السؤال :
كيف يوازن بين المنهجين المطروحين عند أهل السُّنَّة ، بين الخنوع والذِّلِّ بين يدي السلطان ، والمواجهة المُسلحة ضِدَّ الحاكم ؟
الجواب :
هذه الموازنة المُعقَّدة هي التي قام أهل البيت ( عليهم السلام ) وبالذات سيِّد الشهداء ، في ظلِّ جدليَّة تتجاذب مع المُجتمع والإنسان وعقله وفكره ، أنْ لا يُفرِّط في المكاسب ، وأنْ لا يُهادن في المَفاسد ، وكيف يُحافظ و يوازن بين دفع المفاسد والإبقاء والادِّخار للمكاسب ، هذا هو الأُسلوب المُتميِّز لسيِّد الشهداء ، أنَّه حاول ألاَّ يقرَّ الفساد والخطأ والوضع العَفن ، في حين لم يُفرِّط بالمُنجزات الصحيحة في الواقع السائد ، فلا إفراط ولا تفريط .
يرى البعض ـ على ضوء ذلك ـ أنَّ سيِّد الشهداء تصرَّف بأُسلوب ساخن ، وأنَّ الإمام الحسن تصرَّف بأُسلوب بارد ، وفي الواقع ، إنَّ أسلوب سيِّد الشهداء وأُسلوب الإمام الحسن ( عليهما السلام ) ، يجتمعان وأسلوب أبيهما سيِّد الأوصياء وجَدِّهما سيِّد الأنبياء .. كان أُسلوب النبي ( صلَّى الله عليه وآله ) في مَكَّة لثلاث عشرة سنة أُسلوب الهُدنة ، وكذلك في المدينة ، فهناك فرق بين نهج النبي والوصي والسبطين وبين نهج الخلفاء في الفتوحات ـ طبعاً هذا شيء مُختلف ـ أو نهج السُّلطة الأُمويَّة أو السلطة العباسيَّة .
نهج الأربعة أصحاب الكساء نهج مُتميِّز خاصٌّ ، فالنبي ( صلَّى الله عليه وآله ) كانت له دعوات للأُمم في الدخول والانطواء تحت دين الله ( عَزَّ وجَلَّ ) ، فهم بطوعانيَّة انجذابهم إلى النموذج الإسلامي يدخلون ، أمَّا حرب مؤتة أو غيرها ، فكلُّها حروب وقائيَّة ؛ لأنَّ المُشركين أرادوا أنْ يباغتوا المسلمين والنبي ( صلَّى الله عليه وآله ) ومِن ثمَّ أعدَّ لهم الجيش في تبوك أو في مَكَّة أو غيرهم ، وكذلك انظر إلى الخلفية التاريخيَّة لبدر وأُحد والأحزاب وحُنين .. وغيرها ، التي رُصدت في حروب النبي ( صلَّى الله عليه وآله ) هو بمنطق العرف القانوني كحروب وقائيَّة ، وكذلك الحال في سيِّد الشهداء ، في حين تميَّز منهجه بالدم ، وتميَّز بالتضحية ، مِن دون أنْ يُبادر بهدر دم الطرف الآخر ، وإنَّما يُضحِّي بدمه وكلِّ مُقدراته ( سلام الله عليه ) ، في مُقابل عدم الرضوخ للوضع الفاسد .
الخنوع أو المواجهة عند المدارس الإسلاميَّة الأُخرى :
- الزيارات: 1700