• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الفصل الثاني ضياع السنة

عنوان غريب قد يقول عنه قائل: وماذا تعني بهذا، فالسنة موجودة في الصحاح الستة وكتب السنن؟ صحيح هذا، ولكن الصفحات القادمة كفيلة بإثبات هذا العنوان.
وأنا جازم بأن كل مسلم غيور على الإسلام إذا تدبر ما سنقول به هنا فإنه حتما إما سيبكي أو يضحك!
نبدأ بتوجيه هذا السؤال: هل يستطيع أحد أن يجزم بأن سنة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وصلت إلينا كاملة؟! وحتى نجيب على هذا السؤال فرافقنا - أخي القارئ - لترى هل وصلت إلينا السنة كلها أو نصفها أو ثلثها...!!

في عصر الصحابة

أحاديث علي بن أبي طالب (عليه السلام):
هذا الصحابي العظيم عاش مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أكثر من ثلاث وعشرين سنة، وكان يتبع النبي اتباع الفصيل أثر أمه، قال عنه ابن حجر: " وكان قد رباه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من صغره لقصة مذكورة في السيرة النبوية، فلازمه من صغره فلم يفارقه إلى أن مات " (1).
وصلنا عن علي (عليه السلام) 536 حديثا (2)، صح منها خمسون حديثا (3)، روى البخاري منها عشرين حديثا. نعم، هذا ما وصلنا عن علي، خمسون حديثا فقط!!
ولكن هل يتناسب هذا الرقم مع علم علي (عليه السلام)، ومقدار ما أخذ عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ علينا أن نتأمل شهادة الله ورسوله في علي ثم نحكم.
قال تعالى: (ومن عنده علم الكتاب) (4) المقصود بالآية: علي بن أبي طالب (5).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب " (6).
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " أنا مدينة الحكمة وعلي بابها، فمن أراد الحكمة فليأت من بابها " (7).
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " أنا مدينة الفقه وعلي بابها " (8).
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " ما علمت شيئا إلا علمته عليا فهو باب مدينة علمي " (9).
وعن عبد الله بن مسعود قال: كنت عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فسئل عن علي فقال:
" قسمت الحكمة عشرة أجزاء فاعطي علي تسعة أجزاء والناس جزءا واحدا " وفي كنز العمال زاد في آخر الحديث " وعلي أعلم بالواحد منهم " (10).
قالت أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بأديم وعلي بن أبي طالب عنده فلم يزل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يملي وعلي يكتب حتى ملأ بطن الأديم وظهره وأكارعه " (11).
وقال علياء بن أحمر: " إن علي بن أبي طالب خطب الناس فقال: (من يشتري علما بدرهم؟) فاشترى الحارث الأعور صحفا بدرهم، ثم جاء بها عليا فكتب له علما كثيرا " (12).
وقال علي (عليه السلام): " إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علمني ألف باب كل باب فيها يفتح ألف باب، فذلك ألف ألف باب، حتى علمت ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، وعلمت علم المنايا والبلايا وفصل الخطاب " (13).
وقال (عليه السلام): " سلوني قبل أن تفقدوني ولن تسألوا بعدي مثلي... " (14).
وقال علي (عليه السلام): " سلوني، فوالله لا تسألونني عن شئ إلا حدثتكم به، وسلوني عن كتاب الله، فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم، بليل نزلت أم بنهار، أم بسهل أم بجبل " (15).
قال ابن عبد البر: " أجمع الناس كلهم على أنه لم يقل أحد من الصحابة ولا أحد من العلماء: سلوني، غير علي بن أبي طالب ".
وقال علي (عليه السلام): " والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيما نزلت، واين نزلت، وعلى من نزلت، إن ربي وهب لي قلبا عقولا ولسانا ناطقا " (16).
وقال علي: " القلوب أوعية، وخيرها أوعاها " ثم يقول: هاه هاه إن ههنا - وأشار بيده إلى صدره - علما لو أصبت له حملة " وفي رواية: (لو وجدت له حملة) (17).
وروي عن علي أنه قال: " أما والله لو طرحت لي وسادة لقضيت لأهل التوراة بتوراتهم ولأهل الإنجيل بإنجيلهم، ولأهل القرآن بقرآنهم " (18).
وعن ابن عباس وقد سأله الناس فقالوا: أي رجل كان عليا، قال: " كان ممتلئا جوفه حكما وعلما وبأسا ونجدة مع قرابته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " (19).
وقال ابن عباس: " قسم علم الناس خمسة أجزاء فكان لعلي منها أربعة أجزاء، ولسائر الناس جزء شاركهم علي فيه فكان أعلمهم فيه " (20).
والآن هل يصح أن يقال: إن كل ما أخذه علي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خمسون حديثا؟!!
