• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

[ الحسين (عليه السّلام) ]

ولمّا بقي الحسين (عليه السّلام) في ثلاثة رهط أو أربعة ، دعا بسراويل يمانيّة محقّقة يلمع فيها البصر ، ففرزه ونكثه ؛ لكيلا يسلبه(1) و(2) .
ومكث طويلاً من النّهار كلّما انتهى إليه رجل من النّاس انصرف عنه ، وكره أنْ يتولّى قتله وعظيم إثمه عليه .
وأتاه مالك بن النّسير [ البَدّي الكنديّ(3) ] فضربه على رأسه بالسّيف ، فقطع البرنس [ الذي ] عليه وأصاب رأسه ، فأدما [ ه و ] امتلأ البرنس دماً ، فقال له الحسين (ع) : (( لا أكلت بها ولا شربت ، وحشرك الله مع الظالمين ))
[ ثمّ ] ألقى ذلك البرنس [ و ] دعا بقلنسوة ـ فلبسها واعتمّ [ عليه ](4) و(5) .
[ فـ ] ـكان معتمّاً [ على القَلنسوة بالخزّ الأسود ] ، وعليه قميص(6) [ و] جبّة من خزّ . وكان مخضوباً بالوسمة ، وهو يُقاتل قتال الفارس الشجاع ، يتّقي الرّمية ويفترص العورة ، ويشدّ على الخيل(7)
وأقبل شمر بن ذي الجوشن في نفر ، نحومن عشرة من رجّالة أهل الكوفة قبل منزل الحسين (ع) الذي فيه ثقله وعياله ، فمشى نحوه فحالوا بينه وبين رحله
فقال الحسين (عليه السّلام) : (( ويلكم ! إنْ لمْ يكن لكم دين وكنتم لا تخافون يوم المعاد ، فكونوا في أمر دنياكم أحراراً ذوي أحساب ، امنعوا رحلي وأهلي من طغامكم وجهالكم )) .
فقال ابن ذي الجوشن : ذلك لك يابن فاطمة . وأقدم عليه بالرجّالة فأخذ الحسين (عليه السّلام) يشدّ عليهم ، فينكشفون عنه(8) .
قال عبد الله بن عمّار البارقي :(9) شدّت عليه رجّالة ممّن عن يمينه وشماله ، فحمل على من عن يمينه حتّى ذعروا ، وعلى من عن شماله حتّى ذعروا ، فوالله ، ما رأيت مكسوراً قط ـ وقد قُتل وُلده وأهل بيته وأصحابه ـ أربط جأشاً ولا أمضى جناناً ولا أجرأ مقدماً منه ، والله ، ما رأيت قبله ولا بعده مثله ، إن كانت الرجّالة لتنكشف من عن يمينه وشماله انكشاف المعزى إذا شدّ فيها الذئب .
وقد دنا عمر بن سعد من حسين (عليه السّلام) إذ خرجت زينب ابنة فاطمة أخته ، فقالت : يا عمر بن سعد ، أيُقتل أبوعبد الله ، وأنت تنظر إليه ؟! [ فـ ] ـصرف بوجهه عنها(10) . [ و] كأنّي أنظر إلى دموع عمر ، وهي تسيل على خدّيه ولحيته(11) .
وهو(عليه السّلام) يشدّ على الخيل ، ويقول : (( أعلى قتلي تحاثّون : أمَا والله ، لا تقتلون بعدي عبداً من عباد الله أسخط
عليكم لقتله منّي ! وأيم الله ، إني لأرجوأنْ يُكرمني الله بهوانكم ، ثمّ ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون(12) أمَا والله ، لوقد قتلتموني لقد ألقى الله بأسكم بينكم وسفك دمائكم ، ثمّ لا يرضى لكم حتّى يُضاعف لكم العذاب الأليم ))(13) .
ثمّ إنّ شمر بن ذي الجوشن أقبل في الرجّالة نحوالحسين [ (عليه السّلام) ، وفيهم ] سنان بن أنس النّخعي وخوْليّ بن يزيد الأصبحي(14) ، وصالح بن وهب اليزني والقشعم بن عمروالجُعفي ، وعبد الرحمن الجُعفي (15) ، فجعل شمر بن ذي الجوشن يحرّضهم [ فـ ] ـأحاطوا [ بالحسين (عليه السّلام) ] أحاطةً .
وأقبل إلى الحسين (عليه السّلام) غلام من أهله(16) ، فقال الحسين [ (عليه السّلام) لـ ] أخته زينب ، ابنة علي (ع) : (( احبسيه )) . فأخذته أخته زينب ابنة علي (ع) لتحبّسه ، فأبى الغلام وجاء يشتدّ إلى الحسين (عليه السّلام) .
