• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الفصل الأول ماهية الرئاسة العامة والمرجعية في الإسلام

قلنا: إن المهمة الأساسية لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت منصبة على بيان القرآن من خلال السنة النبوية، باعتبار سنة الرسول هي الترجمة العملية لنصوص القرآن، والوجه الآخر للشريعة الإلهية، وللدين الإسلامي كله، فالشريعة الإلهية، والدين الإسلامي ليسا أكثر من كتاب منزل ومن نبي مرسل، ولتأكيد هذا الترابط والتكامل بين الاثنين، أمر الله سبحانه عباده بطاعة الله ورسوله معا، وأكد القرآن الكريم بكل وسائل التأكيد بأن طاعة الرسول عمليا هي كطاعة الله، ومعصية الرسول تماما كمعصية الله، (من يطع الرسول فقد أطاع الله) وحتى لا تكون للمكلفين حجة، أو مبرر للتلكؤ عن طاعة الرسول، فقد شهد الله لنبيه بأنه لا ينطق عن الهوى، وأنه يتبع تماما ما يوحى إليه من ربه وكفى بالله شهيدا. ثم إن الرسول الأعظم لم يبعث لقوم دون قوم إنما بعث للعالم كله، وهو خاتم النبيين فلا نبي بعده، والشريعة الإلهية التي أوحاها الله لنبيه هي آخر الشرائع الإلهية، فلا شريعة إلهية نافذة من بعدها، لقد أوجد الرسول تحت الإشراف الإلهي المباشر، النموذج المتحرك، والآلية اللازمة لإنقاذ العالم وهدايته إلى دين الإسلام، وبنى الرسول دولة الإيمان، مؤسسة بعد مؤسسة لتحمي حرية الاختيار، ولتجسد طبيعة العلاقة الشرعية بين الحكام والمحكومين.
اكتمال الدين وانتهاء مهمة النبي كرسول
لقد أوجد الرسول الأعظم تحت الإشراف الإلهي المباشر نموذج مجتمع الإيمان، وبين القرآن الكريم من خلال سنته الشريفة، فما من شئ يحتاجه الناس إلى يوم القيامة إلا وله أصل في القرآن الكريم وتفصيل في سنة الرسول، لقد ترجم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الشريعة الإلهية (القرآن وبيانه) أو (القرآن وسنة الرسول) من النظر إلى التطبيق ومن الكلمة إلى الحركة. ولم يبق من أمور الدنيا والآخرة شئ إلا وضحه الرسول وبينه حسب التوجيهات الإلهية.
ولأن القرآن هو المعجزة الشاهدة على صدق الرسول، ولأنه أصل الشريعة الإلهية الحاوي لأحكامها ومبادئها، فقد أمر الرسول بكتابته وتدوينه، آية آية، وكلمة كلمة فكلما نزلت على رسول الله كوكبة من القرآن الكريم، كان الرسول يتلقاها من ربه، مع التوجيه الإلهي في أية سورة يضعها، فكان الرسول يأمر الإمام عليا على الفور بكتابتها وفي الموضع المحدد إلهيا لها، وكان الرسول يعلن على المسلمين عن نزول أية كوكبة من القرآن، ويبين لهم بأية سورة يضعونها، ويأمر القادرين على الكتابة بكتابتها.
وكان الرسول الأعظم يبين ما أنزل إليه من ربه أولا بأول عن طريق سنته المباركة بفروعها الثلاثة، ويأمر الإمام عليا بتدوين هذا البيان أو هذه السنة المباركة أولا بأول، ويأمر الناس ويحثهم على كتابة القرآن وكتابة السنة.
وعندما نزلت آخر آية من القرآن الكريم كان لدى الرسول والإمام علي نسخة كاملة من القرآن كما أنزل تماما، لم تتقدم كلمة على كلمة أو حرف على حرف، كما كان لدى الإمام علي السنة النبوية كاملة بإملاء رسول الله وخط علي بن أبي طالب عليه السلام، وهذا أمر طبيعي لأن القرآن وسنة .
الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هما الشريعة الإلهية، والشريعة يجب أن تكون مدونة ومكتوبة، حتى يحتج أصحاب الحقوق بنصوصها، وفي الوقت نفسه الذي أملى فيه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم سنته كاملة على الإمام علي عليه السلام، وكتبها الإمام علي بخط يده، كان رسول الله يأمر المسلمين بتدوين وكتابة سنته، وبالفعل استجاب المؤمنون للأمر الإلهي، فكل واحد من أصحاب الهمم العالية كتب نسخة كاملة من القرآن الكريم، وكتب طائفة من سنة الرسول، وما من قادر على الكتابة إلا وقد كتب على الأقل سورا من القرآن الكريم، وطائفة من نصوص سنة الرسول، ويمكنك القول إن المنظومة الحقوقية الإلهية، قد شاعت وانتشرت بين الناس، وأحيط الجميع علما بأحكامها، بهذا الوقت بالذات نزل قوله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا).
لقد انتهت مهمة النبي كرسول، حيث اكتمل نزول القرآن، ودون كله واكتمل بيان القرآن، ودون هذا البيان كله بإملاء رسول الله وخط الإمام علي.. ولخص الرسول الأعظم في غدير خم الموقف للأمة، ثم أعلن بأنه بعد عودته إلى المدينة بقليل سيمرض، وسيموت في مرضه، لأنه قد خير واختار ما عند الله بعد أن أدى الأمانة، وبلغ الرسالة.
مهام الرسول واختصاصاته وصلاحياته، ومن يتولاها بعد موته؟
1 - المهام:
كانت أولى مهام النبي واختصاصاته أن يتلقى القرآن من ربه، وأن:
أ - يتلوه وقد تلقى القرآن الكريم وتلاه بالفعل.
ب - أن يحافظ عليه فيجمعه ويدونه، وقد جمعه بالفعل ودونه.
ج - أن يأمر الناس بتلاوته وحفظه وجمعه، والمحافظة عليه، وقد فعل الرسول ذلك.
د - أن يبين القرآن للناس من خلال سنته المباركة القولية والفعلية والتقريرية، وأن ينقله من الكلمة إلى التطبيق والحركة، وقد بين رسول الله القرآن وطبقه بالفعل.
ه‍ - أن يدون رسول الله بيانه للقرآن أي سنته الطاهرة، وأن يكتبها على اعتبار أن القرآن والسنة هما المنظومة الحقوقية الإلهية، أو هما القانون النافذ، ويجب أن يكون مكتوبا، وبيد أمينة حتى يمكن الرجوع إليه، وقد دون رسول الله بيانه للقرآن، أو سنته، بإملائه شخصيا وبخط الإمام علي بن أبي طالب، فما من شئ يحتاجه الناس إلى يوم القيامة إلا وقد أملاه الرسول وكتبه الإمام علي بخط يده، وفي الوقت نفسه أمر رسول الله المؤمنين والمسلمين بتدوين وكتابة بيان القرآن أو سنة الرسول، فاستجاب المؤمنون، ودون وكتب كل قادر منهم على الكتابة طائفة من سنة الرسول.
و - أن يوجد الرسول نموذجا أو آلية للاستمرار، والحركة الدائمة في إطار الشرعية والمشروعية الإلهية، وقد أوجد الرسول بالفعل آلية الدعوة، حيث دعا من حوله فردا فردا وجماعة جماعة، ورتب العلاقات بينه وبين الذين اتبعوه، كرسول، وكولي وكقائد، وكمرجع عام لهم، ورتب العلاقة بين الذين اتبعوه، وبينهم وبين غيرهم من الجماعات والأفراد، وبنى دولة الإيمان، حسب التوجيه الإلهي، لتكون نقطة تجمع للذين آمنوا، وهوية سياسية تميزهم عن غيرهم، ونواة لحماية حرية الاختيار.
2 - الصلاحيات:
كان الرسول خلال حياته المباركة، هو النبي، وهو الرسول وهو الولي، وهو الإمام وهو القائد، وهو المرجع العام الأوحد للمؤمنين
والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، طاعته إيمان، وطاعة لله، ومعصيته فسوق وعصيان ومعصية لله، فهو رئيس الدولة، وهو رئيس الدعوة أيضا وهو المسؤول الأعلى عن مستقبل الدعوة والدولة معا، وهو الأمين على وحي الله وشرعه، فحكمه حكم الله. وأقواله، وأفعاله وتقريراته جزء لا يتجزأ من شرع الله، فهو المرجع العام في شؤون الدنيا والآخرة، لأنه الأعلم، والأفهم والأفضل، والأتقى، والأقرب لله، ولأنه المختص، والمعد، والمؤهل إلهيا لكل ذلك، ولأنه معصوم عن الوقوع في الزلل والخطأ، فقد شهد الله بأنه لا ينطق عن الهوى، وأنه يتبع تماما ما يوحى إليه من ربه.
