• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الفَصلُ الرابِع: التزامات فَذَة فِي حَيَاةِ الإمَامِ عَلَيهِ السَلامُ أوّلاً: التزام الزهد والعبادة

أوّلاً: التزام الزهد والعبادة
ثانياً: التزام البكاء على سيّد الشهداء عليه السلام
ثالثاً: التزام الدعاء
وأخيراً: مع الصحيفة السجّاديّة هدفا ومضموناً تميزّت سيرة الإمام زين العابدين عليه السلام بمظاهر فذّة، وهي وإن كانت متوفرّة في حياة آبائه وأبنائه الأئمة: إلاّ أنها برزت في سيرة الإمام عليه السلام بشكلٍ آخر، أكثر وضوحاً، وأوسع دوراً، مما تسترعي الانتباه، وهي:
1- ظاهرة الزهد والعبادة .
2- ظاهرة البكاء .
3- ظاهرة الدعاء .
فإذا سبرنا حياة الأئمة :، وجدناهم كلّهم يتميّزون في هذه المظاهر على أهل زمانهم، إلاّ أنّها في حياة الإمام زين العابدين عليه السلام تجاوزت الحدّ المألوف، حتّى كان عليه السلام فريداً في الالتزام بكلٍ منها:
العبادة والزهد، فقد عدّ فيهما: زينَ العابدين وسيدَ الزاهدين، حتّى ضُرِب به المثل فيهما .
والبكاء، فقد عدّ فيه: من البكّائين الخمسة .
وأما الدعاء: فالصحيفة التي خلّفها تكفي شاهداً على ما نقول .
وسنحاول في هذا الفصل أن نشاهد أثر الالتزام بهذه المظاهر في ملامح سيرة الإمام عليه السلام، ونقرأ ما خلّده لنا التاريخ من آثارها في الحياة الاجتماعية للإمام عليه السلام، وما استهدفه الإمام عليه السلام من اللجو ء إليها بهذا الشكل المركّز .
أوّلاً: التزام الزهد والعبادة :
لقد أخذت هذه الظاهرة ساعات طويلة من وقت الإمام عليه السلام، وملأت مساحات واسعة من صفحات سيرته الشريفة، حتّى أصبح من أشهر ألقابه (زين العابدين) (282) و (سيّد الساجدين) (283) .
والزهد، من الفضائل الشريفة التي يتزيّى بها الرجال الطيّبون، المخلصون لله، الراغبون في جزيل ثوابه، العارفون بحقيقة الدنيا وأنها فانية زائلة، فلا يميلون إلى الاستمتاع بلذّاتها و مغرياتها، بل يقتصرون على الضروريّ الأقلّ، من المشرب والملبس والمسكن والمأكل .
وقد التزم أئمّة أهل البيت بهذه الفضيلة بأقوى شكل، وفي التزامهم بها معنى أكبر من مجرّد الفضل والخلق الجيّد، فكونهم أئمةً يُقتدى بهم واُمثولة لمن يعتقد بهم، واُسوة لمن سواهم، وقدوة للمؤمنين، يتبعون خطاهم، فهم لو تخلّقوا بهذا الخلق الكريم، قام جمع من الناس بذلك معهم، سائرين على طرق مأمونة من الانحراف .
فللإمام السجاد عليه السلام في العبادة مشاهد عظيمة، وأعمال جليلة، وسجدات طويلة، وصلوات متتالية، حتّى أنه كان يصلّي في اليوم والليلة (ألف ركعة) (284) وهذا يشبه ما نقل عن جدّه الإمام علي أمير المؤمنين عليه السلام .
وإذا نظرنا إلى عصر الإمام زين العابدين عليه السلام، وإلى ما حوله من حوادث واقعة واُمور جارية: أمكننا أنْ نقول: إنَ التزام الإمام بهذه العبادة، وبهذا الشكل من السعة، والإصْرار، والإعْلان، لم يكن عفويّاً، ولا عن غير قصدٍ وهدف، ولا لمجرد حاجة شخصيّة، وتقرّب خاص، بل كان ورأها تدبير اجتماعي مهمّ جدّاً، إذ أنّ الامويين في تلك الفترة بالخصوص، وبعد سيطرتهم على مقدّرات العباد والبلاد جدّوا في إشاعة الفساد، وتمييع المجتمع، وترويج الترف واللهو، بين الناس، بهدف تبرير أعمالهم المخالفة للشرع المقدس، المنافية للعرف الذي يبتنى على العفة والشرف، وسعياً لتخدير الناس، وإبعاد الأمة عن الروح الإسلامية الواثبة المقتدرة التي تمكّن المسلمون بها من السيطرة على مساحات شاسعة من العالم وحضارات لامبراطوريات مجاورة لها بعد أن كانوا من الشعوب المتخلّفة تتخطفهم الأمم من حولهم، لا يملكون لعدوّهم دفعاً، ولا عن ذمارهم منعاً .
وقد خاطبتهم الزهراء فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واصفةً حالتهم بقولها: (... وكنتم على شفا حفرةٍ من النار، مَذَقةَ الشارب ونَهَزَةَ الطامع، وقبسة العجلان، وموطأ الأقدام، تشربون الطرق وتقتاتون الورق، أذلة خاسئين تخافون أن يتخطفكم الناسُ من حولكم، فأنقذكم الله تبارك وتعالى بأبي (285) .
فأرشدهم الرسول إلى المجد والعلى والكرامة والعلم .
لكنّ الأمويين , و لأجل إخماد ثورة الإسلام في نفوس الناس , أخذوا في ترويج الفحشاء والمنكر، والفجور والخمور، والظلم والخيانة، حتّى ضُرب بهم المثل في خرق العهود والمواثيق، وتجاوز الأعراف والموازين المقبولة بين الناس، وتلاعبوا بكلّ المقدّرات والمقرّرات، وانغمسوا وجرّوا الناس معهم في الرذيلة واللعب، ومعهم الجيل الناشىء من الأمة، الذي نما على هذه الروح الطاغية اللاهية .
حتّى جعلوا من مدينة الرسول الطيّبة، مركزاً للفساد . قال أبو الفرج الأصبهاني: إن الغناء في المدينة لا ينكره عالمهم، ولا يدفعه عابدهم (286) وحتّى: كانت يثرب تعجّ بالمغنيات، ومن المؤسف حقاً أن مدينة النبي صلى الله عليه وآله وسلم صارت في العصر الأموي مركزاً للحياة العابثة، وكان من المؤمَل أن تصبح معهداً للثقافة الدينية، ومصدراً للإشعاع الفكري والحضاري في العالم الإسلامي، إلاّ أن الأمويين سلبوها هذه القابلية، وأفقدوها مركزيَتها الدينية والسياسية (287) .
ولمّا خرج عُروة بن الزبير من المدينة واتخذ قصراً بالعقيق، وقال له الناس: قد أجْفَرْتَ مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إنّي رأيتُ مساجدهم لاهيةً، وأسواقهم لاغيةً، والفاحشة في فجاجهم عالية (288) .
وأضاف القرطبي: وكان في ما هناك عمّا أنتم فيه عافية (289) .
إنه في مثل هذه الأجواء والظروف ليس عفوياً، ولا عن غير هدف: أن يظلّ الإمام زين العابدين عليه السلام في المدينة، يعظ الناس ويرشدهم، ويدعوهم إلى نبذ المُتَع، ويحذّرهم من اللغو واللهو ومن الزينة والتفاخر . فكان عليه السلام يقول: لا قُدست اُمَة فيها البَرْبَط (290) .
