في أسماه ، وكلّ كرامةٍ في أسماها .
ولا فُضّ فم ذلك الشاعر حيث قال :
لـقد شاء للعلياءِ أنْ تتجسّدا        فقال لها كوني فكانت محمّدا
(صلّى اللّه تعالى عليه وعلى‏ آله) ، فهو مجمع الفضائل ، بل كانت الفضائل وما زالت تُعرف به ، ومنها الشهادة ، وهي تتشرّف به ، فليس خدشاً في كرامة المعصوم ، نبيّاً كان أو رسولاً أو إماماً ، أنْ يقضي شهيداً .
وقد رُوي عن الرسول الأعظم (صلّى اللّه عليه وآله) قوله : (( أشرف الموت قتلُ الشهادة ))(18) .
ونحن ذَكَرْنا بعض الروايات في شهادته (صلوات اللّه عليه وعلى‏ آله) ، فهل هنالك غيرها يا تُرى ؟! نعم ، فبعد أنْ تأكّدنا أنّ النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) مات مسموماً قتيلاً شهيداً ، لا بأس هنا أنْ ندقّق في شخص القاتل .
فالعيّاشي (رحمه اللّه) يروي عن عبد الصمد بن بشير ، عن الإمام جعفر الصادق (عليه السّلام) أنّه قال يوماً لأصحابه : (( تدرون مات النبيُّ (صلّى اللّه عليه وآله ) أو قُتل ؟ إنّ اللّه يقول : ( أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ )(19) , فسُمّ‏ قبل الموت ، إنّهما سمّتاه )) .
قال الراوي : فقلنا : إنّهما وأبويهما شَرُّ مَنْ خلَق اللّه(20) .
وقريب مِن هذا يرويه الفيضُ الكاشاني (رضوان اللّه تعالى عليه) ، عن الإمام الصادق (عليه السّلام) أنّه قال : (( أتدرون مات النبيُّ أو قُتل ؟ إنّ اللّه يقول : ( أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ) )) . ثمّ قال (عليه السّلام) : (( إنّهما سقَتاه )) , يعني الامرأتين(21) .

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الاعتقادات / 109 . والأبهر : وريد القلب .
(2) وهو من أصحاب الإمام الحسن العسكريّ (عليه السّلام) .
(3) بصائر الدرجات في فضائل آل محمّد (صلّى الله عليه وآله) 10 / 523 ـ الباب 17 , ح 5 .
(4) بحار الأنوار 22 / 516 , ح 21 ـ باب وفاته (صلّى الله عليه وآله) .
(5) بصائر الدرجات 10 / 523 ـ باب 17 , ح 6 .
(6) أصول الكافي 2 / 89 ـ باب العفو , ح 9 .
(7) أي مشويّة .
(8) وسمّمت ( خ ل ) .
(9) نهش ( خ ل ) .
(10) في سيرة ابن هشام : ( تناول الذراع ، فلاكَ منها مضغةً فلم يسغها ، ومعه بشر بن البراء بن معرور قد أخذ منها ... فأساغها ، وأمّا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فلفظها ) . لم يسغها : أي لم يبلعها . ولفظها : أي طرحها ورماها .
(11) مجمع البيان 9 / 119 ـ 122 .
(12) كلمة بذيئة نعتذر عن ذكرها .
(13) أي نبيّ الله عيسى بن مريم (عليهما السّلام) .
(14) كلمة بذيئة تليق بـ (لافي) قائلها كما تليق بالصهاينة اليهود .
(15) كلمة أخرى يقصد بها النبيَّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله) .
(16) أي نبيّ الله عيسى (صلوات الله عليه) .
(17) بزعمهم .
(18) أمالي الصدوق / 395 ـ المجلس 74 , ح 1 ، عنه : بحار الأنوار 100 / 8 , ح 4 .
(19) سورة آل عمران / 144 .
(20) تفسير العيّاشيّ 1 / 224 , ح 152 .
(21) تفسير الصافي 1 / 359 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page