• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

إقتحام الاعداء لبيت الوحي :

إقتحام الاعداء لبيت الوحي :
طوّقت قوى الكفر مهبط الوحي وبيت الرسالة وباتت تنتظر لحظة الإذن في إِقتحامه، والهجوم على النبيّ صلّى اللّه عليه وآله في فراشه وضربه وتقطيعه بالسيوف إِرباً إِرباً !
وقد أصرّ جماعة منهم أن ينفّذوا خطتهم المشؤومة هذه في منتصف الليل وقبل الفجر فمنعهم أبو لهب من ذلك وقال : لا أدعُكم أن تدخلوا عليه بالليل، فإنّ في الدار صبياناً ونساءً من بني هاشم، ولا نأمن أن تقع يد خاطئة، فنحرسه الليلة، فإذا أصبحنا دخلنا عليه.
وربما يقال أن علّة التأخير هي أنهم أرادوا أن يقتلوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله عند الصباح أمام أعين بني هاشم حتى يروا أن قاتله جماعة وليس واحداً.
وانقشع الظلام شيئاً فشيئاً، وانفجر الصبحُ، ودبّ في المشركين شوق غريب، مع اقتراب ساعة الصفر، فقد كانوا يتصوّرون بأنهم سينالون ما يريدون قريباً، وبينما هم ينتضون سيوفهم دخلوا حجرة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله، وبينما هم يهمّون بأخذ من كان راقداً في الفراش بسيوفهم، إِذا بهم يواجهون علياً
عليه السلام يثب في وجوههم وهو يكشف عن نفسه برد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله الأخضر، وقال لهم في منتهى الطمأنينة والشجاعة : ما شأنكم ؟ وماذا تريدون ؟؟
فقالوا له بغضب : أين محمّد ؟
فقال عليه السلام : اَجعلتموني عليه رقيباً ؟!
فغضِب القوم غضباً شديداً، وكاد الغيظ يخنقهم، فقد ندموا على إِنتظارهم انفجار الصبح وحمّلوا أبا لهب الذي منعهم من تنفيذ الهجوم على النبيّ في منتصف الليل فشل الخطة وتفويت الفرصة، فاقبلوا عليه يلومونه ويوبخونه !!
أجل لقد انزعجت قريش بشدة لفشل هذه المؤامرة، ووجدوا انفسهم أمام هزيمة نكراء بدّدت كلّ أحلامهم، وحيث أنهم كانوا يتصوّرون بأن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله لا يستطيع الخروج عن حدود مكة في مثل تلك المدة القصيرة فهو إِما مختبئ في مكة، أو أنه لا يزال في طريق المدينة، لذلك أقدموا فوراً على العمل على ترتيب أمر ملاحقته والقبض عليه.
النبيُّ في غار ثور :
ان ما هو مسلّم به هو أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله أمضى هو وأبو بكر ليلة الهجرة وليلتين اخريين بعدها في غار ثور الذي يقع في جنوب مكة في النقطة المحاذية للمدينة المنورة(1).
وليس من الواضح كيف تمت هذه المصاحبة والمرافقة ولماذا، فان هذه المسألة من القضايا التاريخية الغامضة.
فان البعض يعتقد بان هذه المصاحبة كانت بالصدفة، فقد رأى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله أبا بكر في الطريق، فاصطحبه معه الى غار ثور.
وروى فريق آخر أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ذهب في نفس الليلة إلى بيت أبي بكر، ثم خرجا معاً في منتصف الليل إِلى غار ثور(2).
وقال فريق ثالث : أن أبا بكر جاء هو بنفسه يريد النبيّ وكان صلّى اللّه عليه وآله قد خرج من قبل فأرشدهُ «عليّ» إِلى مخبأ النبيّ صلّى اللّه عليه وآله.
وعلى كل حال فان كثيراً من المؤرخين يُعدّون هذه المصاحبة من مفاخر الخليفة ومناقبه، ويذكرون هذه الفضيلة ويتحدثون عنها بكثير من الاسهاب والاطناب، وبمزيد من الاكبار والاعجاب.
قريش تفتش عن النبيّ :
لقد تسبب فشل قريش في تغيير خطتها، فقد بادرت إِلى بث العيون والجواسيس في طرقات مكة، ومراقبة مداخلها ومخارجها مراقبةً شديدةً، وبعثت القافّة تقتص أثره في كل مكان، وفي طريق مكة - المدينة خاصة.
ومن جانب آخر جعلت مائة ابل لمن ياخذ نبي اللّه، ويردّه عليهم أو يأتي عنه بخبرٍ صحيح.
