• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الأمل و الهدف في الحياة

 

 


2 ـ الأمل والرجاء في الحيا


كلّ واحد منّا يعرف الأمل والتمنّي ، إلاّ أ نّه ما كلّ ما يتمنّى المرء يدركه ، تجري الرياح بما لا تشتهي السَّفَن ، فكم اُمنية في الحياة لم يتوفّق لها الإنسان ، إلاّ أ نّه على المرء أن يسعى وليس عليه أن يكون موفّقاً ، فربما يتوفّق في حصول اُمنياته وبلوغ آماله ، وربما يصاب بالحرمان والخذلان . ولكن من المفروض أن يبذل ما في وسعه في بلوغ ما يتأمّله في حياته ، فإنّه إذا لم يتوفّق للوصول والحصول ، فإنّه يبيت مرتاح الوجدان والضمير ، على أ نّه سعى ولم يتوفّق ، بخلاف من لم يسعَ ولم يتوفّق ، فإنّ ضميره يؤنّبه ، بأ نّه لو كان ساعياً ربما كان موفّقاً.
ثمّ الأمل ينقسم إلى قسمين : أمل مذموم وأمل ممدوح ، والأوّل ما كان عليه صبغة شيطانية وأ نّه غير معقول وباطنه الكذب والكسل . والثاني أمل رحماني يقرّه العقلاء ، كأمل الزارع من زرعه بأن يحصد نتاجه في المستقبل ، والطالب من دراسته بأن يحوز شهادة التفوّق . وأ نّه من مصاديق الرحمة الإلهية ومن الأماني الصادقة.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
الأمل رحمة لاُمّتي ، ولولا الأمل ، ما رضعت والدة ولدها ، ولا غرس عارس شجراً[1].
بينما عيسى (عليه السلام) جالس وشيخ يعمل بمسحاة يثير الأرض ، قال (عليه السلام) : اللهمّ انزع منه الأمل ، فوضع الشيخ المسحاة واضطجع ، فلبث ساعة فقال عيسى : اللهمّ اردد إليه الأمل ، فقام فجعل يعمل[2].
قال الله تعالى :
( وَالباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أمَلا )[3].
وأمّا الأمل المذموم وأ نّه من مصاديق الباطل ، فقد قال الله سبحانه وتعالى :
( ذَرْهُمْ يَأكُلوا وَيَتَمَتَّعوا وَيُلـْهِهُمُ الأمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمونَ )[4].
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) :
اتّقوا باطل الأمل ، فربّ مستقبل يوم ليس بمستدبره ، ومغبوط في أوّل ليل قامت بواكيه في آخره.
وقال (عليه السلام) :
اتّقوا خداع الآمال ، فكم من مؤمّل يوم لم يدركه ، وباني بناء لم يسكنه ، وجامع مال لم يأكله.
وقال (عليه السلام) :
الأمل كالسراب ، يغرّ من رآه ، ويخلف من رجاه.
وقال (عليه السلام) :
الأمل خادع غارّ ضارّ.
وقال (عليه السلام) :
الأماني تعمي عيون البصائر.
« الأمل سلطان الشياطين على قلوب الغافلين ».
« الأمل أبداً في تكذيب ».
« ثمرة الأمل فساد العمل »[5].
« إنّ الأمل يسهي القلب ، ويكذب الوعد ، ويكثر الغفلة ، ويورث الحسرة ».
وفي دعاء الإمام الصادق (عليه السلام) في يوم عرفة :
« أعوذ بك من دنيا تمنع خير الآخرة ، ومن حياة تمنع خير الممات ، ومن أمل يمنع خير العمل ».
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) :
« إنّ الأمل يذهب العقل ويكذّب الوعد ، ويحثّ على الغفلة ، ويورث الحسرة ، فأكذبوا الأمل فإنّه غرور ، وإنّ صاحبه مأزور ... ».
« اعلموا أنّ الأمل يسهي العقل ، وينسي ، فأكذبوا الأمل ، فإنّه غرور وصاحبه مغرور ... ».« طوبى لمن لم تلهه الأماني الكاذبة ».« لو رأى العبد أجله وسرعته إليه ، أبغض الأمل ».« من جرى في ميدان أمله ، عثر بأجله ».« الأمل ينسي الأجل ».« الأمل حجاب الأجل ».« الأمل يفسد العمل ، ويفني الأجل ».« إنّي محارب أملي ومنتظر أجلي ».
