الثقافة المهدويَّة أيضاً آخذة في الانتشار والتشبُّع في العالم ، وأستحضر الآن ما يذكره الخبير الأمني الاستراتيجي ( فرانسوا توال ) الذي ألَّف كتاباً باسم ( الجغرافيا السياسيَّة للشيعة Shia Geo-Political ) ، لم يتجاوز السنة تقريباً ، وهو مِن الخُبراء الكبار في الأمن الاستراتيجي الفرنسي . يتحدَّث عن الشيعة ويقول :
( إنَّ مُرادهم مِن الغيبة هي خَفاء الإمام المهدي ، في كيفيَّة حركته السياسيَّة ؛ لأنَّ الخفاء أكبر عامل قوَّة يؤمِّن حيويَّة النشاط وحيويَّة الحركة وحيويَّة التدبير ) .
هذا الخبير الأمني يفهم معنى شفرة الغيبة في علم الأمن ، ويقول عن العدالة المهدويَّة التي يُنادي بها الشيعة : ( أنا أُهيب بالساسة العالميِّين والمُراقبين الدوليِّين ، بأنَّ هذه النظريَّة وهذه العقيدة مُرشَّحة أنْ تنتشر بين شعوب العالم بين ليلة وضُحاها ، وتعتنقها المُجتمعات المُختلفة ، وبأشدِّ مِمَّا انتشرت الشيوعيَّة والاشتراكيَّة ؛ لأنَّ هذه النظريَّة مُتكاملة ، لا تضع مِيَزاً للعِرق ولا القوميَّة ... ، وهي أنشودة الأمل البشري الآن ؛ فمِن اللازم على هؤلاء المُراقبين والساسة أنْ يتعرَّفوا على هذه النظريَّة وهذه العقيدة بعُمق ، وأنْ يتعاملوا معها بحَذر ؛ لأنَّها مُرشَّحة لذلك ) .
ويقول فيما يقول : ( إنَّنا لا يُمكن أنْ نواجه مذهب التشيُّع عِبر الفلسفات الغربيَّة ، وعِبر الإنتاج الحداثوي ـ الهيرمونطيقي ـ الغربي ؛ لأنَّ هذا المذهب يجمع بين ثوابت الدين وبين استيعاب كلِّ مُتغيِّر و اعتماد الوحي في الفهم والعقل ، ونبذ ما هو طالح فيه ورسم وإقامة ما هو صالح ، ومِن ثَمَّ فإنَّ عُمق فكر المذهب الشيعي ليس على النحو الذي نتصوُّر أنْ نُهاجمه مِن خلال فلسفة أو فكر مُعيَّن ؛ لأنَّ فيه قابليَّة استيعاب كبيرة للمُتغيِّرات ، فهو يجمع بين هذه الثوابت الدينيَّة وبين تحكيم العقل في قراءة كلِّ المُستجَّدات والمُتغيِّرات ، لنبذ كلِّ ما هو سيِّء منها وإقامة ما هو صالح ) .
فمذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) آخذ في الانتشار ، وإنَّ الله ( عَزَّ وجلَّ ) حتَّم أنَّ هذا المنهج الصائب هو الذي يسود البشريَّة ، تمهيداً للحُجَّة ( عجَّل الله فرجه ) ، لكنَّ الكلام في ما هي مسؤوليَّتنا ودورنا في هذا الموقع .
انتشار الثقافة المهدويَّة :
- الزيارات: 1754