وعمد جماعة من قريش إِلى ملاحقة رسول اللّه والتفتيش عنه في شمال مكة، حيث الطريق المؤدي الى المدينة، على حين أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله كان قد اختبأ - كما قلنا - في نقطة بجنوب مكة لافشال عملية الملاحقة.
وتصدت مجموعة اُخرى لتتبع أثر قدم النبيّ صلّى اللّه عليه وآله ورفيقه !!
وكان الذي يقفو لهم الأثر يدعى أبا مكرز فوقف بهم على باب حجرة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فقال هذه قدم محمّد، فما زال بهم حتى أوقفهم على باب الغار فانقطع عنه الأثر فقال : ما جاوز محمد ومن معه هذا المكان، إِما أن يكونا صعدا إِلى السماء، أو دخلا تحت الأرض، فان بباب هذا الغار - كما ترون عليه - نسجَ العنكبوت والقبجة حاضنة على بيضها بباب الغار(3)، فلم يدخلوا الغار.
ولقد استمرت هذه المحاولات بحثاً عن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله ثلاثة أيام بلياليها ولكن دون جدوى، فلما يئس القوم بعد ثلاثة ايام من السعي تركوا التفتيش وكفوا عن الملاحقة.
التفاني في سبيل الحق :
ان النقطة المهمة في هذه الصفحة من التاريخ هي ما قام به علي عليه السلام من تفان في سبيل الحق، والحقيقة.
إِن التفاني في سبيل الحق من شيمة الرجال الذين أحبّوا الحق وعشقوه بكل وجودهم وكيانهم.
إِن الذين يغضون نظرهم عن كلّ شيء من أشياء الدنيا ويضحُّون بالنفس والمال والشخصية، ويستخدمون كل طاقاتهم المادية والمعنوية في سبيل خدمة الحق، واحيائه، واقامته هم ولا شك من عشاق الحق والحقيقة الصادقين.
انهم يرون كمالهم وسعادتهم في هدفهم، وهذا هو الذي يدفعهم إلى أن يصرفوا النظر عن الحياة العابرة، والعيش الموقت، ويلتحقوا بركب الحياة الواقعيّة الأبدية. إِنّ مبيت عليّ عليه السلام في فراش رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في تلك الليلة الرهيبة لنموذج بارز من هذا الحبّ الحقيقيّ للحق، والعشق الصادق للحقيقة، فان الدافع وراء التطوّع لمثل هذه المهمة الخطيرة لم يكن إلا حبّ «عليّ» لبقاء الاسلام الذي يكفل سعادة المجتمع، ويضمن ازدهار الحياة، لا غير.
إِن لهذه التضحية والتفاني من القيمة العظمى بحيث مدحها اللّه تعالى في كتابه العظيم، ووصفها بأنها كانت تضحية صادقة لكسب مرضاة اللّه، فان الآية التالية نزلت - حسب رواية اكثر المفسرين - في هذا المورد :
(ومِنَ النّاسِ من يشري نفسَهُ ابتِغاء مرضاةِ اللّهِ واللّهُ رؤوف بِالعِباد)(4).
ان عظمة هذه الفضيلة واهمية هذا العمل التضحويّ العظيم دفعت بكبار علماء الاسلام إِلى اعتبارها واحدة من أكبر فضائل الامام علي عليه السلام وإِلى أن يَصِفُوا بها علياً بالفداء والبذل والايثار، وإِلى ان يعتبروا نزول الآية المذكورة في شأنه من المسلّمات كلّما بلغ الحديث في التفسير والتاريخ اليها(5).
إِنّ هذه الحقيقة مما لا ينسى أبداً فانه من الممكن اخفاء وجه الواقع والتعتيم عليه بعض الوقت إِلا أنه سرعان ما تمزق أشعةُ الحقيقة الساطعة حجب الاوهام، وتخرج شمس الحقيقة من وراء الغيوم.
إِنّ معاداة معاوية لأهل بيت النبوة وبخاصة للامام أمير المؤمنين علي عليه السلام مما لا يمكن النقاش فيه.
فقد أراد هذا الطاغية من خلال تطميع بعض صحابة النبيّ صلّى اللّه عليه وآله أن يلوّث صفحات التاريخ اللامعة ويخفي حقائقه بوضع الاكاذيب، ولكنه لم يحرز في هذا السبيل نجاحاً.
فقد عمد «سمرة بن جندب» الذي ادرك عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ثم انضمّ بعد وفاته صلّى اللّه عليه وآله إِلى بلاط معاوية بالشام، عمد إِلى تحريف الحقائق لقاء اموال أخذها من الجهاز الأموي، الحاقد على أهل البيت.