« لا تخلو النفس من الأمل حتّى تدخل في الأجل ».
« إنّ المرء يشرف على أمله فيقطعه حضور أجله ».
كمن يبني قصراً على أمل أن يسكن فيه فيأتيه الأجل بغتةً فيحرم منه.
قال أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) :
« ألا وإنّكم في أيام أمل من ورائه أجل ، فمن عمل في أيام أمله قبل حضور أجله ، فقد نفعه عمله ولم يضرّه أجله ».
عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، أ نّه أخذ ثلاثة أعواد ، فغرس عوداً بين يديه ، والآخر إلى جنبه ، وأمّا الثالث فأبعده وقال : هل تدرون ما هذا ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : هذا الإنسان ، وهذا الأجل وهذا الأمل ، يتعاطاه ابن آدم ويختلجه الأجل دون الأمل ».
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) :« إذا بلغتم نهاية الآمال فاذكروا بغتات الآجال ».
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
إنّ آدم قبل أن يصيب الذنب كان أجله بين عينيه وأمله من خلفه ، فلمّـا أصاب الذنب جعل الله أمله بين عينيه وأجله خلفه ، فلا يزال يؤمّل حتّى يموت.
« ما أطال عبدٌ الأمل إلاّ أساء العمل ».
« أكثر الناس أملا أقلّهم للموت ذكراً ».
« من اتّسع أمله قصر عمله ».
« أمّا طول الأمل فينسي الآخرة ».
« من يأمل أن يعيش غداً فإنّه يأمل أن يعيش أبداً ، ومن يأمل أن يعيش أبداً يقسو قلبه ويرغب في الدنيا ».
« فيما ناجى الله تعالى موسى (عليه السلام) : يا موسى ، لا تطل في الدنيا أملك فيقسو قلبك ، والقاسي القلب منّي بعيد ».
قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) :
من أيقن أ نّه يفارق الأحباب ، ويسكن التراب ، ويواجه الحساب ، ويستغني عمّـا خلق ، ويفتقر إلى ما قدّم ، كان حريّاً بقصر الأمل وطول العمل.
قال الإمام الباقر (عليه السلام) :استجلب حلاوة الزهادة بقصر الأمل.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لابن مسعود :
قصّر أملك ، فإذا أصبحت فقل : إنّي لا أمسي ، وإذا أمسيت فقل : إنّي لا اُصبح ، واعزم على مفارقة الدنيا ، وأحبب لقاء الله.
وقال (صلى الله عليه وآله) :
خذ بالثقة من العمل ، وإيّاك والاغترار بالأمل ، ولا تدخل عليك اليوم همّ غد ... ولو أخليت قلبك من الأمل لجددت في العمل ، والأمل الممثّل في اليوم ، غداً أضرّك في وجهين : سوّفت به العمل ، وزدت في الهمّ والحزن.
وقال (صلى الله عليه وآله) :
يقول الله تعالى : لأقطعنّ أمل كلّ مؤمن أمل دوني الاُناس.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) :انقطع إلى الله سبحانه ، فإنّه يقول : وعزّتي وجلالي لأقطعنّ أمل كلّ من يؤمّل غيري باليأس.
نتيجة الأحاديث الشريفة : أنّ الأمل الذي يبتني على الأوهام ، ويمنع عن العمل ، وينسي الأجل ، ولم يكن بالله سبحانه ، ويوجب حبّ الدنيا والرغبة فيها ، ويوجب قسوة القلب والتكالب على الدنيا الدنيّة ، فإنّه من الشيطان ، وإنّه مذموم عقلا ونقلا . وأمّا إذا كان يوجب العمل والتوكّل على الله سبحانه ، ورجاء الآخرة والعمل الصالح وصلاحه ، ولا يسهي العقل ، فإنّه من الأمل الممدوح الذي ندعو إليه ، ونعدّه من عوامل التوفيق في الحياة ، وإلاّ فإنّ من الأوّل التسويف والآمال التي يتعوّذ منها أئمتنا الأطهار (عليهم السلام) في مناجاتهم وأدعيتهم مع الله سبحانه « وأعوذ بك من الآمال والتسويف » ، فلا تغفل وتدبّر.