فمن ادعى بأنه أفهم من الرسول، أو أفضل منه، أو أغير على الإسلام منه، أو زاود عليه، فلم يرض بما رضي به الرسول، أو ادعى بأنه يحب الإسلام والمسلمين أكثر منه، فاعلم أن ذلك المدعي، فاسد، ومنافق، ومأفون، وتافه.
والسر في هذه الصلاحيات الهائلة التي أعطاها الله لنبيه:
1 - هو أن الله هو الذي اختار الرسول للرسالة والنبوة والولاية والمرجعية.
2 - وأن الله قد عصمه عن الزلل والوقوع في الخطأ أو إساءة استعمال هذه السلطات الواسعة.
3 - أنه هو الأفضل والأفهم والأعلم والأتقى والأقرب لله.
4 - أن الله سبحانه وتعالى قد أعده، وهيأه لبيان القرآن، وتطبيق القرآن وبيانه.
وقد أثبت الواقع التطبيقي لعصر الرسالة الزاهر، أن الله أعلم حيث يضع رسالته، فلم ينحرف الرسول عن المقاصد الإلهية قيد أنملة، ولا تدنس بشهوة .
مهما كانت يسيرة، لقد كان دائما حيث أراده الله أن يكون، وبالوضع الذي أراده الله له.
وفوق هذا وذاك، فإن المسلمين، قد رضوا بما اختاره الله، فبايعوا رسول الله بالرضا على ذلك، أو تظاهروا بالرضا، فسلطات الرسول مستمدة من الاختيار الإلهي، ومن الإعداد الإلهي، ومن التأهيل الإلهي، ومن الضمانة الإلهية بعدم إساءة استعمال هذه السلطات الهائلة، ومن المميزات الخاصة التي خص الله بها نبيه، ثم من طبيعة دين الإسلام، ثم من موافقة الذين اتبعوه أو تظاهروا باتباعه، ثم من منطق الأمور وجسامة المهام الملقاة على عاتقه.
وبالإجمال فإن الرسول الأعظم كان هو المسؤول الأعلى عن الدولة بكافة مقوماتها، وعن الدولة بكل طموحاتها، وعن مستقبلهما معا، وهو المؤتمن على دين الله وشرعه الحنيف، والمرجع الأعلى لكافة الأمور الدينية والدنيوية معا حيث تتداخل الأمور الدينية والزمنية معا في الإسلام، ويتعذر التفريق بينهما.
من المهام التي لم يحققها الرسول حال حياته
لقد أرسل الله رسوله للعالم كله، وليس لقوم دون قوم، والرسول الأعظم لا يستطيع أن يتواجد في مكانين أو أكثر في وقت واحد، ولا يمكنه أن يجمع أبناء الجنس البشري كلهم، دفعة واحدة، وفي مكان واحد، ليبلغهم ما أنزل الله، من القرآن، وليبين لهم هذا القرآن، لقد اقتضت حكمة الله أن يبدأ الرسول دعوته في بلاد العرب وأن يستقطب حوله مسلمين من بلاد العرب، وأن يكون الكيان السياسي لدولة الإسلام في بلدة عربية، ثم يتوسع هذا الكيان ليشمل كامل بلاد الجزيرة العربية، واقتضت حكمة الله أن تؤمن فئة قليلة، وأن تلتف هذه الفئة حول الرسول وتنفذ توجيهاته لنشر .
الدعوة وبناء الدولة، تلك التوجيهات التي أسفرت عن إيمان فئة قليلة وعن إسلام الأكثرية الساحقة من سكان الجزيرة.
أما بقية العالم فلم يصله القرآن، ولا سنة الرسول أو بيانه لهذا القرآن بوصفه التطبيق اليقيني للإسلام، لقد أوجد الرسول الآلية الشرعية لاستمرار الدولة وامتدادها، وبناء الدولة العالمية التي تتظافر جهودها مع جهود الدعوة لهداية العالم كله إلى الإسلام، لا بالاستعمار والفتح، ولكن بالوسائل الشرعية التي حددها الله وبينها رسوله.
