• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

مبدا التكافل العام

 

 

 

مبدا التكافل العام


و هو المبدا الثانى للضمان الاجتماعى فى الاسلام، الذى ينطلق من مبدا كفاله المسلمين بعضهم لبعض، باعتبارهم اخوه فى الدين. يقول سبحانه:
'و المومنون و المومنات بعضهم اولياء بعض، يامرون بالمعروف و ينهون عن المنكر' "التوبه- 72"
و يتوجب هذا النوع من التكافل عندما لاتكفى الزكاه حاجه الفقراء و العاجزين، كما حصل فى اول الاسلام حين كان اكثر الذين دخلوا الاسلام من الفقراء و المحرومين. و كما يحصل فى حالات المجاعات و الحروب و الكوارث. فيجوز للحاكم الشرعى ان يفرض على القادرين فريضه ماليه لاخوانهم المحرومين.
يقول تعالى 'خذ من اموالهم صدقه تظهرهم و تزكيهم بها' "التوبه- 103"
و فى الحديث الصريح 'ان فى المال حقا سوى الزكاه' "صحيح الترمذى"
و جاء فى الحديث: 'ايما مومن منع مومنا شيئا مما يحتاج اليه، و هو يقدر عليه من عنده او من عند غيره، اقامه الله يوم القيامه مسودا وجهه، مزرقه عيناه، مغلو له يداه الى عنقه. فيقال: هذا الخائن الذى خان الله و رسوله، ثم يومر به الى النار'.
كما يجب هذا النوع من الضمان عندما تفقد الدوله الاسلاميه و ينتفى معها ضمانها للفقير وفق المبدا الاول.
و لاستيضاح حدود هذا الضمان نورد بعض النصوص التشريعيه الداله عليه:
عن الامام الرضا "ع" عن النبى "ص" قيل: يا نبى الله! فى المال حق سوى الزكاه؟ قال: 'نعم، بر الرحم اذا ادبرت، وصله الجار المسلم، فما آمن بى من بات شبعان و جاره المسلم جائع'.
و يقول النبى "ص": 'يا اباذر، من كان له قميصان فليلبس احدهما و ليلبس الاخر اخاه'.
و سال سماعه الامام الصادق "ع" عن قوم عندهم فضل، و باخوانهم حاجه شديده، و ليس يسعهم الزكاه. ايسعهم ان يشبعوا و يجوع اخوانهم؟ فان الزمان شديد. فرد الامام عليه قائلا: 'ان المسلم اخو المسلم، لايظلمه و لايخذله و لايحرمه، فيحق على المسلمين الاجتهاد فيه و التواصل و التعاون عليه، و المواساه لاهل الحاجه'.
و عن ابى سعيد الخدرى قال سمعت رسول الله "ص" يقول: 'من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لاظهر له، و من كان له فضل زاد فليعد به على من لازاد له'.
و يمدح النبى "ص" الاشعريين فيقول: 'ان الاشعريين اذا ارملوا فى الغزو او قل طعام عيالهم بالمدينه، جمعوا ما كان عندهم فى ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم باناء واحد بالسويه، فهم منى و انا منهم'.
وقائع حيه على مبدا التكافل
و يزخر تاريخ الائمه "ع" بالامثله الحيه على تطبيق مبدا التكافل العام فى صدر الاسلام حيث كان الفقر طاغيا على الناس. فقد كان الامام على "ع " يعمل فى سقايه النخل ليومن قرصيه و طمريه، ثم ينفق ما فضل عن كسبه فى اطعام الفقراء و تحرير العبيد.
و من اروع الوقائع على ذلك قصه تصدقه بالطعام هو و زوجته فاطمه و ولديه الحسن و الحسين "ع" حين امسوا صياما فاتاهم المسكين ثم اليتيم ثم الاسير، فباتوا جياعا ثلاثه ايام لايجدون عند افطارهم غير شربه الماء. حتى نزلت فيهم الايه:
'و يطعمون الطعام على حبه مسكينا و يتيما و اسيرا انما نطعمكم لوجه الله لانريد منكم جزاء و لا شكورا' "الانسان- 9".
و صدق فيهم قول: الله تعالى:
'و يوثرون على انفسهم و لو كان بهم خصاصه' "الحشر- 9"
و من الوقائع الشهيره ما يروى عن تصدق الامام الحسين "ع" و الامام زين العابدين "ع"، حيث كان الواحد منهما يحمل الجراب على ظهره ليوصل الغذاء الى بيوت الفقراء و المحرومين، الذين منعتهم عفتهم عن الطلب و السوال.
يروى ان الامام زين العابدين "ع" كان يخرج فى الليله الظلماء فيحمل الجراب
على ظهره، و فيه الصرر من الدنانير و الدراهم، و ربما حمل على ظهره الطعام او الحطب، حتى ياتى بابا فيقرعه، ثم يناول من يخرج اليه. و كان يغطى وجهه اذا ناول فقيرا لئلا يعرفه.
فلما توفى "ع" فقدوا ذلك، فعلموا انه كان الامام على بن الحسين "ع". و لما وضع على المغتسل نظروا الى ظهره و عليه مثل ركب الابل، مما كان يحمل على ظهره الى منازل الفقراء المساكين
و لما ازدهرت الحياه الاجتماعيه فى عهد عمر بن عبدالعزيز، انعدم وجود الفقراء و المساكين، وضاق بيت المال بمايحويه، حتى اصبحت الزكاه تلقى على الطرقات و لايوجد من ياخذها.
فى هذا المجتمع الاسلامى الرافه، كان يرى الخليفه عمر بن عبدالعزيز قابما لمفرده فى كنف الليل فى احدى زوايا الطريق. فسئل مره عن سبب ذلك فقال:
انى ارابط هنا متحريا عن الذين يكتنفهم الجوع فى الليل، و لو كنت اعلم اين مكانهم لذبحت لهم ناقتى و حملتها اليهم اربا اربا حتى منازلهم. اجاركم الله هل بينكم من يدلنى على هولاء المرهقين؟.
فالخليفه العادل كان يبحث ليس عن المحتاجين و المساكين الذين نراهم عاده على ارصفه الطريق، و انما كان يبحث عن الفقراء المتعففين الذين يحسبهم الجاهل اغنياء من التعفف، ليوصل اليهم امانه الله فى عنقه، من حقهم فى بيت المال. فكان لايجد منهم احدا، فيستحلف الناس ان يدلوه على مكانهم.
و الحاجه المقصوده فى الاحاديث السابقه هى الحاجه الشديده و تتضمن الحاجات الحياتيه الملحه كالطعام و الكساء، و هى المفروضه فى مبدا التكافل العام.
و يامل النظام الاسلامى ان يصل المومن الى درجه من الايثار، لايعود يرى ان ما يملكه هو لنفسه خاصه، و انما هو مبذول لكل محتاج من اخوانه، فيسمح لاخوته فى الايمان ان ياخذوا ما يشاوون من صندوق ماله بدون اذنه و علمه.
يقول الامام الباقر "ع": 'ايجى احدكم الى اخيه، فيدخل يده فى كيسه، فياخذ حاجته فلايدفعه؟' فقلت: ما اعرف ذلك فينا.
فقال ابوجعفر "ع": 'فلا شى ء اذا.' قلت: فالهلاك؟ فقال "ع": 'ان القوم لم يعطوا احلامهم بعد'.
و فى هذا المعنى نورد القصه التاليه:
يحكى عن الشريف الرضى عليه الرحمه، ان احد الاغنياء احب ان يجود عليه و على تلاميذه بمال. فجاءه و هو يعطى درسا لاربعين من طلابه فى بيته. فعرض عليه العطاء. فقال: اما انا فلاحاجه لى بمال، و اما طلابى فلا مانع من اعطائهم. فدار الغنى عليهم فردا فردا يسالهم، و كلهم يجيب: حسبنا اننا نملك قوت يومنا، فما نصنع بالمال! و حين وصل الى الطالب الاربعين، تناول الطالب دينارا من الغنى و كسره قطعا، ثم اخذ قطعه واحده... و لما انصرف الغنى، التفت الشريف الى ذلك الطالب و قال له: ما دعاك الى فعلتك يا هذا؟ قال: جاءنى من اسبوع ضيوف، و ليس عندى زاد اطعمهم، فاستدنت شيئا من المال حتى اطعمتهم، و ما زال الدائنون يطالبوننى بحقهم، فذلك ما دعانى الى اخذ قطعه من الدينار اسد بها حاجتى، و ادفع عن نفسى مغبه الناس...