 

3 ـ الهدف في الحياة والصبر عليه :

قال الله تعالى :
( وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقوا الخَيْراتِ أيْنَما تَكونوا يَأتِ بِكُمُ اللهُ جَميعاً إنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْء قَدير )[6].
وقال سبحانه :
( قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ )[7].
كلّ واحد من الناس له هدف وجهة في الحياة هو مسؤول عنها ، ويعمل على ما ينويه من وصوله إلى أهدافه وجهاته ، فكلّ يعمل على شاكلته وهدفه . وهذا من غرائز الإنسان وجبلته ، والإسلام إنّما عليه أن يهدي الغرائز ويسوقها إلى العدل والقسط ، بلا إفراط ولا تفريط ، ليحقّق في حياة المسلم الحدّ المتوسّط والمعتدل ، فإنّه من الاُمّة الوسطى ، فيعلمه أوّلا ما هي الأهداف المقدّسة في الحياة ، ثمّ يدعوه إلى الصبر عليها والمثابرة في إحقاقها وبقائها وسلامتها ، ثمّ مراعاة شرائط الكمّ والكيف في الوصول إليها ليحقّق العدالة الفردية والاجتماعية في المجتمع الإسلامي ، ولكلّ وجهة هو مولّيها ، فإنّ هذه الآية نزلت في تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرّفة ، فلكلّ نبيّ قبلة ، ولكن القبلة إنّما هي جهة المصلّي وهدفه الذي يتوجّه إليه في صلاته وعبادته.
فالمسلم من أهدافه المقدّسة التوجّه إلى بيت الله الحرام والكعبة المجيدة ، ولا بدّ من تقديس هذا الهدف والصبر عليه ، وبذل النفس والنفيس من أجل إقامته وتشييده وسلامته وديمومته ، وهذا جار في كلّ هدف مقدّس وممدوح فيه رضا الله سبحانه وتعالى.
وأمّا الصبر فما أكثر النصوص الدينية الدالّة على فضله ولزومه في حياة المسلم.
قال الله تعالى :
( وَكَأيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ ) ـ والجهاد من الأهداف المقدّسة ـ ( كَثيرٌ فَما وَهَنوا لِما أصابَهُمْ في سَبيلِ اللهِ وَما ضَعُفوا وَما اسْتَكانوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرينَ )[8].
( وَأطيعوا اللهَ وَرَسولَهُ وَلا تَنازَعوا فَتَفْشَلوا وَتَذْهَب ريحُكُمْ وَاصْبِروا إنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرينَ )[9].
( وَجَعَلـْنا مِنْهُمْ أئِمَّةً يَهْدونَ بِأمْرِنا لَمَّـا صَبَروا وَكانوا بِآياتِنا يوقِنونَ )[10].
( وَما يُلَقَّاها إلاّ الَّذينَ صَبَروا وَما يُلَقَّاها إلاّ ذو حَظٍّ عَظيم )[11].
( فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ اُولوا العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ )[12].
( وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إلاّ بِاللهِ )[13].
( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْء مِنَ الخَوْفِ وَالجوعِ وَنَقْص مِنَ الأمْوالِ وَالأنْفُسِ وَالَّثمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرينَ ... اُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَاُولئِكَ هُمُ المُهْتَدونَ )[14].
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
من أقلّ ما اُوتيتم اليقين ، وعزيمة الصبر ، ومن اُعطي حظّه منهما لم يبالِ ما فاته من قيام الليل وصيام النهار ، ولئن تصبروا على مثل ما أنتم عليه أحبّ إليّ من أن يوافيني كلّ امرئ منكم بمثل عمل جميعكم.
في الصبر على ما يكره خير كثير.
الصبر خير مركب ، ما رزق الله عبداً خيراً منه ، ولا أوسع من الصبر.
وقال المسيح بن مريم (عليه السلام) :إنّكم لا تدركون ما تحبّون إلاّ بصبركم على ما تكرهون.
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) :لا ينبغي ... لمن لم يكن صبوراً أن يعدّ كاملا.
وما أروع ما يقوله سيّدي أمير المؤمنين علي (عليه السلام) :
الصبر شجاعة.
الشجاعة صبر ساعة.
الصبر أعون شيء على الدهر.
الصبر جنّة من الفاقة.
الصبر مطيّة لا تكبو.
