• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

ظاهرةُ الوحي في منظار العقل والدين :

ظاهرةُ الوحي في منظار العقل والدين :
لا شك أن حياة كل فرد من افراد الإنسان تبدأ من «الجهل» ثم يأخذ الإنسان بالدخول في مجال العلم شيئاً فشيئاً، الى ان تنفتح عليه بالتدريج نوافذُ على الواقع الخارج عن ذهنه.
فيبدأ الإنسانُ بالتعرف على الحقائق عن طريق الحواسّ الظاهرية، ثم على أثر التكامل في جهازه العقليّ والفكري يهتدي الى الحقائق الخارجة عن مجال الحس واللمس، فيغدو عقلانياً استدلاليّاً، ويقف على طائفة من الحقائق الكليّة والقوانين العلمية.
وربما يظهر بين أفراد النوع الإنساني أصحابُ نفوس عالية يقفون عن طريق الالهام ومن خلال بصيرة خاصة على حقائق واُمور لا يُهتدى اليها حتى عن طريق الاستدلال والبرهنة !
ومن هنا قسّم العلماء ادراك البشر الى ثلاثة أنواع : «إدراك العامّة» «إدراك المفكرين وأرباب الاستدلال» «إدراك العرفاء واصحاب البصائر والنفوس الكبرى».
وكأنَّ أصحاب الظاهر يستعينون على اكتشاف الحقيقة بالحس، والمفكرين يستعينون بالاستدلال والبرهنة، وأصحاب البصائر والمعرفة بالإلهام والاشراق وبالفيض عليهم من العالم الأعلى.
ان النوابغ في مجال الأخلاق، وان عقول العلماء الخلاقة، وأفكار الفلاسفة العظيمة كلها تؤيّد وتشهد بأن ما يحصلون عليه، وما يطلعون به على المجتمع البشري ممّا لم يعرفوه من قبل ما هي الا شرارات مضيئة وملهمة تخطر لهم، ثم يعمدون إلى تنميتها وبلورتها بالتجربة، أو بالاستدلال والبرهنة والتأمل.
قنواتُ المعرفة الثلاث :
من هذا الكلام نستنتج أن أمام بني البشر ثلاث طرق للوصول الى مقاصده، فالطريق الأول يستفيد منه جماهير الناس غالباً، بينما يستفيد طائفة خاصة منهم من الطريق الثاني، ولا يستفيد من الطريق الثالث إلا أفراد معدودون قلةٌ تكاملت عقولُهم، وتسامت أرواحهم. وهي كالتالي :
1 - الطريق التجريبي والحِسي، والمقصود منه ذلك القسم من الإدراكات والمعلومات الواردة الى محيط الذهن البشريّ عن طريق الحواس الظاهرية كالمرئيات، والمشمومات والمطعومات وغيرها ممّا يستقرُّ في محيط إدراكنا بواسطة الأجهزة المختصة بها.
وقد استطاع البشر اليوم، وبفضل اختراع التلسكوبات والميكروسكوبات واجهزة التلفاز والراديو ان يقدّم خدمة كبرى للبشرية في مجال الإدراكات الحسية ويمهِّد لمزيدٍ من سيطرتها على البعيد والقريب.
2 - الطريق التعقُّلي الإستدلالي : فان المفكرين يتوصّلون الى كشف طائفة من القوانين الكليّة الخارجة عن الحس عن طريق عملية التفكير والتأمل وتشغيل جهاز العقل، وإقامة سلسلة من المقدمات البديهية الواضحة، وبذلك يمكن الوصول إلى قمم المعرفة والكمال العلمي.
إنّ انكشاف القوانين العلميّة الكليّة، والمسائل الفلسفية، والمعارف المرتبطة بصفات اللّه وأفعاله سبحانه والقضايا المطروحة في علم العقيدة والأديان ناشئ برمّته من جهاز العقل، وحركته، وناتج من عملية التفكير، والإستدلال المذكورة.
3 - طريق الإلهام : وهذا هو الطريق الثالث لمعرفة الحقائق، وهو فوق نطاق
الحس والتعقل.
إنه نوعٌ جديدٌ من المعرفة ونمط متميّز من إدراك الحقائق، ليس محالاً من وجهة نظر العلم وان كان يصعُب على أصحاب الاتجاه المادّي القبول به لكونه طريقاً غير حسي ولا تعقّلي.
