أبرز معارضي عثمان:
س7 ـ من كان أبرز معارضيك، ولماذا وقفوا ضدّك؟
ج ـ 1 ـ عائشة بنت أبي بكر:
لقد كانت عائشة على عهد أبيها وصاحبه شريكتهم في المشاورة بأمر السياسة والحكم، فكلّ ما يقومان به لديها حديث يؤكّده أو تأويل يدعمه، لذلك برزت في أيامهم وخبا نجم باقي نساء الرسول، وقد زاد عمر في عطائها عن جميع نساء النبيّ، فقسّم لكلّ واحدة بعشرة آلاف دينار وهي باثني عشر ألف دينار، وأيضاً كانت في أوّل أمري تساعدني وتدافع عنّي وتتأوّل لي، مثل إتمامها صلاة السفر(1).
قال: تأوّلت كما تأوّل عثمان.
حتى جاء يوم وأتتني طالبة إرثها من رسول الله وقد كنت مستلقياً في داري، وعندما قالت: أنّها تريد إرثها من رسول الله، عدلت جلستي وضربت على ركبتي وقلت: فلتعلمن فاطمة أي ابن عمّ أنا لها اليوم؟
وقلت لها: إنّ فاطمة أتت أباك وطالبته فقال: إن رسول الله قال: نحن معاشر الأنبياء لا نورث، وقد أيدتِ ما فعلاه وكنت معهم فيه، والآن تطلبين مني هذا؟ لا والله.
فخرجت وأخرجت من دارها قميص رسول الله وقالت: لقد بدلّ عثمان وأبلى سنّة رسول الله قبل أن يبلى قميصه، اقتلوا نعثلاً فقد كفر!(2)
2ـ طلحة بن عبد الله:
لقد انضم طلحة إليَّ وبايعني بالخلافة، وقد أغدقت عليه بالأعطيات والمنح بدون حساب، فكثرت أمواله ومواشيه وعبيده، حتى بلغ غلته من العراق وحده كلّ يوم ألف دينار(3).
لكلّ ذلك طغى طلحة وتجبّر وبدأ يؤلّب الناس ليطيح بي ويأخذ مكاني، وقد كان من أشدّ المحرّضين عليّ، حتى منعني من شرب الماء أيام الحصار وقد قلت في ذلك: "ويلي على ابن الحضرميّة (طلحة) أعطيته كذا وكذا بهاراً ذهباً وهو يروم دمي ويحرض على نفسي، اللهمّ لا تمتّعه به واقب بغيه"(4).
وقد كانت عائشة عندما بلغها مقتل عثمان وأنّ الناس قد بايعوا طلحة فرحت فرحاً شديداً.
وقالت: "بعداً لنعثل وسحقاً، إيه ذا الإصبع، إيه أبا شبل، إيه ابن عمّ، لله أبوك، أما إنّهم وجدوا طلحة لها كفؤاً"(5).
3 ـ الزبير بن العوّام:
لن أتكلم عنه كثيراً، ولكن كان مرتبطاً مع طلحة، فلا يُذكر طلحة إلاّ والزبير معه ولا الزبير إلاّ وطلحة معه، وهو أيضاً ممّن تنافسوا في الدنيا وملؤوا منها البطون، فقد بلغت تركته ألف دينار وألف فرس وألف عبد، وضياعاً كثيرة في البصرة والكوفة وفي مصر، ويروي البخاري أنّه خلّف في تركته خمسين ألف ألف ومائتي ألف دينار(6).
وقد كان مع طلحة في إمالة الناس عنّي.
4 ـ عمرو بن العاص:
وكان والياً لمصر بعهد عمر، فأقريته كما أقريت غيره من عمّال عمر وقتاً ما، ولكن العام الأوّل من ولايتي لم يكد ينتهي حتى جعلت قرابتي تنظر إلى مصر نظرة لا تخلو من طمع فيها وطموح إليها، فقد أغار عمرو على إفريقية فأصاب شيئاً من غنيمة ثمّ رجع، فكففت يده عن هذا الغزو وأرسلت إلى إفريقية جيشا لا يذعن لسلطان عمرو في مصر وإنّما يتصل مباشرة بالمدينة، متخطياً عمراً على غير المألوف، وأمرّت على هذا الجيش عبد الله ابن أبي سرح، وقلت له: إن فتحت إفريقية فلك خمس الخمس من الغنيمة، ولذلك غضب عمرو بن العاص، لأنّي خسيت به عن نظرائه من العمال.
وممّا أجج الموضوع أكثر توليتي لعبد الله بن سعد بن أبي سرح لخراج مصر وتركي لعمرو صلاتها وحربها، وعندما نشب الخلاف بين الاثنين عزلت عمرو وجمعت لعبد الله صلاة مصر وحربها إلى ما كان عليه من الخراج، لذلك أصبح عمرو بن العاص عدوا لدودا وممّن كان له الباع الأكبر في قتلي.
وكان يحرّض الناس على قتلي والتشنيع عليَّ وكان يقول: والله إنّي كنت لألقى الراعي فأحرضه على عثمان.
وعندما علم بقتلي قال: أنا أبو عبد الله، ما حككت قرحة إلاّ أدميتها(7).
على أي حال، فإنّ من وقف ضدّي كان ممّن أغدقت عليه بالمنح والعطايا، حتى معاوية الذي بسطت يده على بلاد الشام وما حولها وأطلقت يده فيها، فعند علمه بمحاصرتي بعث بجيشه إلى المدينة وأمرهم ألاّ يدخلوا، بل أن يعسكروا خارج المدينة، وعندما علموا بموتي رجعوا إلى الشام، فهو كان يريد موتي ليخلوا له الأمر من بعدي، وإلاّ كان باستطاعته أن يدخل ويفكّ الحصار عنّي ويخلّصني(8).
____________
1- أخرج البخاري في صحيحه 2: 36، كتاب الكسوف، باب صلاة التطوع عن عائشة أنّها قالت: "الصلاة أوّل ما فرضت ركعتان فأقرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر، قال الزهري: فقلت لعروة: ما بال عائشة تتمّ؟
2- الإمامة والسياسة: 70 ـ 71.
3- قال ابن سعد في طبقاته 3: 222، كانت قيمة ما ترك طلحة بن عبد اللّه من العقار والأموال وما ترك من الناضح ثلاثين ألف ألف درهم، وترك من العين ألفي ألف ومائتي ألف درهم ومائتي ألف دينار، والباقي عروض".
4- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 9: 35.
5- أنساب الأشراف للبلاذري: 217، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 6: 215.
6- صحيح البخاري 4: 52، كتاب الجهاد والسير.
7- تاريخ الطبري 3: 392 ـ 395.
8- تاريخ الطبري 3: 402.
أبرز معارضي عثمان
- الزيارات: 1006