• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

بدء الوَحي

 - بدء الوَحي
انّ التاريخ الإسلامي يبدأ في الحقيقة من يوم بعثة الرسول صلّى اللّه عليه وآله بالرسالة، والتي وقعت على أثره حوادث خاصة.
ويوم بُعث النبيُّ الاكرم صلّى اللّه عليه وآله لهداية الناس، ودوّى في سمعه الشريف نداء «إنك لرسول اللّه» الصادر عن ملاك الوحي اُلقيت على كاهله مسؤولية كبرى وثقيلة جدّاً، على نمط الوظيفة الهامة التي اُلقيت على كاهل من سبقه من الانبياء والرسل صلوات اللّه عليهم أجمعين.
منذ ذلك اليوم اتضح هدف أمين قريش، أكثر فأكثر، وتجلت خطته اكثر فأكثر.
ونحن نرى من اللازم قبل شرح الحوادث الاُولى الواقعة عند البعثة ان نعطي بعض الايضاحات حول مسألتين :
1 - وجوبُ بعث الأنبياء.
2 - دورُ الانبياء في اصلاح المجتمع.
لقد أودع اللّه تعالى في كيان كُلّ كائن من الكائنات أدوات تكامله، وجهّزه - لسلوك هذا الطريق - بالوسائل المتنوعة، والأجهزة المختلفة اللازمة.
ولنأخذ مثلاً : نبتة صغيرة، فان ثمة عوامل كثيرة تتفاعل في ما بينها وتعمل
لتحقيق التكامل فيها.
ان جذور كل نبتة تعمل اكبر قدر ممكن لامتصاص العناصر الغذائية، وتلبية احتياجات النبتة، وتوصل العروق والقنوات المختلفة، عصارة ما تأخذه من الارض إلى جميع الاغصان والاوراق.
إننا لو درسنا جهاز (وردة) لرأيناه اكثر مدعاة للاعجاب وأشد اثارة للتعجب من تركيب بقية النباتات.
فللكأس وظيفة توفير الغطاء اللازم للاوراق الناعمة اللطيفة في الوردة.
وهكذا الحال بالنسبة الى بقية الأجهزة في «الوردة» ممّا اُنيط إليها مسؤولية الحفاظ على كائن حيّ، وضمان رشده ونموّه، فإنها جميعاً تقوم بوظائفها المخلوقة لها بأحسن شكل، وأفضل صورة.
ولو أننا خطونا خطوات اكثر وتقدّمنا بعض الشيء لدراسة الأجهزة العجيبة في عالم الأحياء، لرأينا أنها جميعاً وبدون استثناء مُزوّدة بما يضمن بلوغها الى مرحلة الكمال المطلوب لها.
وإذا أردنا أن نصبّ هذا الموضوع في قالب علميّ لوجب أن نقول : انّ الهداية التكوينية، التي هي النعمة المتجلّية في عالم الطبيعة، تشمل كل موجودات هذا العالم من نبات، وحيوان وانسان.
ويبيّن القرآن الكريم هذه الهداية التكوينية الشاملة بقوله :
(ربّنا الّذي أعطى كُلّ شيء خلقه ثُمّ هدى)(1).
فانّه يصرّح بأن كل شيء في هذا الكون من الذرة إلى المجرّة ينعم بهذا الفيض العامّ، وانّ اللّه تعالى بعد أن قدّر كل موجود وكائن، بيّن له طريق تكامله، ورُقيّه، وهيأ لكل كائن مِن تلك الكائنات ما يحتاج إليه في تربيته ونموّه، وهذه هي (الهداية التكوينية العامة) السائدة على كل ارجاء الخليقة دونما استثناء.
ولكن هل تكفي هذه الهداية الفطرية، التكوينية لكائن مثل الإنسان، اشرف الموجودات، وافضل ما في هذه الخليقة ؟!
بكل تأكيد : لا.
لأن للإنسان حياة اُخرى غير الحياة المادية، تشكل اساس حياته الواقعية، ولو كان للإنسان حيادة مادية جافّة فقط مثلما لعالم النباتات، والحيوانات، لكفت العواملُ والعناصرُ المادية في تكامله، والحال أن للإنسان نوعين من الحياة، يكمن في تكاملهما معاً رمز سعادة الإنسان ورقيّه.