لقد كان له مجلس في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يعظ الناس فيه:
قال سعيد بن المسيب: كان علي بن الحسين عليه السلام يعظ الناس ويزهّدهم في الدنيا، ويرغّبهم في أعمال الاَخرة، بهذا الكلام، في كل جمعة، في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وحفظ عنه، وكتب، كان يقول: :
أيّها الناس اتقوا الله واعلموا أنكم إليه ترجعون، فتجدُ كلّ نفس ما عملت في هذه الدنيا من خير مُحْضَراً وما عملت من سُو، تَوَد لو أنّ بينَها وبينه أمداً بعيداً، ويحذّركم الله نفسه .[ مقتبس من القرآن الكريم . سورة آل عمران (3) الاَية (30) ]
ويحك يابن آدم الغافل، وليس بمغفول عنه . يابن آدم إنَ أجلك أسرع شي إليك قد أقبل نحوك حثيثاً يطلبك، ويوشك أن يدركك، وكأنْ قد أوفيت أجلك، وقبض الملك روحك وصرت إلى قبرك وحيداً، فردَ إليك فيه روحك، واقتحم عليك فيه ملكان: ناكر ونكير لمسألتك وشديد امتحانك .
ألا، وإن أوّل ما يسألانك: عن ربك الذي كنت تعبده ? وعن نبيك الذي اُرسل إليك ? وعن دينك الذي كنت تدين به ? وعن كتابك الذي كنت تتلوه ? وعن إمامك الذي كنت تتولاّه ?
ثمّ، عن عمرك في ما كنت أفنيته ? ومالك من أين اكتسبته ? وفي ما أنت أنفقته ? .
فخذ حذرك، وانظر لنفسك، وأعدّ الجواب قبل الامتحان والمسألة والاختبار . .
فإن تَكُ مؤمناً عارفاً بدينك، متّبعاً للصادقين، موالياً لأولياء الله، لقَاك الله حجّتك وانطلق لسانك بالصواب وأحسنت الجواب، وبُشرت بالرضوان والجنة من الله عز وجل، واستقبلتك الملائكة بالروح والريحان .
وإن لم تكن كذلك تلجلج لسانك ودُحضت حجّتك وَعِييْتَ عن الجواب، وبُشّرت بالنار، واستقبلتك ملائكة العذاب بنزل من حميم وتصلية جحيم .
واعلم يابن آدم: أن من وراء هذا أعظم، وأفظع، وأوجع للقلوب يوم القيامة، وذلك يوم مجموع له الناس، وذلك يوم مشهود، يجمع الله عز وجل فيه الأوّلين والاَخرين .
ذلك يوم ينفخ في الصور، وتبعثر فيه القبور .
وذلك يوم الأزفة، إذ القلوب لدى الحناجر، كاظمين .
وذلك يوم لا تقال فيه عثرة، ولا يؤخذ من أحد فدية، ولا تُقبل عن أحد معذرة، ولا لأحد فيه مستقبل توبة، ليس إلاّ الجزاء بالحسنات والجزاء بالسيئات . فمن كان من المؤمنين عمل في هذه الدنيا مثقال ذرّةٍ من خيرٍ وجده، ومن كان من المؤمنين عمل في هذه الدنيا مثقال ذرّةٍ من شرٍّ وجده .
فاحذروا، أيها الناس من الذنوب والمعاصي ما قد نهاكم الله عنها، و حذّركموها في كتابه الصادق، والبيان الناطق .
ولا تأمنوا مكر الله وتحذيره وتهديده، عندما يدعوكم الشيطان اللَعين إليه من عاجل الشهوات واللذات في هذه الدنيا، فإن الله عز وجل يقول: (إنّ الذين اتقوا إذا مسّهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون) الأعراف (7) الاَية: 201 ]
وأشْعِروا قلوبكم خوف الله، وتذكّروا ما قد وعدكم الله في مرجعكم إليه من حسن ثوابه، كما قد خوَفكم من شديد العقاب، فإنه من خاف شيئاً حذره، ومن حذر شيئاً تركه . ولا تكونوا من الغافلين، المائلين إلى زهرة الدنيا، الذين مكروا السيئات، فإن الله يقول في محكم كتابه: (أ فأمِنَ الذين مكروا السيّئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون أو يأخذهم في تقلّبهم فما هم بمعجزين أو يأخذهم على تخوّف..) .[النحل (16) الاَيات 45 47 ]
فاحذروا ما حذّركم الله، بما فعل بالظلمة، في كتابه، ولا تأمنوا أن ينزل بكم بعض ما تواعد به القوم الظالمين في الكتاب .
والله، لقد وعظكم الله في كتابه بغيركم، فإن السعيد من وُعِظَ بغيره .
ولقد أسمعكم الله في كتابه ما قد فعل بالقوم الظالمين من أهل القرى قبلكم، حيث يقول :( وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة) وإنّما عنى بالقرية أهلها، حيث يقول: (وأنشأنا بعدها قوماً آخرين) فقال عز وجل: (فلما أحسّوا بأسنا إذا هم منها يركضون) يعني يهربون، قال: (لا تركضوا وارجعوا إلى ما اُترفتم فيه ومساكنكم لعلّكم تسألون) فلما أتاهم العذاب (قالوا يا ويلنا إنا كنّا ظالمين فما زالت تلك دعواهم حتّى جعلناهم حصيداً خامدين) .[ الأنبياء (21) الاَيات (11 - 15) ]
و ايْمُ الله، إنّ هذه عظة لكم وتخويف، إن اتّعظتم وخفتم .
ثم رجع القول من الله في الكتاب على أهل المعاصي والذنوب، فقال الله عز وجل: (ولئن مسّتهم نفحة من عذاب ربك ليقولنّ يا ويلنا إنّا كنّا ظالمين) الأنبياء (21 )] .[الاَية (46)
فإن قلتم أيها الناس: إن الله عز وجل إنمّا عنى بهذا أهل الشرك ?
فكيف ذاك ? وهو يقول: (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تُظلم نفس شيئاً وإن كان مثقال حبّةٍ من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين) [ الأنبياء (21 )]الاَية (47)
إعلموا عباد الله إن أهل الشرك لا تُنصب لهم الموازين ولا تنشر لهم الدواوين، وإنما يحشرون إلى جهنم زمراً، وإنما نصب الموازين ونشر الدواوين لأهل الإسلام . فاتقوا الله عباد الله . واعلموا أن الله عز وجل لم يحبّ زهرة الدنيا وعاجلها لأحد من أوليائه، ولم يرغّبهم فيها وفي عاجل زهرتها وظاهر بهجتها، وإنما خلق الدنيا وأهلها ليبلوهم
فيها: أيّهم أحسن عملاً لاَخرته ? .
و ايْمُ الله، لقد ضرب لكم فيه الأمثال، وعرّف الاَيات لقوم يعقلون، ولا قوّة إلاّ بالله . فازهدوا في ما زهّدكم الله عزوجل فيه من عاجل الحياة الدنيا .