فلما سمع الشريف قوله، استدعى الحداد و قال له: هذا مفتاح خزانتى، فاصنع لى مثله اربعين مفتاحا. و وزع المفاتيح على طلابه، و قال لهم: من كانت له جاجه فلياخذها من خزانتى بدون علمى... و هذا منتهى البذل و الايثار.
التوازن الاجتماعى
و نعنى به تحقيق التوازن بين افراد المجتمع فى مستوى المعيشه، و ان اختلفوا فى مستوى الدخل. و التوازن فى مستوى المعيشه معناه ان يكون المال موجودا لدى افراد المجتمع و مداولا بينهم، الى درجه تتيح لكل فرد العيش فى المستوى العام.
قو قد قام الاسلام لتحقيق هذا الهدف بعملين، احدهما من الفوق و الاخر من التحت. فضغط مستوى المعيشه من اعلى بتحريم الاسراف على الغنى، و ضغط المستوى من الاسفل برفع مستوى المتدنين فى المعيشه الى مستوى ارفع. و بذلك تتقارب المستويات حتى تتقارب فى مستوى واحد، يضم درجات متفاوته تفاوتا جزئيا، و ليست متناقضه تناقضا كليا فى المستوى، كالتناقضات الصارخه بين مستويات المعيشه فى المجتمع الراسما لى.
يقول معاويه:
[ان كلمه معاويه هذه لاتدل على ما يريد المولف الاستدلال عليه، فان معاويه لم يدع الى رفع الطبقيه، بل هو يدعو الى ابقائها و تكريسها، حيث انه بالنسبه الى الفقير لم يطلب سوى الترفيه عنه و لعله لاسكاته. اما بالنسبه للغنى فانه طلب الحد من شراهته و جعلها شراهه معتدله و لم يطلب تقليص شرائه او تحديده و لا خفض مستوى المعيشه عنده... لتتقارب المستويات و يرتفع التناقض الطبقى.. و لا نتوقع من معاويه الذى كان حتى فى زمن عمر بن الخطاب يعيش حياه البذخ و الترف و النعيم... الا مثل هذه الكلمه المعبره عن نواياه و اهدافه... و هل مثل معاويه الجاهل بتعاليم الشريعه و احكام الدين فى مستوى من توخذ عنه نظريه و اطروحات الاسلام الاقتصاديه او غيرها؟!.] ان بالفقر تتواضع النفس، و يرق الطبع، و بالثراء يستفحل شر الخيلاء و العتو، فلنختر وسط الامرين، برفع مستوى الفقير الى ما يرفه عنه، و انزال
شراهه الثرى الى حدود الاعتدال، و بذلك تستقيم المساواه بين الناس.
و يهدف هذا المبدا ان يلحق كل محروم بمستوى الناس، اى يهدف الى اغناء كل فرد فى المجتمع الاسلامى.
جاء فى الخبر عن الامام الصادق "ع" قوله: 'تعطيه من الزكاه حتى تغنيه'.
و لحمايه هذا التوازن الاجتماعى شرع الاسلام جمله من التشريعات التى تحد من الفوارق بين الاغنياء و الفقراء، منها محاربه كنزالاموال
[قد تقدم بعض الكلام حول هذه العباره.] و تحريم الربا، و تشريع احكام الارث، و مطارده الاحتكار و الاستغلال و غلاء الاسعار، الى ما هنا لك من احكام.
جاء فى عهد الامام على "ع" الى مالك الاشتر حين ولاه مصر قوله:
