موت فاطمة (عليها السلام) وهي غاضبة على أبي بكر:
س13 ـ هل حاولت إرضاء فاطمة (عليها السلام) بعد ذلك؟
ج ـ لقد حاولت، وجاءني عمر، فقلت له: انطلق بنا إلى فاطمة، فإنّا قد أغضبناها، فانطلقنا جميعاً إلى فاطمة، فلم تأذن لنا، فأتينا عليّاً فكلّمناه، فأدخلنا عليها، فلمّا قعدنا عندها حوّلت وجهها إلى الحائط، فسلّمنا عليها فلم ترّد السلام.
ثمّ قالت: "أرأيتكما إن حدّثتكما حديثاً عن رسول الله تعرفانه وتفعلان به"؟
قلنا: نعم.
فقلت: "نشدتكم الله، ألم تسمعا رسول الله يقول رضى فاطمة من رضاي، وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحبّ فاطمة أبنتي فقد أحبّني ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني"؟
قلنا: نعم، سمعناه من رسول اللّه (صلى الله عليه وسلم).
قالت: "فإنّي أشهد الله وملائكته أنّكما أسخطتماني وما أرضيتماني، ولئن لقيت أبي لأشكونكما إليه، ثمّ قالت: والله لأدعون الله عليكم في كلّ صلاة أُصليها"(1).
س14 ـ هذا يعني أنّ فاطمة ماتت وهي ساخطة عليك وعلى عمر؟!
ج ـ نعم، حتى إنّها أوصت عليّاً أن يدفنها ليلا ويخفي قبرها(2).
س15 ـ هل طالبتك فاطمة (عليها السلام) بشي آخر؟
ج ـ بعد منعي فاطمة من إرثها من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأرض فدك طالبتني فاطمة بسهم ذوي القربى(3)، قائلة: لقد حرمتنا أهل البيت، فأعطنا سهم ذوي القربى، وقرأت آية: {وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْء فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى}(4).
فقلت لها: سمعت رسول الله يقول: سهم ذي القربى لهم في حال حياتي وليس لهم بعد موتي(5).
ولكني أعطيت عليّاً وفاطمة دابة رسول الله وحذاءه(6).
س16 ـ لا أعرف سبب إعطائكم دابة الرسول وحذائه لعليّ وفاطمة (عليهما السلام) وهي من الإرث مع ما تقول من منع الإرث لهم، وهذا يؤكّد أنّ ما ذهبتم إليه هو المنع الاقتصادي فقط، وكان قصدك من هذه القرارات التي اتخذتها أنّك منعت آل البيت من كلّ الموارد التي كانت مخصّصة لهم حال حياة الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله).
وهكذا حرم أهل البيت (عليهم السلام) من إرث النبىّ (صلى الله عليه وآله) ومن المنح ومن الخمس الوارد في القرآن، والصدقة محرمة عليهم فمن أين يأكلون بحقّ الله؟
فقد روى مسلم: إنّ النبيّ كان إذا أُتي بطعام سأل عنه، فإن كان هدية أكل منها، وإن كان صدقة لم يأكل منها وردّ الصدقة.. ومرّ النبيّ بتمرة بالطريق فقال: "لولا أن تكون من الصدقة لأكلتها".
وإنّ الحسن بن علي (عليه السلام) أخذ تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "كخ كخ، إرم بها، أما علمت أنا لا نأكل الصدقة".
وفي رواية: "إنّا لا تحلّ لنا الصدقة"(7).
ج ـ إنّي أعول من كان رسول الله يعول، وأنفق على من كان رسول الله ينفق عليه(8)، فآل محمّد يأكلون، ليس لهم أن يزيدوا على المأكل!(9)
س17 ـ هذا يعني أنّك اتّبعت سياسة تفقير المعارضة لكي لا يلتفت إليهم أحد ولا يفكروا بمعارضتك؟
ج ـ لقد أحسست بعد فترة بهذا الإجحاف الذي طال آل البيت، وكان كلّه بسبب الخلافة، وإنّ غضب فاطمة وسخطها عليّ وقولها إنّها ستدعوا عليّ في كلّ صلاة، وأدركت أنّي أوّل الضحايا من هذه البيعة فخرجت قائلا: "يبيت كلّ واحد منكم معانقاً حليلته مسروراً في أهله، وتركتموني وما أنا فيه، أقيلوني بيعتي"(10).
ولكنّ القوم أمروني بالبقاء، وتعلّلوا بسبب ظاهري مفاده: خشيتهم من عدم استقامة الأمر ورخاوة العروة، فاضطررت للبقاء مرغماً.
____________
1- الإمامة والسياسة: 31.
2- صحيح البخاري 5: 83، كتاب المغازي، باب غزوة خيبر.
3- تاريخ الذهبي 1: 347.
4- الأنفال: 41.
5- مسند ابن راهوية 5: 27.
6- شرح نهج البلاغة لابن الحديد 16: 214، بلاغات النساء: 12 ـ 15.
7- صحيح مسلم 3: 117، كتاب الزكاة، باب تحريم الزكاة على رسول اللّه (صلى الله عليه وسلم) وعلى آله، مسند أحمد 1: 20، سنن أبي داود 1: 373، مجمع الزوائد للهيثمي 3: 89.
8- سنن الترمذي 3: 81.
9- صحيح ابن حبان 11: 153، مسند الشامين للطبراني 4: 198، سنن أبي داود 2: 23.
10- الإمامة والسياسة: 31.
موت فاطمة (عليها السلام) وهي غاضبة على أبي بكر
- الزيارات: 1206