لا أعتقد أن أحدا يقول ذلك إلا أن تكون قد انطفأت شعلة ذهنه. إذن فأين علم علي الذي أخذه عن النبي؟ ولماذا لم يصلنا منه سوى خمسين حديثا؟ وأليس هذا معناه أن علم علي الذي أخذه عن النبي والذي لا يقدر بعدد قد ضاع عند أهل السنة؟
أليس هذا هو الواقع المر الذي يجب الإذعان له؟ إن أبا هريرة لم ير النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سوى سنتين وروى عنه 5374 حديثا (20)، وعلي
(صلى الله عليه وآله وسلم) الذي رافق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) منذ طفولته ولازمه كظله، يروي خمسين حديثا؟!!
فهل هذا عدل يا مسلمين؟ وأين علم أبي هريرة من علم علي؟! يقول ابن عباس: " والله لقد أعطي علي بن أبي طالب تسعة أعشار العلم وأيم الله لقد شارككم في العشر العاشر " (22).
وأرى هنا أنه لابد من الاعتراف بأننا فقدنا كما نوعيا هائلا من السنة النبوية التي يحفظها علي ولم تصل لنا. فالذي وصلنا عن علي (صلى الله عليه وآله وسلم) قياسا لسعة علمه وطول مدة ملازمته للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خير دليل على ضياع قسم كبير من السنن التي كانت عند علي.
وقد اعترف بهذه الحقيقة الشيخ محمد أبو زهرة يقول في ذلك: " وإنه يجب علينا أن نقرر هنا أن فقه علي (عليه السلام) وفتاويه وأقضيته لم ترو في كتب السنة بالقدر الذي يتفق مع مدة خلافته، ولا مع المدة التي كان منصرفا فيها إلى الدرس والإفتاء في مدة الراشدين قبله، وقد كانت حياته كلها للفقه وعلم الدين، وكان أكثر الصحابة اتصالا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقد رافق الرسول وهو صبي قبل أن يبعث (صلى الله عليه وآله وسلم)، واستمر معه إلى أن قبض الله تعالى رسوله إليه، ولذا كان يجب أن يذكر له في كتب السنة أضعاف ما هو مذكور فيها " (23).
 إننا نؤكد الحقيقة حين نقر بأنه كان يجب أن يذكر عن علي أضعاف ما هو مذكور عنه ولكن للأسف فقدت هذه الأضعاف.
ويعترف أبو زهرة أن علم علي (عليه السلام) لا يقل عن علم عبد الله بن مسعود فيقول:
" هذه كلمة عارضة ذكرناها لبيان أن عليا (رضي الله عنه) كان له علم لا يقل عن علم عبد الله ابن مسعود " (24).
ومع موقفنا من هذه المقارنة - إذ إن علم علي لا يقاس بعلم أحد من الصحابة والنصوص السالفة خير دليل على ما نقول - لكننا نقول لأبي زهرة ولأهل السنة: لقد وصلنا عن ابن مسعود 848 حديثا فإذا كان علم علي لا يقل عن علم ابن مسعود فقد فقدنا من علم علي الذي أخذه عن النبي 798 حديثا!! وهو عدد نستطيع أن نعمل منه موطأ كموطأ مالك الذي يحوي 700 حديث. فتأمل بربك هذه الخسارة!. أضف لهذا أن مسند علي في مسند أبي يوسف يعقوب بن شيبة السدوسي خمسة مجلدات!! ولكن ماذا تساوي الخمسون حديثا أمام خمسة مجلدات (25)؟!!
وهذا الحارث الأعور اشترى - كما مر - صحفا بدرهم ثم جاء بها عليا فكتب له علما كثيرا.
ولو رجعنا إلى مسند أحمد بن حنبل - وهو أكثر من روى عن علي (عليه السلام) من أصحاب السنن - لوجدنا الحارث الأعور يروي حديثا واحدا عن علي (عليه السلام) ولكنه ضعيف (26). فأين ذهب هذا العلم الكثير الذي كتبه علي (عليه السلام) للحارث؟!!
أحاديث فاطمة الزهراء (عليها السلام):
فاطمة الزهراء بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عاشت مع أبيها ما يقرب من ثمانية عشر عاما. أخرج مسلم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " يا فاطمة أما ترضى أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة " (27).
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني " (28). وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " فاطمة بضعة مني يقبضني مايقبضها ويبسطني مايبسطها " " إنما فاطمة مضغة مني فمن آذاها فقد آذاني " (29).
مع أن سيدة نساء العالمين (عليها السلام) التي مودتها فرض على المسلمين (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) (30) عاشت مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) راشدة حوالي عشر سنين، فإن ما روي عنها صحيحا لا يتجاوز الحديثين (31)!! فهل نصدق أن ما أخذته فاطمة (عليها السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان حديثين فقط أم أن عندها ما لا يعد من السنن؟!
ولو أن فاطمة (عليها السلام) روت عن كل يوم عاشته مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حديثا لبلغت أحاديثها حوالي ثلاثة آلاف حديث. وهذا الرقم هو أقل ما كان يجب أن يصلنا عن سيدة النساء (عليها السلام). كيف لا وقد كانت ترى أباها كل يوم وكان جبريل (عليه السلام) ينزل في بيتها.
