• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

أين دفن النبي صلى الله عليه و آله ؟

 بسم الله الرحمن الرحيم
و الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على خير خلقه و أشرف بريّته محمد و آله الطيبين الطاهرين . . و اللعنة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين . .
و بعد . . فقد :
قال ابن كثير : " قد علم بالتواتر : أنه عليه الصلاة و السلام دفن في حجرة عائشة التي كانت تختص بها ، شرقي مسجده ، في الزاوية الغربية القبلية من الحجرة ، ثم دفن بعده أبو بكر ، ثم عمر (رض) . ." 1 .
و قضية دفنه ( صلى الله عليه و آله ) في بيت عائشة موجودة في صحيح البخاري و غيره عن عائشة عموماً . . و عن ابن أختها عروة ابن الزبير ، كما يلاحظ في أكثر الروايات . .
أما نحن فنشك في ذلك كثيراً ، و ذلك :
أولاً : لأن بيت عائشة لم يكن في الجهة الشرقية من المسجد لأمرين :
أحدهما : أن خوخة آل عمر الموجودة في الجانب القبلي في المسجد ، و هي اليوم " يتوصل إليها من الطابق الذي بالرواق الثاني من أروقة القبلة ، و هو الرواق الذي يقف الناس فيه للزيارة أمام الوجه الشريف بالقرب من الطابق المذكور . . " 2 .
ـ هذه الخوخة ـ قد وضعت في بيت حفصة الذي كان مربداً ، و أخذته بدلاً عن حجرتها حين توسيع المسجد . .
و قد كان دار حفصة في قبلي المسجد 3 و كان بيت حفصة بنت عمر ملاصقاً لبيت عائشة من جهلة القبلة 4 .
" و المعروف عند الناس أن البيت الذي كان على يمين الخارج من خوخة آل عمر المذكورة هو بيت عائشة" 5 .
و على هذا . . فيكون بيت عائشة في قبلي المسجد لا في شرقيه حيث يوجد القبر الشريف ، أي أنه يكون في مقابله و بينه و بينه فاصل كبير . .
الثاني : مما يدل على أن بيت عائشة كان في جهة القبلة من المسجد من الشرق ، ما رواه ابن زبالة ، و ابن عساكر ، عن محمد بن أبي فديك ، عن محمد بن هلال : أنه رأى حجر أزواج النبي ( صلى الله عليه و آله ) من جريد ، مستورة بمسوح الشعر ، فسألته عن بيت عائشة . فقال : كان بابه من جهة الشام . قلت : مصراعاً كان أو مصراعين ؟ قال : كان باب واحد .
و في عبارة ابن زبالة : مستورة بمسوح الشعر ، مستطيرة في القبلة ، و في المشرق و الشام ليس في غربي المسجد شيء منها الخ . .
و قال ابن عساكر : و باب البيت شامي 6 . فيستفاد من ذلك :
أ : ما قاله المحقق البحاثة السيد مهدي الروحاني :
" قوله في الحديث ( فسألته عن بيت عائشة ) في هذا دلالة على أن الحجرة التي دفن فيها النبي ( صلى الله عليه و آله ) لم تكن بيت عائشة ، إذ فيه دلالة على أن السائل يعلم أن بيتها لم يكن في الموضع الذي دفن فيه النبي ( صلى الله عليه و آله ) . . و لذلك فهو يسأل عن موضع بيتها فيما عدا البيت الذي دفن فيه النبي ( صلى الله عليه و آله ) ليعرفه أين يقع . . " انتهى .
ب : إن من المعلوم أن الجهة الشامية للمسجد هي الجهة الشمالية منه كما صرحت به الرواية آنفاً ـ و يدل على ذلك أيضاً قول ابن النجار : " قال أهل السير : ضرب النبي ( صلى الله عليه و آله ) الحجرات ما بينه و بين القبلة ، و الشرق إلى الشام ، ولم يضربها في غربيه ، و كانت خارجة عنه مديرة به ، و كان أبوابها شارعة في المسجد " 7 .
