• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

موقف امّة :

لخص الإمام علي الحوادث التي انتهت بمقتل عثمان في حديثه مع بعض الثائرين قائلاً : ان عثمان استأثر فاساء الأثرة وجزعتم فاسأتم الجزع ، ولله حكم واقع في المستأثر والجازع .
كما واوجز سيرة عثمان في خلافته بقوله : إلى ان قام ثالث القوم نافجاً حضنيه (من كان سيره تكبراً) بين نثيله (الروث) ومعتلفه (موضع العلف) وقام معه بنو ابيه يخضمون مال الله خضمة الابل نبتة الربيع إلى ان انتكث عليه فتله وأجهزه عليه عمله وكبت به بطنته .
واعقب مصرع عثمان ان عمّت الفوضى المدينة المنورة ، واندفعت الجماهير إلى منزل الإمام علي تطالبه بتحمل مسؤولية في الحكم والخلافة في واحد من اكثر المنعطفات التاريخية حساسية وخطورة ولكن الامام رفض بشدّة (1) وهتفت الجماهير تستنجد به : يا أبا الحسن ان هذا الرجل قد قتل ولا بد للناس من إمام ، ولا نجد اليوم أحق بهذا الأمر منك لا أقدم سابقة ، ولا أقرب من رسول الله .
فقال الإمام : لا تفعلوا ، ولا أفعل ، فاني لكم وزير خير لكم من أمير .
وتشبثت الجماهير به كما تتشبث بطوع النجاة : انت لنا أمير .
فقال الإمام : لا حاجة لي في امركم ايها الناس أنا معكم فمن اخترتم رضيت به .
واحدقت به الجماهير من كل صوب وقد زادهم اصراره على الامتناع اصراراً على التشبث به وهتف الامام مرّة أخرى : دعوني والتمسوا غيري .
واردف مشيرا إلى ان زمن الفتن قد بدأ : انّا مستقبلون أمراً له وجوه وله الوان ، لا تثبت له العقول ، ولا تقوم له القلوب .
وارتفع صوت مخلص من بين الجماهير يناشد الإمام : ننشدك الله ألا ترى ما نرى ؟!
ألا ترى ما حدث في الإسلام ؟ ألا تخاف الفتنة ؟
ألا تخاف الله ؟! وهنا سكت الإمام  وحبست الجماهير انفاسها فقال : انّي إن اجبتكم ركبت فيكم ما أعلم ، وان تركتوني فانما أنا كأحدكم بل أنا من اسمعكم ، واطوعكم لمن وليتموه أمركم .
فردّت الجماهير بحماس : ما نحن بمفارقيك حتى نبايعك !
واخيراً اعلن الإمام استجابته واشار إلى المسجد البقعة التي صنعت تاريخ الإسلام من قبل : ان كان لا بد من ذلك ففي المسجد فبيعتي لا تكون خفية ولا تكون إلا عن رضى المسلمين وفي ملأ جماعتهم .
وفي اليوم التالي كان المسجد الجامع يموج بالجماهير التي احتشدت لمبايعة « علي »
ولو قدّر للمرء أن يرى مشهداً واحداً من ذلك اليوم العظيم عندما هبّت الجماهير تبايع انساناً رأت في ملامحه وجه المنقذ  رأت فيه الشمس التي اشرقت بعد ليالي الزمهرير الطويلة لرأى رجالاً ونساءً واطفالاً صغاراً وقد اشرقت الوجوه تنتظر لحظات العهد الجديد ولرأى أيضاً يشوخاً قد هدّتهم السنون والأيام ولكنهم تحاملوا على انفسهم فجاءوا يعاهدون علياً وجاء علي في الصباح وقد اشرقت الشمس وغمرت المدينة بالنور والدفء .. كان يرتدي قميصاً وعمامة من خز  يحمل في يده نعليه  يتوكأ على قوسه (2) وفي يوم الثامن عشر من ذي الحجة ارتقى علي المنبر ليواجه الجماهير المحتشدة :
أيها الناس : اني كنت لامركم كارهاً فأبيتم الا أن اكون عليكم رضيتم بذلك ؟ وعلت هتافات الامّة : نعم  نعم  نعم .
فرفع الامام طرفه إلى السماء وقال : اللهم اشهد عليهم .
وفي فرح عارم بدأت مراسم البيعة وامتدت أول يد وكانت شلاء (3) لتعاهد علياً على الوفاء وتدافعت الجماهير تبايع علياً  واشرعت وجوه الفقراء والمقهورين لقد بدأ عهد جديد عهد تتنفس فيه العدالة ملء رئتيها  واحتفلت الامّه بهذا اليوم السعيد ليكون لها عيداً وبدأت كلمات الفرح والثناء والمجد تنثال لتملأ أذن الزمان إذ انبرى ذو الشهادتين خزيمة بن ثابت ليسجّل شهادته أمام الناس والتاريخ والأجيال : ما اصبنا لأمرنا غيرك ولا كان المنقلب إلا اليك ولئن صدقنا انفسنا فيك لأنت اقدم الناس ايماناً .. واعلم الناس بالله .. وأول المؤمنين برسول الله .. لك ما لهم .. وليس لهم ما لك .
ونهض الصحابي صعصعة بن صوحان فقال وهو يرى اجمل منظر في الإسلام :
والله يا أمير المؤمنين .. لقد زينت الخلافة ، وما زانتك ورفعتها وما رفعتك ، ولهي اليك احوج منك اليها .
وانفع مالك الاشتر يهتف بحماس الجندي المخلص للاسلام :
ايها الناس ، هذا وصي الاوصياء .. ووارث علم الأنبياء .. العظيم البلاء ، الحسن العناء .. الذي شهد له كتاب الله بالايمان ورسوله بجنة الرضان .. من كملت فيه الفضائل .. ولم يشك في سابقته وعلمه وفضله الأواخر والأوائل (4) .
ولم يتخلف عن البيعة الشعبية سوى مجموعة تعدّ بالاصابع في طليعتها : سعد بن ابي وقاص ، اسامة بن زيد ، ابي سعيد الخدري ، وعبد الله بن عمر بن الخطاب ، وحسان بن ثابت الشاعر ؛ ولم يتعرض الإمام إلى أي منهم ، وترك لهم الخيار بحرّية .. فقد أُحضر سعد إلى المسجد ليبايع ولكنه رفض ذلك قائلاً :
 لا .. حتى يبايع الناس .. والله ما عليك مني بأس .
فقال الإمام : خلّوا سبيله .
وقال عبد الله بن عمر الخطاب (5) مثل قول سعد .
فقال الإمام : ائتني بكفيل .
قال : لا أرى كفيلاً .
فقال الامام : دعوه  أنا كفيله وفي كل الأحوال فان مبايعة علي كانت تعني الاعراض عن مباهج الدنيا والترف وحياة القصور ، ولم يكن هذا يسيراً على الذين انغمسوا فيها وغرقوا في أوحالها حتى الحضيض .