وقد أهوى بحر بن كعب إلى الحسين (عليه السّلام) بالسّيف ، فقال الغلام : يابن الخبيثة ! أتقتل عمّي(17) ! فضربه بالسّيف فاتّقاه الغلام بيده فأطنّها إلى الجلدة ، فإذا يده معلّقة ، فنادى الغلام : يا ُامّتاه !
فأخذه الحسين (عليه السّلام) فضمه إلى صدره ، وقال (ع) : (( يابن أخي (18) اصبر على ما نزل بك ، واحتسب في ذلك الخير ؛ فإنّ الله يُلحقك بآبائك الصالحين ، برسول الله وعلي بن أبي طالب وحمزة ، والحسن بن علي (19) ، (20) صلّى الله عليهم أجمعين .
اللهمّ ، أمسك عنهم قطر السّماء وأمنعهم بركات الأرض ، اللهمّ ، فإنْ متّعتهم إلى حين ، ففرّقهم فرقاً وأجعلهم طرائق قدداً ، ولا تُرضي عنهم الولاة أبداً ؛ فإنّهم دعونا لينصرونا ، فعدوا علينا فقتلونا )) (21)
ولقد مكث طويلاً من النّهار ولوشاء النّاس أنْ يقتلوه لفعلوا ، ولكنّهم كان يتّقي بعضهم ببعض ويُحبّ هؤلاء أنْ يكفيهم هؤلاء . فنادى شمر في النّاس : ويحكم ! ماذا تنظرون بالرجل ؟ أقتلوه ، ثكلتكم اُمّهاتكم ! فحُمِل عليه من كلّ جانب
ـــــــــــــ
(1) فقال له بعض أصحابه : لو لبست تحته تبّاناً [ والكلمة فارسية ، بمعنى : اللباس القصير . ] قال (ع) : (( ذلك ثوب مذلّة ، ولا ينبغي لي أنْ ألبسه )) . فلمّا قُتل سلبه إيّاه بحر بن كعب 5 / 451 .
قال أبو مِخْنَف : فحدّثني عمرو بن شعيب عن محمّد بن عبد الرحمن : أنّ يدي بحر بن كعب كانتا في الشتاء تنضحان الماء ، وفي الصيف تيبسان كالعود 5 / 451 .
(2) حدّثني سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم ، قال 5 / 451 . والمفيد في الإرشاد / 241 .
(3) هو رسول ابن زياد بكتابه إلى الحرّ ، في الطريق بإنزال الحسين (عليه السّلام) 5 / 408 . ومضت ترجمته في نزول الإمام (عليه السّلام) .
(4) و (5) وكان البرنس من خزّ ، فجاء الكندي حتّى أخذ البرنس . فلمّا قدم به بعد ذلك على أهله أقبل يغسل البرنس من الدّم ، فرأت ذلك امرأته وعلمت به ، فقالت : أسَلَب ابن بنت رسول الله ( صلّى الله عليه [ وآله ] ) تُدخلُ بيتي ؟! أخرجه عنّي . وذكر أصحابه أنّه لمْ يزل فقيراً به حتّى مات 5 / 448 .
والبرنس : قلنسوة طويلة من قطن كان يلبسها عبّاد النّصاري ، فلبسها عبّاد المسلمين في صدر الإسلام .
كما في مجمع البحرين ـ وذكر الخبر المفيد في الإرشاد / 241 باسم : مالك بن اليسر .
قال هشام : عن أبيه محمّد بن السّائب ، عن القاسم بن الأصبغ بن نباته ، قال : حدثني من شهد الحسين (عليه السّلام) في عسكره : أنّ حسيناً (عليه السّلام) حين غلب على عسكره ركب المسنّاة يُريد الفرات ، وضرب فرسه .
فقال رجل من بني ابن بن دارم : ويلكم ! حولوا بينه وبين الماء .
فاتبعه النّاس حتّى حالوا بينه وبين الفرات .
وانتزع الأُباتي سهماً فأثبته في حنك الحسين (عليه السّلام) ، فانتزع الحسين (ع) السّهم وبسط كفيّه فامتلأت دماً ، فقال : (( اللهمّ ، انّي أشكو إليك ما يُفعل بابن بنت نبيّك ، اللهمّ ، أظمه )) .