لقد آمنت أقلية من العرب، واضطرت الأكثرية الساحقة من العرب اضطرارا للدخول بالإسلام أو التظاهر بهذا الدخول، واكتمل نزول القرآن وبينه الرسول من خلال سنته، وأوجد الرسول آلية الاستمرار والتوسع الشرعي على صعيدي الدعوة والدولة، لقد بلغ الرسول الرسالة الإلهية وأكمل الله الدين، لقد انتهت مهمة النبي كرسول، وبعد انتهاء مهمته بقي يمارس أعماله كإمام أو كولي أو كرئيس من نوع خاص للدولة، إنه ليس معقولا أن يبقى الرسول في هذا المنصب الأخير طوال عصور التكليف التي قد تمتد لعشرات، بل لمئات الآلاف من السنين، ومن ضرورات الابتلاء أن يموت الرسول، ويرى الله الناس كيف يتعاملون مع التكاليف الإلهية في غياب الرسول، ويترجمون هذا التعامل في سلوك يقع فعلا، ولا يبقى في دائرة النوايا.
الرئاسة العامة والمرجعية في الإسلام أصل من أصول الدين الأساسية

منذ اليوم الأول الذي أعلن فيه الرسول أنباء النبوة والرسالة والكتاب، وطوال عصر النبوة الزاهر، وإلى اللحظة التي صعدت فيها روح النبي الطاهرة إلى بارئها، كان واضحا للجميع - المسلم وغير المسلم - أن رسول الله هو الرئيس العام والمرجع معا، وأن رئاسة الرسول ومرجعيته جزء من مشروع الرسالة الإلهية، وعمليا كان الرسول يتولى الرئاسة العامة والمرجعية معا، ويمارس الاختصاصات والصلاحيات الكاملة للرئاسة العامة والمرجعية في شؤون الدنيا والآخرة، وكان الاعتراف بشرعية رئاسة الرسول ومرجعيته جزء لا يتجزأ من الدين الإسلامي، فلو أن زيدا من الناس قد أقر بأن القرآن كتاب الله المنزل وأن محمدا هو نبيه المرسل، ولكنه كان يرى بأنه لا حق لرسول الله بتولي الرئاسة العامة والمرجعية، لما أعتبر مسلما ولا مؤمنا، لقد كانت الرئاسة العامة والمرجعية هي العمود الفقري للإسلام، بل هي محوره وعنوانه، ولم تكن المؤسسات الأخرى أكثر من مراكز مساعدة، ومكنات شرعية تخضع للرئاسة العامة والمرجعية، ولم يكن للبشر دور يذكر في مسألتي الرئاسة العامة والمرجعية، لأن الإسلام مشروع شامل ومتكامل من صنع الله، واختياره، وتشكل الرئاسة العامة والمرجعية، فصلا من فصوله، ومقوما من مقومات قبوله، متداخلا ومتكاملا مع بقية مقوماته الأساسية، وهذا من أسرار نفور زعامة بطون قريش، من الإسلام، ومن النبي، وسر من أسرار استماتتها في مقاومة النبي وحربه.
التأهيل العام للرئاسة والمرجعية في الإسلام

الرسول كرئيس وكمرجع، اختاره الله تعالى، وليس للبشرية أي دور باختياره لأن الله تعالى أراد أن يكون الرئيس والمرجع هو الأعلم، وهو الأفهم، وهو الأفضل، وهو الأقرب إلى الله، قد أعده الله وهيأه ليكون كذلك، لأنه لو وجد من يتفوق عليه بهذه الصفات، لفقد هذا الرئيس والمرجع العام تميزه ومبررات رئاسته ومرجعيته، ثم إن مصلحة أفراد المجتمع، أو الجنس البشري عامة أن يتمتع رئيسهم ومرجعهم بهذه الصفات، ولكن من الناحية العملية لا قدرة لهم على تحديد من تتوفر فيه هذه الصفات تحديدا يقينيا، لقد تسالمت البشرية وتمنت طوال التاريخ أن .
يحكمها الأفضل، واعتبرت أن حكم الأفضل في كل شئ أفضل أنظمة الحكم، وأفضل مكتسبات المجتمعات البشرية، لذلك كله تلطفت العناية الإلهية، وقدمت لهم الأفضل، الذي تسالمت عليه وتمنت حكمه طوال التاريخ.
