• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

حروب الردّة


حروب الردّة:
س22 ـ بعد أن سكن لك الأمر في المدينة وبايعك الناس، إمّا رغبة أو رهبة أو طمعاً، ماذا فعلت بمن عارضك من خارج المدينة من القبائل؟

ج ـ لقد انتظرت حتى عاد جيش أُسامة بن زيد الذي كنت قد سيّرته كما أمر رسول الله، وعندما عاد عزمت على مقاتلة المرتدين من القبائل وهم كانوا على فئتين:
ـ فئة أعلنوا الردّة جهرة عن الإسلام، وهؤلاء بعضهم ادّعى رؤساؤهم النبوّة.
أوّلهم ـ مسيلمة الكذّاب وكان على قبيلة بني حنيفة شرقي جزيرة العرب، وهذا ادّعى النبوّة قبل وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وثانيهم ـ الأسود العنسي بصنعاء كلاهما ادّعى النبوّة إمّا قبيل حجّة الوداع أو بعدها في مرض النبيّ (صلى الله عليه وآله) الذي مات فيه.
ثالثهم ـ طليحة بن خويلد الأسدي، الذي ادّعى النبوّة أيضاً في بلاد بني أسد في مرض الرسول (صلى الله عليه وآله).
رابعهم ـ ادّعت النبوّة سجاح بنت الحارث التميمية بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله).
ـ وفئة من قبائل العرب المسلمين امتنعوا عن أداء الزكاة. فبعضهم حبسها، وبعضهم توّقف يترقّب ما يصير إليه أمر الخلافة، وبعضهم قال: نأخذها من أغنيائنا ونعطيها فقراءنا، وإعلاني الحرب على هذه القبائل المرتدة كان فيه أهم داع إلى توحيد الكلمة في المدينة، حتّى إنّ علي بن أبي طالب أنهى عزلته ودعاني إلى بيته للبيعة.
وقد قال في ذلك: "فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام، يدعون إلى محق دين محمّد (صلى الله عليه وآله)، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله، أن أرى فيه ثلمة أو هدماً تكون المصيبة به عليَّ أعظم من فوت ولايتكم التي إنّما هي متاع أيام قلائل"(1).

س23 ـ لا خلاف في ضرورة الحروب التي قمت فيها ضدّ القبائل التي جهرت في ردّتها عن الإسلام، لكن السؤال عن القبائل التي أمسكت الزكاة فهؤلاء لم يرتدّوا عن الدين، بل منعوا الزكاة، لذلك نريد أن نسمع منك عن حالهم، وما كانت حجّتهم لمنع الزكاة؟

ج ـ هؤلاء كانت حجّتهم أنّهم كانوا يدفعون الزكاة لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) حال حياته، وأمّا بعد موته فإنّهم لن يدفعوها لي، بل سيأخذونها من أغنيائهم ويردّونها على فقرائهم.

س24 ـ لم تقل كلّ أعذارهم، لذلك سأعرض عليك حججهم!

فهذا الحارث بن سراق، أحد شيوخ كندة في حضرموت يقول:
نحن إنّما أطعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا كان حيّاً، ولو قام رجل من أهل بيته لأطعناه، وأمّا ابن أبي قحافة فلا، والله ما له في رقابنا طاعة ولا بيعة!
ثم قال:
أطعنا رسولَ اللهِ إذ كانَ بيننا    فيا عَجَباً ممّن يطيع أبا بكر(2)

والأشعث بن قيس، زعيم كندة كان يقول لقومه:
إن كنتم على ما أرى فلتكن كلمتكم واحدة، إلزموا بلادكم،وحوطوا حريمكم، وامنعوا زكاة أموالكم، فإنّي أعلم أنّ العرب لا تقرّ بطاعة بني تيم بن مرة، وتدع سادات البطحاء من بني هاشم(3).
وبنو ذهل، من كنده،

