• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الامام السجاد علیه السلام باعث الإسلام من جديد

بسم الله الرحمن الرحيم
و الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على خير خلقه و أشرف بريّته محمد و آله الطيبين الطاهرين . . و اللعنة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين . .
و بعد . .
بعد أن استشهد الإمام الحسين صلوات الله عليه مع أهل بيته و أصحابه . . اطمأن الأمويون ـ حينئذٍ ـ فقط . . إلى أن آل علي ( عليهم السلام ) ، قد انتهى أمرهم ، و طويت صفحتهم ، و لن تقوم لهم بعد ـ بزعم الأمويين ـ أية قائمة ، و لن تبرق لهم في الأفق أية بارقة . . بعد ذلك و مع ذلك فقد استمروا في إتباع سياساتهم الرعناء تجاه أهل البيت ( عليهم السلام ) و الأمة . . بهدف تكريس الأمر نهائياً في البيت الأموي ، و لكي يبقى العرش الأموي محتفظاً بوجوده و بتفوّقه . . و لكن قد خاب فألهم ، و طاش سهمهم . . فما كانت سياساتهم تلك إلا وبالاً و دماراً عاد عليهم أنفسهم . . فإننا نستطيع أن نقول : إن سياسات الأمويين تلك تتمثل بالخطوط التالية :
ملاحقة أهل البيت ( عليهم السلام ) إعلامياً بالافتراء عليهم ، و توجيه مختلف التهم الباطلة إليهم ، و تصويرهم على أنهم هم المعتدون ، و الظالمون الآثمون . . الذين لا يتورعون عن أية عظيمة و لا يمتنعون عن ارتكاب أية جريمة ، و حتى قتل الحسين عليه السلام ، فإنه لم يكن إلا لأنه كان هو الجاني على نفسه ، و الساعي إلى حتفه ، و هو المذنب و المعتدي ، و هم وحدهم الضحية ، و المظلومون معه في هذه القضية . .
و من ذا الذي يستطيع أن يرد على دعايات الأمويين هذه ، أو يظهر الترديد و التشكيك فيها ؟! أو بالأحرى من ذا الذي يستطيع أن يجهر بالحقيقة ، و لو من دون تعرض لدفع دعايات الأمويين و دحض افتراءاتهم و أكاذيبهم ؟!
2 ـ سياسة التجويع و الحرمان لأهل البيت ( عليهم السلام ) و شيعتهم ، و حرمانهم من كل الامتيازات و مصادرة أموالهم ، و حتى هدم بيوتهم ، حتى لا يجدوا اللقمة ـ لقمة العيش ـ إلا على موائد الأمويين ، و من لف لفهم ، و دار في فلكهم . . و إجبارهم ـ و خصوصاً شخصيات آل علي ـ على التوجه إلى الحكام في وفادات منتظمة ، لاستجداء لقمة العيش . . و لحفظ كراماتهم و دمائهم ، حتى لا يعتبرهم الحكم في موقف المعارضة ، فيستحل كل تصرف ضدهم ، مهما كان قاسياً و شرساً و عنيفاً . . حتى إذا تأخرت أحياناً وفادة بعضهم عليهم تجدهم هم أنفسهم يطالبون بذلك و يتساءلون عنه و عن سببه و سره . . إن لم يبادروا إلى استقدامهم بشكل مباشر و صريح . . و بذلك يكونون قد شغلوا تلك الشخصيات بالبحث عن لقمة العيش ، و صرفوا همتهم إلى هذا المجال . . بالإضافة إلى أنهم يستفيدون من ذلك سياسياً و إعلامياً كما هو واضح .
3 ـ ثم هناك سياسة الاضطهاد و الملاحقة المرة و الشرسة لكل من يتصل بأهل البيت ( عليهم السلام ) ، أو يظهر منه الميل إليهم . . الملاحقة التي لا تنتهي إلا بالتصفيات الجسدية و النفسية ، أو بما لا يقل سوءاً و فظاعة و بشاعة عن ذلك . . و يستفيدون بذلك أمرين :
الأول : الحرب النفسية لآل علي أنفسهم ، و محاولة جعل اليأس يتطرق إلى نفوسهم ، فلا يفكرون بعد بأية حركة ، و لا بالوقوف أي موقف يتعارض مع مصلحة الهيئة الحاكمة . .