قد تتوفر هذه الصفات في رجل معين، قبل أن يتولى الرئاسة العامة والمرجعية ثم ينحرف بعد ممارسته لأعبائها أمام الإغراءات الهائلة التي تستفز الطبيعة الإنسانية لقد أخذ الله ذلك بعين الاعتبار، فقدر أن من مقومات التأهيل والإعداد الإلهي لمن يتولى الرئاسة العامة والمرجعية أن يكون معصوما، عن الوقوع في الزلل والخطأ والمعصية، حتى لا يسئ استعمال الصلاحيات الهائلة التي أعطيت له وحتى لا يفقد تميزه ومبررات رئاسته ومرجعيته، وحتى يتميز النظام الإلهي عن النظام الوضعي، لذلك كله فقد عصم الله كل الذين اختارهم للرئاسة العامة والمرجعية في الأنظمة الإلهية، وعلى رأسها النظام الإسلامي. وبعد أن عصمهم الله خولهم صلاحيات هائلة تمكنهم من تحقيق الأهداف الكبرى التي أناط الله بهم مهمة تحقيقها. فلا خوف من طغيان الرئيس والمرجع العام ما دام أنه معصوم ومؤهل إلهيا. لماذا اهتدت البشرية لمبدأ فصل السلطات، وعدم تركزها بيد واحدة ولماذا وجدت الرقابة بأنواعها في الأنظمة الوضعية؟ لقد وجدت لمقاومة الطغيان والاستبداد والحيلولة دون وقوعهما.
أما في الإسلام فإن إعداد الرئيس وتأهيله إلهيا، وعصمته والشهادة الإلهية له بأن يتبع تماما ما يوحى إليه من ربه، ضمانات إلهية كافية ضد الانحراف، وإساءة استعمال السلطة. والعصمة تعني الالتزام التام بالصواب، بحيث يبقى المعصوم في دائرة ما أراده الله، والله سبحانه وتعالى الذي خلق الإنسان ودوافعه وميوله وحاجاته، لقادر على أن يبطل فاعلية بعضها، فقد يأخذ من الإنسان القدرة على الإبصار، أو القدرة على ممارسة الجنس، أو القدرة على ارتكاب الخطأ، أو القدرة على الإنجاب فيجعله عقيما، هنالك أناس يتطعمون بأمصال معينة ضد مرض معين فلا يصابون بهذا المرض، ويصاب فيه الذين لم يتطعموا، هذه حالة علمية تجريبية اهتدى إليها الإنسان المحدود المعارف، فما الذي يمنع الله الذي استطال بقدرته على كل شئ أن يعصم إنسانا من ارتكاب أمور معينة، ثم إن العصمة ضرورية، ليبلغ الرسول ما أوحي إليه من ربه بدون زيادة ولا نقصان، وفي الرسالة الإلهية خاصة الإسلامية، تتواجد حالة من التكامل والترابط بين ما هو ديني وما هو دنيوي، فالرسول الأعظم كان يتلقى القرآن وحيا، ثم يتلوه أمام الناس، ومن خلال سنته بفروعها الثلاثة، يبينه بيانا يقينيا، ويطبقه تطبيقا حرفيا، سواء أتعلق هذا البيان بالدنيا أو بالدين، فالعبادات التي تشكل العمود الفقري لكل ما هو ديني تهدف من جملة ما تهدف إلى إعداد المتعبد لصنع سلوك بشري مستقيم ومنسق مع المقاصد الإلهية.
وبالإجمال فإن الرئيس العام والمرجع في الإسلام له ميزات تميزه عن غيره من الرؤساء والمراجع في أي نظام آخر، فالرئيس العام والمرجع في الإسلام، محيط إحاطة تامة بالقرآن الكريم، بوصفه الدستور أو القانون الأعلى الذي يشمل أصول ومبادئ كل شئ يحتاجه الناس، ومن الضروري أن يحيط الرئيس والمرجع العام في الإسلام ببيان هذه القرآن أي بسنة الرسول بفروعها الثلاثة، لأن سنة الرسول هي بيان القرآن وتطبيقه العملي، وبالتالي فلا ينبغي أن يخفى على الرئيس العام والمرجع في الإسلام المعنى اليقيني لكل كلمة من كلمات القرآن، أو لأي آية من آياته وينبغي أن تكون لدى الرئيس العام والمرجع في الإسلام القدرة التامة على الإجابة على أي سؤال يطرحه أي إنسان في العالم.
وينبغي أن لا يكون في زمانه من هو أعلم ولا أفهم ولا أفضل ولا أقرب لله منه، لأنه تميزه وتفرده بذلك هو المبرر لوجوده ولرئاسته العامة ومرجعيته.
إن الرئيس العام والمرجع في الإسلام يمثل صفوة الجنس البشري، وعنوان الكمال الإنساني، سواء أكان هذا الرئيس رسولا أو إماما.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page