• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الدليل القرآني:

قوله تعالى: (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة) (سورة النساء: آية / 24).
ذكر الرازي في تفسيرها (1)، أنه روي أن أبي بن كعب كان يقرأ (فما استمتعتم به منهن) - إلى أجل مسمى - (فآتوهن أجورهن) وهذه أيضا قراءة ابن عباس والأمة ما أنكرت عليهما في هذه القراءة فكان ذلك إجماعا من الأمة على صحة هذه القراءة، ويقل الرازي أثناء بحثه حول آية المتعة عن عمران بن حصين أنه قال:
نزلت آية المتعة في كتاب الله تعالى ولم تنزل بعدها آية تنسخها وأمرنا بها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم ينهنا عنها ثم قال رجل برأيه
ما شاء (2). ومثله يروي الإمام أحمد بن حنبل في مسنده ج 4 / 436، كما قال بنزول هذه الآية في المتعة مجاهد فيما أخرج الطبري.
وفي الدر المنثور عن الحكم أنه سئل عن هذه الآية (آية المتعة) أمنسوخة قال:
لا، وقال علي: لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي " (3).
وأعتقد أن مفهوم هذه الآية حول المتعة واضح جدا ومن خلال سياق الآيات نستطيع أن نتعرف على أنواع الزواج التي شرعت في الشريعة الإسلامية، وقد أكد على ذلك تواتر الروايات التي جاءت تبين الآية، وتؤيدها مجموعة من الأحاديث التي جاءت في الصحاح.
إلا أن علماء العامة وكما تعودنا منهم كثرة محاولات التضليل وتشويه صورة الشيعة، أنكروا المتعة وتبرأوا منها وهم يحسبون أنهم بذلك يضربون التشيع، وغفلوا أو ربما عن وعي أنهم بذلك قد ضربوا القرآن الحكيم وطعنوا في الحكمة الإلهية للتشريع، وكأنما أرادوا أن يفرضوا على الله شريعة تلائم عقولهم التي لم تستوعب مضامين الرسالة وروحها، فصعب عليهم التعرف على الحق والتسليم له، وكان بينها وبين الحقيقة حجاب التكبر والغطرسة وادعاء العلم، والله يعلم وهم من جهل مركب في طغيانهم يعمهون.
أقول ذلك وأتألم لحال الأمة التي أصبح علماؤها أكثر الناس جهلا بأمور دينهم..
قرأت كتبهم واستمعت إلى علمائهم حول الزواج " المؤقت "، فوجدت أن أفضل من تحدث عنه قال إنه تقنين للزنا، وبقولهم هذا يكون الله تعالى ورسوله قد شرعا الزنا - حاشا الله ورسوله - حتى ولو صدقت دعواهم بنسخه أو تحريمه بعد تشريعه تكون هنالك فترة زمنية مارس فيها المسلمون الزنا مقننا..
والآن لنر الأدلة المأخوذة من الصحاح، هل قالت عن المتعة أنها زنا؟!.
عن عبد الله بن مسعود قال: " كنا نغزوا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وليس لنا نساء، فقلنا: ألا نستخصي فنهانا عن ذلك ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل معين " (4).
عن سلمة بن الأكوع عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " أيما رجل وامرأة توافقا فعشرة ما بينهما ثلاث ليال فإن أحبا أن يتزايدا أو يتتاركا. تزايدا أو تتاركا " (5).
عن جابر بن عبد الله وسلمة بن الأكوع قالا: كنا في جيش فأتانا رسول الله (صلى الله عليه وآله سلم) فقال: " قد أذن لكم أن تستمتعوا فاستمتعوا " (6).
عن جابر بن عبد الله قال: " كنا نتمتع على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبي بكر وعمر حتى نهانا عمر عنها أخيرا يعني متعة النساء " (7).
عن جابر بن عبد الله قال: " تمتعنا متعتين على عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الحج والنساء فنهانا عمر عنهما فانتهينا " (8).
كما ذكر الرازي أنه روي أن عمر قال على المنبر: " متعتان كانتا مشروعتين في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنا أنهى عنهما متعة الحج ومتعة النكاح ".
هذه وغيرها من الأحاديث والروايات تبين أن زواج المتعة زواج شرعي وأن تحريمه لم يكن من الله ورسوله إنما قال فيها الرجل " عمر " بما شاء، ونحن غير ملزمين بقول عمر الذي ارتآه ونقبل بشهادته فيما يخص حليتها، لأن القرآن أمرنا بأخذ ما قاله لنا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وما شرعه أما ما قاله عمر إذا خالف كتاب الله وسنة رسوله فنضرب به عرض الحائط، وهنالك من هو أعلم منه وكان يرجع إليه في المعضلات وقد قال بحليتها وهو الإمام علي (ع) الذي ينقل قوله السيوطي في الدر المنثور " لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي ".