الثاني : منع الناس من الاقتراب منهم ، و الاستفادة من تعاليمهم ، و التخلق بأخلاقهم ، و التعرف على الإسلام الصحيح الذي عندهم . . فإن الناس إذا علموا أن الاقتراب من آل علي لا يعني إلا الدمار و الشقاء لهم ، و لكل من يلوذ بهم ، فإنهم سوف يجنبون أنفسهم ذلك . . و يؤثرون السلامة و الراحة ـ كما هو طبع كل إنسان ـ على التعب و العناء ، إن لم يكن الدماء و الفناء . . و على هذا الأساس ، و من هذا المنطلق كان إصرارهم على لعن سيد الأوصياء أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام على المنابر ـ بل كانوا يعتبرون كما يقول مروان ـ على ما يظهر ـ إن بذلك استقامة ملكهم ، و بقاء سلطانهم . . فإن لعنه ـ و العياذ بالله ـ إنما يعني :
ألف : خوف من يعرف الحقيقة من الاتصال بأهل بيت علي ( عليه السلام ) و شيعته ، و حرمانه من ثم من الاستفادة من تعاليمهم ، و التخلق بأخلاقهم ، و السير على منهاجهم ، الذي هو منهاج الإسلام الصحيح كما قلنا . . فإسلام علي عليه السلام ، لم تطلع عليه الأمة ، ولم تعرفه كما يجب ، و إنما عرفت الإسلام الأموي إسلام المصالح و الأهواء ، الإسلام الذي يستحل السلب و النهب ، و قتل النفوس البريئة ، و فعل كل عظيمة ، و ارتكاب كل جريمة في سبيل الملك و السلطان ، و في سبيل المال . . و اللذة . .
و أما من لا يعرف الحقيقة ـ و هؤلاء من الأغلبية الساحقة ـ كما سنرى فلسوف يصدق بأن هذه الشخصية و من يمت إليها بصلة أو رابطة شخصية منحرفة حقاً ، و ليس من المناسب ، و لا من الصالح الديني ، و لا الدنيوي الاتصال بها و بمن يمت أليها بصلة . . حتى ليتجرأ معاوية على القول لأهل الشام : إن علياً (عليه السلام) لم يكن يصلي (1) ـ و العياذ بالله ـ و حتى إن عشرة من قواد أهل الشام و أمرائهم ، إلى قيام الدولة العباسية ما كانوا يعرفون أن للنبي ( صلى الله عليه و آله ) قرابة سوى بني أمية ، و قد حلفوا على ذلك لأبي العباس السفاح بأغلظ الإيمان (2) . و غير ذلك من الشواهد الكثيرة جداً في التاريخ الإسلامي ، في عهد الأمويين و بعده . .
باء : و شيعة علي و أهل بيته أيضاً يرون أنفسهم غير مقبولين اجتماعياً ، و لا يمكنهم ممارسة أي نشاط مهما كان ، فتخمد جذوة الثورة في نفوسهم ، و ينصرفون عن التخطيط لأي عمل يضر بصالح الهيئة الحاكمة . .
جيم : كما أن الأمويين يكونون قد أخذوا بثارات بدر و غيرها ، و كذلك الجمل و صفين ، و شفوا غيظ قلوبهم من علي ( عليه السلام ) ، هذا الذي كان القضاء النازل عليهم ، و البلاء المبرم ، الذي لم يجدوا منه مناصاً و لا عنه محيداً . .
4ـ سياسة التجهيل : التي كانت تتعرض لها الأمة بأسرها ، و يكفي أن نذكر : أن الناس و الهاشميين بالذات كانوا في زمن السجاد عليه السلام ، لا يعرفون كيف يصلون ، و لا كيف يحجون (3) .
و إذا كانت الصلاة ، التي هي الركن الأعظم في الإسلام ، و يؤديها كل مكلف خمس مرات يومياً كان لا يعرف حدودها و أحكامها من هم أقرب الناس إلى مهبط الوحي و التنزيل ، و الذين يفترض فيهم أن يكونوا أعرف من كل أحد بالشريعة ، و أحكام الدين ، فكيف تكون حالة غيرهم من أبناء الأمة ، و ما هو مقدار معرفتهم بالشريعة و الدين إذن ؟ و ما هو مدى معرفة الأمة و بالأخص من هم أبعد عن مصدر العلم و المعرفة بالأحكام الأخرى التي يكون التعرض لها و الابتلاء بها أقل ؟! إننا نترك الجواب عن ذلك إلى أنس بن مالك الذي يقول ـ على ما رواه البخاري و الترمذي ـ ما أعرف شيئاً مما كان على عهد رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) . قيل : الصلاة ؟
قال : أليس صنعتم ما صنعتم فيها (4) و قال الزهري : دخلنا على أنس بن مالك بدمشق ـ و هو وحده ـ يبكي قلت : ما يبكيك ؟ قال : لا أعرف شيئاً مما أدركت إلا هذه الصلاة ، و قد ضيعت (5) . .