وأما من جهة الاُصول العِلمية فلا مجال لإنكاره، ولا مبرّر لعدّه من المحالات.
إن طريق التعرُّف على حقائق الكون الخارج عن الذهن - في منهج الماديّين، وأصحاب النزعة المادية - ينحصر في قناتين لا أكثر، وهما اللّذان سبق ذكرُهما، في حين أنّ هناك - حسب نظرة الأديان والشرائع الكبرى وحسب نظرة الفلاسفة والعرفاء الالهيين - قناة ثالثة أيضاً.
بل إنّ هذا الطريق الثالث - كما أسلفنا في مسألة الوحي - أكثر واقعية، وأقوى أسُساً، وأوسع آفاقاً عند من يدّعون الرسالة، والنبوة من جانب اللّه سبحانه، وإن نفوس اُولئك الأشخاص لتبدو أكثر صفاء وطراوةً بفضل هذا الطريق، وفي ضوء هذه القناة.
وكلّما حصل إرتباطٌ بين اللّه، وبين فرد من أفراد النوع الإنساني على نحو خاص اُلقيت الحقائق في وجوده من دون توسط الحواس الظاهرية، وإعمال الفكر، واستخدام جهاز العقل.
وهذا النوع من الإلقاء يسمى حيناً بالالهام، وبالاشراق حيناً آخر.
ولكن كلما نتج من إرتباط الإنسان بما وراء الطبيعة سلسلة من التعاليم العامّة والأنظمة والبرامج الشاملة اُطلِق على هذا النوع من الإلقاء عنوان (الوحي)، وسمِّي الآتي بها (ملك الوحي) والآخذ لها (نبيّاً).
هذا وقد يوجب الإلهام الثقة والاطمئنان للملهم إليه، ولكنّهُ لا يمكن أن يكون مبعث الإطمئنان والثقة عند الآخرين(1).
(2) وانما قلنا «قد» أي يمكن أن يوجب الاطمئنان ولم نقطع بذلك لأنّ مصدر هذه الالهامات =
من هنا اعتبر العلماء «الوحي» الطريق المطمئنة الوحيدة الى المعرفة العامة... الوحي الذي ينزل على الانبياء الذين ثبتت نبوّتهم بالدلائل القاطعة، من المعجزة وغيرها.
أنواع الوحي واصنافه :
إن في مقدور الروح الانسانية بسبب ما تملك من كمالات أن تتصل بالعوالم الروحانية من الطرق المختلفة، ونحن هنا نشير الى هذه الطرق التي جاء ذكرها في أحاديث قادة الإسلام وائمته، باختصار :
1 - تارة يتلقى الحقائق السماوية العليا على نحو الالهام، فيتخذ ما يتم إلقاؤه في النفس عبر هذا الطريق حكم (العلوم البديهية) التي لا يتطرق اليها أيُ ريب وشك.
2 - وقد يسمع عبارات وكلمات من جسم معين (كالجبل والشجرة) كسماع موسى عليه السّلام كلام اللّه من الشجرة.
3 - وربما تنكشف الحقائق له في عالم الرؤيا انكشاف النهار.
4 - وقد ينزلُ عليه ملكٌ من جانب اللّه بكلام خاص.
وقد نزل القرآن الكريم على النبي الاكرم صلّى اللّه عليه وآله من هذا الطريق، وقد صرح القرآن الكريم نفسه بهذا عند قوله تعالى : (نزل بهِ الرُّوحُ الأمين على قلبك لِتكُون مِن المُنذرين. بِلسان عربيٍّ مُبِينٍ)(3).
أساطيرُ مختلفة :
لقد كتب المؤرخون والكتاب عن حياة كثير من الشخصيات العالمية، وضبطوا كل
ليست معلومة وواضحة، ولا يمكن الاعتماد على مطلق الواردات القلبية والفجائية التي لا تستند الى اُصول معلومة.
وبعبارة اُخرى : يجب الفصل والتمييز بين الإلهامات الرحمانية والالقاءات الشيطانية بواسطة الموازين العقلية والشرعية.
ما جل او دقَّ في هذا المجال، وربما تحمّلوا عناء الرحلات الطويلة والأسفار الشاقة لتكميل دراساتهم، وكتاباتهم.
غير أن التاريخ لا يعرف شخصية مثل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ضبطت تفاصيل سيرته الدقيقة، واهتم اتباعه وأصحابه ومحبّوه بكل شاردة وواردة في حياته الشريفة.