عن أبي ثعلبة الخشني، قال: " كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا قدم من غزو، أو سفر بدأ بالمسجد، فصلى فيه ركعتين، ثم يأتي فاطمة، ثم يأتي أزواجه... " ((32).
وعن ثوبان مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا سافر كان آخر عهده بإنسان من أهله فاطمة، وأول من يدخل عليها إذا قدم " (33).
وهاتان الروايتان تبينان مدى اهتمام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بفاطمة (عليها السلام) وتقديمها على زوجاته. لقد عاشت عائشة مع النبي راشدة حوالي خمس سنين وروي عنها 2210 أحاديث. فما بال فاطمة لم يرو عنها إلا حديثان؟!
إن كل مسلم ينظر بعقله بدل عواطفه، لابد أن يقر بأن الأمة بقلة روايتها عن فاطمة (عليها السلام) فقدت آلاف السنن والتي ربما تفردت بالكثير منها.
وقد يقال: إن فاطمة (عليها السلام) عاشت بعد النبي ستة أشهر لهذا لم يرو عنها إلا القليل.
لو افترضنا أن فاطمة عاشت بعد النبي لفترة طويلة فهل سيروى عنها كما روي عن عائشة وأبي هريرة؟! لا أعتقد ذلك فهذا علي (عليه السلام) مع أنه كان خليفة المسلمين وأكثر احتكاكا بالناس من فاطمة (عليها السلام) ومع أنه عاش بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثلاثين سنة فلم يرو عنه سوى خمسين حديثا!! (إن هذه تذكرة)
أحاديث الحسن والحسين (عليهما السلام):
هما سيدا شباب أهل الجنة، عاشا في كنف جدهما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وسمعا منه، وبعد وفاته أخذا العلم عن أبيهما علي بن أبي طالب
(عليه السلام) ونهلا من ذلك علما كثيرا " روى الحسن - أيضا - عن أبيه وأخيه الحسين وخاله هند بن أبي هالة " (34)، والحسين (عليه السلام)
" روى عن أبيه وأمه وخاله هند بن أبي هالة وعن عمرو.
وروى عنه أخوه الحسن وبنوه علي زين العابدين وفاطمة وسكينة وحفيده الباقر... " (35).
وكان عمر بن الخطاب يقدم الحسين على ابنه عبد الله، ويوما رأى ابن عمر الحسين مقبلا فقال: " هذا أحب أهل الأرض إلى أهل السماء " (36).
ومع مكانة الحسنين (عليهما السلام) إلا أنه وصلنا عن الحسن (عليه السلام) ثلاثة عشر حديثا (37)!!
وعن الحسين (عليه السلام) ثمانية أحاديث (38)!! علما إنهما (عليهما السلام) عاشا فترة طويلة بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فالحسن (عليه السلام) استشهد سنة 50 هـ‍، واستشهد الحسين (عليه السلام) سنة (61 هـ‍).
مع أحاديث أهل البيت (عليهم السلام)
أهل البيت هم: علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام). وعدد أحاديثهم مع بعضها البعض لا تتجاوز المائة حديث. فهذا مقدار ما روي عن هذه الكوكبة الطاهرة في مصادر أهل السنة، مع أن الحافظ ابن عقدة، وهو من أئمة الحديث، كان يجيب في ثلاثمائة ألف حديث من أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) وبني هاشم (39). وقال أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد: " أحفظ لأهل البيت ثلثمائة ألف حديث " (40).
ولو أضفنا أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) إلى أحاديث بني هاشم لما تجاوزت أحاديثهم الألفي حديث. فابن عباس وهو أكثر من روي عنه من بني هاشم روى 1660 حديثا، وأضف لأحاديثه أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) وبقية بني هاشم فستجد أنها لا تتجاوز الألفي حديث.
لقد فقدت الأمة أكثر من مائتي ألف حديث (41)، فابن عقدة يجيب من أحاديث أهل البيت وبني هاشم بثلاثمائة ألف حديث. فأين ذهبت هذه الأحاديث؟! أليس معنى ذلك أننا قد فقدناها؟ فهل ترى أعظم من هذه الرزية على الإسلام؟!
وبعد، فهل عرفت - أيها اللبيب - ما معنى عنوان بحثنا ومحله من الحقيقة؟ وهل رأيت كيف ضاعت أحاديث أهل البيت عند أهل السنة؟ إذن فاكمل معنا المشوار ففيه الكثير من المفاجآت!!
أحاديث أبو بكر:
عاش أبو بكر مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من بداية الدعوة حتى نهايتها ولازمه ليل نهار ولم يفارقه لحظة، هكذا يقول ابن تيمية. فقد قال عن الخلفاء الأربعة " بأنهم أعلم الأمة بأمور رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وسنته، وأحواله، خصوصا الصديق (رضي الله عنه) الذي لم يكن يفارق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حضرا ولا سفرا بل كان معه في غالب الأوقات، حتى أنه يسمر عنده بالليل في - بحث - أمور المسلمين.
وكذلك عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كثيرا ما كان يقول: " دخلت أنا وأبو بكر وعمر " و " خرجت أنا وأبو بكر وعمر " (42).