و بعد عصر أنس بقليل نجد الحسن البصري يقول : لو خرج عليكم أصحاب رسول الله( صلى الله عليه و آله ) ما عرفوا منكم إلا قبلتكم (6) . و روى مالك في الموطأ عن عمه عن جده مالك أنه قال : ما أعرف شيئاً مما أدركت عليه الناس إلا النداء للصلاة (7) . . فنقل السيوطي في شرحه عن الباجي قوله " : يريد الصحابة ، و أن الأذان باقٍ على ما كان عليه ، لم يدخله تغيير و لا تبديل بخلاف الصلاة ، فقد أخرت عن أوقاتها ، و سائر الأفعال دخلها التغيير انتهى (8) .
و عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال : لو أن رجلين من أوائل هذه الأمة خلوا بمصحفيهما في بعض هذه الأودية لأتيا الناس اليوم و لا يعرفان شيئاً مما كانا عليه (9) .
و بعد هذا . . فإن من الطبيعي أن يعتبر من حفظ عن رسول الله صلى الله عليه و آله بعض الأحاديث ـ أربعين حديثاً مثلاً ، أو عرف بعض الأحكام ـ إن من الطبيعي أن يعتبر أنه أعلم الناس و أعظمهم في وقته و عصره ، و لا سيما إذا أضاف إلى ذلك و زاد عليه ما شاءت له قريحته ، و سمحت به نفسه ، حيث لا رقيب عليه و لا حسيب ، و لا من يستطيع أن يميز هذا عن ذاك . . و لذلك نجد أن سوق الكذابين و الوضّاعين ـ و حتى بعض من أسلم من أهل الكتاب نجد أن سوقهم قد راج ، و صاروا هم أهل العلم و المعرفة و الثقافة للأمة حينما انضووا تحت لواء الحكام و أبعد أهل البيت ( عليهم السلام ) عن الساحة و أجبروهم على التخلي عنها ، حتى لنجد أن السجاد عليه السلام يقول في دعائه الخاص بيوم الجمعة و عرفه (10) :
"اللهم إن هذا المقام لخلفائك و أصفيائك ، و مواضع أمنائك في الدرجة الرفيعة التي اختصصتهم بها قد ابتزوها . . حتى عاد صفوتك و خلفاؤك مغلوبين مقهورين مبتزين يرون حكمك مبدلاً وكتابك منبوذاً و فرائضك محرفة عن جهات أشراعك ، و سنن نبيك متروكة الخ (11) . . " .
بل نجد السجاد ( عليه السلام ) أيضاً يقول للقاسم :
" إياك أن تشد راحلة ترحلها هنا لطلب العلم ، حتى يمضي لكم بعد موتي سبع حجج " (12) .
و كان السجاد عليه السلام إذا سافر صلى ركعتين ثم ركب راحلته ، و بقي مواليه يتنفلون ، فيقف ينتظرهم و لا يمنعهم من ذلك مع أن النوافل في السفر غير مشروعة . . بل نجد أن علياً قبل ذلك يشكو من عدم تمكنه من إظهار علمه ونشره ، فهو يتلهف ويقول : إن في صدري هذا لعلماً جماً علمنيه رسول الله لو أجد حفظة . . كما أن الباقر عليه السلام يقول ما يقرب من هذا . .
و علي عليه السلام أيضاً يتنفس الصعداء على المنبر و يقول :
" سلوني قبل أن تفقدوني فإن بين الجوانح مني علماً جماً هاه هاه ألا لا أجد من يحمله " . .
و قال عليه السلام :
" لو أجد ثلاثة رهط استودعهم العلم ، و هم أهل لذلك لحدثت بما لا يحتاج فيه إلى نظر في حلال و لا حرام ، و ما يكون إلى يوم القيامة " .
و كذلك هو يقول :
"إنه لو حدثهم ببعض ما يعلم من الحق في الكتاب الذي نزل به جبرئيل على محمد لتفرقوا عنه حتى يبقى في عصابة حق قليلة " (13) . .
فإذا كان هذا هو حال الأمة في زمن علي عليه السلام . . ولم يكن الأمويون بعد قد تسلطوا على الأمة بشكل فعال ، فكيف كان حال الناس بعده . . في زمن معاوية و زمن يزيد ، الذي أخذ مسرف بن عقبة البيعة من أهل المدينة على أنهم خول له ، و الذي قتل الحسين ( عليه السلام ) ، و نصب المنجنيق على الكعبة ثم بعده عبد الملك بن مروان و الحجاج و غيرهم من جبابرة و ملوك بني مروان ؟! . .