إن هذا الولع الشديد بتسجيل كل شيء - مهما صغر - من حياة النبيّ الاعظم صلّى اللّه عليه وآله وسيرته العطرة كما ساعد على ضبط جميع الجزئيات والتفاصيل في هذا المجال، تسبب في بعض الموارد في إلصاق بعض الزوائد بحياة النبي الاكرم وشخصيته العظيمة، الطاهرة.
ومثل هذا لا يبعد عن المحبّين الجهلاء فكيف بالأعداء الألداء العارفين.
من هنا يتعيّن على كل مؤلفٍ يكتب عن سيرة شخصية من الشخصيات أن لا يغفل عن مبدأ (الحذر والإحتياط) في تحليله لحوادثها، وقضاياها، فلا يغفل عن تقييم كل ما جاء حولها من روايات وقصص في ضوء الموازين التاريخيّة الدقيقة.
واليك بقية ما جرى في واقعة نزول (الوحي) في حراء :
بقية حادثة نزول الوحي :
استنارت نفس رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله، وروحه الكبرى بنور «الوحي» المبارك، وتعلّم كل ما ألقى عليه ملك الوحي في ذلك اللقاء العظيم، وانتقشت تلك الآيات الشريفة في صدره حرفاً حرفاً، وكلمة كلمة.
وقد خاطبه نفس ذلك الملك بعد تلاوة تلكم الآيات بقوله :
يا محمّد... أنت رسولُ اللّه... وأنا جبرئيل.
وقيل : انه صلّى اللّه عليه وآله سمع هذا النداء عند نزوله من غار حراء وقد اضطرب رسولُ اللّه صلّى اللّه عليه وآله، لهذين الحدثين، اضطرب لعظمة المسؤولية الكبرى التي اُلقيت على كاهله.
وكان هذا الاضطراب طبيعياً بعض الشيء، وهو لا ينافي بالمرة يقينه صلّى اللّه عليه وآله، وإيمانهُ بصدق ما اُنزل عليه لأن الروح مهما بلغت من العظمة والسمّو والقوة والصلابة، ومهما كانت قوة ارتباطها بعالم الغيب، وبالعوالم الرُّوحانية العُليا فانّها عندما تواجه لأول مرّة ملكاً لم تره من قبل، وذلك في مثل المكان الذي التقى النبيُ (فوق الجبل) لا بُدّ أن يحصل لها مثل هذا الاضطراب، ولهذا زال ذلك الاضطراب عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في ما بعد.
ثم إن الاضطراب والتعب الشديد قد تسبّبا في أن يتوجه النبيُ صلّى اللّه عليه وآله إلى بيت «خديجة» عليها السّلام، وعندما دخل بيتها ووجدت على ملامحه آثار الاضطراب والتفكير سألته عما جرى له، فحدّثها بكل ما سمع ورأى وقصّ عليها ما كان من أمر جبرئيل معها، فعظّمت «خديجةُ» سلام اللّه عليها، أمره، ودعت له، وقالت : إبشر فواللّه لا يخزيك اللّه أبداً.
ثم إن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله الذي كان يشعر بالجهد والتعب قال لزوجته الوفيّة «خديجة» : دثّريني... دثِّريني.
خديجة تذهب إلى ورقة بن نوفل :
لقد تحدثنا في الصفحات الماضية عن «ورقة» وقلنا أنّه كان ممن تنصّر وقرأ الكتب وسمع من أهل التوراة والانجيل وكان ابن عم خديجة.
فعندما سمعت «خديجة» زوجة النبي صلّى اللّه عليه وآله ما سمعته منه انطلقت إلى «ورقة» لتخبِّره بما سمعته من زوجها الكريم، وشرحت له كل شيء ممّا جرى له مع جبرئيل.
فقال «ورقة» في جواب ابنة عمه : إن ابن عمّك لصادق... وإن هذا لبدء النبوة، وإنه ليأتيه الناموس الاكبر (اي الرسالة والنبوة)(4).
إن ما ذكرناه الى هنا هو في الحقيقة ملخّص الروايات التاريخية المتواترة التي وصلت إلينا، والتي دُوِّنت في جميع الكتب.
بيد اننا نلاحظ بين ثنايا هذه الحادثة اُموراً لا تتفق مع ما نعرفه من أنبياء اللّه ورُسله العظام، كما أنها لا تتفق مع ما قرأناهُ إلى الآن عن حياة هذا النبي العظيم صلّى اللّه عليه وآله.