فإن الله عز وجل يقول وقوله الحقّ: (إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتّى إذا أخذت الأرض زخرفها و أزيّنت وظنّ أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً كأنْ) لم تَغْنَ بالأمسِ كذلك نفصّل الاَيات لقوم يتفكّرون) .[ يونس (10) الاَية (24]
فكونوا عباد الله من القوم الذين يتفكّرون، ولا تركنوا إلى الدنيا فإن الله عز وجل قال لمحمّد صلى الله عليه وآله وسلم : (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسّكم النار) [ هود (11) الاَية (113) ]
ولا تركنوا إلى زهرة الدنيا وما فيها ركون من اتّخذها دار قرار و منزل استيطان، فإنها دار بُلغة، ومنزل قلعة، ودار عمل، فتزوَدوا الأعمال الصالحة فيها قبل تفرق أيامها، وقبل الإذن من الله في خرابها، فكان قد أخر بها الذي عمرّها أول مرة وابتدأها وهو ولي ميراثها فأسأل الله العون لنا ولكم على تزوّد التقوى، والزهد فيها .
جعلنا الله وإياكم من الزاهدين في عاجل زهرة الحياة الدنيا، الراغبين لاَجل ثواب الاَخرة، فإنما نحن به وله .
وصلّى الله على محمّد وآله وسلّم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته (291) .
وكان عليه السلام يعظ أصحابه (292) ويعظ الخليفة وأعوانه (293) .
ويجسّد في نفسه كل المواعظ والنصائح، حتّى يكون اُمثولة للسامعين والمشاهدين وقد نقلت آثار في هذا الباب عنه عليه السلام، نذكر منها:
1- كان علي بن الحسين عليه السلام إذا مشى لا يجاوز يديه فخذيه، ولا يخطر بيده (294) .
2-وكان إذا قام إلى الصلاة أخذته رعدة، فقيل له: ما لَكَ ?
فقال: ما تدرون بين يدي مَن أقوم ? ومن أناجي ? (295) .
3-وقيل: إنه كان إذا توضّأ أصفرَ لونه، فيقول له أهله: ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء ? .
فيقول: تدرون بين يدي مَنْ أريد أن أقوم ? (296) .
4- قال سفيان بن عُيَيْنَة: حجّ علي بن الحسين عليه السلام فلمّا أحرم واستوت به راحلته اصفرَ لونه، وانتفض ... ولم يستطع أن يلبّي، فقيل له: ما لَكَ ?
فقال: أخشىّ أن أقول: (لبَيْك) فيقول لي: (لا لبيك) (297) .
5-وقال مالك بن أنس: أحرم علي بن الحسين عليه السلام، فلمّا أراد أن يقول: (لَبَيْك اللّهمَ لبَيكَ) قالها فأغميَ عليه، حتّى سقط من راحلته (298) .
قال: وبلغني أنه كان يصلّي في كل يوم وليلة ألف ركعة إلى أن مات (299) .
6-وقع حريق في بيت فيه الإمام زين العابدين عليه السلام فجعلوا يقولون له: يابن رسول الله النار يابن رسول الله النار فما رفع راسه حتّى أطفئت، فقيل له: ما الذي ألهاك

عنها ? 
قال: ألهتني النار الأخرى (300) .
7- قالوا: وكان علي بن الحسين عليه السلام يخرج على راحلته إلى مكة ويرجع، لا يقرعها (301) .
8- وروى ابن طاوس عن الصادق عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليه السلام إذا حضر الصلاة اقشعرّ جلده، واصفرّ لونه، وارتعد كالسعفة (302) .
ولنقرأ معاً كلاماً له عليه السلام في الزهد، لنقف على معالم رفيعة وآفاق وسيعة مما عند الإمام في هذا المقام: .
إنَ علامةَ الزَاهِدينَ في الدنيا الرَاغبينَ في الاَخِرَةِ تركُهُمْ كلَ خَليطٍ وخَليلٍ ورَفْضُهمْ كُلَ صاحِبٍ لا يريدُ ما يُريدوُنَ .
ألا وَإنَ العامِلَ لِثَوابِ الاَخِرَةِ هو الزَاهدُ في عاجِلِ زَهرةِ الدنيا، الاَخذُ لِلمَوتِ أُهْبَتَهُ، الحاث علَى العَملِ قَبْلَ فَناءِ الاَجَلِ ونُزولِ ما لابدَ مِن لِقائِهِ . وتَقدِيمِ الحَذَرِ قَبْلَ الحَيْنِ، فإنَ اللهَ عز َوجلَ يقولُ: (حَتّى إذا جأَ أحَدَهُمُ المَوْتُ قالَ رَب ارْجِعُون لَعلّي أعْمَلُ صالِحاً في ما تَرَكْتُ (303)) فَلْيُنْزِلَنَ أحَدُكُم اليَوْمَ نَفْسَهُ في هذِه الدنيا كمَنْزِلَةِ المَكْرُورِ إلى الدنيا، النّادِمِ على ما فَرَطَ فيها مِنَ العمَلِ الصّالح لِيَوْمِ فاقَتِهِ .
وَاعْلَمُوا عِبادَ اللهِ: أنَه مَنْ خافَ البَياتَ تَجافى عَنِ الوِسَادِ . وَامْتَنَعَ مِنَ الرقادِ،
وأمْسَكَ عَنْ بَعْضِ الطّعام والشَرابِ مِنْ خَوْفِ سُلْطانِ أهلِ الدنيا، فَكيفَ، وَيْحَكَ يا ابنَ آدَمَ، مِن خَوفِ بَياتِ سُلطانِ رَبَ العِزَةِ وأخْذِهِ الألِيمِ وبَياتِهِ لأِهلِ المَعاصِي والذنوبِ مَعَ طوارِقِ المَنايا باللّيل والنَهارِ ? فَذلِكَ البَياتُ الّذي لَيْسَ مِنْهُ مُنْجًى، ولا دُونَه مُلْتَجأ، ولا مِنْهُ مَهْرَب .
فَخافُوا اللهَ أيها المُؤمِنونَ مِنَ البَياتِ خَوفَ أهْلِ التَقوى، فَإنَ اللهَ يقولُ: (ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامي وَخافَ وَعيدِ (304).
فَاحْذَرُوا زَهْرَةَ الحَياةِ الدنيا وغُرُورَها وشُرُورَها وتذكَروا ضَرَرَ عاقبةِ المَيْلِ إِلَيْها، فَإنَ زِيْنَتَها فِتْنَة وحُبَها خَطيئَة . واعلَم وَيْحَكَ يَا ابنَ آدمَ أنَ قَسْوَةَ البِطْنَةِ وكِظَةَ المِلاَْةِ وسُكْرَ الشَبَعِ وغِرَةَ المُلْكِ مِمّا يُثَبطُ ويُبَطّيُ عَنِ العَمَلِ ويُنْسِي الذكْرَ ويُلْهِي عَنِ اقْتِرابِ الأجَلِ، حَتّى كَأَنَ المُبْتَلى بِحُب الدنيا به خَبَل مِنْ سُكْرِ الشَرابِ .
وأنَ العاقلَ عَنِ اللهِ، الخائِفَ مِنْهُ، العامِلَ له لَُيمَرنُ نَفْسَهُ ويُعَودُها الجُوعَ حتّى ما تَشْتاقَ إلى الشَبَعِ، وكَذلِكَ تُضَمَرُ الخَيْلُ لِسَبْقِ الرهانِ .