فقد طلب منه معاوية باصرار أن يرقى المنبر ويكذّب نزول هذه الآية في شأن علي عليه السلام، ويقول للناس أنها نزلت في حق قاتل عليّ (أي عبد الرحمن بن ملجم المرادي)، ويأخذ في مقابل هذه الاكذوبة الكبرى، وهذا الاختلاق الفظيع الذي أهلك به دينه مائة ألف درهم.
فلم يقبل «سمرة» بهذا العرض ولكن معاوية زاد له في المبلغ حتى بلغ اربعمائة ألف درهم، فقبل الرجل بذلك فقام بتحريف الحقائق الثابتة، مسوداً بذلك صفحته السوداء اكثر من ذي قبل وذلك عندما رقي المنبر وفعل ما طلب منه معاوية(6).
وقبل السامعون البسطاء قوله، ولم يخطر ببال أحد منهم أبداً ان (عبد الرحمن بن ملجم) اليمنيّ لم يكن يوم نزول الآية في الحجاز بل لعلّه لم يكن قد وُلِد بعد آنذاك. فكيف يصح ؟!
ولكن الحقيقة لا يمكن ان تخفى بمثل هذه الحجب الواهية، ولا يمكن ان تنسى بمثل هذه المحاولات العنكبوتية الرخيصة.
فقد تعرّضت حكومة معاوية وتعرض أهلها وانصارها للحوادث، واندثرت آثار الاختلاق والافتعال الذي وقع في عهده المشؤوم، وطلعت شمس الحقيقة والواقع من وراء حُجُب الجهل والافتراء مرة اُخرى، واعترف اغلبُ المفسرين الأجلّة(7) والمحدّثين الافاضل - في العصور والادوار المختلفة، بأن الآية المذكورة نزلت في «ليلة المبيت» في بذل علي عليه السلام ومفاداته النبيّ صلّى اللّه عليه وآله بنفسه(8).
ومن جرائم هذا الرجل انه قتل يوم وُلّيَ البصرة على عهد زياد بن أبيه في العراق ثمانية آلاف ممّن كانوا يحبون أهلَ البيت ويوالونهم وعندما سأله معاوية : هل تخاف ان تكونَ قد قتلتَ أحداً بريئاً ؟
أجاب قائلاً : لو قتلتُ اليهم مثلَهم ما خشيت !!
هذا ومخازي هذا الرجل اكثر من ان تستوعبه هذه الصفحات القلائل.
وسمرة هذا هو ذلك الرجل الصلف الجاف الذي رد على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله طلبَه بأن يراعي حقَّ جاره في قضية النخلة مراراً فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله له : «إنك رجل مضارّ ولا ضرر ولا ضرار في الاسلام» ولمزيد التوضيح راجع كتب الحديث والتراجم والتاريخ.





______________________________
(1) السيرة الحلبية : ج 2 ص 29.
(2) حيث ان الطريق المؤدي إلى المدينة تقع في شمال مكة، فاختبأ النبيّ صلّى اللّه عليه وآله في منطقة مقابلة أي في اسفل مكة، ليعمي بذلك على قريش فلا يتبعوا أثره.
(3) تاريخ الطبري : ج 2 ص 100.
(4) الطبقات الكبرى : ج 1 ص 229 تاريخ الخميس ج 1 ص 327 و 328 وغيرها، ولقد ذكر عامة المؤرخين هذه الكرامة هنا، ولا ينبغي - نظراً لما ذكرناه في قصة الفيل وهلاك أبرهة وجنده بواسطة الابابيل، تأويل مثل هذا الكرامات.
(5) البقرة : 207.
(6) مسند احمد : ج 1 ص 87، وكنز العمال : ج 6 ص 407، وقد نقل كتاب الغدير : ج 2 ص 47 - 49 طبعة لبنان مصادر نزول هذه الآية في شأن عليّ عليه السلام على نحو التفصيل، فراجع.
(7) لاحظ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج 4 ص 73.
(8) شرح نهج البلاغة : ج 13 ص 262، ولقد أعطى ابن أبي الحديد حقّ الكلام حول هذه الفضيلة.
(9) سمرة بن جندب من العناصر المجرمة في الحكومة الاموية، ولم يكتف سمرة بتحريف الحقائق وقلبها بما ذكرناه، بل أضاف الى ذلك - حسب رواية ابن ابي الحديد - أمراً آخر أيضاً اذ قال : ونزل في شأن «عليّ» قول اللّه : (ومِن النّاس من يُعجِبُك قولُهُ في الحياةِ الدُنيا ويشهدُ اللّه على ما في قلبِه وهُو ألَدُّ الخِصام)(البقرة : 204).


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page