و أيضاً : " وجه المنبر ، و وجه الإمام إذا قام على المنبر بجهة الشام " 8 . .
و من المعلوم : أن الجالس على المنبر يكون ظهره إلى القبلة ، و وجهه إلى الجهة المقابلة لها . .
و عليه . . و إذا تحقق ذلك . . و إذا كان باب بيت عائشة يقابل الجهة الشمالية : فإن ذلك معناه أن بيتها كان في جهة القبلة من المسجد . . و كان باب حجرتها يفتح على المسجد مباشرة ، حتى إنها تقول : إنها كانت ترجِّل النبي ( صلى الله عليه و آله ) ، و هو معتكف في المسجد ، و هي في بيتها ، و هي حائض 9 .
و قد حاول البعض توجيه ذلك : بأن المراد من الباب الذي لجهة الشام هو الباب الذي شرعته عائشة لما ضربت حائطاً بينها و بين القبور بعد دفن عمر . .
و أجاب السمهودي بقوله : " و فيه بُعد ، لأنه سيأتي ما يؤخذ منه أن الحائط الذي ضربته كان في جهة المشرق" 10 . و إذا كان في جهة المشرق ؛ فلابد و أن يكون الباب فيه مقابلاً للمغرب ، لا لجهة الشام .
ج : و يدل على كون بيت عائشة في جهة القبلة : أن الحجر كانت تبدأ من بيت عائشة ، و تنتهي إلى منزل أسماء بنت حسن كما نص على ذلك من شاهدها 11 .
د : إن رواية ابن عساكر ، و ابن زبالة المتقدمة تنص على أنه لم يكن لبيت عائشة إلا باب واحد ، بمصراع واحد . . و من المعلوم : أنه ( صلى الله عليه و آله ) قد صُلِّي عليه ، على شفير حفرته ، و دفن في حجرة لها بابان . .
فقد روى ابن سعد ، عن أبي عسيم ، قال : لما قبض رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) ، قالوا : كيف نصلّي عليه ؟
قالوا : ادخلوا من ذا الباب ارسالاً ارسالاً ، فصلّوا عليه ، و اخرجوا من الباب الآخر . . 12 .
و يمكن الجواب عن هذا الأخير : بان الجواب لابد أن يطابق السؤال ، فإذا كان السؤال عن مصاريع الباب ، لا عن عدد الأبواب ، فلابد و أن يكون الجواب عن ذلك أيضاً . . و لا يدل ذلك على أنه لم يكن للحجرة باب آخر .
هـ : و سيأتي : أن النبي ( صلى الله عليه و آله ) كان في مرضه ( أي قبل انتقاله إلى بيت فاطمة ) في حجرة عائشة ؛ فكشف الحجاب ؛ فكاد الناس أن يفتنوا ، و هم في الصلاة لما رأوا رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) . . الأمر الذي يدل على أن حجرة عائشة قد كانت في طرف القبلة في مقابل المصلِّين . .
و أما ما ذكرته الرواية من صلاة أبي بكر في الناس فقد كان ذلك على رغم النبي ( صلى الله عليه و آله ) . و قد جاء ( صلى الله عليه و آله ) رغم مرضه ، و أخرّه ، و صلى مكانه . و لهذا البحث مجال آخر . .
و ثانياً : قال ابن سعد : " و اشترى ( يعني معاوية ) من عائشة منزلها بمئة و ثمانين ألف درهم ، و يقال بمائتي ألف . و شرط لها سكناها حياتها . و حمل إلى عائشة المال ، فما رامت من مجلسها حتى قسمته .
و يقال : اشتراه ابن الزبير من عائشة ، بعث إليها ـ يقال ـ خمسة أجمال بخت تحمل المال ، فشرط لها سكناها ، حياتها ، فما برحت حتى قسمت ذلك الخ . . " 13 .