فَاتّقوا اللهَ عِبادَ اللهِ تَقوى مُؤَملٍ ثَوابَهُ وخائِفٍ عِقابَهُ فَقَدْ للهِ أنْتُمْ أعْذَرَ وأنْذَرَ وشَوَقَ وخَوَفَ، فَلا أنْتُمْ إلى ما شَوَقكُمْ إلَيْهِ مِنْ كَرِيمِ ثَوابِهِ تَشْتاقُونَ فَتَعْمَلونَ، ولا أَنْتُمْ ممّا خَوَفكُمْ بِهِ مِنْ شَديدِ عقابهِ وأليمِ عَذابِهِ تَرْهَبُونَ فَتَنْكُلُونَ .
وقد نَبَأكمُ اللهُ في كتابِه أنّه: (مَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِن فَلا كُفرانَ لِسَعْيِهِ وَ إنّا لَهُ كاتِبُونَ (305) .
ثُمَ ضَرَبَ لكمُ الأمثالَ في كِتابِهِ وَصَرَفَ الاَياتِ لِتَحْذَرُوا عاجِلَ زَهْرَةِ الحَياةِ الدنْيا فقال: (إنّما أمْوالُكُمْ وَأوْلادُكُمْ فِتْنَة وَاللهُ عِنْدَهُ أجْر عَظِيم (306) .
فاتّقوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعوا وأطِيعوا، فَاتّقوا اللهَ وَاتَعِظوا بِمَوَاعِظِ اللهِ . وما أعلَمُ إلاّ كَثيراً مِنكُمْ قَدْ نَهَكَتْهُ عَواقِبُ المَعاصِي فَما حَذَرَها وَأضَرَتْ بِدينِهِ فَما مَقَتَها . أما تَسْمَعُونَ النداءَ مِنَ اللهِ بعَيْبها وَتَصغِيرِها حَيثُ قال: (اِعْلَمُوا أَنَمَا الحَيوةُ الدنيا لَعِب وَلَهْو وزِينَة وَتَفاخُر بَيْنَكُمْ وَتَكاثُر في الأمْوالِ وَالأوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أعْجَبَ الكُفّارَ نَباتُه ثُمَ يَهيجُ فَتَراهُ مُصْفَرا ثُمَ يَكُونُ حُطاماً وَفي الاَخِرَةِ عَذاب شَدِيد وَمَغْفِرَة مِنَ اللهِ سابِقُوا إلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبكُمْ وجَنَةٍورِضْوان وَمَا الحَيوةُ الدنْيا إلاّ مَتاعُ الغُرُورِ عَرْضُها كَعَرْضِ السَماءِ وَالأرْضِ أُعِدَتْ لِلَذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتيهِ مَنْ يَشأُ وَاللهُ ذُو الفَضْلِ العَظيم )(307) .
وقالَ: (يا أيهَا الّذِينَ آمَنُوا اتَقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْس ما قَدَمَتْ لِغَدٍ وَاتَقُوا اللهَ إنَ اللهَ خبير بما تعملون* وَلا تَكُونُوا كَالَذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْسَاهُمْ أنْفُسَهُمْ أولئِكَ هُمُ الفاسِقُونَ) (308) .
فَاتَقوا اللهَ عِبَادَ اللهِ، وَتَفَكَرُوا وَاعْمَلُوا لِما خُلِقْتُمْ لَهُ، فَإنَ اللهَ لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثاً ولَمْ يَتْرُكْكُمْ سُدًى، قَدْ عَرَفكُمْ نَفْسَهُ وَبَعَثَ إلَيْكُمْ رَسُولَهُ وأَنْزَلَ عَليكم كِتابَهُ، فيه حَلالُهُ وحرامُهُ وحُجَجُهُ وأمثالُهُ .
فاتَقُوا اللهَ فَقد احْتَجَ عليكم رَبكم فَقال: (ألَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ و لِساناً و َشَفَتَيْن ِوَهَدَيْناهُ النَجْدَيْنِ) (309) فهذِه حُجَة عَلَيكم فَاتَقوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَإنَه لا قوَة إلاّ بالله ولا تكْلانَ إلاّ عَلَيه، وصلّى اللهُ على محمّد [ نبِيهِ ] وآلِه (310).
إن الأبعاد الأخرى التي أنتجتها سيرة الإمام زين العابدين عليه السلام في الزهد والعبادة، هي
1- اعتراف علماء البلاط بفضل أهل البيت: .
على الرغم من أن الحكّام يحاولون التغطية على فضائل المعارضين لهم ولا سيما آل اُمية الذين ضربوا الأرقام القياسية في هذه الخصلة الذميمة، بإعلان السبّ لأهل البيت على المنابر، وإيعازهم إلى وعّاظ السلاطين بوضع الحديث في قدحهم وذمّهم،
فإن علماء البلاط الاموي في عصر الإمام زين العابدين عليه السلام، لم يمكنهم إخفاء فضل الإمام السجّاد عليه السلام فضلاً عن الغضّ منه، لأن سيرته لم تكن تخفى على أحد من الناس، فقد اضطروا إلى إظهار تصريحات واضحة تعلن فضل الإمام عليه السلام، بالرغم من ارتباطهم بالحكم الأموي الجائر، أو موالاتهم له، وكذلك مَنْ تلاهم من فقهاء العامة ورجالهم
: قال يحيى بن سعيد: سمعت علي بن الحسين، وكان أفضل هاشمي أدركته (311) .
وقال الزهري: ما رأيت قرشيّاً أو هاشمياً أفضل من علي بن الحسين (312) .
وقال سعيد بن المسيب: ما رأيت أورع منه (313) .
وقال حماد بن زيد: كان علي بن الحسين افضل هاشمي أدركته (314) .
لقد فرض الإمام زين العابدين عليه السلام نفسه على كل المناوئين لأهل البيت: حتّى لم يشذّ أحد منهم عن تعظيمه وتجليله .
2- إبراز فضل أهل البيت: .
ولقد كان الموقع الذي احتلّه الإمام زين العابدين عليه السلام بفضله وعبادته وزهده، بين الأمة، أحسن فرصة كي يعلن فضل أهل البيت ، الذي جهد الأعداء الظالمون في إخفائه:
ففي الحديث أن جابراً قال له: ما هذا الجهد الذي كلّفته نفسك ? ... يابن رسول الله البُقيا على نفسك، فإنك من اُسرةٍ بهم يُستدفع البلاء، وبهم تُستكشف اللأواء، وبهم تستمسك السماء ? فقال الإمام: يا جابر، لا أزال على منهاج أبويَ مؤتسياً بهما حتّى ألقاهما .
فاقبل جابر على مَن حضر فقال: ما رؤي في أولاد الأنبياء مثل علي بن الحسين، إلاّ يوسف بن يعقوب، والله لذريّة علي بن الحسين أفضل من ذرية يوسف (315) .
فإن قوله: (منهاج أبويّ يعني: علياً والحسين عليهما السلام مؤتسياً بهما) يعني: أن ما يتمتّع به الإمام زين العابدين عليه السلام هو ما كان يتمتّع به أبوه الحسين وجدّه علي ، وأن ما قام به أبواه من الجهاد يقوم به الإمام السجاد، لأنه مثلهما في الإمامة، و وارثهما في الكرامة .
