وأنا بحمد الله قد فعلت، وبعد البحث الجاد وجدت هذه الفرقة، وثبت لي بالدليل العقلي والنقلي انها هي الناجية، وسأثبت ذلك في هذا الكتاب.
ومن الغريب ان المسلم يقرأ حديث الافتراق هذا ولا يقوم بواجبه الشرعي في البحث عن هذه الطائفة بحرية وموضوعية كي تبرأ ذمته ويلقى ربه بقلب سليم.
وخبر الافتراق " لا يمكن معه اختصار الفرق الى سبعين ولا الى سبع، فضلا عن واحدة. فالخير اذن كل الخير ان يبحث الانسان عن الحق ويعتقده ويدعو إليه وان خالفته الدنيا كلها، وان يجتنب الضلال ويدعو إلى نبذه ولو داهنه أصحابه كلهم، هذا هو الذي سار عليه رسل الله وأمر به الله، فلا تصادموا سنة الله وتخالفوا منهج رسله " (2).
والواجب " على المسلم بعد تباعد الزمان عن صاحب الرسالة (صلى الله عليه وآله وسلم) واختلاف المذاهب والآراء، وتشعب الفرق والنحل: ان يسلك الطريق الذي يثق فيه بأنه يوصله الى معرفة الأحكام المنزلة على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) صاحب الرسالة، لأن المسلم مكلف بالعمل بجميع الأحكام المنزلة في الشريعة كما انزلت ولكن كيف يعرف أنها الأحكام المنزلة كما انزلت والمسلمون مختلفون والطوائف متفرقة، فلا الصلاة واحدة، ولا العبادات متفقة، ولا الأعمال في جميع المعاملات على وتيرة واحدة...؟!
فماذا يصنع؟ بأي طريقة من الصلاة إذن يصلي؟ وبأي شاكلة من الآراء يعمل في عبادته ومعاملاته، كالنكاح والطلاق والميراث والبيع والشراء وإقامة الحدود والديات وما إلى ذلك؟!
ولا يجوز له أن يقلد الآباء، ويستكين إلى ما عليه اهله واصحابه. بل لا بد أن يتيقن بينه وبين نفسه، وبينه وبين الله تعالى، فإنه لا مجاملة هنا ولا مداهنة ولا تحيز ولا تعصب.
نعم، لا بد له أن يتيقن بأ نه قد أخذ بأمثل الطرق التي يعتقد فيها بفراغ ذمته بينه وبين الله من التكاليف المفروضة عليه منه تعالى، ويعتقد أنه لا عقاب عليه ولا عتاب منه تعالى باتباعها وأخذ الأحكام منها. ولا يجوز أن تأخذه في الله لومة لائم (أيحسب الإنسان أن يترك سدى) (3)، (بل الإنسان على نفسه بصيرة) (4)، (إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا) (5) " (6).
وليس من التذبذب أن يغير الإنسان أفكاره وأن يخرج على بعض موروثاته المنحرفة ما دام هدفه الحق " فإن الإنسان لا يزال يطلب العلم والايمان، فإذا تبين له من العلم ما كان خافيا عليه اتبعه، وليس هذا مذبذبا. بل هذا مهتد زاده الله هدى... والواجب على كل مؤمن موالاة المؤمنين، وعلماء المؤمنين، وأن يقصد الحق فيتبعه حيث وجده " (7).
" وانتقال الإنسان من قول إلى قول لأجل ما تبين له من الحق هو محمود فيه، بخلاف إصراره على قول لا حجة معه فيه، وترك القول الذي وضحت حجته، أو الانتقال من قول إلى قول لمجرد عادة واتباع هوى فهو مذموم " (8).
____________
1 - راجع حديث الافتراق في مستدرك الحاكم 1 / 6 و 128. سنن الترمذي 5 / 26. مسند أحمد 2 / 332.
2 - مجلة الجامعة الإسلامية: العدد 62 (الشيخ سفر بن عبد الرحمن الحوالي).
3 - القيامة: 36.
4 - القيامة: 14.
5 - المزمل: 19.
6 - عقائد الإمامية، محمد رضا المظفر: ص 63 - 64.
7 - مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 2 / 252 - 253.
8 - المصدر السابق 20 / 213 - 214.
لماذا هذا الموضوع
- الزيارات: 901