و لا ينبغي أن يتوهم : أن المقصود ببيت عائشة هنا هو البيت الذي أخذته من سودة ، التي توفيت من أواخر خلافة عمر ، إذ قد :
أسند ابن زبالة ، عن هشام بن عروة ، قال : إن ابن الزبير ليعتد بمكرمتين ما يعتد أحد بمثلها : إن عائشة أوصته ببيتها و حجرتها ، و إنه اشترى حجرة سودة 14 .
فعائشة قد باعت بيتها و اكلت ثمنه ، فمن أين يقولون إن النبي ( صلى الله عليه و آله ) قد دفن في حجرتها ؟!
و احتمال أن يكون المقصود هو بيتها المستحدث ، لا يصح ، لأن سياق الكلام ناظر إلى حجر أزواج النبي ( صلى الله عليه و آله ) التي كانت لهن من قبله ( صلى الله عليه و آله ) . كما ان معاوية لا يدفع هذا المال الكثير إلا لينال شرفاً ، أو ليحرم الآخرين شرفاً بزعمه . . إلا ان كان هدفه هو تعظيم شأن عائشة ، و لكن هذا بعيد عن سياسته تجاهها ، فإن العلاقات بينهما لم تكن على ما يرام بسبب موقفه من آل الزبير و غيرهم ممن تحبهم .
و ثالثاً : هم يقولون : إن الموضع قد ضاق حتى لم يعد يسع إلا موقع قبر واحد ، فدفن فيه عمر . .
فقد روى البخاري ، و غيره : أن عمر بن الخطاب لما أرسل إلى عائشة يسألها أن يدفن مع صاحبيه ، قالت : كنت أريده لنفسي ، فلأوثرنه اليوم على نفسي . . 15 .
قال ابن التين : " كلامها في قصة عمر يدل على أنه لم يبق ما يسع إلا موضع قبر واحد " 16 . و يؤيد ذلك : أنه " لما أرسل عمر إلى عائشة ؛ فاستأذنها أن يدفن مع النبي ( صلى الله عليه و آله ) و أبي بكر فأذنت ، قال عمر : إن البيت ضيق ، فدعا بعصا ؛ فأتي بها فقدر طوله ، ثم قال : احفروا على قدر هذه " 17 .
و أيضاً . . فقد رووا : أنه جاف بيت النبي ( صلى الله عليه و آله ) من شرقيه ، فجاء عمر بن عبد العزيز ، و معه عبد الله بن عبيد الله ، بن عبد الله بن عمر ، فأمر ابن وردان : أن يكشف عن الأساس ، فبينا هو يكشفه إلى أن رفع يده و تنحى واجماً ، فقام عمر بن عبد العزيز فزعاً ، فقال عبد الله بن عبيد الله : لا يروعّنك ، فتانك قدما جدك عمر بن الخطاب ، ضاق البيت عنه ، فحفر له في الأساس الخ . .
و في الصحيح ، قال عروة : ما هي إلا قدم عمر 18 .
و إذ قد عرفنا : أن الحجرة التي دفن فيها النبي ( صلى الله عليه و آله ) قد ضاقت حتى دفن عمر في الأساس .
فلننظر إلى بيت عائشة الذي كانت تسكن و تتصرف فيه . . فإننا نجده واسعاً و كبيراً . . و بقيت تتصرف فيه في الجهات المختلفة ، فليلاحظ ما يلي :
1ـ مـا تقدم من أن عائشة قد باعت بيتها لمعاوية ، أو لابن الزبير و إذا كانت الحجرة قد ضاقت على عمر حتى دفن في الأساس ، فإن النتيجة تكون هي : أن الموضع الذي دفن فيه النبي ( صلى الله عليه و آله ) لم يكن هو بيت عائشة ، كما تقول هي ، و إنما هو لغيرها . . أي أنه لفاطمة الزهراء صلوات الله و سلامه عليها كما سيتضح . .