وفي حديث عن الصادق عليه السلام في ذكر أمير المؤمنين عليه السلام وإطرائه ومدحه بما هو أهله، وزهده في المأكل، قال: وما أطاق عمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من هذه الأمة غيره، ثم قال: وما أشبهه من ولده ولا أهل بيته أحد أقربَ شبهاً به في لباسه وفقهه من علي بن الحسين عليه السلام . قال: ولقد دخل أبو جعفر ابنه عليه فإذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد، فرآه، وقد اصفرّ لونه من السهر، و رمصت عيناه من البكاء ...
قال أبو جعفر عليه السلام: فلم أملك حين رأيته بتلك الحال البكاء، فبكيت رحمةً له، فإذا هو يفكّر، فالتفت إليَ بعد هنيئةٍ من دخولي فقال: يا بنيَ، أعطني بعض تلك الصحف التي فيها عبادة علي بن أبي طالب عليه السلام، فأعطيته، فقرأ فيها شيئاً يسيراً، ثم تركها من يده تضجّراً، وقال: مَن يقوى على عبادة علي بن أبي طالب عليه السلام ? (316) .
وعن الصادق عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليه السلام إذا أخذ كتاب علي عليه السلام فنظر فيه قال: مَنْ يطيق هذا ? مَنْ يطيق هذا ? (317) .
وهكذا يُعلن الإمام زين العابدين عليه السلام وهو في أعلى قمم العبادة والاجتهاد في الطاعة أنه لا يقوى على عبادة جدّه علي عليه السلام فإلى أيّ سماء ترتفع فضيلة أمير المؤمنين علي عليه السلام في العبادة، بعد هذه الشهادة ? .
إن الإمام زين العابدين عليه السلام بهذا الجهاد الظريف يحرق ما كدّسه بنواُمية طوال السنين المظلمة لحكمهم من أطنان الكذب والافتراء ضدّ علي عليه السلام، وينسف كل الاُسس التي بنوا عليها ظلمهم وجورهم لسيد العترة وزعيم أهل البيت الطاهر أمير المؤمنين علي عليه السلام .
3- إنارة السبيل للعُبّاد والصالحين:
إن الإمام زين العابدين عليه السلام وهو يمثّل الإسلام في تصرفاته وأقواله، كان المثل الأفضل للعبّاد والصالحين، ومن أراد أن يدخل هذا المسلك الشريف فله من الإمام عليه السلام خير دليل ومرشد، ومن أقواله خير منهج وطريقة .
ولقد رسم خطوطاً عريضةً للسير والسلوك، تمثّل أفضل ما قرّره علمأ هذا الفنّ،
وإليك أمثلة من تلك:
فقال عليه السلام: إنّ قوماً عبدوا الله رهبةً فتلك عبادة العبيد، وآخرين عبدوه رغبةً فتلك عبادة التجّار، وقوماً عبدوا الله شكراً فتلك عبادة الأحرار (318) .
فربط بين الحرية، وبين عبادة الله، وبين الروح غير الخانعة ولا الطامعة بل المتطلّعة إلى الله، والمتقرّبة إلى رضوانه، بالتزام العبادة له، والطالبة للمزيد بالشكر، حيث وعد وقال: (لئن شكرتم لأزيدنّكم) .[ سورة إبراهيم (14) الاَية 7 ].
وسئل عليه السلام: عن صفة الزاهد في الدنيا ?
فقال: يتبلّغ بدون قوته، ويستّعد ليوم موته، ويتبرّم في حياته (319) .
وقال له رجل: ما الزهد ?
فقال عليه السلام: الزهد عشرة أجزاء:
فأعلى درجات الزهد، أدنى درجات الورع، وأعلى درجات الورع أدنى درجات اليقين، وأعلى درجات اليقين أدنى درجات الرضا، وإن الزهد في آية من كتاب الله (لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما أتاكم) (320) .[ الحديد (57) الاَية: 23 ].
ومن أظرف أمثلة مواعظه، ما روي عنه من الخطاب الموجّه إلى (النفس) يقول: (يانفس، حتّامَ إلى الدنيا سكونكِ، وإلى عمارتها ركونِك، أما اعتبرتِ بمن مضى من أسلافكِ ? ومن وارته الأرض من اُلاّفكِ ? ومن فجعت به من إخوانكِ ? ونقل إلى الثرى من أقرانِكِ ?
فهم في بُطون الأرض بعد ظهورها * محاسنُهم فيهـــا بَـــــوالٍ دواثــــــــــِرُ خلتْ دورهم منهم وأقوت عِراصُهم * وساقتْهم نحــــو المنايــــــــــا المقادرُ وخلّوا عن الدنيا وما جمعوا لهـــــا * وضمَهم تحتَ التراب الحفائرُ (321)
وهكذا يسترسل الإمام عليه السلام مع النفس في خطاب رقيق، وحساب دقيق، ويُناجيها، يعرض عليها العبَر، ويذكّرها بما فيه مزدَجَر، ويُبعدها عن الدنيا وزينتها والغرور بها، ويُقربها إلى الاَخرة ونعيمها وما فيها من جوار الله ورحمته، في مقاطع نثريّة رائعة، تتلوها معانٍ منظومة، في ثلاثة أبيات بعد كل مقطع، بلغت (18) مقطعاً (322) .
وهكذا، لم يترك الإمام عليه السلام طريقاً إلاّ سلكه ولا جهداً إلا استنفده، ليدرك الأمة كيلا تقع في هُوّة الانحراف، وحياة الترف التي صنعتها لها آل اُمية وانظر عوالم العلوم (ص 124) عن المناقب لابن شهرآشوب (3: 292) وبحار الأنوار (46: 83) .
تبارك ذو العلى والكبريـــــــــاء * تفرد بالجــــــــــلال وبالبقــــــاء
وسوّى الموت بين الخلق طُرّا ً * وكلهم رهــــــائــــن للفــنــــــاء
رقم النسخة (5557) وتاريخها (903) .
وتنسب إلى الإمام السجاد عليه السلام باسم الديوان نسخ , منها نسختان في مدينة باكو برقم :ب 4195ورقم:ب 449ومصورتهما في مركز جمعة الماجد في دبي برقم: 3117ورقم:3156 .
- تزييف دعاوي المُبْطلين من دعاة التصوّف والرَهْبَنة:
ومع أنّ الإمام زين العابدين عليه السلام كان المثل الأعلى للزهد والعبادة في عصره، حتّى غلبت عليه هذه الصفة أكثر من غيرها، إلاّ أنّه عليه السلام وقف من المُتظاهرين كذباً بالزهد، والمائلين إلى الانعزال عن المشاكل، التاركين للحكّام وللناس، يظلم اُولئك هؤلاء، ويتبع هؤلاء اُولئك، والذين قبعوا حسب نظرتهم على إصْلاح أنفسهم وأعمالهم، تلك الحالة التي سُمّيتْ من بعدُ بالتصوّف، وسُمّي أهلها بالصوفيّة .
وقف الإمام عليه السلام من هذه الحالة ومن دعاتها ورعاتها، موقف الردّ والإنكار وإعلان الخطأ في طرقهم، وحاول إرشادهم إلى طرق السلوك الصائبة، بما قدّمه إليهم وإلى الأمة من مواعظ وأدعية وخطب ورسائل وأجوبة تحدّد لهم معالم الطرق القويمة والسبل المستقيمة، والموصلة إلى الهدى والرشاد . وبما كان الإمام يتمتَع به من مكانة مرموقة معترف بها، في الإيمان والشرف، حسباً ونسباً، وخاصة في الزهد والعبادة، فإن كلامه في هذا المجال كان هو المقبول، ومواقفه التي كان يتخذها من المتظاهرين بالزهد، كانت هي الناجحة والغالبة .