الصبر زينة البلوى.
الصبر على المضض يؤدّي إلى إصابة الفرصة.
( وهذا تعبير جميل عن الصبر وأثره في نيل التوفيقات ، فإنّ الموفّق يصير على المصائب والمتاعب على مضض حتّى ينتهي بذلك إلى أن يصيب الفرصة التي لو أضاعها لكانت غصّة ) ، فقال (عليه السلام) :الصبر على مضض الغصص يوجب الظفر بالغرض.
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :الصبر ستر من كلّ الكروب وعون على الخطوب.
وقال الإمام الصادق (عليه السلام) :من لا يعدّ الصبر لنوائب الدهر يعجز.
وهذا يعني أ نّه لا يتوفّق في الحياة.
وقال (عليه السلام) :من جعل له الصبر والياً لم يكن لما يحدث مبالياً.
وقال (عليه السلام) :الصبر يرغم الأعداء.
الصبر عدّة الفقر.
الصبر عون كلّ أمر.
الصبر يمحّص الرزيّة.
الصبر أدفع للبلاء.
الصبر أدفع للضرر.
الصبر يهوّن الفجيعة.
الصبر أفضل العُدد.
الصبر على البلاء أفضل من العافية في الرخاء.
بالصبر تخفّ المحنة.
بالصبر يناضل الحدثان.
العقل خليل المرء ، والحلم وزيره ، والرفق والده ، والصبر من خير جنوده ، فصبراً على دنيا تمرّ بلوائها كلَيْلة بأحلامها تنسلخ.
بالصبر تدرك الرغائب ـ فكلّ ما يرغبه الإنسان من التوفيق إنّما يناله بالصبر ـ .
بالصبر تدرك معالي الاُمور.
من صبر على الله وصل إليه.
الصبر في الاُمور بمنزلة الرأس من الجسد ، فإذا فارق الرأس الجسد فسد الجسد ، وإذا فارق الصبر الاُمور فسدت الاُمور.
وقال الإمام الصادق (عليه السلام) :لم يستزد في محبوب بمثل الشكر ، ولم يستنقص من مكروه بمثل الصبر.
المؤمن يطيع على الصبر وعلى النوائب.
الصبر رأس الإيمان.
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) :أ يّها الناس ، عليكم بالصبر ، فإنّه لا دين لمن لا صبر له.
فالصابر المتّقي المؤمن هو المنتصر والموفّق المسدّد ، بتوفيق الله سبحانه ، والنصر مع الصبر ، هذا ما يقرّبه العقل والفطرة والدين.
( إنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرونَ صابِرونَ يَغْلِبوا مَائَتَيْنِ وَإنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ يَغْلِبوا ألـْفاً )[15].
( كَمْ مِنْ فِئَة قَليلَة غَلَبَتْ فِئَةً كَثيرَةً بِإذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرينَ )[16].
( إنْ تَصْبِروا وَتَتَّقوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً )[17].
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
إنّ النصر مع الصبر ، والفرج مع الكرب ، وإنّ مع العسر يسراً.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) :من ركب مركب الصبر اهتدى إلى مضمار النصر.
لا يعدم الصبور الظفر وإن طال به الزمان.
الصبر كفيل الظفر.
حلاوة الظفر تمحو مرارة الصبر.
الصبر مفتاح الدرك ، والنجع عقبى من صبر.
من صبر ساعة حمد ساعات.
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
بالصبر يتوقّع الفرج ، ومن يدمن قرع الباب يلج.
عن الصادق (عليه السلام) :الصبر يعقب خيراً ، فاصبروا تظفروا.
عن الكاظم (عليه السلام) لهشام :
يا هشام ، اصبر على طاعة الله ، واصبر عن معاصي الله ، فإنّها ساعة ، فما مضى منها فليس تجد له سروراً ولا حزناً ، وما لم يأتِ منها فليس تعرفه ، فاصبر على تلك الساعة التي أنت فيها كأ نّك قد اغتبطت.
وفي تفسير الصبر ومعناه ، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، أ نّه قال :
يا جبرئيل ، فما تفسير الصبر ؟ قال : تصبر في الضرّاء كما تصبر في السرّاء ، وفي الفاقـة كـما تصبر في العـافية ، فلا يشـكو حاله عنـد الخلق بما تصيب من البلاء.
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) :الصبر أن يحتمل الرجل ما ينويه ويكظم ما يغضبه.
« الذين يصبرون على طاعة الله وعن معصيته ، الذين كسبوا طيباً ، وأنفقوا قصداً ، وقدّموا فضلا ، فأفلحوا وأنجوا ».