وما سنذكره الآن من هذه الزوائد إمّا يجب اعتباره من قبيل الاساطير التاريخية، أو أنّ علينا تأويله بنوع من التأويل.
وإنا لنعجب قبل كل شيء من المفكّر المصريّ الدكتور «هيكل» كيف سمح لنفسه وهو الذي تحدث في مقدمة كتابه عن مشكلة تسرب الاساطير الى التاريخ النبويّ، وقال : بأنّ هناك من دسّ في السيرة النبوية، عن عداوة أو جهل، بعض الاكاذيب.
ولكنه مع ذلك ينقل هنا اُموراً لا أساس لها من الصحّة أبداً، في حين اعطى فريقٌ من علماء الشيعة - كالمرحوم الطبرسي - ملاحظات مفيدة في هذا الصعيد.
وإليك في ما يلي بعض هذه الاساطير والقضايا المختلفة (على أنها لم تكن جديرة بالاشارة أبداً لولا أن بعض المحبّين الجهلاء، والأعداء الأذكياء ذكروها في كتبهم، وكرروها في دراساتهم).
1 - قالوا : إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه وآله عندما دخل منزل خديجة، كان يفكّر في نفسه : لعلّ بصره خدعه، أو انه كاهن، او فيه جنون !!
ولكن لمّا قالت له خديجة : «إن اللّه لا يفعل بك ذلك يا ابن عبد اللّه، إنك تصدق الحديث، وتؤدّي الأمانة، وتصلُ الرحم» اطمأنّ، وزال عنه الشكُ والتردّد، وألقى على «خديجة» نظر شكر ومودة، ثم طلب أن يُزمّل، فزمل فنام !!(5).
2 - يقول الطبري وغيره من مؤرخي السيرة : ان النبيّ صلّى اللّه عليه وآله لما سمع نداء يقول : «يا محمّد أنت رسول اللّه» أصابَهُ خوفٌ شديدٌ حتى أنه همّ بأن يطرح نفسهُ من أعلى الجبل، فتبدى له (ملك الوحي) ومنعه عن ذلك !!!
3 - ثم إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه وآله ذهب ليطوف بالكعبة بعد ذلك اليوم، فرأى «ورقة بن نوفل» وشرح لورقة ما جرى له مع جبرئيل، فقال له ورقة :
«والذي نفسي بيده، إنّك لنبيّ هذه الاُمة، وقد جاءك الناموسُ الأكبرُ الذي جاء موسى ولتُكذبنّه، ولتوذينّه ولتخرجنّه ولتقاتلنه» فأحس «محمّد» بأن ورقة يصدّقه، فاطمأن(6).
بُطلانُ هذه المزاعم :
إن الذي نتصوره هو أن جميع هذه القصص مختلقة من الاساس، وقد دُسّت في التاريخ والتفسير عن قصدٍ وهدف، أو دخلت فيهما عن غير ذلك.
وذلك :
أولاً : لأننا لتقييم هذه المزاعم يجب ان نلقي نظرة فاحصة إلى تاريخ الأنبياء الماضين وسيرهم.
إن القرآن الكريم قصّ علينا قضاياهم، وسيرهم، وقد وردت في هذا المجال روايات وأخبار كثيرة.
وإننا لا نجد أي أثر لمثل هذه القصص المشينة في حياة أي واحدٍ منهم.
إن القرآن الكريم يقص علينا قصة بدء نزول (الوحي) على «موسى» بشكل كاملٍ ويبيّن جميع التفاصيل في قصته عليه السّلام ولا يذكر أي شيء من الخوف، والارتعاش، والوحشة والفزع، بحيث يحدّث نفسه بالإنتحار على أثر سماع الوحي !! مع أن أرضية الخوف والفزع في مجال «موسى» كانت متوفرة
أكثر، لأنه سمع في ليلة ظلماء وهو في صحراء خالية نداء من الشجرة يخبره بأنه نبيٌ مرسلٌ.
ولكن موسى - كما يصرّح القرآن الكريم، بهذه الحقيقة - حافظ على هدوئه، وسكونه، وعندما خاطبهُ اللّه تعالى بقوله : «أن ألقِ عصاك» القاها من فوره، وكان خوفه من ناحية العصا التي تبدّلت إلى ثعبان مخيف، لا من جهة الايحاء اليه.
