• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

قال أمير المؤمنين الامام علي (ع):

زرعوا الفجور، وسقوه الغرور، وحصدوا الثبور، لايقاس بل محمد (ص) من هذه الامة احد، ولا يسوى بهم من جرت نعمتهم عليه ابدا، هم اساس الدين، وعماد اليقين، اليهم يفي الغالي، وبهم يلحق التالي، ولهم خصائص حق الولاية، وفيهم الوصية والوراثة، الان اذ رجع الحق الى اهله ونقل الى منتقله(1).
منهج البحث وهدفه
يبدو جليا من عنوان الفصل ان المواضيع التي سنطرحها ونبحثها في هذه الصفحات وما بعدها، هي الاحاديث والروايات التي اخرجها الشيخان البخاري ومسلم في ابواب عديدة من صحيحيهما حول مسالة الخلافة.
والهدف الوحيد في هذا الفصل هو نقل الاحاديث فقط، وليس دراسة اصل مسالة الخلافة.
وبعبارة اخرى: ان كتابنا هذا ليس من نوع الكتب الكلامية، ولسنا بصدد دراسة مسالة الخلافة والاستدلال فيها على اثبات صحة عقيدة فئة معينة او رد ونقد عقيدة مذهب آخر، بل غايتنا الوحيدة هي تخريج الاحاديث المروية في الخلافة ونقلها، خاصة الاحاديث التي رويت في اهم مصادر اهل السنة والجماعة واوثقها واصحها عندهم، يعني صحيحي البخاري ومسلم.
وبنا على هذا، فانا لا نرى انفسنا ملزمين باستعراض كل الجزئيات والحقائق التاريخية ولو كانت تتعلق بهذه الاحاديث، وكذا لم نكن ملزمين بالرد والنقد والدراسة العميقة في جوانب هذا الموضوع، لان هذا النوع من البحث خارج عن نطاق ما نحن فيه، وانه يحتاج الى كتاب مستقل، وقد كتب في هذا الموضوع كتب كثيرة واما لو ذكرنا بعض المقتطفات في بعض الموارد فانها لم تكن الا لبيان وتوضيح مضامين ومفاهيم الاحاديث وبلورتها.
اسئلة حول الخلافة:
تعتبر مسالة الخلافة من اهم المسائل الدينية التي وقع فيها الاختلاف بين المسلمين، ولم يكن هذا الاختلاف وليد عصور متاخرة نحو قرن او قرنين بل انه نشا منذان التحق الرسول (ص) بالرفيق الاعلى وغربت شمس النبوة.
قال الشهرستاني: واعظم خلاف بين الامة خلاف الامامة، اذ ما سل سيف في الاسلام على قاعدة دينية مثل ما سل على الامامة في كل زمان(2).
فنحن الان لسنا بصدد معرفة كيفية نشؤ هذا الاختلاف وتاريخه، ولكنناوكمقدمة للاحاديث التي سنخرجها هنا نطرح تساؤلات ثلاثة:
1 ـ لقد بين اللّه عزوجل ورسوله (ص) للمسلمين الاحكام التي تخص جميع القضايا، الجزئية منها والكلية، نحو القصاص والتعزيرات، وحكام حرمة حقوق الاخرين واموالهم، واحكاما في النظر الى الاجنبية ولو نظرة واحدة، واحكام الغيبة ولو بكلمة وبحيث ان هذه الاحكام على كثرتها والتي تتجاوز العد والحصر تنقسم الى الواجب والحرام، والمندوب والمكروه.
فعلى هذا: فهل يعقل ان اللّه ورسوله (ص) لم يتعرضا لتبيين مسائل الامامة والخلافة التي تعتبر من اهم المواضيع الاسلامية؟
فلو ان اللّه والرسول (ص) قد جعلا حل هذه المسالة المهمة بعهدة المسلمين انفسهم، فلماذا لم يفعلا ذلك بالنسبة الى المسائل الجزئية والفرعية وبينا احكامها؟
فلو كان الاغماض والاهمال في بيان ابسط المسائل الجزئية مثل الحلق والتقصير في الحج، او آداب التخلي والاستنجاء، او آداب النكاح وغيرها غير جائز حسب ماتقتضيه قاعدة اللطف فهل يجوز لهما الاغماض والسكوت في مسالة مهمة كهذه؟
فاذا كان الجواب: لا فهل عينا احدا لتصدي هذه المرتبة والمنصب؟ وما هي مواصفاته؟
2 ـ يطلعنا التاريخ وسيرة النبي (ص) وكذا يستفاد من آيات الذكر الحكيم والاحاديث، ان المسلمين في الصدر الاول من تاريخ الاسلام كانوا يسالون النبي (ص) عن كل شي من احكام دينهم، ويرجعون اليه في تفسير الايات وبيانها، ويلجاون اليه في كل صغيرة وكبيرة، فيستفتون فيها منه حتى في العلل والامراض كانوايطلبون دوا دائهم من النبي (ص)(3).
