قال احمد امين الاديب المصري بشان الصحيحين: وقد ضعف الحفاظ من رجال البخاري نحو ثمانين.
وفي الواقع هذه مشكلة المشاكل ـ لان بعض من ضعف من الرواة لاشك انه كذاب، فلا يمكن الاعتماد على قوله، والبعض الاخر منهم مجهول الحال، ومن هذافيشكل الاخذ عنه ومن هؤلاء الاشخاص الذين روى عنهم البخاري وهم غير معلومي الحال عكرمة مولى ابن عباس وقد ملا الدنيا حديثا وتفسيرا، فقد رماه بعضهم بالكذب، وبانه يرى رأي الخوارج، وبانه كان يقبل جوائز الامرا، ورووا عن كذبه شيئا كثيرا.
ويضيف الاديب احمد امين على ذلك شواهد تاريخية اخرى لاثبات كون عكرمة كذابا، ثم يقول:
فالبخاري ترجح عنده صدقه فهو يروي له في صحيحه كثيراومسلم ترجح عنده كذبه فلم يرو له الا حديثا واحدا في الحج ولم يعتمد فيه عليه وحده وانما ذكره تقوية لحديث آخر(1).
راي مسلمة في صحيح البخاري:
واما ما قاله مسلمة في البخاري وكتابه الصحيح: فانه يعتبر تاليف البخاري للصحيح عملا خلافا وسيئا وحسب المصطلح ان البخاري قد ارتكب سرقة علمية، وهذا مما يحط من شخصيته العلمية والخلقية، ويسقط قيمته والاعتبار بكتابه ويضعهما في موضع بين القبول والرد.
يقول مسلمة:
الف علي بن المديني شيخ البخاري كتاب العلل وكان ضنينا به، ومهتما به كل الاهتمام لكي لا تناله الايدي، فغاب يوما في بعض ضياعه خارج المدينة فجاء البخاري منتهزا الفرصة الى بعض بنيه وراغبه بالمال على ان يرى الكتاب العلل يوماواحدا فاعطاه له، فدفعه البخاري الى النساخ، فكتبوه له، ورده اليه، فلما حضر علي بن المديني وجلس في مجلسه تكلم بشي، فاجابه البخاري بنص كلامه مرارا ففهـم القضية استنساخ الكتاب واغتم لذلك فلم يزل مغموما حتى مات بعد يسير واستغنى البخاري بذلك الكتاب عن البحث والتنقيب في الاحاديث، وخرج الى خراسان، ووضع كتابه الصحيح، فعظم بذلك شانه وعلا ذكره(2).
راينا في الصحيحين:
هذا الذي ذكرناه كان ملخص ما ابداه بعض علماء اهل السنة حول الصحيحين ونقدهم اياهما من حيث السند حينا وحينا من حيث المتن، واخر من جهتهما معا.
واما ما نراه ونذهب اليه حول الصحيحين ومحتوياتهما فهو مطابق لراي هذه الفئة الاخيرة من علماء اهل السنة، وانا واياهم متفقون في العقيدة بالنسبة الى هذا الموضوع، ولكن نرى ان في محتويات الصحيحين وكذا ضمن الاحاديث الصحيحة التي نقلاها في شتى الابواب ان الاحاديث الغير صحيحة والضعيفة يبلغ عددها فوق ماعده ابن حجر كما نقل عنه الحفاظ حيث قال: انها لا تتجاوز المائة وعشرة احاديث، ضعيفة من جهة المتن.
ونرى ايضا ان في اسناد الصحيحين ورجالهما اشخاصا ضعافا وغير موثقين اكثر مما نقل ابن حجر عن الحفاظ وعلما فن الرجال من ان ضعفا رواتهما يبلغ الثلاثمائة شخص.
ويؤيد راينا في ضعف احاديث الصحيحين متنا وسندا الادلة التالية:
1 ـ ضعف بعض رجال الصحيحين، وانهم غير موثقين، في علم الرجال.
2 ـ العصبية الشديدة التي تحلى بها مؤلفا الكتابين.
3 ـ الفترة الزمنية الطويلة الممتدة بين زمن صدور الحديث وتاريخ تدوينه، مع النظر الى دواعي واسباب الجعل والوضع.
4 ـ تقطيع بعض الاحاديث عند البخاري تمشيا لذوقه ورايه.
5 ـ النقل بالمعنى، كما يلاحظ في صحيح البخاري.
6 ـ تتميم وتكميل صحيح البخاري بوسيلة الاخرين.
7 ـ ملاحظة كثرة الاحاديث المخالفة للادلة العقلية والدينية فيهما.
هذه ملاحظاتنا على الصحيحين وهي تؤيد ضعفهما وتوضح وهن احاديثهما، ولا يمكن لاي محقق وبحاثة الاغماض عن هذه الموارد وسنشرحها بالتفصيل ان شاء اللّه في الصفحات الاتية.
____________
1- ضحى الاسلام 2: 117.
2- تهذيب التهذيب 9: 54.
راي احمد امين:
- الزيارات: 905