ومع سعة علم أبي بكر كما يقول ابن تيمية لم يصلنا منه سوى 142 حديثا (43).
ولو روى أبو بكر عن كل يوم عاشه مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حديثين لبلغت أحاديثه ما يقرب من 17 ألف حديث.
 وإلا هل يعقل أن يحفظ أبو هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) 5374 حديثا خلال سنتين ولا يحفظ أبو بكر خلال ثلاث وعشرين سنة إلا 142 حديثا؟!
لا أعتقد أن أحدا يؤيد ذلك، فإذا لم يقل: إن أبا بكر يحفظ أكثر من أبي هريرة، فيكون أبو هريرة أعلم من أبي بكر! وإذا قيل: إن أبا بكر يحفظ أكثر من أبي هريرة، سألنا: أين ذهبت أحاديث أبي بكر والتي تفوق أحاديث أبي هريرة؟ ومن يضمن أن لا يكون بها تشريعات وعقائد وآداب لا غنى عنها لكل مسلم؟. لكننا لانجد جوابا إلا الصمت أو السباب. وهو اعتراف ضمني بضياع الآلاف من الأحاديث التي سمعها أبو بكر من النبي، على الأقل قد كان بحوزة أبي بكر خمسمائة حديث، لكنه أحرقها (44)، فمن يضمن لنا وصول هذه الخمسمائة حديث المحروقة الينا؟ لا أحد يستطيع ذلك مع العلم أن بناء الإسلام واحد، ولا يفهم إلا إذا وجدت نصوصه كاملة!!
قال شيخ الإسلام السيوطي: " السبب في قلة ما روي عن أبي بكر الصديق (رضي الله عنه)، مع تقديمه وسبقه وملازمته للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، أنه تقدمت وفاته قبل انتشار الحديث واعتناء الناس بسماعه وتحصيله وحفظه " (45).
وكلام السيوطي هذا يومئ إلى أنه لو بقي أبو بكر حيا حتى انتشار الحديث واهتمام الناس بسماعه لروي عنه الكثير، ولكن لو سألنا السيوطي وأهل السنة عن مكان هذا العلم الكثير لقالوا: هو في صدر أبي بكر!! فنقول سلام على سنة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)!
وقال إبراهيم العبدلي المالكي: " وإنما لم يرو عنه - أي أبي بكر - من الأحاديث المسندة إلا القليل، لقصر مدته، وسرعة وفاته بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وإلا لو طالت مدته لكثر ذلك عنه جدا " (46).
 ومعنى كلام المالكي أن الله قبض أبابكر وفي جعبته أحاديث كثيرة جدا. فالله حرم عباده من سنة نبيه التي انفرد بها أبو بكر فقبضه قبل أن يخرج ماعنده من سنن الإسلام.
حاشا لله من هذا الفعل، فكيف يحرم عباده من السنن، والسنن الكثيرة على حد تعبير إبراهيم المالكي ثم يأمرهم بإحراز الإسلام كما أنزله؟! كيف نعقل ذلك؟
وقال الصنعاني: " والسبب في قلة ما روي عن الصديق أبي بكر (رضي الله عنه) مع جلالته وتقدمه وملازمته للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قد تقدمت به الوفاة قبل عناية الناس بسماع الحديث وحفظه " (47) وكلامه هذا لا يختلف عن كلام السيوطي والنتيجة واحدة لا تختلف!!
واعترف محمد عجاج الخطيب - استاذ في الحديث - أن لدى أبي بكر وعمر علما كثيرا أخذاه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يصل إلينا، قال عنهما بأ نهما: " حملا علما كثيرا عنه عليه الصلاة والسلام، لم يظهر علمهم كله لنا، وبخاصة أبو بكر، لأ نه لم يعش كثيرا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليحتاج إليه كما احتيج إلى عمر، فامتداد عمر الصحابي يكشف لنا عن علم الصحابي لأنه يحتاج إلى ما عندهم تجاه تلك الأمور المستجدة "، وفي هذا يقول ابن حزم: " ثم وجدنا الأمر كلما طال كثرت الحاجة إلى الصحابة فيما عندهم من العلم، فوجدنا حديث عائشة (48) ألفي مسند ومائتي مسند وعشرة مسانيد... "  .
كلام ما أجدره بالتأمل " حملا علما كثيرا عنه "!! ولكنه ضاع!!
وقال الأستاذ إبراهيم الشهاوي - رئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر -: " ولم يعثر أصحاب السنن على أكثر من هذا القدر - أي مرويات أبي بكر البالغة 142 أو 132 - وهو قليل بالنسبة لما سمعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فإنه مما لا شك فيه أنه سمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما يعد به من أكثر المكثرين!! من الرواية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لتقدم صحبته وكثرة ملازمته لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولكن لم يرو عنه إلا هذا القدر لوفاته (رضي الله عنه) قبل انتشار الأحاديث وقبل اعتناء التابعين بتحصيلها وحفظها وروايتها " (49).