ان الإنسان الأول، ونعني به انسان الكهوف والحياة البسيطة والفطرة السليمة التي لم يطرأ على جبلته أي إعوجاج لم يكن بحاجة إلى ما يحتاج اليه الإنسان الإجتماعيّ من التربية والهداية.
ولكن عندما خطى الإنسانُ خطوات أبعد من ذلك، وبدأ الحياة الاجتماعية، وسادت على حياته فكرة التعاون والعمل الجماعي برزت في روحه ونفسيته سلسلة من الانحرافات نتيجة للاحتكاك الاجتماعي، وغيّرت الخصال القبيحة والافكار الخاطئة صفاتِه الفطرية، وبالتالي اخرج المجتمع من حالة التوازن !
إن هذه الانحرافات حملت خالق الكون على أن يرسل إلى البشرية رجالاً أفذاذاً صالحين يتولّون تربية البشر، وليقوموا بتنظيم برنامج المجتمع، والتخفيف من المفاسد الناشئة - بصورة مباشرة - عن النزعة الاجتماعية لدى الإنسان، وليضيئوا - بمشاعل الوحي المشّعة المنيرة - طريق السعادة والخير للانسانية في جميع المجالات والابعاد.
إذ لا نقاش في أنّ الحياة الاجتماعية والعيش بصورة جماعية مع كونه مفيداً، ينطوي على مفاسد لا تُنكر، ويجرّ إلى انحرافات كثيرة لا تقبل الترديد.
ولهذا بعث اللّه سبحانه رجالاً مصلحين، وهداة مرشدين يعملون - قدر الامكان - على الحدّ من الانحرافات والمفاسد، ويضعون عجلة المجتمع - بتنظيم القوانين الواضحة والانظمة الحكيمة - على الطريق الصحيح، ويضمنون دورانها
وحركتها في المسار المستقيم.
وقد يُستفاد هذا الامر - بوضوح - من قوله تعالى :
(كان النّاس امّة واحِدةً فبعث اللّه النّبيِّين مُبشِّرين ومُنذرين وأنزل معهمُ الكِتاب بِالحقِّ لِيحكُم بين النّاس في ما اختلفُوا فيه)(2).
دَور الانبياء في اصلاح المجتمع :
ان الذي يتصوره الناس عادة هو أنّ الانبياء مجرد معلّمين إلهيين بُعِثوا لتعليم البشرية.
فكما يتعلم الطفل خلال حركته التعليمية ابتداء من الابتدائية ومروراً بالمتوسطة وانتهاء بالجامعة دروساً معينة ومواضيع خاصة على ايدي الاساتذة والمعلمين، كذلك يتعلم الناس في مدرسة الانبياء اُموراً خاصة، ويكتسبون معارف معينة، وتتكامل أخلاقهم وصفاتهم وخصالهم الاجتماعية جنباً الى جنب مع اكتسابهم المعرفة والعلم على أيدي الأنبياء والمرسلين.
ولكننا نتصور ان مهمة الانبياء ووظيفتهم الاساسية هي (تربية) المجتمعات البشرية لا تعليمها، وان اساس شريعتهم لا ينطوي على كلام جديد، وانه ما لم تنحرف الفطرة البشرية عن مسارها الصحيح، وما لم تلفها غشاوات الجهل والغفلة لعرفت وادركت خلاصة الدين الالهي، وعصارتها، في غير ابهام، ولا خفاء.
على أن هذه الحقيقة قد أشار اليها قادة الإسلام العظماء.
فقد قال امير المؤمنين عليه السّلام في نهج البلاغة عن هدف الانبياء :
«أخذ على الوحي ميثاقهم، وعلى تبليغ الرسالة أمانتهم... لِيستأدُوهم ميثاق فِطرتِه، ويُذكرُوهم منسيّ نِعمته، ويحتجّوا عليهم بالتبليغ، ويُثيروا لهم دفائن العُقول»(3).



______________________________
(1) طه : 50.
(2) البقرة : 213.
(3) نهج البلاغة : قسم الخطب، الخطبة رقم 1.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page