نعم . . لقد صار أولئك الوضاعون و الكذابون و أصحاب المصالح ، و حتى مسلمة أهل الكتاب هم مصدر الثقافة و المعرفة ، و هم معلموا الأمة ، و هداتها .
و قد ساعد الحكام على ذلك . . و وفروا لهم الحماية الكافية ، و المال ، و ساعدوهم في كل ما يريدون و يشتهون ، و ذلك لأمور :
الأول : إن هؤلاء كانوا يخدمون العرش الأموي بشكل فعال ، و يؤيدونه بمختلف المختلقات و الافتراءات ، على شكل روايات تتخذ صفة القداسة في نفوس الناس ، و تترسخ في وجدانهم ، لأنها منسوبة إلى نبي الأمة الأعظم ، صلى الله عليه و آله و سلم .
الثاني : إنهم قد وجدوا فيهم ما يقدمونه للناس على أنه البديل عن أهل البيت عليهم السلام . . فلا يعيش الناس في الفراغ النفسي و العقائدي و التشريعي الذي سوف يتركه إبعاد أهل البيت ( عليهم السلام ) عن المجال العملي العام . .
الثالث : و هو الأهم : إن السياسة الأموية كانت قائمة أساساً على إبعاد الناس عن الإسلام الصحيح ، و حتى على القضاء على الشخصية النبوية في نفوس الناس قضاءً مبرماً و نهائياً . . هذه الشخصية التي سوف لن يكون تعرف الأمة عليها على حقيقتها في صالح العرش الأموي على الإطلاق . .
و لذلك نجد أنه كانت ثمة رقابة كاملة على سنة النبي ( صلى الله عليه و آله ) و سيرته ، و حتى على سيرة أصحابه و لا سيما الأنصار منهم كما يظهر من كتاب الموفقيات للزبير بن بكار ، و على سيرة علي عليه السلام و أهل البيت ( عليهم السلام ) و سلوكهم و مفاهيمهم و تعاليمهم بشكل أخص . . و محاولة التعتيم عليها أو التشكيك فيها ، و حتى قلبها رأساً على عقب إن أمكن ذلك . . و قد أشرنا إلى ذلك بشيء من التفضيل في مقال سابق فلا نعيد . .
و قد ساعدهم على ذلك سياستهم الخاصة تجاه صحابة النبي ( صلى الله عليه و آله ) ، و تجاه حديث النبي . . و التي كانت تقضي بالمنع عن التحديث عنه ( صلى الله عليه و آله ) إلا بنوع خاص من الأحاديث و بمنع كبار الصحابة من السفر إلى البلاد لتثقيف الناس . . حتى مات هؤلاء الصحابة و انقرضوا أو كادوا ، ولم يبق إلا بعض الصغار منهم ، و الذين لم يعرفوا الكثير منه ( صلى الله عليه و آله ) ولم يعايشوه بالشكل الواعي و الكافي . . بل إنك لتجد أن بعض كبارهم كان يعاشره البعض سنة فلا يسمعه يقول قال رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) ، و كان يجعل هذا من ميزاته و حسناته و يفوز بكثير من المدح و الثناء عليه (14) .
كانت تلك لمحة خاطفة عن الوضع الذي كانت تعيش فيه الأمة في زمن السجاد عليه السلام . . و كانت تلك بعض الخيوط السياسية للحكم الأموي آنذاك . .
و في هذا الجو بالذات كان على الإمام السجاد عليه السلام أن يقوم بمهمة إمامة الأمة و هدايتها إلى الإسلام ، الإسلام الصحيح ، إسلام محمد ( صلى الله عليه و آله ) و علي ( عليه السلام ) . . إسلام القرآن . . و لقد كانت مهمته هذه في غاية الصعوبة و الخطورة . .
فقد عرفنا موقف الحكم الأموي منه ، و من أبيه و جده ، و عمه ، و من أهل بيته و شيعته ، و كل من يلوذ بهم بسبب أو نسب . .