إن هذه الشهادات تدل دلالة واضحة على أن عند أبي بكر الكثير من السنن التي لم يصل إلينا منها إلا النزر اليسير، وهو اعتراف ضمني بضياع السنن التي حملها أبو بكر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
أحاديث عمر بن الخطاب:
أسلم عمر في بداية الدعوة فعاش مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما يقرب من عشرين سنة، وعاش بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثلاث عشرة سنة أخذ في هذه الفترة ما فاته عن الصحابة. روي عن عمر 537 حديثا (50) صح منها خمسون حديثا (51).
وهذا الرقم لا يتلاءم مع علم عمر فقد عده ابن تيمية من أعلم الصحابة كما مر.
ورد عن عمر أنه قال: " كنت أنا وجار لي من الأنصار من بني أمية بن زيد، وهي من عوالي المدينة، وكنا نتناوب النزول على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ينزل يوما فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره، وإذا نزل فعل مثل ذلك " (52).
روي عن ابن مسعود: " إن عمر كان أعلمنا بكتاب الله وافقهنا بدين الله ".
وقال سعيد بن المسيب: " ما أعلم أحدا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أعلم من عمر " (53)، وقال ابن حزم: " وما كان في أقطار البلاد يومئذ - أي بعد أبي بكر - أحد يقطع على أنه أعلم من عمر لا سيما مع شهادة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالعلم والدين " (54).
إن عمر - كما يقولون - أعلم الصحابة. فهو أعلم من أبي هريرة الذي روى 5374 حديثا. وبما أن عمر أعلم من أبي هريرة فهو عنده من السنن ما يزيد على ما عند أبي هريرة. ولو أن عمر سمع من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كل يوم حديثين سواء بنفسه أو عن طريق جاره وغيره لتجاوزت أحاديثه العشرة آلاف حديث. ولكن أين هذا الرقم من الخمسين؟!!
قال ابن مسعود: " إني لأحسب عمر ذهب بتسعة أعشار العلم " (55) فسجل عندك هذه الشهادة.
ويقول الاستاذ إبراهيم الشهاوي: " وهذا القدر هو كل ما روي عنه - أي عمر -، وليس هو كل ما سمعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو قليل بالنسبة له!!!، لكثرة ملازمته رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وحرصه الشديد على الإحاطة بكل ما ينطق به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " (56).
فعمر عنده سنن كثيرة لم تصل إلينا، فأين هذه السنن؟ ولماذا ضاعت؟ ومن المسؤول عن فقدها؟ وهل نصدق أن الله انتدب عمر لتبليغ دينه وقد بقي معه الكثير من سنن الإسلام التشريعية...؟! إذا قلنا ذلك فالله بهذا - حاشاه - أخفى سنة نبيه عن عباده. فيكون تعب النبي ثلاثا وعشرين سنة قد ذهب أدراج الرياح. كلا، إن الله  رحيم بعباده ويحب لهم الخير، لذلك نحن نقول: إن الله قد جعل سنة نبيه عند أناس يستطيعون أن يخرجوها للناس كافة دون أن تفقد أو ينقص منها شئ. وهذا هو الذي يفرضه العقل.
أما قولنا: إن الله جعل الصحابة مبلغين عن نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم قبضهم إليه قبل إبراء ذمتهم وإخراج ما عندهم من السنن فهذا قول بعيد عن الصحة لا يصح نسبته لله، فنحن إما أن ندافع عن تراث مئات السنين وإما أن نرفع هذه التهمة عن الله. وهذا هو المرجو من كل مسلم.
أحاديث عثمان بن عفان:
أسلم عثمان في بداية الدعوة على يد أبي بكر. روى له البخاري تسعة أحاديث، ومسلم خمسة، وصلنا عنه 146 حديثا (57). عاش مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثلاثا وعشرين سنة وكان ملازما له كما يقول ابن تيمية، وعاش بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خمسا وعشرين سنة بين الصحابة يأخذ منهم. ومع ذلك لم يصلنا منه إلا 146 حديثا.
ولو كان هذا العدد هو مقدار ما أخذه عثمان عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فهذا يعني أنه كان يحفظ عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) 6 أحاديث كل سنة!! ولا أعتقد أن أحدا يوافقني على هذا.
فلابد أن لدى عثمان الآلاف من الأحاديث. وإذا سألنا أين ذهبت أحاديث عثمان؟ رأينا الهدوء يخيم على المفكرين وعلامات الاستفهام تسرع بالإجابة، وربما يغامر البعض فيقول: إن انشغال عثمان بخلافة المسلمين هو الذي أدى إلى ضآلة عدد الأحاديث التي رويت عنه.
ولكننا نقول: إن عثمان عاش ثلاثا وعشرين سنة قبل استلامه الخلافة فأين ذهب علمه خلال هذه الفترة؟ (58) ثم، إن تفرغه لأمور الدولة لا يمنعه من إيصال سنة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) للناس. فهذا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، كانت مهمته من أصعب المهمات، ومع ذلك استطاع أن يوصل الإسلام الى الناس كاملا كما أنزله الله. ويفترض أن يصلنا عن خليفة المسلمين أكثر من سواه لأنه أكثر احتكاكا بالناس من أبي هريرة مثلا!! والمفترض به أنه يخاطب الجماهير وينقل لهم عن الرسول.