2ـ إن عائشة قد عرضت على عبد الرحمن بن عوف أن يدفن مع النبي الأكرم ( صلى الله عليه و آله ) . . 19 .
كما و منع بنو أمية من دفن الحسن عند جده ، حينما علموا أن الحسين يريد دفنه هناك 20 .
بل يقال : إنها هي التي تزعّمت عملية المنع عن دفنه هناك . . 21 و إن كنا نرى البعض يدعي أنها قد أذنت في ذلك ، لكن بني أمية قد منعوا منه . . 22 كما أنهم يروون أن عيسى بن مريم سوف يكون رابع من يدفن هناك . . 23 و أيضاً . . فإن نفس عائشة بعد أن تصف القبور الثلاثة تقول : " و بقي موضع قبر" 24 .
بل إن مما يدل على أن موضع إقامتها كان واسعاً ، هو قولها : ما زلت أضع خماري ، و اتفضل في ثيابي حتى دفن عمر ، فلم أزل متحفظة في ثيابي حتى بنيت بيني و بين القبور جداراً . . 25 و عن مالك قال : قسمت بيت عائشة قسمين : قسم كان فيه القبر ، و قسم تكون فيه عائشة بينها حائط 26 .
عجيب!! . . و هل بلغ بها التقى أن صارت تتستر من الأموات و هم في قبورهم ؟! . .
فكيف إذن لم تتستر من عشرات الألوف من الرجال الأحياء حينما خرجت لتحارب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في حرب الجمل ، و غيرها ؟! . .
و كيف توصي ابن الزبير بأن لا يدفنها مع النبي ( صلى الله عليه و آله ) لأنها لا تحب ان تزكى 27 .
أو لأنها قد احدثت بعده ؟
فلم لم تعلل ذلك بوجود عمر ؟
أليست جثة عمر لا تزال موجودة في ذلك الموضع ؟! . .
و على كل حال . . فإنه بعد دفن النبي ( صلى الله عليه و آله ) في تلك الحجرة قد أخليت من ساكنيها و أظهرت للناس . و كان أول من بنى على بيت النبي ( صلى الله عليه و آله ) جداراً عمر بن الخطاب .
قال عبيد الله بن أبي يزيد : كان جداره قصيراً ، ثم بناه عبد الله بن الزبير . . 28 .
و عن المطلب قال : كانوا يأخذون من تراب القبر ، فأمرت عائشة بجدار فضرب عليهم ، و كانت في الجدار كوّة ، فكانوا يأخذون منها ، فأمرت بالكوّة فسدّت 29 :
أو أنهم سدوا أو ستروا على القبر بعد محاولة الحسين دفن أخيه الحسن هناك 29 ، اتقاء لمثل هذا الأمر حتى لا يتكرر بعد . .
و يبدو أن عائشة قد سكنت قريب القبور ، و الظاهر بل المقطوع به هو أن هذا البيت هو صحن دار فاطمة كما سنرى قد استولت عليه عائشة بمعونة الهيئة الحاكمة . . بعد أن أخلاه أصحابه ـ بعد دفن النبي ( صلى الله عليه و آله ) في حجرتهم ، و أظهر قبره ( صلى الله عليه و آله ) للناس كما قلنا . . وبعد أن منعتهم السلطة من إرث النبي الأعظم صلى الله عليه و آله و سلم . .
رابعاً : إن الأدلة تدل على أنه ( صلى الله عليه و آله ) قد دفن في بيت ابنته فاطمة الزهراء ( عليه السلام ) ، كما ان عائشة كانت مستقرة في دار بيت فاطمة ( عليه السلام ) هذا ، و ضربت جداراً بينها و بين القبور و بقيت في هذا البيت الطاهر ـ كما قدمنا ـ الذي كان في وسط بيوت أزواج النبي ( صلى الله عليه و آله ) كما ذكره ابن عمر 30 .