**********
(1) كان الإمام علي على علم تام باطماع طلحة السياسية وقد كان الأخير يهيأ نفسه لاستلام مقاليد الخلافة . وقد بلغ من اندفاعه انه صنع لخزائن الدولة مفاتيح جديدة ؛ وما يؤيد هذه النظرية أن أم المؤمنين عائشة ، كانت في مكة عندما وصلتها انباء عن مصرع عثمان فقالت فرحة : بعداً لنعثل ( عثمان ) وسحقاً إيه ذا الاصبع ( طلحة ) إيه أبا شبل ! ايه ابن عم لله أبوك يا طلحة . فكأني انظر إلى اصبعه وهو يبايع .
(2) هكذا سجّل التاريخ تلك اللحظات .
(3) كان طلحة بن عبيد الله أول من بايع وأول من نكث البيعة .
(4) ستبقى بيعة الإمام علي فريدة في تاريخ الإسلام .. فلم تكن فلتة كخلافة ابي بكر على حدّ تقبير عمر بن الخطاب نفسه ، ولم تكن تعيينا في حالة اغماء كخلافة عمر .. ولم تكن هوىً كخلافة عثمان كما عبّر عنها عبد الرحمن بن عوف مهندسها الأول .
(5) ان عبد الله بن عمر الذي رفض البيعة لعلي عليه السلام هو أول من آمن بالرسالة نراه فيما .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page