'و اعلم ان فى كثير منهم ضيقا فاحشا و شحا قبيحا، و احتكارا للمنافع، و تحكما فى البياعات. و ذلك باب مضره للعامه، و عيب على الولاه. فامنع الاحتكار، فان رسول الله "ص" منع منه، وليكن البيع سمحا بموازين عدل، و اسعار لاتجحف بالفريقين من البائع و المبتاع فمن قارف حكره بعد نهيك اياه، فنكل به وعاقبه فى غير اسراف' "العهد 290 نهج".
و اختم موضوعى بالكلام عن ضروره وجود الدوله الاسلاميه، لمعالجه الفقر و ازالته.
ضروره قيام الدوله الاسلاميه
ان من اهم العوامل الضروريه لتطبيق مبادى الاسلام و رعايتها، وجود الدوله االحاكمه التى تستطيع تطبيق هذه المبادى. فالفقر الذى لايقره الاسلام لايمكن علاجه و استئصاله من المجتمع اذا لم توجد سلطه الدوله الاسلاميه. اذ ان دوله الطاغوت هى دائما حليفه الاستغلال، لانه فى ظلها تزدهر طبقه المتحكمين و المتسلطين و المتنفذين.
اذن لاتقام حدود الله الا بوجود الامام العادل، الذى هو قطب الرحى فى الدوله الاسلاميه. حيث يسعى المومنون من حوله كما تسعى الالكترونات الدائره فى الذره حول النواه، يستمدون منه القوه و الجاذبيه، فى وحده متوازنه متكامله.
و هذا الامام عدا عن كونه مركز الدوران و الارتباط، فانه يقوم بوظيفه التقليد، فهو القدوه التى يقلدها كل فرد فى المجتمع، و يسعى كل واحد ان يكون صوره مطابقه لها. و لا تخفى اهميه هذه القدوه فى تربيه المجتمع و اصلاحه، فاذا صلحت القدوه صلح
المجتمع كله و اذا فسدت فسد معها
و لقد سالنى احدهم عن اسباب نجاح الثوره الاسلاميه فى ايران، فقلت: ان من اول اسبابها الامام القدوه آيه الله العظمى السيد روح الله الخمينى، فهو بما اوتى من مواهب و سمات كان اكبر عامل لقيام الثوره المظفره و نجاحها.
و يتجلى ذلك فى النقاط التاليه:
ايمانه الراسخ و يقينه العميق بدينه و مبدئه و بتابيده من السماء
فهو حين يتكلم تشعر انه ملهم يرى بنور الله، و ينكشف له سجل المستقبل فيرى النصر الذى وعد الله به عباده المومنين. و ان كل ما وقع فى ايران من محن و خطوب لم يزده الا ايمانا و تصميما.
زهده بهذه الدنيا
و هى من سماته المشهوره، فهو كامله المرتضى "ع" لايعادل هذه الدنيا الفانيه بعفطه عنز. فترى على حياته آثار الزهد و التقشف، حتى انه يعيش كافقر شخص فى ايران
اخلاصه
فهو حين رفض هذه الدنيا بجميع ما فيها، كان هدفه ليس ذاته و انما شعبه، فبدا ينفق ثروات البلاد على كل ابناء مجتمعه بالتساوى، دون ان يميز العاصمه على غيرها، و لا المدينه على القريه. بل انه وجه اكبر همه لشق الطرقات و اقامه الخدمات التى تسهل على المناطق النائيه و المنعزله و الفقيره ان تلحق بركب الحضاره و الازدهار و الرفاهيه. و ان انجازات منظمه جهاد البناء "جهاد سازندگى" ليست خافيه على احد.
تفانيه فى اداء الواجب
فهو رغم طعنه فى السن، تراه يعمل ليل نهار بلا كلل و لا ملال، لخدمه امته و شعبه، مقاوما كل الموامرات و الدسائس التى يحيكها اعداء الحق و الاسلام.
و صحيح ان الناس على دين ملوكها و روسائها. و اذا صلح الراس صلحت الرعيه.
و هكذا نرى ان الاسلام قد حل معضله الفقر نظريا و عمليا. و حق له ان يكون افضل نظام مادى روحى عرفته البشريه و الانسانيه.

 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page