سار إليهم زياد بن لبيد أمير حضر موت، يدعوهم إلى السمع والطاعة، فقالوا له: وإنّك لتدعوا إلى طاعة رجل لم يعهد إلينا ولا إليكم فيه عهد!
قال زياد: صدقتم، فإنّه لم يُعهد إلينا ولا إليكم فيه عهد، ولكنّا اخترناه لهذا الأمر.
فقالوا له: أخبرنا لم نحيتم عنها أهل بيته وهم أحقّ الناس بها والله تعالى يقول: {وَأُولُوا الأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْض فِي كِتابِ اللّهِ}(4)؟
فقال زياد لمتكلّمهم: إنّ المهاجرين والأنصار أنظر لأنفسهم منك.
فقال له الحارث بن معاوية الذهلي الكندي: لا والله، ما أزلتموها عن أهلها إلاّ حسداً منكم لهم! وما يستقرّ في قلبي أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج من الدنيا ولم ينصب للناس علماً يتبعونه!! فارحل عنا أ يّها الرجل فإنّك تدعوا إلى غير رضى.
فوثب آخر من القوم فقال: صدق والله الحارث، أخرجوا هذا الرجل عنكم، فما صاحبه بأهل للخلافة، ولا يستحقّها بوجه من الوجوه، وما المهاجرون والأنصار بأنظر لهذه الأُمّة من نبيّها محمّد (صلى الله عليه وآله)!!(5)

مالك بن نويرة:

وكان النبىّ (صلى الله عليه وآله) قد استعمل مالكاً على صدقات قومه، فلمّا بلغه وفاة النبىّ (صلى الله عليه وآله) فرّق الصدقات على فقراء قومه، ولم يبعث بها إليك، وقال:
فقلت خذوا أموالكم غـير خـائف    ولا نظر فيما يجيء من الغدِ
فإن قام بالدين المحقوق قائمٌ أطعنا    وقـلـنـا الـدين دينُ محمّدِ

وقد أمر مالك رجال قبيلته بعدم التحزب وعدم رفع السلاح، وعندما دخل عليهم خالد بن الوليد بجيشه وخيله فدهشوا لذلك وقالوا لهم: من أنتم؟
فأجابهم خالد نحن مسلمون.
فقال مالك وأصحابه: ونحن مسلمون!
فقال لهم خالد: فضعوا أسلحتكم، وأذّن أصحاب خالد وأذّن أصحاب مالك وصلّى القوم صلاة واحدة.
بعد ذلك ماذا حصل؟
ساقهم أصحاب خالد أسارى ووضعوا القيود في أيديهم، فأمر خالد أن يُقتل رجالهم صبراً أمام مالك! فصاحوا: إنّا مسلمون فعلى ماذا تأمر بقتلنا؟!
قال: والله لأقتلنكم!! فضربت أعناقهم صبراً واحداً بعد واحد، ثمّ جاء الدور لمالك، فلم يشفع له عند خالد احتجاجه بإسلامه وصلاته، ولا شفع له شهادة أبي قتادة الأنصاري بإسلامه، الذي كان على الخيل التي حصرتهم.
وبعد أن أكثر فيهم القتل وسبى نساءهم، دخل على زوجة مالك ابن نويرة من ليلته، فعندها أقبل أبو قتادة بالنبأ إليك يا خليفة، وكان قد عاهد الله ألاّ يشهد مع خالد حرباً بعد هذه! وتكلّم عمر عندك يا أبا بكر في خالد رجاء أن تقيم عليه حدّ الله، لقتله هؤلاء المسلمين، ودخوله بزوجة المقتول من ليلتها.
وقال عمر: عدو الله، عدا على امرئ مسلم، فقتله ونزا على امرأته!
لكنّك قلت له: هيه يا عمر! تأوّل فأخطأ، فارفع لسانك عن خالد.
ولذلك وديت قوم مالك ورددت سباياهم(6).

