طباعة

[ نهب الخيام ]

ومال النّاس على نساء الحسين (عليه السّلام) وثقله ومتاعه ، [ و] الورس(1) والحلل والإبل فانتهبوها ، [ و] إنْ كانت المرأة تنازع ثوبها عن ظهرها حتّى تغلب عليه ، فيُذهب به منها(2) .
[ و] قال النّاس لسنان بن أنس : قتلت حسين (ع) بن علي وابن فاطمة ابنة رسول الله ( صلّى الله عليه [ وآله ] ) ، قتلت أعظم العرب خطراً جاء إلى هؤلاء يُريد أنْ يُزيلهم عن ملكهم ، فأتِ امرءك فاطلب ثوابك منهم ! لوأعطوك بيوت أموالهم في قتل الحسين (ع) كان قليلاً .
وكانت به لوُثة(3) ، فأقبل على فرسه حتّى وقف على باب فسطاط عمر بن سعد ، ثمّ نادى بأعلى صوته :
أوقر ركأبي فضّة وذهبا               أنا قتلت الملك المحجّبا
قتلت خير النّاس أمّاً وأبا               وخيرهم اذ ينسبون نسبا(4)
فقال عمر بن سعد : أدخلوه عليّ . فلمّا أدخل خذفه بالقضيب ، ثمّ قال :
يا مجنون ، أشهد أنّك لمجنون ما صححت قط ، أتتكلم بهذا الكلام ! أمَا والله ، لوسمعك ابن زياد لضرب عنقك .
[ وحمل ] شمر بن ذي الجوشن في رجّالة معه [ على ثقل الحسين (عليه السّلام) ، فانتهو] إلى علي بن الحسين الأصغر (ع) ، وهومريض منبسط على فراش له ، [ والـ ] ـرجّالة معه يقولون : ألاَ نقتل هذا ؟
قال حميد بن مسلم ، فقلت : سبحان الله ! أنقتل الصبيان ؟ إنّما هذا صبيّ (5) .
حتّى جاء عمر بن سعد ، فقال : ألاَ ، لا يعرضنّ لهذا الغلام المريض أحد ، ولا يدخلنّ بيت هؤلاء النّسوة ، ومن أخذ من متاعهم شيئاً فليردّه عليهم ، فما ردّ أحد شيئاً . وأخذ عمر بن سعد : عقبة بن سمعان ، فقال له : ما أنت ؟
قال : أنا عبد مملوك ، فخلّى سبيله ، فلمْ ينجُ أحد منهم غيره(6) .
ــــــــــــ
(1) هو: ورد أصفر مثل الزعفران ، طيب الرائحة ، كان يُؤتى به من اليمن . وقد أخذها الإمام (عليه السّلام) من الركب الذين كانوا يحملونها إلى يزيد ، في منزل التنعيم مبتدأ خروجه من مكّة . وكان ممّن أصاب من هذا الورس يوم عاشوراء : زياد بن مالك الضبيعي وعمران بن خالد العنزي ، وعبد الرحمن البجلي وعبد الله بن قيس الخولاني . فدلّ عليهم المختار فطلبهم فجاؤوا بهم إليه ، فقال لهم : يا قتلة الصالحين ، وقتلة سيّد شباب أهل الجنّة ، ألاَ تَرون الله قد أقاد منكم اليوم ! لقد جاءكم الورس بيوم نحس . فأخرجهم إلى السّوق فضرب رقابهم 6 / 58 .
(2) حدّثني القعب بن زهير ، عن حميد بن مسلم ، قال 5 / 453 . وقال اليعقوبي : وانتهبوا مضاربه وابتزوا حرمه 2 / 232 . وروى المفيد الخبر / 242 . وقال السّبط : وعرّوا نساءه وبناته من ثيابهن / 254 .
(3) بالضّم : البطْء والاسترخاه ، مجمع البحرين .
(4) ورواها أبو الفرج /80 ط النّجف ، وسبط ابن الجوزي / 254 ط النّجف ، والمسعودي 3 / 70 .
(5) وقال الطبري في كتابه ذيل المذيل : وشهد علي بن الحسين الأصغر (ع) معه أبيه كربلاء ، وهوابن ثلاث وعشرين سنة ، وكان مريضاً نائماً على فراش ، فلمّا قُتل الحسين (عليه السّلام) ، قال شمر بن ذي الجوشن : اقتلوا هذا . فقال له رجل من أصحابه : سبحان الله ! أتقتل فتىً حدًثاً مريضاً لمْ يُقاتل ؟! وجاء عمر بن سعد ، فقال : لا تعرّضوا لهؤلاء النّسوة ، ولا لهذا المريض / 630 ، ط دار المعارف ، بتحقيق محمّد أبوالفضل إبراهيم . وقريباً منه المفيد / 242 ، والسّبط / 256 ـ 258 ، ط النّجف .
(6) إلاّ أنّ المرقع بن ثُمامة الأسدي كان قد نثر نبله وجثا على ركبتيه فقاتل ، فجاءه نفر من قومه ، فقالوا له : أنت آمن ، أخرج إلينا . فخرج إليهم . فلمّا قدم بهم عمر بن سعد على ابن زياد وأخبره خبره ، سيّره إلى الزارة 5 / 454 ، والزارة : موضع حار بعمّان الخليج ، كان منفىً ينفون إليها المحكومين عليهم بالنّفي . وقد سبق قبل هذا خبر خروج الضحاك بن عبد الله المشرّقي الهمداني بإذن الإمام (عليه السّلام) حسب شرطه على الإمام .
وأما النّجاة من القتل ، فلفظ أبي مِخْنَف : استُصغر علي بن الحسين (ع) ، فلمْ يُقتل 5 / 468 . واستُصغر الحسن بن الحسن بن علي ، وعمر بن الحسن بن علي (عليهم السّلام) فتركا ، ولمْ يُقتلا 5 / 469 ؛ وأما عبد الله بن الحسن ، فقد قُتل أيضاً 5 / 468 .
وقال أبو الفرج : وكان الحسن بن الحسن بن علي (عليهما السّلام) قد أرتث جريحاً ، فحمل / 79 ، ط النّجف .