و نستند في ذلك إلى ما يلي :
1ـ روى الصدوق في أماليه رواية مطوّلة ، عن ابن عباس ، جاء فيها : " . . فخرج رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) ، و صلّى بالناس ، و خفف الصلاة ، ثم قال : ادعوا لي علي بن أبي طالب ، و أسامة بن زيد ، فجاءا ، فوضع ( صلى الله عليه و آله ) يده على عاتق علي ، و الأخرى على أسامة ، ثم قال : انطلقا بي إلى فاطمة فجاءا به حتى وضع رأسه في حجرها ، فإذا الحسن و الحسين . . " ثم ذكر قضية وفاته هنا 31 .
2ـ قال السمهودي : " أسند ابن زبالة ، و يحيى بن سليمان بن سالم ، عن مسلم بن أبي مريم ، و غيره : كان باب فاطمة بنت رسول الله في المربعة التي في القبر ، قال سليمان : قال لي مسلم : لا تنس حظّك من الصلاة إليها ، فإنها باب فاطمة ( رض ) ، الذي كان علي يدخل عليها منه" 32 .
و عن ابن أبي مريم : " إن عرض بيت فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) إلى الاسطوانة التي خلف الاسطوانة المواجهة للزور قال : و كان بابه في المربعة التي في القبر .
و قد أسند أبو غسان ، كما قال ابن شبة ، عن مسلم بن سالم بن مسلم أبي مريم ، قال : عرس علي ( رض ) بفاطمة بنت رسول الله إلى الاسطوانة التي خلف الاسطوانة المواجهة للزور . و كانت داره في المربعة التي في القبر .
و قال مسلم : لا تنس حظّك من الصلاة إليها ، فإنه باب فاطمة ، التي كان علي يدخل إليها منها ، و قد رأيت حسن بن زيد يصلّي إليها " 33 .
فهل كان علي عليه السلام يدخل على زوجته من وسط حجرة عائشة ؟ أم أن عائشة او غيرها من زوجاته ( صلى الله عليه و آله ) كانت من محارمه ( عليه السلام ) ؟! إن ذلك إن دل على شيء فإنما يدل على أن ذلك الموضع هو بيت فاطمة التي ظلمت في مماتها ، كما ظلمت في حياتها : ﴿ ... وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ﴾ 34 . . و ليس بيت عائشة كما تريد أن تدعي هي و محبوها !! . .
3ـ إن لدينا ما يدل على أن شرقي الحجرة كان في بيت فاطمة ـ و إذن . . فعائشة كانت تسكن في بيت فاطمة حينما ضربت الجدار !! . .
"قال ابن النجار : و بيت فاطمة اليوم حوله مقصورة ، و فيه محراب ، و هو خلف حجرة النبي ( صلى الله عليه و آله ) . قلت ( أي السمهودي ) : الحجرة اليوم دائرة عليه ، و على حجرة عائشة بينه و بينه موضع تحترمه الناس ، و لا يدوسونه بأرجلهم ، يذكر أنه موضع قبر فاطمة( رض ) . و قد اقتضى ما قدمناه : أن بيت فاطمة كان فيما بين مربعة القبر ، و اسطوان التهجد " 35 .
و عن مدفن فاطمة ( عليه السلام ) يرى ابن جماعة أن أظهر الأقوال هو أنها دفنت في بيتها " و هو مكان المحراب الخشب داخل مقصورة الحجرة الشريفة من خلفها ، وقد رأيت خدام الحضرة يجتنبون دوس ما بين المحراب المذكور وبين الموضع المزور من الحجرة الشريفة الشبيه بالمثلث ، و يزعمون أنه قبر فاطمة " 36 .
و من الواضح : أن اسطوان التهجد يقع على طريق باب النبي ( صلى الله عليه و آله ) مما يلي الزوراء 37 . أي خلف بيت فاطمة 37 .
