• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الفصل الثاني: النضال الفكري والعلمي

أوّلاً: في مجال القرآن والحديث
ثانياً: في مجال الفكر والعقيدة
ثالثاً: في مجال الشريعة والأحكام
وأخيراً: في إعمار الكعبة المعظّمة
يكاد المؤرّخون لحياة الإمام السجاد عليه السلام، لاسيما الدارسون الاجتماعيّون، الذين يريدون إبعاد الإمام عن الحياة السياسية، يتّفقون على أن الإمام عليه السلام: (انكبّ على الشؤون الدينية، ورواية الحديث، والتعليم)(128) وأنّ مهمّته كانت: (الانصراف إلى بثّ العلوم، وتعليم الناس، وتربية المخلصين، وتخريج العلمأ والفقهأ، والإشراف على بنأ الكتلة الشيعية )(129) .
ولا ريب في أن الإمام السجاد عليه السلام قام بدور بليغ في هذه المجالات كلّها، ولكن لم تكن قطّ هذه الأمور خارجة عن العمل السياسي، أو بديلا عن العمل السياسي بل، إن هذه الواجبات هي من أهم وظائف الأنبيأ والأئمة بل المصلحين السياسيين من البشر ،بأن يقوموا بها، ويبلُغوا بالامم والشعوب إلى مستويات راقية فيها، خاصة التعاليم الإلهية التي من أجلها بُعثوا، ولها عُيّنوا، وبتبليغها وبثّها كلّفوا، وهم طريق معرفة الناس بها، والأمنأ الوحيدون عليها .
والتعليم الصحيح هو واحد من طرق النضال، فكل مناضل يعلم بوضوح أن من مقوّمات كل حركة سياسية، هو تثقيف الجماهير، وتوعيتها، بالتعليم والتلقين، لتكون على علم بما يجري حولها وما يجب لها من حقوق وما عليها من واجبات .وقد سعى الحكّام الفاسدون على طول التاريخ إلى إبعاد الناس عن الحقّ،
والتعاليم الأصيلة، بطرق شتى: .
منها: التصدّي للذين يبلّغون رسالات الله، بالضغط، والأسر، والتشريد، والحبس، وحتّى القتل .
ومنها: تزييف الأديان وتحريفها بالبدع والخرافات، وبثّ التعاليم الباطلة، والعمل من أجل ترويجها .
ومنها: منع تثقيف الناس، حذراً من تنبّههم إلى ما هم عليه من خلل ونقص في الحياة المادّية، وما هم فيه من ذلّ ومهانة في الحياة المعنوية .
ومنها: محاولة استيعاب أجهزة التعليم، بوضع المناهج التعليمية المشبوهة والمحرّفة .
وهكذا تضييع جهود القائمين على التعاليم، بشرأ الضمائر، وغسل الأدمغة والعقول، وتفريغها من الرؤى الصائبة، وملئها بالأفكار الفاسدة والمنحرفة .
وقد استعمل معاوية هذا الأسلوب بكل جرأة لما استولى على أريكة الخلافة، فعمّم كتاباً على أقطار نفوذه، يأمر فيه الولاة بوضع الأحاديث والروايات واختلاقها، وبثّها بين الناس في المدارس والمساجد والكتاتيب والبيوت، ليربّي جيلا ناشئاً مشبّعاً بتلك التعاليم المزوّرة في صالح الأمويين، والتي تعارض التعاليم الإسلامية الأصيلة(130) .
فوجود المعلّمين المناهضين لتلك الخطط الهدّامة، وتلك المناهج التعليمية الفاسدة، يكون صدّاً سياسياً للأنظمة الحاكمة، ويكون عملهم جهاداً ونضالاً سياسياً، بلا ريب . وإنّ الحكومات الفاسدة، من أجل تنفيذ خططها في تحريف الدين وإغوأ الناس وإبعادهم عن العلمأ المصلحين، اصطنعت من علمأ السو رجالا مقنّعين بالعلم، ملجمين بلباس الدين، من العملا بائعي الضمائر، ليكونوا وسائل لإقناع العامة بما تمليه الدولة عليهم من أحكام باطلة، وقضايا منافية للحقّ، وليصحّحوا للدول الظالمة تصرّفاتها الجائرة .
ولاحظ كتابنا (تدوين السنة الشريفة) (ص 475) .
فكان التصدّي لهؤلاء، وفضح دسائسهم، وإبطال استدلالاتهم، والكشف عن سوء نيّاتهم، من واجب الأئمة والمصلحين الإلهيين .
وقد قام الإمام السجاد عليه السلام في عصره بأداء دور مهمّ في هذا الميدان الشائك بعد أن استلهم العلوم من مصادرها الأمينة الموثوقة وصار الدور إليه في قيادة الأمة ودلالتها إلى الحق والخير .
فكان معلّماً للحقّ، يبثّ الفضيلة، ويدعو إلى الإسلام المحمّديّ الأصيل، الذي توارثه عن آبائه، والموصول بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم بأوثق السبل، وأقرب الطرق . وأصبح لكونه حاملاً أميناً للتعاليم الإسلامية الرصينة، وقائماً مخلصاً بالشؤون الدينية الحقّة سدّاً منيعاً في مواجهة كلّ انحراف وتزوير كان يبديه علمأ السو من وعّاظ السلاطين .
ولا ريب في أنّ مواجهة الإمام السجاد عليه السلام للدولة في هذا النضال، لابدّ أنّ تعدّ في قمّة أعماله السياسية، ومن أخطر أوجه النضال السياسي في حياته الكريمة .
وقد اخترنا مجالات ثلاثة عمل فيها الإمام عليه السلام، لنقف على أوجه نشاطه فيها، وهي:

_______________________
(128) معتزلة اليمن (ص 17 18) .
(129) الإمام السجاد عليه السلام لحسين باقر (ص 13 -14) .
(130) لاحظ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (11: 44 -46) والاحتجاج للطبرسي (ص 295)


أضف تعليق

كود امني
تحديث

Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page