فعندئذ يتبادر الى الذهن سؤال: هل يتصور ان احدا من المسلمين واصحاب رسول اللّه (ص) لم يخطر على باله في تلك المدة التي عاش الرسول (ص) بينهم ثلاثة وعشرين سنة ان يسال النبي عن مسالة الخلافة ومن يكون الامام والخليفة من بعده (ص)؟ هذا مع انهم على علم بان الرسول (ص) بشر ولابد انه سوف يرحل عنهم الى جوار ربه، وقد سمعوا منه يرتل عليهم (انك ميت وانهم ميتون)(4) و(وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم)(5).
وانهـم كانوا يعلمون ان مسالة الخلافة والامامة ترتبط بمصيرهم وحياتهم الدنيوية والاخروية، وهي تماما كمسالة النبوة، لها آثارها في جميع الامور، فهل يعقل ان احدا لم يسال النبي (ص) عن ذلك؟
3 ـ قال اللّه تعالى بشان كتابة الوصية وضرورتها: (كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت ان ترك خيرا الوصية للوالدين والا قربين بالمعروف حقا على المتقين)(6).
وقال رسول اللّه (ص): ما حق امرئ مسلم، له شي يوصي فيه، يبيت ليلتين، الا ووصيته مكتوبة عنده(7).
ويقول عبداللّه بن عمر: ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول اللّه (ص) قال ذلك الا وعندي وصيتي(8).
اذن، فكيف يسوغ للنبي (ص) ان يكون هو اول من يحيد عن امر اللّه الذي انزل عليه مؤكدا لزومه ووجوبه، ويترك العمل بما اوجبه هو على المسلمين بالنسبة الى موضوع كتابة الوصية، بينما تراه انه احوج الناس الى كتابة الوصية؟
وهل هناك احد من المسلمين تكون تركته وارامله وايتامه اكثر مما تركه وخلفه رسول اللّه (ص) من التركة والايتام والارامل؟
فهل يمكن للعقل والضمير البشري ان يتصور ان رسول اللّه (ص) خلف ما تركه وراه من التركة التعاليم الدينية والاصول الاسلامية من دون تولية عليها، وانه ودع ايتامه وارامله جميع الناس من دون ان ينصب لهم قيما ووليا؟ ومن المستحيلات ان هذه المسالة لم تخطر بباله قط.
وفضلا عن حكم العقل والوجدان فان الشواهد التاريخية صريحة بان الرسول (ص) لم يدع امرا حتى وان كان جزئيا الا وعين فيه من ينوب عنه، ويقوم مقامه اذاعارضه امر ما، كما ثبت ذلك من خلال تعيينه قادة العسكر وثبت في التاريخ ايضا انه (ص) قد اوصى الى أمير المؤمنين الامام على (ع) ان يباشر تغسيله وتكفينه وقضا ديونه، الشخصية، بينما هذه من الامور الجزئية والبسيطة التي لم تفته فكيف تغيب عنه الوصية في امر الخلافة والامامة التي هي من اهم المسائل والقضايا المصيرية؟
والجواب على هذا التساؤل من وجهة نظر الشيعة فهو في غاية اليسر والسهولة، ولا حاجة عندهم على الاستدلال عليها والاحتجاج فيها الى ادنى تكلف وتعب.
لان الشيعة يعتقدون بان موضوع الخلافة لم يغب حتى للحظة واحدة عن ذهن الناس الا وقد سالوا عنه رسول اللّه (ص)، ولم يكن الوصي مبهما لديهم لما كان اللّه عزوجل ورسوله يبينا بين آن وآخر، منذ ان بعث اللّه محمدا (ص) بالنبوة، وامره بان يعلن الرسالة على ملا، حمله مسؤولية تبليغ الخلافة ونصب الخليفة، ولم يدع رسول اللّه (ص) في تبليغ ‌هذا الامر مجالا للابهام والايهام عند الناس، فبينه بابلغ وجه، فما مر عليه موقف الا وتطرق الى الخلافة واخبر الناس عمن يتولى هذا المنصب من بعده.
يروي ابن الاثير: لما نزل قوله تعالى (وانذر عشيرتك الا قربين)(9) في اول البعثة دعا اقرباه من بني عبدالمطلب واعمامه الى مادبة اقامها لهم، وما ان فرغوا منها، ورام النبي (ص) ان يتكلم حتى ابتدره ابو لهب وغالط في الكلام، فتفرق القوم ولم يكلمهم النبي (ص)، وفي اليوم الثاني صنع ما صنع بالامس ولكن اسرع النبي (ص) في الكلام واوضح لهم مسالة الوحي والبعثة وقال: وقد امرني اللّه تعالى ان ادعوكم اليه، فايكم يؤازرني على هذا الامر على ان يكون اخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ فاحجم القوم، واعادها النبي ثلاثا، وفي كل مرة كان علي (ع) يقوم ويقول: انا يا نبي اللّه ثم قال (ص): ان هذا اخي ووصي وخليفتي فيكم فاسمعوا له واطيعوا.