إن عثمان أعلم من أبي هريرة، وأبو هريرة روى 5374 حديثا وعلى هذا فعثمان عنده أكثر من هذا الرقم. فتأمل بربك هذه الخسارة!
أحاديث أبي بن كعب:
يعتبر أبي بن كعب من علماء الصحابة قال فيه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " أقرأ أمتي أبي ". وقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " ليهنك العلم أبا المنذر "، شهد بدرا والمشاهد كلها، وكان عمر يسأله في النوازل ويحتكم به في المعضلات. وكان يسميه: سيد المسلمين، ولما مات أبي قال عمر:
" اليوم مات سيد المسلمين ".
ومرة اختلف أبي وعمر في قراءة آية من القرآن فقال لعمر: " والله يا عمر إنك تعلم أني كنت أحضر ويغيبون، وأدنى ويحجبون ويصنع بي ويصنع بي، والله لئن أحببت لألزمن بيتي ولا أحدث شيئا ولا أقرئ أحدا حتى أموت. فقال عمر: اللهم غفرانك إنا لنعلم أن الله قد جعل عندك علما، فعلم الناس ما علمت ".
وكان أبي صاحب عبادة فلما احتاج الناس إليه ترك العبادة وجلس للقوم، ومات سنة 30 للهجرة (59).
ومع أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) شهد لأبي بالعلم إلا أنه لم يصلنا منه إلا 164 حديثا (60).
فلا ندري هل كان قصد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حين قال لأبي:
" ليهنك العلم أبا المنذر " هو هذا المقدار الذي وصلنا عنه؟ أم أحاديث كثيرة أخذها عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهل يقصد عمر في قوله لأبي
(إن الله قد جعل عندك علما) هذه المائة والأربعة والستين حديثا؟!
إن أبا هريرة عاش مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سنتين وروى 5374 حديثا وأبي عاش مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما يقرب من عشر سنين وشهد أبي على نفسه بأ نه كان يحضر عند النبي، فعلى هذا من المفترض أن تصل أحاديث أبي في هذه العشرة سنين أكثر من عشرين ألف حديث، وأضف لهذه العشر سنين عنده، أنه استفاد من الصحابة بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مدة عشرين سنة. فلابد أن أبي يحفظ عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الآلاف!! ولا أعتقد أن أحدا يخالفني الرأي هذا، وإلا كان رادا لشهادة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في أبي: " ليهنك العلم أبا المنذر "!
فلا مفر من الاعتراف أننا خسرنا آلاف الأحاديث التي كان يحفظها أبي وربما تفرد بالكثير منها!
أحاديث سلمان الفارسي (رضي الله عنه):
سلمان الفارسي يقال له: سلمان الإسلام، وسلمان الخير. سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن سلمان فقال: " من لكم بمثل لقمان الحكيم، امرؤ ذاك منا وإلينا أهل البيت، أدرك العلم الأول والآخر، بحر لاينزف " وقال عنه: " إنه يبعث امة وحده، لقد أشبع من العلم ".
وقالت عائشة: " كان لسلمان مجلس من رسول الله ينفرد به في الليل حتى كاد يغلبنا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " (61).
ولما تلا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هذه الآية: (وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم) (62) قالوا:
يا رسول الله من هؤلاء الذين إن تولينا استبدل بنا ثم لايكون أمثالنا؟ قال: فضرب بيده على كتف سلمان الفارسي (رضي الله عنه)، ثم قال: " هذا وقومه، لو كان الدين عند الثريا لتناوله رجال من الفرس " (63).
ومع كل الذي ورد في علم سلمان من أنه بحر لا ينزف ومن أنه كان له مجلس خاص مع النبي، إلا أنه لم يردنا عنه سوى ستين حديثا (64)! روى البخاري منها أربعة أحاديث، ومسلم خمسة.
ولا ندري، أهذه الستون حديثا هي البحر الذي لا ينزف؟! أم هذا هو علم لقمان الحكيم؟ وهل اشبع سلمان من العلم بستين حديثا فقط؟! أنا أجزم أن عند سلمان الآلاف من الأحاديث يدلنا على ذلك شهادة النبي له بالعلم، ولا ننسى مجلس سلمان الخاص من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والذي نعتقد أنه أخذ الجديد من النبي دون غيره. لقد أخذ سلمان عن النبي وعاش بعده ستا وعشرين سنة، وبهذه الفترة أخذ عن علي وغيره من الصحابة.
فيحق لنا أن نسأل الآن: أين ذهب علم الأولين والآخرين الذي أدركه سلمان؟!