و إذا أضفنا إلى ذلك : أن الإمام الحسين عليه السلام كان أعظم شخصية في الأمة الإسلامية ، ولم تنس الأمة بعد ما سمعته من النبي صلى الله عليه و آله سلم في حقه . . مع ما عرفته فيه طيلة سبعة و خمسين عاماً من السلوك المثالي ، و الاستقامة على الحق ، و العلم و الوعي الذي لا يقاس و لا يضاهى ، و غير ذلك من الصفات الفضلى ، و السجايا النبيلة . . ولم يكن لولده السجاد زين العابدين عليه السلام ـ الذي لم يكن عمره يزيد على ثلاثة و عشرين عاماً ـ هذه المكانة التي كانت لأبيه الحسين ( عليه السلام ) ، و لا كان معروفاً لدى الأمة على نطاق واسع ، و لا اشتهر عنه بد ما كان قد اشتهر و شاع عن أبيه صلوات الله و سلامه عليه .
و حينما استشهد الحسين عليه السلام مع أهل بيته و أصحابه اعتبر الأمويون و الناس : أن أهل البيت ( عليهم السلام ) قد انتهى أمرهم ، و أفل نجمهم . . فلا الأمويون يخافونهم ، و لا غير الأمويين يرجونهم . . هذا عدا عن عدم جرأة أحد على الاتصال بهم ، و عدا عن الجهل المطبق بالإسلام ، فكانت الردة عن أهل البيت ( عليهم السلام ) و الابتعاد عنهم عامة و شاملة . . و حتى ليقول الصادق عليهم السلام : ارتد الناس بعد قتل الحسين إلا ثلاثة : أبو خالد الكابلي و يحيى بن أم الطويل و جبير بن مطعم ( لعل الصحيح : حكيم بن جبير ) ثم إن الناس لحقوا و كثروا (15) .
و إذن . . فلابد للسجاد عليه السلام أن يبدأ العمل من نقطة الصفر تقريباً ، و لا سيما عقائدياً ، و يعيد الإسلام من جديد و يوجه الناس نحو تعاليمه و أحكامه . . و يعيد للناس عقيدتهم التي كانت قد تعرضت للكثير من التحريف ، و أن يعيد لهم ثقتهم بأهل بيت نبيهم ( صلى الله عليه و آله ) . .
و الخلاصة : أن يبدأ تماماً كما بدأ النبي ( صلى الله عليه و آله ) فيما سبق من نقطة الصفر .
و السجاد عليه السلام هو خليفة ذلك النبي الأعظم صلى الله عليه و آله و سلم .
و لابد له أيضاً . . من الحفاظ على العلويين ، و كل من يتشيع لهم . .
و لابد له بالإضافة إلى ذلك : من أن يكسر ذلك الطوق الحديدي الذي ضربه الحكم حولهم لاحتواء كل تصرفاتهم و نشاطاتهم . .
و لابد له كذلك . . من إعادة ثقة الأمة بأهل البيت ( عليهم السلام ) ، و توجيهها نحوهم و اعتبارهم المصدر الأصفى لتعاليم الإسلام ، الإسلام القرآني الصحيح . و مصدر كل المعارف و العلوم النافعة و الأفكار الراقية ، و الأخلاق الفاضلة الكريمة . .
و لقد نجح عليه السلام في كل ذلك أيما نجاح ، رغم قسوة الظروف و رغم الأخطار الجسيمة التي كان يواجهها ، حيث لم يكن أية حماية أو رعاية من أي جهة كانت ، و من أي نوع كانت . . نعم لقد نجح في ذلك نجاحاً باهراً ، حتى إنه عندما خرج ولد زيد على الحكم الأموي بايعه الآلاف الكثيرة و إن كانوا قد تركوه ولم يثبتوا معه . . ثم توالت الثورات الشعبية العارمة واحدة بعد الأخرى ، و أغلبها كان بدوافع دينية ، و شعور مذهبي . .
و يكفي أن نذكر أن من نتائج جهوده عليه السلام ـ بالإضافة إلى كل ما سبق ـ : أن هيأ الجو على النحو الأكمل و الأفضل لمدرسة الإمامين بعده : الباقر و الصادق صلوات الله عليهما و على آبائهما و أبنائهما الطاهرين .
و أما عن أسلوب عمله و جهات جهاده و نضاله . . فإننا لا نستطيع في هذه العجالة . . أن نلم بكل جوانبها و مجالاتها ، فضلاً عن دقائقها و تفصيلاتها و لذلك فنحن نكتفي بالإشارة إلى الأمرين التاليين :
الأول : إنه بالإضافة إلى أنه كان يوجه الأمة من خلال سلوكه و تصرفاته و مواقفه . . فإنه كان أيضاً يوجه الأمة من خلال أدعيته ، التي كان يضمنها مختلف المعارف الإسلامية : عقائدياً ـ و هو الأهم ـ و سياسياً و أخلاقياً و غير ذلك . . ولم يكن بإمكان أحد أن يعترض عليه و يقول له : لا تدع ربك . . فإن ذلك سوف يكون مستهجناً و مرفوضاً من كل أحد . . حيث يرونه ـ بحسب الظاهر ـ لا يتعرض لدنيا هؤلاء الحكام ، و إنما شغل نفسه بعبادة ربه ، و تصفية و تزكية نفسه . .