قال السمهودي عن موضع تهجد النبي ( صلى الله عليه و آله ) : " قلت : تقدم في حدود المسجد النبوي ما يقتضي أن الموضع المذكور كان خارج المسجد تجاه باب جبريل قبل تحويله اليوم . و هو موافق لما سيأتي عن المؤرخين في بيان موضع هذه الاسطوانة " 37 .
و إذا كان كذلك فإن بيت علي يقع بين باب النبي ( صلى الله عليه و آله ) و الحجرة الشريفة ، و باب النبي ( صلى الله عليه و آله ) هو أول الأبواب الشرقية مما يلي القبلة ، و قد سد الآن ، و يقولون : إنه سمي بذلك لا لأن النبي ( صلى الله عليه و آله ) كان يدخل منه بل لأنه في مقابل حجرة عائشة . . بل نجد ابن النجار يصرح بأن هذا الباب هو نفسه باب علي عليه السلام . . 37 .
و هذا يعني أن ما بين الحجرة التي فيها القبر الشريف ، وباب النبي ( صلى الله عليه و آله ) كان من بيت فاطمة ( عليها السلام ) ، و حيث دفنت . ( و يدل عليه أنها دفنت عليها السلام داخل مقصورة الحجرة من خلفها . . أي تماماً حيث كانت عائشة مقيمة ، بعد أن ضربت الجدار على القبور التي كانت مكشوفة لكل أحد ، فتصرفت فيه عائشة بمساعدة السلطة بعد أن تركه أهله الذين حرموا منه بسبب حرمانهم من إرث نبيهم ، أو بسبب ضغوط أخرى لم يستطع أن يصرح لنا بها التاريخ . .
4ـ و يدل على ما ذكرناه أيضاً قول السمهودي في مقام بيان موضع باب النبي ( صلى الله عليه و آله ) ، و باب جبريل . . : " الثاني : باب علي ، الذي كان يقابل بيته الذي خلف بيت النبي " .
و قال أيضاً : " و يحتمل أن بيت علي ( رض ) كان ممتداً في شرقي حجرة عائشة ( رض ) إلى موضع الباب الأول ( يعني باب النبي ( صلى الله عليه و آله ) فسمي باب علي بذلك ، و يدل له : ما تقدم عن ابن شبة في الكلام على بيت فاطمة ، من أنه كان فيما بين دار عثمان التي في شرقي المسجد ، وبين الباب المواجه لدار أسماء و يكون تسميته الباب الثاني بباب النبي ( صلى الله عليه و آله ) لقربه من بابه الخ . ." 38 .
و إذن . . فبيت فاطمة يكون ممتداً من شمالي الحجرة التي دفن فيها النبي ( صلى الله عليه و آله ) إلى شرقيها ـ و إذا صح كلام ابن شبة هذا ـ فإنه يصل إلى قبليها أيضاً . . و المفروض ان باب فاطمة و علي كان شارعاً في المسجد أيضاً . . فكيف استدار بيت فاطمة على بيت عائشة و طوقه بهذا الشكل العجيب من الشمال إلى الشرق . . و يحتمل إلى القبلة أيضاً ؟! . . عجيب!! و اي عجيب !! . .
و إذن فما معنى أن تسكن عائشة في شرقي الحجرة و تضرب بينها و بين القبور جداراً ؟
أو ليس شرقي الحجرة كان جزءاً لبيت فاطمة ؟!
و كيف يكون باب بيت فاطمة في نفس حجرة عائشة ؟!
و هل هناك مسافات شاسعة بين المسجد ، و بين باب النبي ( صلى الله عليه و آله ) أو باب جبريل تسع عدة بيوت و حجر ؟!
إن كل ذلك يدل على صحة رواية الصدوق المتقدمة و أنه ( صلى الله عليه و آله ) قد توفي ، و دفن في دار فاطمة ، لا في دار عائشة . .
