عوامل إختلاف الفكر العقائدي الإسلامي([1])
الدارس للفكر العقائدي الإسلامي لدى فرق المسلمين يجد إختلافاً بينهم في بعض المسائل ويعود ذلك لعدة عوامل منها:
1 ـ وجود اليهود والنصارى بجوار المسلمين: وبسبب هذا الجوار والإحتكاك تسربت عنهم بعض المفاهيم المخطوءة إلى عقائد المسلمين، من ذلك تجسيم الله تعالى والقول بالجبر ونسبة المعاصي لعدد من الأنبياء، ومثل هذه المفاهيم تجدها في كتب اليهود والنصارى، فقد ذكرت التوراة في الإصحاحين الثاني والثالث من سفر التكوين عن آدم وحواء بعد أكلهما من الشجرة: «فصنعا لأنفسهما مئزراً فرآهما الرب وهو يمشي في الجنة»([2])، وفي الإصحاح الحادي عشر من متى والسابع من لوقا: «إن المسيح كان يشرب الخمر، بل كان شريب خمر»([3]).
2 ـ التعامل مع اللفظ القرآني: حيث إستعمل القرآن ألفاظاً أثار فهمها عاصفة من الجدل الثقافي بين المسلمين وجمد بعضهم على ظاهرها دون أن يؤولها بما يتناسب والمقام من ذلك ما ورد من ألفاظ ظاهرها تجسيم الله تعالى كقوله: (يد الله فوق أيديهم). الفتح / 10، وقوله: (كل شيء هالك إلاّ وجهه). القصص / 88، وما ورد بشأن بعض الأنبياء مما ظاهره الذنب والمعصية، كقوله تعالى: (وعصى آدم ربّه فغوى). طه / 121
3 ـ الترجمة: فمن طريق الترجمة احتك الفكر العقائدي الإسلامي بالفكر الأجنبي المترجم، كالمنطق والفلسفة، وتأثر بعض فلاسفة المسلمين بهذا الفكر وبدا ذلك واضحاً في قول بعضهم بالتناسخ والإتحاد والحلول.
4 ـ الأغراض السياسية: إنه من أجل إضفاء الشريعة على تصرفات الحكام الظلمة الذين تسلطوا على رقاب المسلمين بالقوة والتضليل، كانوا يصطنعون الأحاديث لهذا الغرض مستخدمين الوضاع وأصحاب الفرق الخاضعة لهم، من ذلك ما ورد في صحيح مسلم في الحث على طاعة الحاكم الظالم: «يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس، قال: قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك»([4]).
5 ـ دخول الأمم والشعوب: ذات العقائد والحضارات الجاهلية في الإسلام كالفرس والهنود وغيرهم، فقد حمل هؤلاء الداخلون في الإسلام الكثير من الرواسب والمخلفات التي لم يتم محوها والتخلص منها فأثرت تلك المفاهيم والموروثات العقائدية على معتقد الكثير من أبناء المسلمين وتفكيرهم.
______________________________________
[1] مؤسسة البلاغ، حول التفكير العقائدي في الإسلام: 47 ـ 52.
[2]، 3 الخوئي، البيان في تفسير القرآن: 50 ـ 54.
[4] صحيح مسلم: 6 / 20 ـ 22، كتاب الإمارة باب الأمر بلزوم الجماعة.