و يظهر أن الحكام أنفسهم أيضاً قد اطمأنوا إلى أنه عليه السلام ليس في صدد التخطيط و العمل ضدهم ، و لا يفكر في الخروج عليهم ، فراق لهم انصرافه عن دنياهم . بل لقد أصبح له عندهم مكانة عظمة و احتراماً خاصاً لم يكن لأحد من أهل البيت قبله ، و لا كان لأحد منهم بعده . . و لذلك تجد الثناء العاطر ينهال عليه من كل جانب و مكان من قبل من ترضى عنهم الهيئة الحاكمة ، و تعتبرهم من أعوانها .
و لقد فاتهم : أنه كان في الظاهر يدعو الله ، و لكنه كان في واقع الأمر يدعو إلى الله ، و يوجه نحوه ، و يعرف الناس سبيله ، و يضمن كلامه الكثير من التعاليم الألهية ، و المعارف الدينية التي تهمهم في أمر دينهم و دنياهم . . كما اتضح ذلك جلياً فيما بعد . و أنه كان يقود عملية التغيير الشامل في بنية العقيدة للأم الإسلامية بأسرها .
الثاني : اهتمامه عليه السلام المتميز بشراء الموالي و عتقهم ، حتى ليقول البعض (16) " و عرف العبدان ذلك فباعوا أنفسهم له ، و اختاروه و تفتلوا من أيدي السادة ليقعوا في يده ، و جعل الدولاب يسير ، و الزمن يمر ، و زين العابدين يهب الحرية في كل عام ، و كل شهر ، و كل يوم ، و عند كل هفوة ، و كل خطأ ، حتى صار في المدينة جيش من الموالي الأحرار ، و الجواري الحرائر ، و كلهم في ولاء زين العابدين ، قد بلغوا خمسين ألفاً أو يزيدون " .
و يقول أيضاً : " . . فهو يشتري العبيد لا لحاجة إليهم ، و لكن ليعتقهم ، و قالوا : إنه اعتق مئة ألف . ." (17) .
و دعا عليه السلام مملوكه مرتين فلم يجبه و أجابه في الثالثة ، فقال له : يا بني ، أما سمعت صوتي ؟
قال : بلى .
قال : فما بالك لم تجبني ؟
قال : أمنتك .
قال : الحمد لله الذي جعل مملوكي يأمنني (18) .
و كان عليه السلام لا يضرب مملوكاً ، بل يكتب ذنبه عنده ، حتى إذا كان آخر شهر رمضان جمعهم و قررهم بذنوبهم ، و طلب منهم أن يستغفروا له الله كما غفر لهم ، ثم يعتقهم ، و يجيزهم بجوائز ، و ما استخدم خادماً فوق حول . .
و قال السيد الأمين : " . . و لقد كان يشتري السودان و ما به إليهم من حاجة يأتي بهم عرفات ، فيسد بهم تلك الفرج ، فإذا أفاض أمر بعتق رقابهم ، و جوائز لهم من المال . . " (19) .
و نحن نلاحظ هنا الأمور التالية :
أولاً : إنه يخاطب مماليكه بـ ( يا بني ) ، و كان يهدف إلى إعطاء النظرة الصحيحة للإسلام تجاه المماليك ، و أنه يعتبرهم بمنزلة الأخوة و الأبناء . . و إن الإسلام الذي يفرض على الإمام السجاد عليه السلام أن يعامل مماليكه معاملة يأمنوه معها يختلف عن ذلك الإسلام الذي يدعيه الآخرون الذين يعتبرون الموالي أحقر و أذل من الحيوان .
و ثانياً : إن كتابة إساءاتهم ، ثم محاسبتهم عليها ، و عتقهم حينه إنما يهدف إلى تنبيههم إلى أخطائهم ، و ترسيخ ذلك في نفوسهم ، و لاسيما حينما تطرح كقضية حاسمة في أسعد لحظات حياتهم : اللحظات التي ينالون فيها حريتهم ، التي هي في الحقيقة هوية وجودهم . .