و نعتقد : أنه قد انتقل من دار عائشة إلى دار فاطمة في نفس اليوم الذي توفي فيه ، و هو يوم الاثنين 39 ، و ذلك لأنه في يوم الاثنين ، و حين صلاة الفجر كان لا يزال في بيت عائشة الذي لجهة القبلة ، إذ قد روى البخاري : " أن المسلمين بينا هم في صلاة الفجر من يوم الاثنين و أبو بكر يصلي لهم لم يفجأهم إلا رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) قد كشف ستر حجرة عائشة ، فنظر إليهم ، و هم في صفوف الصلاة . . إلى أن قال : و همَّ المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم ؛ فرحاً برسول الله ( صلى الله عليه و آله ) . ." 40 .
و بضم رواية الصدوق المتقدمة الدالة على أنه ( صلى الله عليه و آله ) خرج فصلى في الناس و خفف الصلاة ، ثم وضع يده على عاتق علي ( عليه السلام ) و الأخرى على عاتق أسامة ، ثم انطلقا به إلى بيت فاطمة ، فجاءا به حتى وضع رأسه في حجرها ، ثم يذكر قضية استئذان ملك الموت ، ثم كانت وفاته بعد مناجاته لعلي ( عليه السلام ) ؛ فراجع . .
فبضم هذه الرواية إلى ما تقدم نفهم أنه قد انتقل إلى بيت فاطمة في نفس اليوم الذي توفي فيه ، بعد أن صلى بالناس . و أما أنه رفع الستر ثم عاد فأرخاه ؛ فلم يروه حتى توفي حسبما ذكرته رواية البخاري الآنفة الذكر ، فلا يصح ؛ لأن رواية ابن جرير تصرح بأنه عزل أبا بكر عن الصلاة في نفس اليوم الذي توفي فيه ، فراجع 41 .
و بعد ذلك كله . . فإنه لا يبقى أي شك أو ريب في أنه ( صلى الله عليه و آله ) قد دفن في بيت فاطمة ، لا في بيت عائشة و لكن فاطمة قد ظلمت بعد مماتها كما ظلمت في حال حياتها . . " و سيعلم الذين ظلموا آل محمد ، عن طريق تزوير الحقيقة و التاريخ ، فضلاً عن مختلف أنواع الظلم الأخرى . . أي منقلب ينقلبون . . " 42 .

****************************

1. السيرة النبوية لابن كثير : 4 / 541 .
2. راجع كل ذلك في وفاء الوفاء : 2 / 706 .
3. رحلة ابن بطوطة : 72 .
4. وفاء الوفاء : 2 / 543 .
5. المصدر السابق : 2 / 719 .
6. وفاء الوفاء : 2 / 542 و 459 و 460 .
7. راجع : وفاء الوفاء : 2 / 435 و 459 و 517 ، و ليراجع أيضاً 693 .
8. راجع : وفاء الوفاء : 2 / 435و 459و 517 ، و ليراجع أيضاً 693 .
9. صحيح البخاري : 1 / 229و226 ، طبعة سنة 1309ﻫ ، و طبقات ابن سعد : 8 / 119 ، و فتح الباري : 4 / 236 عن أحمد و النسائي ، و وفاء الوفاء : 2 / 541 و 542 .
10. وفاء الوفاء : 2 / 542 .
11. راجع : طبقات ابن سعد : 1 / 181 قسم 2 و 8 / 119 قسم 2 ؛ و وفاء الوفاء : 2 / 459 .
12. وفاء الوفاء : 2 / 542 .
13. طبقات ابن سعد : 8 / 118 ، و وفاء الوفاء : 2 / 464 عنه و ليراجع حلية الأولياء : 2 / 49 .
14. وفاء الوفاء : 2 / 464 .