وقد تركَز انحرافهم في نقطتين هامّتين:
1- محاولتهم الانعزال عن الحياة الاجتماعية، بعدم تدخلهم في ما يمسّ وجودهم بسوء أو ضرر، مثل التعرّض للظلم والفساد الذي يجري حواليهم، وخاصة من قبل الخلفاء والولاة وكل مَنْ يمتّ إلى السلطان والحكومة بِصِلة خوفاً على أنفسهم من الموت والهلكة .
وقد كان يجرّهم هذا التفكير إلى مداراة الظلمة، والخضوع لهم، والحضور في مجالسهم، بل الانخراط في مظالمهم، وتصويب أعمالهم، بالرغم من معرفة ظلمهم وعدم استحقاقهم للمقامات التي احتلّوها
2- وعلى أثر النقطة الاولى، فإنهم ابتعدوا عن أهل البيت عليه السلام، لأنهم كانوا هم المعارضين السياسيّين، فكان الاتصال بهم يعني المحسوبيّة عليهم وعلى خطّهم،
فابتعدوا عنهم، وأقلّ آثار ذلك هو الحرمان من تعاليمهم القيمة، والتردّي في ظلمات الجهل والانحراف .
وبما أن اُولئك المتظاهرين كانوا يمثُلون في أنظار الناس بمنزلة علماء زهّاد، فإنّ استمرارهم على تلك الحالة الانحرافية كان يُغري الناس البسطاء بصحّة سلوكهم المنحرف، وتفكيرهم الخاطىء فكان على الإمام زين العابدين عليه السلام أن يصدّهم، إرشاداً لهم، وإيقافاً للاُمَة على حقيقة أمرهم، وكشفاً لانحرافهم وخطئهم في السلوك والمنهج.
فموقفه من عبّاد البصرة، الذين دخلوا مكّة للحجّ، وقد اشتدّ بالناس العطش لقلّة الغيث، قال أحدهم: (ففزع إلينا أهلُ مكة والحُجّاجُ يسألوننا أن نستسقيَ لهم) ?
والكلام إلى هنا يدل على مدى اهتمام الناس بهؤلاء العُباّد .
قال: فأتينا الكعبة وطفنا بها، ثم سألنا اللهَ خاضعين متضرّعين بها، فمُنعنا
الإجابة، فبينما نحن كذلك إذا نحن بفتىً قد أقبل، وقد أكربته أحزانُه، وأقلقته أشجانه، فطاف بالكعبة أشواطاً، ثم أقبل علينا، فقال:
يا مالك بن دينار، ويا ...ويا ...
وذكر الإمام عليه السلام أسماءهم كلّهم، بحيث يبدو أنه يريد أن يعرّفهم للناس بأعيانهم .
قال الراوي: فقلنا: لبيك و سعديك، يا فتى فقال: أما فيكم أحد يحبه الرحمن ?.
فقلنا: يا فتى، علينا الدعاء وعليه الإجابة .
فقال: أبعدوا عن الكعبة، فلو كان فيكم أحد يحبّه الرحمن لأجابه.
ثم أتى الكعبة، فخرّ ساجداً، فسمعته يقول في سجوده: (سيّدي بحبّك لي إلاّ سقيتهم الغيث )..
قال: فما استتمَ الكلام حتّى أتاهم الغيث كأفواه القِرب !.
قال الراوي: فقلتُ: يا أهل مكة، مَن هذا الفتى ؟.
قالوا: علي بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام (1) .
إنّ ابتعاد أهل البصرة عن أهل البيت عليهم السلام إلى حدّ الجهل بهم ليس بتلك الغرابة، لأنّ انحرافهم عن أهل البيت قد تجذّر فيهم منذ حرب الجَمَل ووقعته الرهيبة، وقد بقيت آثارها فيهم حتّى دهر سحيق، فلما خرج حفص بن غياث القاضي إلى عبادان وهو موضع رباط فاجتمع إليه البصريّون فقالوا له: لا تحدّثنا عن ثلاثة: أشعث بن عبد الملك، و عمرو بن عبيد، و جعفر بن محمد ... (2) .
فتلك شنشنة أعرفها من أخْزَمِ .
. لكنّ كلّ الغرابة من أهل مكّة المجاورين للمدينة ? والذين يعرفون الإمام كاملاً، كيف اغترّوا بأولئك الزهّاد، القادمين من بعيد، ولجأوا إليهم يطلبون الغَيْث منهم، وهذا الإمام زين العابدين، وحجّة الزاهدين بينهم يتركونه، بل لا يُعْرَفُ إلاّ بالسؤال عنه ? .
لم يُتصوَر ظلم على أهل البيت عليهم السلام أكثر من هذا في مركز الدين والإسلام، مكّة، وعند أشرف البقاع وأعظمها (الكعبة الشريفة) .
وما الذي جعل أهل مكّة يتركون الإمام علي بن الحسين عليه السلام وهم يعرفونه حسباً ونسباً، فيلجأون إلى أناس جاءوا من البصرة ? .
إنّه ليس إلاّ الانحراف عن أهل البيت عليهم السلام والجهل بحقّهم وفضلهم، إن لم يكن العداء لهم !!.
وهكذا تصدّى الإمام لهذا الانحراف وأسقط ما في أيدي أولئك العُبَاد المتظاهرين بالزهد، الذين لا يعرف واحدهم زين العابدين، إمام زمانه، وسيّد أهل البيت .
فكشف عن زيف دعاواهم، وسوء نيّاتهم، وضلال سُبُلهم حيث عَنَدوا عن حقّ أهل البيت، ولم يعترفوا لهم بالفضل . وللإمام عليه السلام مواقف اُخرى مع آحاد من هؤلاء العُباد، مثل موقفه من الحسن البصري، ومن طاوس، وغيرهما (3) .
إن الزهد الذي قام الإمام زين العابدين عليه السلام بإحيائه كان مثل زهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعليّ والأئمة عليهم السلام، الذي يُطابق ما قرّره الإسلام، وينبذ كل أشكال الانحراف والزيف والتزوير، والرهبانيّة المبتدعة .
ولقد اُثِرَتْ عن الإمام زين العابدين عليه السلام نصوص جاء فيها شرح العبادات من وجهات نظرٍ روحيّة بما عجز عن إدراكه كبار المتصدّين لمثل هذه المعارف، فمن ذلك ما روي عنه في تفسير معاني أفعال الحج (4) وأقسام الصوم (5 ).
أضف إلى أن عمل الإمام كان تعديلاً لسلوك الامّة في اغترارها بمناهج أولئك المتظاهرين المزيّفين، المنحرفين عن ولاء أهل البيت عليهم السلام وأئمة الحق والصدق، الذين مثّلهم الإمام زين العابدين عليه السلام يومذاك .
إن الإمام عليه السلام حذّر الأمة من الاغترار بالذين يتظاهرون بالزهد، ممن يحبّ الترؤّسَ على الناس، يجتمعون حوله، و يلتذّ بالفخفخة والتمجيد، ولو على حساب المعرفة بالدين والفقه!.
ففي الحديث أنه قال عليه السلام: إذا رأيتم الرجل قد حسّن سمته وهديه، وتماوت في منطقه، و تخاضع في حركاته، فرويداً لا يغرّنكم .