وهذا ينقلنا لنخوض قليلا في الحديث عن المجتمع، وما سببه تحريم زواج المتعة من مشاكل.
إن مشكلة الجنس من أكثر المشاكل عمقا وتعقيدا وتأثيرا في المجتمع الإنساني بما تحمله من مضاعفات خطيرة تؤثر في مسار حياة الإنسان ومن أبرز هذه المضاعفات الانحرافات الجنسية وإشباع الغريزة بصورة غير مشروعة مما ينعكس سلبا على المجتمع، بالإضافة إلى الانعكاسات النفسية والاكتئاب والانطواء وسائر التوترات التي تكون نتاجا للممارسة المنحرفة للجنس أو كبت هذه الغريزة والتي تعتبر متأصلة في تكوين الإنسان ولا تنفك عنه، وغير ذلك من المشاكل التي درسها علماء النفس والتربية والاجتماع والسياسة.
والإنسان كما يحتاج للغذاء يحتاج للقنوات التي من خلالها يشبع غريزته الجنسية، وكما هو واضح في مجتمعاتنا - والسودان أبرز المصاديق - تأخرت سن الزواج نسبة لظروف كثيرة بعضها يرتبط بالناحية المادية وبعضها يرتبط بالاستعداد الذاتي للإنسان لتحمل مسؤولية تكوين العائلة، فأصبح الرجل يتزوج فوق سن الثلاثين، وبين هذه السن وسن البلوغ التي تبدأ معها الحاجة للجنس سنين طويلة فتبرز الحاجة إلى وجود حلول في هذه الفترة والحل ربما يكون بأحد أمرين: أما إسكات نداء الجنس بالوعظ والإرشاد والتخويف والتحذير وهذه الوسيلة ربما يكون لها تأثير في الواقع الخارجي ولكن تبقى المشكلة في داخل كيان الإنسان تحتاج إلى حل، والحل الآخر يكمن في الإباحة الجنسية وهذا ما لا يقبله عاقل يؤمن بالقيم الدينية والمثل والمبادئ الإنسانية كما أنه يترتب عليه مضاعفات خطيرة في حياة الإنسان وسلوكه إضافة إلى كثير من السلبيات على مستوى الفرد والمجتمع.
" أما الزواج الدائم إذا عالج قسما من المشكلة فهو لا يعالجها في مختلف مجالاتها فالمشاكل ليست كلها مشاكل مالية وطبقية أنما هنالك جوانب من المشكلة تتطلب حلا ".
يقول العالم النفسي " برتراندرسل ": (إن سن الزواج قد تأخرت بغير اختيار وتدبير فإن الطالب كان يستوفي علومه قبل مائة سنة أو مائتين في نحو الثامنة عشرة أو العشرين فيتأهب للزواج في سن الرجولة الناضجة، ولا يطول به عهد الانتظار إلا إذا آثر الانقطاع للعلم مدى الحياة، وقل يؤثر ذلك بين المئات والألوف من الشباب.
وأما في العصر الحاضر فالطلاب يتخصصون لعلومهم وصناعاتهم بعد الثامنة عشرة أو العشرين، ويحتاجون بعد التخرج من الجامعات إلى زمن يستعدون فيه لكسب الرزق من طريق التجارة والأعمال الصناعية والاقتصادية، ولا يتسنى لهم الزواج وتأسيس البيوت قبل الثلاثين، فهنالك فترة طويلة يقضيها الشاب بين سن البلوغ وسن الزواج لم يحسب لها حساب في التربية القديمة، وهذه الفترة هي فترة النمو الجنسي والرغبة الجامحة وصعوبة المقاومة للمغريات، فهل من المستطاع أن نسقط حساب هذه الفترة من نظام المجتمع الإنساني كما أسقطها الأقدمون وأبناء القرون الوسطى؟ إننا إذا أسقطناها من الحساب فسيكون نتيجة ذلك شيوع الفساد والعبث بالنسل والصحة بين الشباب والشابات) (9) وفي الواقع إن كلمة المؤمنين علي (ع) لخصت معاناة الأمة من جراء تحريم الزواج المؤقت، قال علي (ع) " ما كانت المتعة إلا رحمة من الله رحم بها أمة محمد ولولا نهي عمر ما زنى إلا شقي ".
هذه الرحمة الإلهية تعني أن المتعة تحمي الإنسان من كل المضاعفات الخطيرة التي تفرزها مشكلة الجنس، ولا تبقي للزنا أثرا في مجتمعاتنا إلا لدى من تجذرت عنده نزعات الشذوذ الخلقي، ومع المتعة لا يبقى أي داع لتحليل العادة السرية، كما أفتى بذلك بعض علماء الدين المعاصرين.
