غصون الحنايا
قمـرٌ يـــافُ البهــاء حــــزينُ * مــلأَ الليــلَ وجهـــه المفـتــونُ
وتـدانـــى فشــفَّـه خـجـل الأرض ، وقــد نـــمَّ طــرفُها المــوهـونُ
ليتَهــا بالهــوى تبـــوحُ إليـــه * فيُـنـاجـى طيــفٌ وتُـروى شجـونُ
كــم أسـرَّت جــوىً يُلـحُّ عليهــا * وأذاع الأســرار حـــبٌّ مكيــــنُ
ضــمّـنَـتْه الشكـاةُ للألــقِ المــخــضلِّ فـــيه أديــمُهـا ، والســنينُ
ولقــاءٍ سمعــت إليــه وطافــتْ * كـلَّ شــوطٍ حتـى أضـاء اليقـيــنُ
طورُهــا مهــدُ فاطــمٍ أيـن منـه * فـي التجلّــي حِــراءُ أو سينـيـنُ !
* * *
يا ابنـة النــور ، والعـوالـم جاءت * كيـف شـاءت : تكـونُ أو لا تكـــونُ
وبأفــلاكــها مـداراتُ هــذا الكــون صــلّتْ ، وســبّح التكـــويــنُ
أُنـظرينـا فــنحنُ رهــطُ مــواليكِ ، ومـا ضــيَّعَ اليســـار يــميــنُ
لكِ ودٌ مخـضــوضـر بـدمانـــا * أنـتِ فيــه ، والتيــنُ والزيتـــونُ
جـذره القلـبُ والحنايــا غصــونُ * ولــه مـن تُـرابِ خطـوِكِ طيـــنُ
رفَّ لــم يختـلـفْ لديـه وتيــنُ * أو أطاحــت بنبـضــهِ سكّـيـــنُ
بــل مضـى ، يمنـحُ المفاداةَ عمراً * علويّــاً ، شهـيــدهُ والسجـيـــنُ !
* * *
قــمرٌ شـــاحبُ.. ودربٌ حـــزينُ * والمــدى فــى حــداده مــركونُ
.. المــدى شــائه المسـافة يــهوي * دونــه اللـيل والسُــرى والعيـونُ
عــثر النـجم فيـه وارتــدَّ ركــبٌ * أســلمَتْه إلـى خــطاه الظنــونُ
فــإذا التــيهُ رايـــةٌ والخـــطايا * جـنـدها ، والحـداةُ صـوتٌ هـجينُ
وإذا غــــايةُ المســيرة أن يشـــتدَّ رهــجُ ، وأن تُســاق مُـــتونُ !
* * *
لُـعِنَ الغــدرُ أيُّ نـصــرٍ ذليــل * راح يــجنيــه حـــدُّهُ المسـنـونُ
أيُّ ذكـــرى مــنسيّـةٍ لبــريـقٍ * كـان في الفـتـح يلتـظـي ويـبيـنُ
حسبُـه اليـــوم غمــدُهُ وغبــارٌ * صَـدِيءٌ بــاردٌ عليــه يَـريــنُ !
خُــيلاء الســيوف تــملأُ عــطفَيـه ادّعــاءً.. ويشــمـخ العــرنيــنُ
ثــمَّ لا شـيءَ غيــر عـزمٍ دعـيًّ * هـو فـي زحمــة العـزائـــم دُون
اِيــهِ يـا اُمّــة السقيـفـة هــلاّ * رفَّ جفــنٌ.. هـلاّ تنــدّى جبـيـنٌ
مـا نفـضـت الأكـفَّ من ترب طـه * بعــد حتـى استفـاق حقـدٌ دفيـــنُ
وصــدورٌ مـوغــورةٌ وغضــونُ * فـي وجــوهٍ يـؤودهُـنَّ مجـــونُ
مــا توضّـأنَ بالغـديــر ولكــن * غارَ تحـت الجلـود جـدبٌ ضنـيــنُ
هـل تراهـا تطيـقُ طهــرَ علــيٍّ * وهـو يشـذى بمائِــهِ النسـريـــنُ
أم تــراهــا تــجلُّ فــاطمة الزهـراء ، والحــقُّ حــلفُهــا والديــنُ
وهُداهــا القــرآن والدمـع إلــفُ * وصــلاةٌ محــزونــةٌ.. وحنيــنُ
* * *
ألــفُ عــذراً يـا بـنتَ أحمد لـو يُـعصر صـدرٌ ، ولـو يُـطـاحُ جــنينُ
إنَّـها الـردّةُ اللـــعينــةُ والأطــماعُ ، والثــأرُ ، والعــمى ، والجــنونُ
حــملتْهـا بخــزيهــا صفّــيـن * ولـدى الطــفّ عــارُها مــرهونُ
وأطـاحـت بـالأزهـر الفــاطميّ المــجد ، وانــصاع تــحتَهـا يســتكينُ
وإلــى الآن لــم تــزلْ ورؤاهــا * ينسَـل الوهــمُ بيـنهـا والهــونُ !
والغــريُّ الـذي بهــا راح يصلـى * والبقـيــعُ الـذي بهــا مطعــونُ
وغــداً يثـقــلُ الحسـابُ عليهــا * كم يُؤدّى غـرمٌ ، وتُوفـى ديـــونُ ؟
فــوراء الغـيـــوبِ لله أمــــرٌ * ولخيـل المهــديّ شــوطٌ يحيــنُ !
شعر
الاستاذ فرات الاسدي