طباعة

تمهيـد

الحمد لله والحمد حقه كما يستحقه حمداً كثيراً، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم محمد وآله الطيبين الطاهرين.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم:
(وَالَّذِيَن اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأنَابُوا إِلَى اللهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ اْلقَوْلَ فَيتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولِئكَ اِلَّذيَن هَدَاهُمُ اللهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو اْلاَلْبَابِ)(1) .
بشارة من الله سبحانه وتعالى في هذه الاية المباركة تُقدّم للذين يخشعون لكلمة الله سبحانه، وهذه المنزلة السامية إنما يستحقها الانسان الذي لا يكابر ولا يجادل بالباطل والذي ينحني للحقيقة ويخضع للبرهان الساطع والمنطق القاطع والاستدلال الرصين.
وانساناً كهذا سيكون موفقاً في حياته كل حياته..
وإذ أقف أمام حضرات السادة الاجلاّء محاضراً وبإيجاز حول البخاري وكتابه المشهور بالصحيح وسائر كتبه الاخرى فانني أشعر بالاعتزاز والتقدير.
يمكن القول إن كتب البخاري مصنّفة في ثلاثة محاور:
ـ فقهية.
ـ رجالية.
ـ كلامية.
فالبخاري ألّف فيها كتباً عديدة يمكن حصرها في ثمانية عشر كتاباً موزّعة كما يلي(2) :
ـ اربعة كتب في الفقه والحديث: أحدها صحيح البخاري، والثاني رفع اليدين في الصلاة، فقه القراءة خلف الامام، وكتاب رابع مفقود هو كتاب الهبة، كتبه مستقلاً مشتملاً على خمسمائة حديث.
أما كتبه الرجالية فهي ثلاث كما هو المتوفر لدينا وكتاب آخر في الضعفاء وهو مفقود; فكتبه في الرجال هي: 1 ـ تاريخه الكبير والاوسط. 2 ـ تاريخه الصغير.
والاول مطبوع في مجلدات، والثاني في مجلدين، والثالث طبع بشكل كراس.
نستطيع تقسيم حديثنا في مسألة البخاري وبحسب تقسيمه هو إلى خمسة أقسام على الاقل فيما يخص هذه المناسبة، لاننا لو أردنا البحث في زوايا المسألة لاستغرق الوقت أكثر مما هو مخصص فعلاً ساعة واحدة..
لاننا لو بدأنا الحديث مثلاً في صحيح البخاري وتناولنا كلمته الاولى وهي: «حدثنا الحميدي» فقط، فربّما استغرق منا ذلك سنة بلياليها، لان «حدثنا الحميدي» هي أساس المصائب.
وأما الاقسام الخمسة فهي:
الاول: عناوين الصحيح وأبوابه ورجاله وإسناده ورواياته.
الثاني: في شخصيته وسيرته الذاتية وموقعه في علم الرجال ومنزلة مروياته.
الثالث: معارضة البخاري لفقه أبي حنيفة والاحناف وتناقضه كمحدّث مع أهل الرأي، حتى يمكن القول ان كتبه الفقهية جميعاً إنما جاءت ردّاً على أبي حنيفة.
الرابع: التأمل ودراسة تاريخ أهل الحديث في القرون الاول والثاني والثالث.
الخامس: إخبار اليهود والاسرائيليات التي تغلغلت في أخبار
 المحدثين خاصّة في صحيح البخاري، إذ أننا نجد نفوذ الاسرائيليات في أحاديث الصحيح، حيث يتجلى التفكير اليهودي في تفضيل موسى(عليه السلام)على نبينا محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)، ونقل حكايات لا تليق بمقام الانبياء والرسل(عليهم السلام).
هذه خمسة أقسام وزعنا عليها المواضيع...




____________
(1) الزمر: 17 ـ 18.
(2) 1 ـ كتاب الصحيح; 2 ـ رفع اليدين في الصلاة; 3 ـ القراءة خلف الامام; 4 ـ كتاب الهبة; 5 ـ كتاب التاريخ الكبير; 6 ـ التاريخ الاوسط; 7 ـ التاريخ الصغير; 8 ـ أدب المفرد; 9 ـ خلق أفعال العباد; 10 ـ الضعفاء الكبير; 11 ـ كتاب جامع الكبير; 12 ـ كتاب الاشربة; 13 ـ كتاب أسامي الصحابة; 14 ـ كتاب العلل; 14 ـ كتاب الوحدان; 16 ـ كتاب المبسوط; 17 ـ المسند الكبير; 18 ـ مختصر من تاريخ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم); 19 ـ الضعفاء الصغير والكنى. أنظر مختصر من تاريخ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ط الاولى هند سنة 1325هـ.