فهم إذن قد نالوا أعز ما في الوجود من غير استحقاق . . و في هذا ضغط نفسي من نوع معين ، ليحاولوا الارتفاع بأنفسهم إلى درجة الاستحقاق و الجدارة ، و يبعث في نفوسهم روح العمل الجاد في سبيل التكامل في الفضائل الإنسانية ، و الالتزام بالتعاليم الأخلاقية الإسلامية .
و ثالثاً : إن ذلك يجعل له ـ بشكل طبيعي ـ مكانة خاصة في نفوسهم و النظر إليه نظرة خاصة فيها كل الاحترام و التقدير ، و اعتباره نوعية أخرى ، تختلف عما يعرفون و يعهدون ، و هذا يؤهلهم في المستقبل إلى الاستماع إلى تعاليمه ، و احترام آرائه التي هي تعاليم و آراء الإسلام ، ثم السير على منهاجه و إتباع سلوكه . .
و رابعاً : و أما إعطاؤهم المال في هذا الظرف بالذات . . فبالإضافة إلى أنهم يكونون عادة في أمس الحاجة إليه في هذا الظرف بالذات ، حيث لا يملكون فيه من حطام الدنيا شيئاً . . و يمنعهم بذلك من إتباع الأساليب الملتوية من أجل الحصول علي لقمة العيش . . فبالإضافة إلى ذلك هو يؤكد على إنسانية تعاليم الإسلام ، و إنه يعيش قضية الإنسان ، و يتفاعل معها ، و يهتم اهتماماً حقيقياً بحلها . . و لا يتاجر بآمال الناس و آلامهم و بكراماتهم كما هو شأن غيره ممن لم يعد أمرهم خافياً على أحد .
و خامساً : لقد كان من نتيجة هذه السياسة التي لا نجدها بهذا الشمول و السعة لدى غيره من الأئمة حتى علي عليه السلام . . لقد كان من نتيجة ذلك أن صار الموالي يعتبرون أهل البيت عليهم السلام هم المثل الأعلى للإنسان و للإسلام ، و كانوا مستعدين للوقوف إلى جانبهم في مختلف الظروف ، و لا نعدم بعض الشواهد التي تظهر أن الموالي كانوا ينتصرون للعلويين إذا رأوهم تعرضوا لظلم أو لبغي من قبل السلطات . كما يظهر لمن راجع كتاب عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب لابن عنبة ، و غيره . .
و سادساً : و أخيراً : إن ذلك كان إدانة لمنطق الأمويين القائم على أساس تفضيل العربي و إعطائه كل الامتيازات ، و حرمان غيره منها بكل صورة ، و اعتباره أذل و أحقر من الحيوان حتى كان يقال : لا يقطع الصلاة إلا كلب أو حمار أو مولى ، و منعوهم من الإرث كما في موطأ مالك ، و من العطاء و من القضاء ، و من الولاية و إمامة الجماعة ، و من الوقوف في الصف الأول منها ، و اعتبر غير العربي ليس كفؤاً للعربية ، و أباحوا استرقاقهم ، و لا يسترق غيرهم . . إلى غير ذلك مما لا مجال لتتبعه و استقصائه .
و إذا لاحظنا أن العرب قبل الإسلام لم يكن لهم شأن يذكر ، و لا كان لهم حكم و لا سلطان ، و إنما كان الحكام هم غيرهم . . فإن من الطبيعي أن ترضي هذه السياسة غرور العربي ، الذي أصبح يرى نفسه حاكماً على ملك الأكاسرة و غيرهم ، و ذلك ربما كان يزيده عنفاً و غلواً في معاملته القاسية لغير العرب . .
و من الجهة الأخرى . . فإن من الطبيعي أن يحس غير العرب بالغبن و بالمظلومية و عدم حفظ حقوقهم . . فكان هذا سبباً لتعاطفهم مع الدعوة العباسية التي تسببت في الإطاحة بالعرش الأموي . . و على الأخص حينما رأى غير العرب أنه لم ينصفهم و يعاملهم معاملة عادلة و حسنة إلا علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، ثم جاء السجاد ( عليه السلام ) و غيرهم من أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ليعلن رفض الإسلام لمنطق الأمويين هذا القائم على أساس التمييز العنصري البغيض ، و أن هذا لا يمثل رأي الإسلام الصحيح ، و لا ينسجم مع منطلقاته في التعامل و التفضيل القائم على أساس العمل فقط : ﴿ ... إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ... ﴾ (20) و : ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ (21) .