« الصبر صبران : صبر عند المصيبة حسن جميل ، وأحسن من ذلك الصبر عند ما حرّم الله عليك ».
« الصبر صبران : صبر على ما تكره ، وصبرٌ على ما تحبّ ».
« الصبر عن الشهوة عفّة ، وعن الغضب نجدة ، وعن المعصية ورع ».
« من آتاه الله مالا فليصل به القرابة ... وليصبر نفسه على الحقوق والنوائب ».
« أفصل الصبر الصبر على المحبوب ».
قال الله تعالى :( فَاصْبِرْ صَبْراً جَميلا )[18].( فَصَبْرٌ جَميلٌ )[19].
وأمّا علامة الصبر ، فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
علامة الصابر في ثلاث : أوّلها : أن لا يكسل ، والثانية : أن لا يضجر ، والثالثة : أن لا يشكو من ربّه عزّ وجلّ ، لأ نّه إذا كسل فقد ضيّع الحقّ ، وإذا ضجر لم يؤدّ الشكر ، وإذا شكا من ربّه عزّ وجلّ فقد عصاه.
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) :إنّك إن صبرت جرت عليك المقادير وأنت مأجور ، وإنّك إن جزعت جرت عليك المقادير وأنت مأزور.« من لم يصبر على كدّه صبر على الإفلاس ».
« إن صبرت صبر الأحرار ، وإلاّ سلوت سلو الأغمار ».
« إن صبرت صبر الأكارم ، وإلاّ سلوت سلو البهائم ».
قال الإمام الصادق (عليه السلام) :
اتّقوا الله واصبروا ، فإنّه من لم يصبر أهلكه الجزع ، وإنّما هلاكه في الجزع أ نّه إذا جزع لم يؤجر.
فالعاقل يعمل ما فيه ربحه ، فيصبر على كلّ حال صبراً جميلا ، ومن كان هكذا كيف لا يتوفّق.
ثمّ النكبات في الحياة ليست دائمة ، بل أيام وتزول ، فما أحلى الصبر حينئذ ، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) :
إنّ للنكبات غايات لا بدّ أن ينتهى إليها ، فإذا حكم على أحدكم بها فليتكأكأ لها ، ويصبر حتّى يجوز ، فإنّ إعمال الحيلة فيها عند إقبالها زائد في مكروهها ».
وقال (عليه السلام) لقيس بن سعد ، وقد قدم عليه من مصر :
يا قيس ، إنّ للمحسن غايات لا بدّ أن تنتهي إليها ، فيجب على العاقل أن ينام لها إلى إدبارها ، فإنّ مكابدتها بالحيلة عند إقبالها زيادة فيها.
حقّاً أهل البيت (عليهم السلام) أعرف وأعلم بما في البيت ، فإنّهم يعرفون حقائق الاُمور وواقع الأشياء ، فما أكثر من أراد أن يستعمل الحيل والوسائط والشفاعات في رفع محنة كتبها الله في لوحه المحفوظ كخلاص سجين ، فإنّه يزيد فيها ؟ !
فلا بدّ من الصبر أو التصبّر ، فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
من يتصبّر يصبّره الله ، ومن يستعفف يعفّه الله ، ومن يستغنِ يغنه الله ، وما أعطى عبد عطاء هو خير وأوسع من الصبر.
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) :عوّد نفسك التصبّر على المكروه ، ونعم الخُلق التصبّر في الحقّ.
عوّد نفسك التصبّر على المكروه فنعم الخُلق التصبّر.
التصبّر على المكروه يعصم القلب.
أفصل الصبر التصبّر.
تنزل المعونة على قدر المؤونة.
أخذ الله بقلوبنا وقلوبكم إلى الحقّ ، وألهمنا وإيّاكم الصبر[20].
وأخيراً :( رَبَّنا أفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أقْدامَنا )[21].
( رَبَّنا أفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَتَوَفَّنا مُسْلِمينَ )[22].

 

________________________________________
[1]ميزان الحكمة 1 : 140 ، عن البحار 77 : 173.
[2]البحار 14 : 329.
[3]الكهف : 46.
[4]الحجر : 3.
[5]ميزان الحكمة 1 : 142 ، من غرر الحكم.
[6]البقرة : 148.
[7]الإسراء : 84.
[8]آل عمران : 146.
[9]الأنفال : 46.
[10]السجدة : 24.
[11]فصّلت : 35.
[12]الأحقاف : 35.
[13]النحل : 27.
[14]البقرة : 155 ـ 157.
[15]الأنفال : 65.
[16]البقرة : 249.
[17]آل عمران : 120.
[18]المعارج : 5.
[19]يوسف : 83.
[20]الروايات من ميزان الحكمة 5 : 255.
[21]البقرة : 250.
[22]الأعراف : 126.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page