15. صحيح البخاري طبعة سنة 1309 ﻫ : 1 / 159 و 2 / 191 ، و وفاء الوفاء : 2 / 557 .
16. فتح الباري : 3 / 205 ، و وفاء الوفاء : 2 / 557 .
17. طبقات ابن سعد : 3 قسم 1 / 264 .
18. وفاء الوفاء : 2 / 545 و 554 عن ابن زبالة ، و يحيى و ليراجع البخاري : 1 / 159 ، و طبقات ابن سعد : 3 قسم1 / 168 .
19. وفاء الوفاء : 2 / 557 و 3 / 899 عن ابن شبة ، و ابن زبالة .
20. أنساب الأشراف بتحقيق المحمودي : 3 / 60 و 62 و 64 و 65 ، و شرح النهج للمعتزلي : 16 / 13 ، و مقاتل الطالبيين : 74 ، و وفاء الوفاء : 2 / 548 ، و تاريخ ابن عساكر ، ترجمة الحسن ( عليه السلام ) الحديث رقم 337 فما بعده ، و 21 / 38 ، و 64 / 99 . كما ذكره المحمودي .
21. مقاتل الطالبيين : 75 ، و تاريخ اليعقوبي : 2 / 225 ط صادر .
22. مقاتل الطالبيين : 75 ، و وفاء الوفاء : 3 / 908 و 2 / 557 .
23. وفاء الوفاء : 2 / 557 عن يحيى و سنن الترمذي ، و منتظم ابن الجوزي و الطبراني ، و ابن النجار ، و الزين المراغي .
24. وفاء الوفاء : 2 / 557 .
25. طبقات ابن سعد : 3 قسم1 / 264 ، و وفاء الوفاء : 2 / 543 و 544 عنه و عن ابن زبالة . .
26. وفاء الوفاء : 2 / 564 ـ 565 .
27. صحيح البخاري : 4 / 170 طبعة سنة 1309ﻫ . و فتح الباري : 3 / 204 ، و وفاء الوفاء : 2 / 557 .
28. وفاء الوفاء : 2 / 544 ، عن ابن سعد . .
29. a. b. وفاء الوفاء : 2 / 548 عن ابن سعد .
30. راجع : سفينة البحار : 1 / 115 .
31. أمالي الشيخ الصدوق طبعة النجف سنة 1391ﻫ . المجلس الثاني و التسعون / 569 .
32. وفاء الوفاء : 2 /450 .
33. وفاء الوفاء : 2 / 467 و 469 على الترتيب .
34. القران الكريم : سورة الشعراء ( 26 ) ، الآية : 227 ، الصفحة : 376 .
35. وفاء الوفاء : 3 / 469 و المناقب لابن شهر أشوب : 3 / 364 و نهج الصباغة : 5 / 19 و رحلة ابن بطوطة : 70 و معاني الأخبار : 254 و البحار : 43 / 185 و الكافي طبعة الإسلامية 1 / 383 و الوسائل : 10 / 288 و في هامشه عن التهذيب للشيخ الطوسي ، و عن من لا يحضره الفقيه للصدوق .
36. وفاء الوفاء : 3 / 906 .
37. a. b. c. d. وفاء الوفاء : 2 / 451 و 450 و 452 و 688 .
38. وفاء الوفاء : 2 / 688 و 689 و ليراجع : 469 ـ 470 .
39. راجع : قاموس الرجال جلد 11 رسالة في تواريخ النبي و الآل للتستري صفحة 36 .
40. راجع : البخاري طبعة سنة 1309ﻫ : 3 / 61 و 1 / 82 و الرواية و إن كانت قد ذكرت إقرار النبي ( صلى الله عليه و آله ) لأبي بكر على الصلاة لكن ذلك غير صحيح . و لهذا البحث مجال آخر .
41. راجع كنز العمال : 7 / 198 عن ابن جرير .
42. 6 جمادى الثانية 1400ﻫ . جعفر مرتضى العاملي


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page