طباعة

معرفة الطريق

 

 


4 ـ معرفة طريق الهدف :

 

 

________________________________________
[1]الروايات من ميزان الحكمة 6 : 130.

لقد اهتمّ الإسلام بالمعرفة غاية الاهتمام ، فجعلها أصل الدين وأساسه ، وإنّ قيمة الإنسان بمعرفته وعرفانه.
والمعرفة كلّي ذات تشكيك لها مراتب طولية وعرضيّة ، ولها مصاديق متعدّدة ومتعلّقات مختلفة ، وشرف المعرفة بمتعلّقها ، وأنبل المعارف معرفة الله سبحانه ، ثمّ معرفة النفس ، ومن ثمّ معرفة الحياة وفلسفتها والهدف من الخلقة وغايتها ، ومعرفة الأهداف المنشودة في حياة المسلم ، وطريق تلك الأهداف ، وما أكثر النصوص الدينية من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة وأقوال العلماء الأعلام في هذا الوادي المقدّس ـ وادي المعرفة والعرفان والعرفاء الصادقين ـ .
قال الإمام الباقر (عليه السلام) :
لا يقبل عمل إلاّ بمعرفة ، ولا معرفة إلاّ بعمل ، ومن عرف دلّته معرفته على العمل ، ومن لم يعرف فلا عمل له.
وقال الإمام الصادق (عليه السلام) :
إنّكم لا تكونون صالحين حتّى تعرفوا ، ولا تعرفون حتّى تصدّقوا ، ولا تصدّقون حتّى تسلّموا ، أبواباً أربعة . ـ أي الصلاح فالمعرفة فالتصديق فالتسليم ـ .
وعن الإمام الكاظم (عليه السلام) :
من لم يعقل عن الله لم يعقد قلبه على معرفة ثابتة يبصرها ويجد حقيقتها في قلبه.
وفي معرفة الهدف ومنتهى الغاية يقول الإمام الصادق (عليه السلام) :
من كانت له حقيقة ثابتة لم يقم على شبهة هامدة ، حتّى يعلم منتهى الغاية ، ويطلب الحادث من الناطق عن الوارث ، بأي شيء جهلتم ما أنكرتم ، وبأيّ شيء عرفتم ما أبصرتم إن كنتم مؤمنين ؟ !
وعن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) :
المعرفة نور القلب.
المعرفة برهان العقل.
المعرفة فوز بالقدس.
وعن الإمام الباقر (عليه السلام) ، في قوله تعالى : ( وَمَنْ يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ اُوتِيَ خَيْراً كَثيراً ) : المعرفة.
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
أفضلكم إيماناً أفضلكم معرفة.
عن الإمام الصادق (عليه السلام) :
إنّ المؤمنين بعضهم أفضل من بعض ، وبعضهم أكثر صلاة من بعض ، وبعضهم أنفذ صبراً من بعض ، وهي درجات.
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) :
العلم لقاح المعرفة.
لقاح المعرفة دراسة العلم.
لقاح العلم التصوّر والفهم.
عن الإمام الحسين (عليه السلام) :
دراسة العلم لقاح المعرفة.
وقال الإمام الباقر (عليه السلام) ، في وصيّته لجابر الجعفي :
لا معرفة كمعرفتك نفسك.
عن الأمير (عليه السلام) :
المعرفة بالنفس أنفع المعرفتين.
غاية المعرفة أن يعرف المرء نفسه.
معرفة النفس أنفع المعارف.
نال الفوز الأكبر من ظفر بمعرفة النفس.
من جهل نفسه كان بغير نفسه أجهل.
فلا بدّ لمن يريد أن يعرف الطريق إلى وصول الهدف أن يعرف نفسه أوّلا ، وإلاّ فإنّه بغيرها أجهل.
فكيف يعرف غيره من يجهل نفسه ، فلا تجهل نفسك فإنّ الجاهل معرفة نفسه جاهل لكلّ شيء.
وقال (عليه السلام) :
عجبت لمن ينشد ضالّته وقد أضلّ نفسه فلا يطلبها.
كفى بالمرء جهلا أن يجهل نفسه.
من لم يعرف نفسه بعد عن سبيل النجاة ، وخبط في الضلال والجهالات.
أعظم الجهل جهل الإنسان أمر نفسه.
من شغل نفسه بغير نفسه تحيّر في الظلمات وارتبك في الهلكات.
من عرف نفسه فهو لغيره أعرف.
من عرف قدر نفسه لم يهنها بالفانيات.
من عرف نفسه جاهدها ، ومن جهل نفسه أهملها.
من عرف نفسه فقد انتهى إلى غاية كلّ معرفة وعلم.
من عرف نفسه عرف ربّه.
وفي دعاء الإمام زين العابدين (عليه السلام) :
واجعلنا من الذين عرفوا أنفسهم ، وأيقنوا بمستقرّهم ، فكانت أعمارهم في طاعتك تفنى[1].
وفي قوله تعالى : ( وَما خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإنْسَ إلاّ لِيَعْبُدونِ ) ، قال (عليه السلام) : أي ليعرفون.
وهذا يعني أنّ من أسرار خلقة الخلق وفلسفة الحياة هو المعرفة التي هي مخّ العبادة وجوهرها وقيمتها ، فحريّ بالمسلم المؤمن أن يبذل النفس والنفيس في كسب المعارف والعلوم والفنون ، ومن كان هكذا كيف لا يتوفّق ؟ !