قال القاسم بن الأصبغ : لقد رأيت[ ـه ] وعنده عساس فيها اللّبن ، وقلال فيها الماء ؛ والماء يُبرّد له فيه السكّر [ فـ ] ـيقول : ويلكم ، اسقوني ! قتلني الظمأ ! فيُعطى الفلّة أو العُسّ فيشرّبه ، فإذا نزعه من فيه ، اضطجع الهنيهة ثمّ يقول : ويلكم ، اسقوني ! قتلني الظمأ ! فوالله ، ما لبث إلاّ يسيراً ، حتّى انقدّ بطنه انقداد بطن البعير . ورواه أبو الفرج عن أبي مِخْنَف / 78 ، ط النّجف .
قال هشام : حدّثني عمرو بن شمر ، عن جابر الجُعفي ، قال : عطش الحسين (عليه السّلام) حتّى اشتدّ عليه العطش ، فدنا ليشرب من الماء فرماه حصين بن تميم بسهم فوقع في فمه ، فجعل يتلقّى الدّم من فمه ويرمي به إلى السّماء ، فقال : (( اللهمّ ، أحصهم عدداً ، واقتلهم بدداً ، ولا تذر على الأرض منهم أحداً )) . 5 / 449 ـ 450 .
حدّثني سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم ، قال 5 / 447 ـ 448 .
(6) حدّثني الصقعب بن زهير ، عن حميد بن مسلم ، قال 5 / 452 .
(7) عن الحجّاج ، عن عبد الله بن عمّار البارقي ، قال 5 / 452 .
(8) قال أبومِخْنَف في حديثه 5 / 450 . ورواه أبو الفرج / 79 .
(9) هوراوي خبر أمر أمير المؤمنين (عليه السّلام) بعمل الجسر على الفرات ، حين مضيّه إلى صفّين سنة( 26 هـ ) 4 / 565 .
(10) ورواه المفيد في الإرشاد / 242 ، ط النّجف .
(11) عن الحجّاج عن عبد الله بن عمّار البارقي 5 / 451 . ورواه المفيد في الإرشاد ، عن حميد بن مسلم / 241
(12) ولقد أُجيبت دعوة الإمام (عليه السّلام) . فأصبح المختار وبعث أبا عمرة إلى عمر بن سعد وأمره أنْ يأتيه به ، فجاءه حتّى دخل عليه . فقال : أجبْ الأمير . فقام عمر فعثر في جبّة له ، فضربه أبوعمرة بسيفه فقتله . وجاء برأسه في أسفل قبائه حتّى وضعه بين يدي المختار .
وكان حفص بن عمر بن سعد جالسّا عند المختار ، فقال له المختار : أتعرف هذا الرأس ؟! فاسترجع ، وقال : نعم ، ولا خير في العيش بعده . فقال المختار : فإنّك لا تعيش بعده . وأمر به فقتل ، وجعل رأسه مع رأس أبيه 6 / 61 .
13) حدّثني الصقعب بن زهير ، عن حميد بن مسلم ، قال 5 / 452 .
(14) بعث المختار إليه معاذ بن هانئ بن عدي الكندي ، ابن أخى حجر ، ومعه أبا عمرة صاحب حرسه ، فاختبأ خوْليّ في مخرجه ، فأمر معاذ أبا عمرة أنْ يطلبه في الدار فدخلوا فخرجت إليهم امرأته . فقالوا لها : أين زوجك ؟ قالت : لا أدري ، وأشارت بيدها إلى المخرج . فدخلوا فوجدوه قد وضع على رأسه قوصرة التمر فأخرجوه ، فأحرقوه 6 / 59 .
(15) كان من الشهود على حجر بن عدي الكندي 5 / 270 . وكان يوم عاشوراء على ربع مذحج وأسد لعسكر عمر بن سعد 5 / 422 ، كما سبق .
(16) ذكره المفيد في الإرشاد / 241 أنّه : عبد الله بن الحسن ، وموارد الإشارة تُشير إلى ذلك . وقد سبق عن أبي مِخْنَف : أنّه رماه حرملة بن كأهل بسهم ، فقتله . وروى هذه الرواية ـ هنا ـ أبو الفرج ، عن أبي مِخْنَف ، عن سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم ، قال / 77 ، ط النّجف .
(17) و(18) و(19) راجع : هامش رقم / 5 من الصفحة السّابقة .
(20) قال أبومِخْنَف في حديثه 5 / 450 . ورواها أبو الفرج ، عن أبي مِخْنَف ، عن سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم / 77 ، ط النّجف .
(21) حدّثنى ، سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم ، قال 5 / 451 . وفي الإرشاد / 241 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page