ـ وهل هذا يكفي؟ ألم تسمع قول الله تعالى: {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى اِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا}(7).
وقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) لخالد عندما قتل أحد المشركين بعد أن أطلق الشهادتين: "اللهمّ إنّي أبرأ إليك ممّا صنع خالد"(8).

س25 ـ هل أنت نادم على شيء بعد كلّ الذي حصل؟
ج ـ أجل والله، ما آسى إلاّ على ثلاث فعلتهن ليتني كنت تركتهن:
ـ ليتني تركت بيت علي، وليتني لم أكشف بيت فاطمة عن شيء وإن كانوا قد أعلنوا علي الحرب.
ـ وليتني يوم سقيفة بني ساعدة كنت ضربت على يد أحد الرجلين أبي عبيدة أو عمر فكان هو الأمير وكنت أنا الوزير.
ـ وليتني حين أُتيت بالفجاءة السلمي أسيراً أنّي قتلته ذبيحاً أو أطلقته نجيحاً ولم أكن أحرقته بالنار(9).
وقال: "والخبر صحيح، وقال الطرابلسي في فضائل الصحابة: إنّه حديث حسن. كذا في منتخب كنز العمال (2 / 172) "، تاريخ الطبري 2: 619، تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 30: 420، كنز العمال للهندي 5: 632، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 6: 51.
وأنا أقول لك: ليتك يا أبا بكر لم تظلم الزهراء (عليها السلام) ولم تؤذها ولم تغضبها، فقد أغضبت بضعة المصطفى، والله يغضب لغضبها ويرضى لرضاها، فمن آذاها فقد آذى أباها بنصّ الحديث، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "فاطمة بضعة منّي فمن أغضبها أغضبني"(10).
وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ}(11).
وليتك تركت صاحبيك وعضديك أبا عبيدة وعمر وبايعت علياً (عليه السلام) الذي استخلفه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقد باركت له بإمرة المسلمين بغدير خم بقولك وصاحبك عمر: بخِ بخ لك يا بن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولانا ومولى كلّ مسلم ومسلمة(12).
وليتك لم تحرق السنة النبوية الشريفة قبل أن تحرق الفجاءة السلمي حتى لا تجتهد بالرأي مقابل النصوص.

____________

1- نهج البلاغة 3: 119، من كتاب له (عليه السلام).
2- الفتوح لابن أعثم 1: 47.
3- الفتوح لابن أعثم 1: 48.
4- الأنفال: 75.
5- الفتوح لابن أعثم 1: 49.
6- تاريخ الطبري 2: 504، أُسد الغابة لابن الأثير: 95، والاصابة لابن حجر 5: 560، سير أعلام النبلاء 1: 337، تاريخ الإسلام للذهبي 3: 32، فوات الوفيات للكتبي 2: 242، البداية والنهاية لابن كثير 6: 355، الإكمال في أسماء الرجال للتبريزي: 56.
7- النساء: 94.
8- صحيح البخاري 7: 154، كتاب الدعوات، باب رفع الأيدي في الدعاء، سنن النسائي 8: 237، مسند أحمد 2: 151.
9- مجمع الزوائد للهيثمي 5: 203، الاكمال في أسماء الرجال للتبريزي: 21.
10- مسند أحمد 4: 5 بلفظ "فاطمة بضعة منِّي يؤذيني ما آذاها، وينصبني ما أنصبها"، صحيح البخاري 4: 210، كتاب المناقب، باب مناقب المهاجرين باللفظ المذكور، صحيح مسلم 7: 141، كتاب المناقب، باب مناقب فاطمة، سنن ابن ماجه 1: 644، سنن أبي داود 1: 460، سنن الترمذي 5: 359، وغيرها من المصادر الأخرى الكثيرة.
11- التوبة: 61.
12- هذه المقولة لعمر بن الخطّاب كما في مسند أحمد 4: 281، المصنّف لابن أبي شيبة الكوفي 7: 503، نظم درر السمطين للحنفي: 109.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page