وأين ذهب علم هذا البحر الذي لا ينزف؟ نعم، لقد ضاع ولم يصل إلينا من هذا البحر إلا قطرات. هذه الحقيقة التي يجب الأعتراف بها، فإلى متى الهروب منها والتأويل فيها؟
إن إنكار أن يكون لدى سلمان الآلاف من الأحاديث هو رد صارخ على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي قال عنه " لقد أشبع من العلم "، " بحر لا ينزف ". نعم، لقد فقد علم هذا البحر الذي لا ينزف، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
أحاديث أبي ذر الغفاري (رضي الله عنه):
أسلم أبو ذر رضوان الله عليه في بداية الدعوة وهو أول من جهر بإظهار إسلامه.
عاش أبو ذر مع النبي يسمع ويأخذ منه مدة ثلاث وعشرين سنة. ومع ذلك وصل إلينا منه 281 حديثا (65)!!. فهل نصدق أن أبا ذر عاش مع النبي ثلاثا وعشرين سنة ولم يأخذ عنه سوى 281 حديثا؟ يقول الإمام علي (عليه السلام): (أبو ذر أوعى علما ثم أوكى عليه فلم يخرج منه شئ حتى قبض) (66).
هذه شهادة من صحابي عظيم أن لدى أبي ذر الكثير من السنن التي بقيت معه.
فلا مفر من الاعتراف أن لدى أبي ذر الكثير من السنن بحيث يتجاوز ما عنده ما عند أبي هريرة. وهذا يفرضه واقع الحال.
أحاديث طلحة بن عبيدالله:
أسلم طلحة في بداية الدعوة على يد أبي بكر واختاره عمر ليكون أحد الستة المرشحين للخلافة بعده، يعتبر من كبار الصحابة وعلمائهم، له 38 حديثا في مسند بقي بن مخلد وبالمكرر (67). ولا ندري هل هذا الحجم من الأحاديث هو مقدار ما أخذه طلحة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) طوال ثلاث وعشرين سنة؟ من قال ذلك فهو يزري بطلحة، وليس هناك أحد يقول هذا، ومن قال: إن عنده أكثر من هذا العدد بكثير سألناه: اين ذهب هذا الكثير من السنن؟! سيقال: هو في صدر طلحة، قلنا: فعلى سنة الرسول السلام!!
أحاديث الزبير بن العوام:
روي أنه كان رابع أربعة أو خامس خمسة في الإسلام.
قال عمر فيه: " إن الزبير ركن من أركان الدين " (68).
روي للزبير في كتب الحديث 38 حديثا (69). ولو روى الزبير عن كل يوم عاشه مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حديثا لبلغت أحاديثه قرابة الثمانية آلاف حديث!! أضف لذلك أنه عاش بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خمسا وعشرين سنة أخذ بها عن الصحابة، فكم سيكون رصيده؟!
يقول جميل ابراهيم حبيب: " وهذه الروايات - ما روي عن الزبير - قليلة، سيما إذا قسناها بالفترة الزمنية الطويلة التي قضاها وعاشها الزبير مع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في مكة والمدينة " (70).
وهذا اعتراف ضمني أن عند الزبير سننا لم يخرجها، ويؤيده ما روي أن ابن الزبير قال: " قلت للزبير: إني لا أسمعك تحدث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كما يحدث فلان وفلان؟
 قال: أما أني لم أفارقه!! ولكن سمعته يقول: " من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار " (71).
فالزبير لم يفارق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعنده سنن باعترافه نفسه؟!!
أحاديث عبد الرحمن بن عوف:
عبد الرحمن بن عوف، أحد الثمانية الذين سبقو إلى الإسلام. أسلم على يد أبي بكر. وكان فيما بعد يفتي على عهد أبي بكر وعمر وكانا يستشيرانه، إذ كان أحد أعضاء لجنة الفتوى المكونة من الصحابة (72).
وهو أحد أهل الشورى الذين عينهم عمر ليختاروا خليفة من بينهم، روي عن عبد الرحمن في كتب السنن 65 حديثا (73). ولا ندري أهذا ما أخذه عن النبي طوال ثلاث وعشرين سنة؟ وهل كان أبو بكر وعمر يستشيرانه لأن عنده خمسة وستين حديثا؟ لا أعتقد أن أحدا يقول هذا. إذن، فهل ما أخذه عن النبي
(صلى الله عليه وآله وسلم) يساوي ما أخذه أبو هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد عاش معه سنتين؟! وعلى مدار ثلاث وعشرين سنة وثلاثين سنة عاشها بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أخذ بها ما فاته: يصبح من المعقول أن يكون لديه أكثر من أبي هريرة بكثير، ولكن ماذا تساوي ال‍ 65 حديثا أمام 5374 حديثا؟!
أحاديث زيد بن ثابت الأنصاري:
يعتبر زيد من كتاب الوحي. تعلم كتب السريانية، كان أحد فقهاء الصحابة.
قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " أفرض أمتي زيد بن ثابت ".
قال مسروق: " قدمت المدينة فوجدت زيد بن ثابت من الراسخين في العلم ".
وعن مالك بن أنس: " كان إمام الناس عندنا بعد عمر بن الخطاب زيد بن ثابت يعني بالمدينة ".