فكان كل ذلك . . قد هيأ الأجواء لتعاطف غير العرب مع الدعوة ضد الأمويين ، كما أنه في نفس الوقت قد خفف من غلوائهم وحقدهم . . و لهذا فإننا لا نجد تطرفاً كثيراً في معاملة غير العرب للعرب حينما حكموهم في الدولة العباسية في فترات متعددة . . و إن كان للظروف الخاصة الأخرى أثر كبير أيضاً في هذا المجال . .
و هكذا . . فإن علي بن الحسين ( قد قام بمهمة شاقة جداً و خطيرة جداً ، مهمة بعث الإسلام في الأمة من جديد في حين أنه لم يكن يعترف بإمامته في وقت ما غير ثلاثة أشخاص و هيأ الظروف و الأجواء و أعاد العلاقات و الروابط و الصلات بين أهل البيت ( عليهم السلام ) و بين الأمة رغم جهد الحكام المستمر و المستميت لقطعها ، و القضاء عليها .
نعم . . لقد قلب كل الموازين رأساً على عقب كما أوضحناه بأسلوبه الحكيم ، و الهادئ الرصين . . صلوات الله عليه و على آبائه و أبنائه الطاهرين .
و يلاحظ : أنه قد فعل كل ذلك و نجح فيه أعظم النجاح ، بصورة متميزة و فريدة ، قد خفيت على الحكم ، و على كل أجهزته بصورة تامة و لعل ذلك هو ما يفسر لنا ما نجده مع اهتمامهم بإبراز عظمته عليه السلام ، و سعة علمه و فضله حتى من قبل المتعاطفين مع الحكم و الممالئين له ، حتى ليقول يحيى بن سعيد و الزهري : " ما رأيت قرشياً قط أفضل من علي بن الحسين " (22) .
و الحمد لله رب العالمين .
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
1. تاريخ الطبري : 4 /30 و الكامل لابن الأثير : 3 / 313 و الفتوح لابن الأعثم : 3 / 196 و صفين لنصر بن مزاحم : 354 و شرح النهج للمعتزلي : 8 / 36 و أنساب الأشراف بتحقيق المحمودي : 2 / 184 و نقله المحمودي عن تاريخ دمشق لابن عساكر : 38 رقم 1139 و ترجمة الإمام علي لابن عساكر بتحقيق المحمودي : 3 / 99 و الغدير : 10 / 122 و 290 عن بعض من تقدم . .
2. راجع : الحياة السياسية للإمام الرضا( عليه السلام ) للمؤلف : 54 .
3. راجع : كشف القناع عن حجية الإجماع : 67 .
4. ضحى الإسلام : 1 / 386 و راجع : الصحيح من سيرة النبي( صلى الله عليه و آله ) للمؤلف : 1 / 28 .
5. جامع بيان العلم : 2 / 244 و راجع : الصحيح من سيرة النبي( صلى الله عليه و آله ) للمؤلف : 1 / 28 حول مصادر أخرى .
6. جامع بيان العلم : 2 / 244 ـ 245 .
7. الموطأ ( المطبوع مع تنوير الحوالك ) : 1 / 93 و جامع بيان العلم : 2 / 244 .
8. شرح الموطأ للزرقاني : 1 / 221 و تنوير الحوالك : 1 / 93 ـ 94 عن الباجي .
9. الزهد و الرقائق لابن المبارك : 61 .
10. الصحيفة السجادية ، دعاء رقم 48 .
11. راجع : الصحيح من سيرة النبي( صلى الله عليه و آله ) : التمهيد .
12. كشف القناع عن حجية الإجماع : 66 .
13. راجع المصدر السابق : 66 ـ 69 .
14. راجع : الصحيح من سيرة النبي( صلى الله عليه و آله ) ( التمهيد ) و الحياة السياسية للإمام الحسن( عليه السلام ) الفصل الثاني كلاهما للمؤلف .
15. راجع : رجال الكشي : 123 و 115 و غيره .
16. زين العابدين : 47 ، لعبد العزيز سيد الأهل .
17. المصدر السابق : 7 .
18. كشف الغمة : 2 / 299 .
19. أعيان الشيعة : 4 / 468 .
20. القران الكريم : سورة الحجرات ( 49 ) ، الآية : 13 ، الصفحة : 517 .
21. القران الكريم : سورة الزلزلة ( 99 ) ، الآية : 7 و 8 ، الصفحة : 599 .
22. أنساب الأشراف بتحقيق المحمودي : 3 / 146 و 207 .
العلامة السيد مرتضى جعفر العاملي
المصدر : مركز الاشعاع الاسلامي


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page