فهل يمكن، أو يجوز لنا أن نقول : كان «موسى» لحظة الوحي اليه مطمئناً هادئاً ساكناً، ولكن أفضل الانبياء والمرسلين اضطرب عند سماع كلام الملك، وفزع الى درجة فكّر في طرح نفسه من أعلى الجبل ؟! هل هذا كلام معقول ؟!
لا ريب أن روح محمّد صلّى اللّه عليه وآله ما لم تكن مهيّأة من جميع الجهات وبصورة كاملة لتلقّي السرّ الالهيّ (النبوة) لا يمكن أن يمن عليه الربُ الحكيمُ بمنصب النبوّة، ويختاره لمقام الرسالة، لأن الهدف الجوهريّ من ابتعاث الرُسل، وارسال الانبياء هو هداية الناس وارشادهم.
ومن كان كذلك من حيث ضعف الروح ووهن النفس بهذه المرتبة بحيث يحدّث نفسه بالإنتحار خوفاً(7) وفزعاً كيف يمكن ان ينفذ الى نفوس الناس ويؤثر فيهم ؟!
ثانياً : كيف يمكن أن يطمئن موسى بمجرد سماعه للنداء الالهيّ إلى أنه صادرٌ من جانب اللّه، فطلب من ربّه من فوره أن يجعل أخاه هارون وزيراً له لأنه أفصحُ منه قولاً(8) بينما لا يطمئن سيد المرسلين وخاتمهم ؟!
ثالثاً : لقد كان «ورقة» مسيحيّاً حتماً، ولكنه عندما أراد أن يزيل عن «محمّد» الشك والإضطراب ذكر نبوّة «موسى» عليه السّلام وقال : قد جاءك الناموس الذي جاء موسى(9).
ألا يدلُّ هذا على أنّ ثمّة يداً اسرائيليّة وراء هذه الحبكة هي التي صاغت هذه القصة واختلقتها في غفلةٍ عما كان يدين به «ورقة» بطلُ القصة ؟!
كل هذا بغضّ النظر عن أن مثل هذه الاُمور تتنافى والعظمة التي نعهدها من النبيّ صلّى اللّه عليه وآله، ولا تنسجم معها أبداً، ويبدو أن كاتب «حياة محمّد» أدرك الى درجة ما خرافية هذه القصة ولذلك نجده ينقل بعض مواضيعها بعد جملة : «كما يقولون».
وقد حارب ائمةُ الشيعة هذه الاساطير بكل قوة، وأبطلوها برمتها.
فعندما يسأل زرارة الإمام الصادق عليه السّلام مثلاً : كيف لم يخف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فيما يأتيه من قِبل اللّه ان يكون ممّا ينزغ به الشيطان ؟
قال الإمام عليه السّلام : «إنّ اللّه إذا اتخذ عبداً ورسولاً، أنزل عليه السكينة والوقار فكان يأتيه من قِبل اللّه عزّ وجلّ مثل الذي يراه بعينه».
ويقول العلامة الشيعي الكبير المرحوم الطبرسي في تفسيره، في هذا الصدد :
«إن اللّه لا يوحي الى رسوله إلا بالبراهين النيّرة والآيات البينة الدالّة على أن ما يوحى إليه إنما هو من اللّه تعالى، فلا يحتاج إلى شيء سواها ولا يفزعُ، ولا يفرُق».
«عيسى» أيضاً ولكن لا وجود لذلك في صحيح البخاري وسيرة ابن هشام اللذين هما الأساس لهذه الامور.




______________________________
(1) بحار الأنوار : ج 18 ص 262 وفي الكافي : ج 1 ص 271 نظيره.
(2) مجمع البيان : ج 10 ص 384.
(3) الشعراء : 193 - 195، وقد اُشير في سورة الشورى الآية 51 الى هذه الطرق الأربع جميعها.
(4) الطبقات الكبرى : ج 1 ص 195.
(5) الطبقات الكبرى : ج 1 ص 195، حياة محمّد : ص 134.
(6) السيرة النبوية : ج 1 ص 238.
(7) كما نقل هيكل في كتابه : «حياة محمّد».
(8) طه : 29.
(9) السيرة النبوية : ج 1 ص 238 وقد نقل المرحوم المجلسي هذه العبارة عن المنتقى. ولكنه بلفظة =


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page