فما أكثر من يعجزه تناول الدنيا وركوب الحرام منها، لضعف نيّته، ومهانته، وجبن قلبه، فنصب الدين فخّاً لها، فهو لا يزال يختل الناس بظاهره، فإن تمكّن من حرام اقتحمه .
وإذا وجدتموه، يعفّ عن المال الحرام، فرويداً، لا يغرّنكم !.
فإن شهوات الخلق مختلفة فما أكثر من ينبو عن المال الحرام، وإن كثر ويحمل نفسه على شوهاء قبيحة فيأتي منها محرّماً .
فإذا وجدتموه يعفّ عن ذلك، فرويداً لا يغرّنكم
الغمة (2: 103 - 105) ولاحظ: المقنعة للشيخ المفيد (ص 363) الباب (32) ووسائل الشيعة، كتاب الصوم، أبواب بقية الصوم الواجب، الباب (10) الحديث (6 ).
حتّى تنظروا ما عُقدة عقله ? فما أكثر من ترك ذلك أجمع، ثم لا يرجع إلى عقل متين، فيكون ما يفسد بجهله أكثر مما يصلحه بعقله .
فإذا وجدتم عقله متيناً، فرويداً لا يغرّنكم !.
حتّى تنظروا، أمع هواه يكون على عقله، أم يكون مع عقله على هواه ? وكيف محبّته للرئاسات الباطلة ? وزهده فيها ?.
فإن في الناس من خسر الدنيا و الاَخرة، بترك الدنيا للدنيا، ويرى أن لذة الرئاسة الباطلة أفضل من لذة الأموال والنعم المباحة المحللة، فيترك ذلك أجمع طلباً للرئاسة، حتّى إذا قيل له: (اتّق الله) أخذته العزّة بالإثم، فحسبه جهنم ولبئس المهاد (6) .
فهو يخبط خبط عشواء، يوفده أول باطل إلى أبعد غايات الخسارة، ويمدّ به بعد طلبه لما لا يقدر عليه في طغيانه، فهو يُحلّ ما حرّم الله، ويحرّم ما أحلّ الله، لا يُبالي ما فات من دينه إذا سلمت له الرئاسة التي قد شقي من أجلها . فأولئك الذين غضب الله عليهم ولعنهم وأعدّ لهم عذاباً مهيناً (7) .
ولكنّ الرجل، كلّ الرجل، نعم الرجل :.
هو الذي جعل هواه تبعاً لأمر الله، وقواه مبذولة في رضا الله، يرى الذلّ مع الحقّ أقرب إلى عزّ الأبد، من العزّ في الباطل، ويعلم أن قليل ما يحتمله من ضرّائها يؤدّيه إلى دوام النعيم في دار لا تبيد ولا تنفد، وأن كثير ما يلحقه من سرّائها إن اتّبع هواه يؤدّيه إلى عذاب لا انقطاع له ولا يزول .
فذلكم الرجل، نعم الرجل :. فبه فتمسّكوا، وبسُنّته فاقتدوا، وإلى ربكم فتوسّلوا، فإنه لا تردّ له دعوة، ولا يخيب له طلبة (8 ).
ولحن هذا الكلام، يعطي أنّه خطاب عام وجّهه الإمام إلى مستمعيه، أو مَنْ طلب منه الإجابة عن سؤال حول مَنْ يجب الالتفاف حوله والأخذ منه ? .
ومهما يكن، فإنّ كلام الإمام عليه السلام يبدو واضحاً قاطعاً للعذر، وهو غير متّهم في موقفه من الزهد والتواضع، وما إلى ذلك مما يُراد استغلاله من قبل المشعوذين، لإغراء العوام، وإغواء الجهّال .
إنّ فيه تحذيراً من علماء السوء، المتزيّين بزيّ أهل الصلاح، والمتظاهرين بالورع والتقى، ولكنّهم يُبطنون الخبث والمكر، والدليل على ذلك ارتباطهم الوثيق بأهل الدنيا والرئاسات الباطلة، من الحكّام والولاة وأصحاب الأموال .
وسيأتي الحديث عن موقفه من أعوان الظلمة في الفصل الخامس .
5- إرعاب الظالمين :.
إن الواقعيّة التي التزمها الإمام زين العابدين عليه السلام في حياة الزهد والعبادة، كما انفتحت له بها قلوب الناس الطيّبين، فكذلك اقتحم بها على الظالمين أبراجهم، وقصورهم، فملأ أثوابهم خيفةً ورهبةً، كما غشّى عيونهم وأفكارهم بما رأوه عليه من المظهر الزاهد، والاشتغال بالعبادة .
ولقد قرأنا في حديث مسلم بن عقبة سفّاح الحرّة لمّا طلب الإمام، فأكرمه، وقد كان مغتاظاً عليه، يبرؤ منه ومن آبائه، فلمّا رآه وقد أشرف عليه اُرعب مسلم بن عقبة، وقام له، وأقعده إلى جانبه !.
فقيل لمسلم: رأيناك تسب هذا الغلام وسلفه، فلما اُتي به إليك رفعت منزلته ? فقال: ما كان ذلك لرأي منّي، لقد مُلي قلبي منه رُعباً (9) .
وسنقرأ في حديث عبد الملك بن مروان، لمّا جَلَبَ الإمام مقيّداً مغلولا من المدينة إلى الشام، فلمّا دخل عليه الإمام عليه السلام بصورة مفاجئة قال لعبد الملك: ما أنا وأنت ?.
قال عبد الملك: قلتُ: أقمْ عندي . فقال الإمام: لا اُحب، ثم خرج . قال عبد الملك: فو الله، لقد امتلأ ثوبي منه خيفةً (10) .
ومهما يكن من تدخّل أمر (الغيب) في هذه القضايا، وفرضه لنفسه على البحث، إلاّ أن من المعلوم كون تصرف الإمام عليه السلام نفسه، وحياته العملية وتوجّهاته المعنوية، وتصرّفاته المعلنة في الأدعية، والمواعظ، والخطب والمواقف، وما تميّزت به من واقعية، كل هذا المجهول لاُؤلئك العُمي البصائر قد أصبح أمراً يهزّ كيانهم، ويُزعزع هدوهم، ويملؤهم بالرعب والخيفة .
ولقد استغلّ الإمام ذلك لصالح أهدافه الدينيّة وأغراضه الاجتماعية .
ومع كلّ هذا التعرّض والتحديّ، وكلّ هذه الأبعاد المدركة و الاَثار المحسوسة، مع دقّتها وعمقها، فإنّ التحفظ على ما في ظواهرها، وجعلها (روحيّة) فقط وعدم الاعتقاد بكونها نتائج طبيعيّة من صنع الإمام وإرادته، يدلّ على سذاجة في قراءة التاريخ، وظاهريّة في التعامل مع الكلمات والأحداث، وقصور في النظر والحكم .
وكذلك الاستناد إلى كلّ تلك المظاهر، ومحاولة إدراج الإمام مع كبار الصوفيّة، وجعله واحداً منهم (11)، فهو بخلاف الإنصاف والعدل ?.
ولماذا يقع اختيار عبد الملك الخليفة على الإمام عليه السلام، من بين مجموعة الزهّاد والعبّاد، ليوجّه اليه الإهانة، ويلقي القبض عليه، ويكبّله بالقيود والأغلال، ويرفعه إلى دمشق ? دون جميع المتزهدين والعباد الاَخرين ?.