فقام القوم يضحكون ويقولون لابي طالب: قد امرك ان تسمع لابنك وتطيع ويقولون: انا لم نقبله نبيا فيجعل لنا وصيا(10).
وفي آخر سنين حياته وعندما كان النبي (ص) عائدا من آخر سفر للحج الى المدينة، وصل الى تلك البقعة الحارة المسماة بغدير خم امرالحجاج ان يمكثوا فيها، فعادالمتقدمون اليه، والتحق المتاخرون به، فقام واقفا آخذا بيد علي (ع) ليعلن للجمع: «من كنت مولاه فهذا علي مولاه».
وهـكذا عند ما كان مستلقيا على فراش الموت، ويتنفس الانفاس الاخيرة من حياته وقد تصبب عرق الموت من جبينه، تراه في هذه اللحظات ايضا لم ينس قضية الخلافة ومستقبل دينه والشريعة التي جاء بها، ومصير امته التي قاسى الامرين في سبيل هدايتها، فكل هذه الامور قد تجسدت امامه ولذلك امر الحاضرين قائلا: ائتوني بكتف ودواة اكتب لكم ما لم تضلوا بعده ابدا.
وشوهـد احيانا وهو على المنبر يقول: اني تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي اهل بيتي ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا ابدا.
واحيانا تسمع منه وهو يعلن عن خلفائه ويعددهم قائلا: الخلفاء بعدي اثنا عشر.
واحيانا اخرى يذكر الناس بالايات التي نزلت بشان اوصيائه ويخاطب عليا يقول: يا علي انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي.
وترى احيانا اخرى ينوه بالبدع والتحريفات التي ستظهر من بعده ويبرز اسفه وتاثره من هذه الوقائع التي ستحدث بعد وفاته بد بالتحريف في اصل الخلافة الذي هواساس كل البدع والتحريفات وجذور الضلالات.
ولكن الحكومات التي تعاقبت الواحدة تلو الاخرى في غضون الاربعة عشر قرنا، سعت واجتهدت بكل قواهـا في طمس الحقائق، واظهارها بصورة غير التي كانت عليها، ولكن يمكن معرفة هذه الحقائق التي تعتقد بها الشيعة من خلال بعض زوايا الاحاديث المروية في صحيحي البخاري ومسلم اللذين يعتبران اهم مصدرين من مصادر العامة ولهذا السبب قد جعلناهما مرتكز بحثنا ودراستنا.
وهـاك ايهـا القارئ الكريم باقة من الاحاديث التي انفلتت من مؤلفي الصحيحين في بيان فضائل اهل البيت (ع) اقتطفناها من الصحيحين ومن ثم نعقب بذكر الصفات التي لابد وان تتوفر في من يخلف النبي (ص) مما ورد في هذين الكتابين.




________________
1- شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد 1: 138.
2- الملل والنحل: 30.
3- اخرج الترمذي ومسلم حديثا بما يناسب التطبيب وطلب الناس دوا مرضهم من رسول اللّه (ص) قال ابو سعيد: جا رجل الى النبي (ص) فقال: ان اخي استطلق بطنه فقال: اسقه عسلا.
فسقاه ثم جا، فقال: يا رسول اللّه قد سقيته عسلا فلم يزده الا استطلاقا فقال رسول اللّه (ص):
اسقه عسلا، فسقاه، ثم جاه فقال: يا رسول اللّه قد سقيته عسلا فلم يزده الااستطلاقا قال: فقال رسول اللّه (ص): صدق اللّه وكذب بطن اخيك اسقه عسلا، فسقاه عسلا فبرا.
سنن الترمذي 4: 356 كتاب الطب باب «31» باب ما جا في التداوي بالعسل ح2082، صحيح البخاري 7: 159 كتاب الطب باب الدوا بالعسل، صحيح مسلم 4: 1736كتاب السلام باب «31» باب التداوي بسقي العسل ح91.
4- الزمر: 30.
5- آل عمران: 144.
6- البقرة: 180.
7- صحيح البخاري 4: 2 كتاب الوصايا، صحيح مسلم 3: 1249 كتاب الوصية ح1، مسنداحمد بن حنبل 2: 2 و4 و57 و80، سنن ابي داود 3: 112 كتاب الوصايا باب ما جا في مايؤمر به من الوصية ح2862، سنن الدارمي 2: 495 كتاب الوصايا باب «1» باب من استحب الوصية ح3175، سنن النسائي 6: 239 كتاب الوصايا باب الكراهية في تاخيرالوصية، سنن الترمذي 4: 375 كتاب الوصايا باب «3» باب ما جا في الحث على الوصية ح2118، سنن ابن ماجة 2: 901 كتاب الوصايا باب «2» باب الحث على الوصية ح2699.
8- صحيح مسلم 3: 1250 كتاب الوصية ح4.
9- الشعراء: 214.
10- الكامل في التاريخ لابن اثير 2: 62 63، تاريخ الطبري 2: 319 321.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page