وقد وقع في يدي صدفة كتاب طبع في السعودية طباعة فاخرة عنوانه الإسلام والجنس يقول فيه الكاتب: " وفي حالات الاضطرار يجوز للمسلم ممارسة العادة السرية لأنه لا حرج في الدين " ولكن لم يبين لنا هذا العلامة حدود الاضطرار وملاكه ونحن نشاهد في بلداننا كل أنواع المحفزات من خلاعة وتبرج فهل نعمل بفتواه والرجل يعيش بعد البلوغ عشرين عاما بلا زواج؟!.
في حواراتي المختلفة مع بعض الإخوة كثيرا ما يربطون المتعة بالزنا ويدور نقاشهم عن الآثار بعيدا عن أصل مشروعيتها.
ولقد ثبت أنها شرعت، والحديث عن نسخها يفتقد للدليل القوي، وما جاء من روايات وأحاديث متهافته ومتضاربة لا يقوى على النهوض لمستوى دليل في مقابل ما أوردناه، أما نهي عمر عنها فلا يجدي في مقامنا هذا كما بينا خصوصا وأن هنالك من نادى بحليتها من الصحابة.
أما كون المتعة زنا، فهذا قول غريب يقودنا إلى إشكالات أشرنا إليها، والزنا هو ممارسة الجنس بصورة غير مشروعة والمتعة غير ذلك فهي لا تختلف عن الزواج إلا في بعض الآثار سنذكرها إن شاء الله..
وهنالك من يقول بعدم قبول المجتمع لها، أقول إن تشريع الله تعالى لا يخضع لمدى قبول المجتمع له أو رفضه، إنما يجب أن يخضع المجتمع لأحكام الله فتكون حاكمة عليه، وما أكثر رفض المجتمعات قديما وحديثا للأحكام السماوية؟! فاجأت أحدهم بالسؤال: هل تقبل أن يتزوج أبوك زوجة أخرى وأمك موجودة؟ فأجاب بسرعة: لا!
قلت: ولم وقد شرع الله له في القرآن أن يتزوج أربعة؟!
وهنالك بعض الشبهات الجانبية تثار حول هذا الموضوع لا تقدح في صحته، أما التعامل مع هذا الحكم كيف يكون فذلك بحث آخر، مثلا ربما يقال أنه بعد انتهاء مدة عقد المتعة من الذي يضمن ألا تتزوج المرأة قبل تمام العدة؟
أقول إن للشريعة الإسلامية والرسالات السماوية عموما مميزات تفوقت بها على القوانين الوضعية لضبط المجتمع وأهم هذه الميزات والتي تعتبر ضمانة لعدم الاخلال بالقانون هي الإيمان والتقوى، إذ أن أحكام الشريعة الإسلامية نزلت ليطبقها من يؤمن بالله واليوم الآخر والثواب والعقاب، وإلا ما هو الضمان أن يكون الابن الذي يأتي من زوجتك هو من صلبك، وكيف يمكننا أن نثق بأن المرأة المطلقة اعتدت كامل أيامها، وكيف يتسنى لك أن تعلم أنك ابن أبيك إن كثيرا من الأشياء تتحكم فيها القيم والمبادئ والأخلاق والإيمان والتقوى والورع وتبقى المشكلة في ذات الإنسان وليس في التشريع، وإذا فقد الالتزام النابع من الإيمان لم تكن الأحكام المجردة مانعة من انتهاك الحرمات وحدوث الفوضى، وهذا تشريع ملك اليمين فهل نعتبره زنا أيضا وأن المجتمع لا يقبله وبالتالي نلغيه؟ وبعد قرون نكتشف أن زواج الرجل بأربع زوجات لا يلائم المجتمع فنلغيه وهكذا. إن حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة.
وإليك بيان تفصيلي عن الزواج المؤقت الذي لا يفترق عن الزواج الدائم إلا في بعض الآثار.




____________
(1) - تفسير الرازي ج 10 / 51.
(2) - المصدر ج 1 / 49.
(3) - الدر المنثور للسيوطي ج 2 / 486.
(4) - صحيح مسلم ج 2 باب نكاح المتعة وأخرجه البخاري ج 7 / 8.
(5) - البخاري ج 7 / 25.
(6) - البخاري ج 7 / 24 باب نكاح المتعة.
(7) - مسند أحمد بن حنبل ج 3 / 304.
(8) - مسند أحمد بن حنبل ج 3 / 356.
(9) - الزواج المؤقت ص 11 محمد تقي الحكيم.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page