بينما كل اؤلئك المتظاهرين بالزهد، متروكون، بل محترمون من قبل السلطان، وأجهزة النظام ?.
لو لم يكن في عمل الإمام ما يثير الخليفة إلى ذلك الحدّ .

____________________________
(282 )تاريخ أهل البيت( ص 130 -131) مختصر تاريخ دمشق (17: 237) عن مالك بن أنس و (ص 235) عن الزهري .
(283 )قد مضى أن هذه الألقاب وردت في الحديث المرفوع، فلاحظ (ص 35- 37) من كتابنا هذا .
(284 )سير أعلام النبلاء(4:392) وشرح الأخبار(3:254و272) والخصال للصدوق وعلل الشرائع له(ص232) والإرشاد للمفيد(256) وكشف الغمة(1:33) نقلا عن رسالة الجاحظ في فضل بني هاشم و(2:86) وفلاح السائل(ص244) وتذكرة الحفاظ(1:75) وبحار الأنوار(6746).
(285)بلاغات النساء (ص 13) وانظر: فدك للقزويني (ص 153) وخطبتها في مسجد أبيها لما منعها أبو بكر فدكاً مروية في الاحتجاج للطبرسي، وشرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد (4: 78)، وطرقها عديدة متضافرة .
(286)الأغاني طبع دار الكتب (8: 224) ولاحظ (4: 222) ففيه موقف مالك فقيه المدينة، وانظر العقد الفريد (3: 233 و 245) .
(287)لاحظ حياة الإمام زين العابدين للقرشي (ص 670) واقرأ في الصفحات (665 -671) أخباراً من ترف الأمويين، وحياة اللهو والغناء وحفلات الرقص في المدن المقدسة المدينة ومكة .
(288)مختصر تاريخ دمشق لابن منظور (17: 23) .
(289)جامع بيان العلم (2 ) .
(290)لسان العرب مادّة (بربط) .
(291) الكافي، للكليني (8: 72 -76) وتحف العقول (ص 249 - 252) وأمالي الصدوق (المجلس (76) ص (407 - 409).
(292)كما رأينا صحيفته في الزهد إلى أصحابه (راجع ص 123 125) من الفصل الثالث .
(293) سيأتي ذكر مواعظ لهم في الفصل الخامس (ص 221 230) .
(294)تاريخ دمشق الأحاديث (6 -63) مختصر تاريخ دمشق (17: 236) وانظر سير أعلام النبلاء (4: 392) .
(295)تاريخ دمشق, الأحاديث (6 -63) مختصر تاريخ دمشق (17: 236) وانظر سير أعلام النبلاء (4: 392) .
(296) )تاريخ دمشق الأحاديث (6 -63) مختصر تاريخ دمشق (17: 236) وانظر سير أعلام النبلاء (4 :362) وروي الحديث الثالث في العقد الفريد (3: 169) .
(297)تاريخ دمشق الأحاديث (6 -63) مختصر تاريخ دمشق (17: 236) وانظر سير أعلام النبلاء (4: 392) .
(298)تاريخ دمشق (الحديث 64) ومختصر ابن منظور (17: 237) وسير أعلام النبلاء (4: 392) .
(299) تاريخ دمشق (الحديث 64) ومختصر ابن منظور (17: 237) وسير أعلام النبلاء (4: 392) وانظر ص 158) .
(300) تاريخ دمشق (الحديث 10) مختصر ابن منظور (17: 236) سير أعلام النبلاء (4: 1 392) .
(301) تاريخ دمشق (الحديث 100) مختصر ابن منظور (17: 233) سير أعلام النبلاء (4: 388) .
(302) فلاح السائل (ص 96) عن كتاب (زهرة المهج وتواريخ الحجج) .
(303) المؤمنون آية 100 .
(304)سورة إبراهيم آية 14.
(305) سورة الأنبياء آية 94.
(306) سورة التغابن آية 15.
(307)سورة الحديد آية 20 21 .
(308)سورة الحشر آية 18 19 .
(309)سورة البلد آية 8 10 .
(310)تحف العقول (ص 272 274) .
(311)طبقات ابن سعد (1: 214) وتاريخ دمشق (الحديث 47) ومختصر ابن منظور (17: 235) .
(312)سير أعلام النبلاء (4: 387) ولاحظ تاريخ دمشق (الأحاديث 37 و 41 و 50) ومختصر ابن منظور (17: 231 و 235) .
(313) سير اعلام النبلاء (4: 391) ومختصر تاريخ دمشق (17: 236) وحلية الأولياء (3: 141) .
(314)تهذيب الأسماء واللغات (1: 343) .
(315) مناقب آل أبي طالب (3: 289) وبحار الأنوار (46: 79) ولاحظ: أمالي الطوسي (2: 250) .
(316) شرح الأخبار للقاضي (3: 272) والإرشاد للمفيد (ص 256) والمناقب لابن شهرآشوب (4: 149) وكشف الغمة (2: 85) وبحار الأنوار (46: 75) .
(317) الكافي للكليني، الروضة (8: 163) .
(318 )تاريخ دمشق (الحديث 141) وهذا من كلام الإمام علي أمير المؤمنين عليه السلام رواه الرضي في نهج البلاغة بالأرقام (65 و 237 و 276) من الباب الثالث: قصار الحكم .
(319 )تاريخ دمشق (الحديث 134) .
(320) تحف العقول (ص 278 279) .
(321 )ابن عساكر في تاريخ دمشق (الحديث 135) ومختصره لابن منظور (17: 249 -254) ونقله ابن كثير في تاريخ البداية والنهاية (9: 109 -113) .
(322) وقد نُسِبَ كتاب منظوم إلى الإمام السجاد عايه السلام باسم (المخمسّات) في نسخة محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة آية الله المرعشي رحمه الله ذكرها السيد أحمد الحسيني في التراث العربي في تلك الخزانة (5: 28) أوله:
(1) الاحتجاج (316 -317) وبحار الأنوار (46: 50 -51) .
(2) تهذيب الكمال للمزّي (5: 7 -78) .
(3) لاحظها في حلية الأولياء، وصفوة الصفوة، وكشف الغمة .
(4 ) مستدرك الوسائل (2: 186) أبواب العود إلى منى، الباب (17) الحديث (5) وطبعة مؤسسة آل البيت: (10: 166) رقم (11770) . ويلاحظ أن الراوي عن الإمام مسمّى (شبلّي) وليس في الرواة عنه، ولا من عاصره من هو بهذا الاسم، ولعله مصحّف (شيبة) وهو ابن نعامة، المذكور في أصحابه عليه السلام.
(5 ) حلية الأولياء (3: 141) وفرائد السمطين للحمويني (2: 233) وكشف
(6) اقتباس من القرآن الكريم، سورة البقرة (2) الاَية: 206 ..
(7) اقتباس من القرآن الكريم، سورة الأحزاب (33) الاَية (57) .
(8) الاحتجاج (ص 320 -321) .
(9) مروج الذهب (3: 80) وانظر ما مضى ص (71) الفصل الأول .
(10) تاريخ دمشق (الحديث 42) ومختصره لابن منظور (17: 4 -235-) .
(11) لاحظ الفكر الشيعي (ص 31 و 68) والصلة بين التصوف والتشيع (ص 148) و (ص 151 و 157) وانظر خاصة (ص 161) .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page