كان زيد من علماء الصحابة وبلغ من عظم القدر ان ابن عباس كان يمسك بركابه حين يركب. شهد زيد أحدا والمشاهد كلها، توفي سنة 54 هـ‍ وقيل 52 هـ‍ وقيل 51 هـ‍ (74).
هذا هو زيد بن ثابت، ومع ذلك لا نجد له في كتب السنن إلا حديثا واحدا (75)!!
ولا أدري هل هذا علم الفقهاء والراسخين في العلم، أم إن عند زيد الآلاف من الأحاديث حتى أصبح من الراسخين في العلم وممن يشار لهم بالفتوى؟! أي الرأيين قد جانب الصواب؟
إن قلنا الأول فهو ظاهر البطلان لأن الإنسان لا يصبح فقيها ومتميزا على أقرانه بحفظه حديثا واحدا، فيبقى الاحتمال الثاني وهو: إن عند زيد آلاف الأحاديث.
قال ابن عباس وهو قائم على قبر زيد بن ثابت: " هكذا يذهب العلم " (76)، وبموت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أخذ زيد الحديث عن الصحابة ولمدة أربعين سنة فانظر كم تصبح ثروته من الأحاديث؟ ثم سل: أين ذهبت هذه الثروة الحديثية التي تحملها زيد؟ ولماذا لم يصلنا الينا منها إلا حديث واحد؟ وأليس فقدها فقدا للسنة؟!
أحاديث عبد الله بن عمر بن الخطاب:
أسلم ابن عمر في مكة وهاجر إلى المدينة وشهد الخندق وما بعدها، يعد من فقهاء الصحابة. جاءنا عن ابن عمر 2630 حديثا (77). وقد يظن البعض أن هذا الرقم كبير ولكننا إذا عرفنا حياة ابن عمر وشغفه بطلب الحديث، سنجد أن ابن عمر عنده أضعاف هذا العدد. قال مالك: " إن ابن عمر كان يتبع أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وآثاره وحاله ويهتم به حتى كاد خيف على عقله من اهتمامه بذلك " (78).
وقال الزبير بن بكار: إن كان ابن عمر ليحفظ ما سمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويسأل من حضر - إذا غاب - عن قوله وفعله.
وروى البيهقي في المدخل عن الزهري أنه قال: لا يعدل برأي ابن عمر فإنه أقام بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ستين سنة فلم يخف عليه شئ من أمره ولا من أصحابه (79). وقال نافع: " لو نظرت إلى ابن عمر إذا اتبع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لقلت هذا مجنون ".
وعن مالك أنه قال: " أقام ابن عمر بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ستين سنة تقدم عليه وفود الناس " (80).
لقد عاش ابن عمر مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) راشدا أكثر من عشر سنين. وبعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يسأل أصحابه. ولو عاش ابن عمر مع النبي ثلاث سنين لوجب أن يروي أكثر من 5000 حديث حاله حال أبي هريرة ولا فرق، فابن عمر كان يحضر عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويتتبع آثاره حتى خيف على عقله وإذا غاب سأل. فلماذا وصل إلينا عن أبي هريرة أكثر مما وصل إلينا عن ابن عمر مع تقدم إسلام ابن عمر وشدة اهتمامه بالحديث؟!
وأضف لهذا، ستين سنة قضاها ابن عمر ووفود الناس تقدم عليه وهو يأخذ عن الصحابة الجديد فكم سيصبح لديه من الأحاديث؟ وأين ذهبت أحاديثه؟
الجواب:؟؟؟
 أحاديث عبد الله بن عمرو بن العاص:
له في كتب السنن 700 حديث (81)، فلنر هل يتناسب هذا العدد من الأحاديث مع علم عبد الله وما قيل فيه.
يقول أبو هريرة: " ما من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أحد أكثر حديثا عنه مني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب " (82).
هذا أبو هريرة وهو أكثر الصحابة رواية للحديث، يعترف أن عبد الله أكثر رواية للحديث منه! يقول ابن حجر: " إن أبا هريرة كان جازما بأن ليس في الصحابة أكثر حديثا عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) منه إلا عبد الله، مع أن الموجود المروي عن عبد الله أقل من الموجود المروي عن أبي هريرة بأضعاف مضاعفة " (83).
وقال محمد زهو: " من هنا ترى عبد الله بن عمرو قد توفر لديه من أسباب التحمل للحديث والإكثار منه ما لم يتوفر لغيره فقد تقدم إسلامه وحفظ الحديث بصدره ووعاه بقلبه ودونه بقلمه في الصحف حتى نقل عنه أنه قال: " حفظت عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ألف مثل " (84).
لقد روى عبد الله بن عمرو 700 حديث والمفترض به، أن يروي أكثر مما روى أبو هريرة، فالذي روي عن عبد الله كما يقول محمد زهو: " لا يتناسب مع غزارة علمه وكثرة ما حفظه وكتبه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم يصلنا عنه سوى سبعمائة حديث " (85).
وهكذا نجد أن الفرق بين أحاديث أبي هريرة وعبد الله 4674 حديثا. وهذا الرقم على الأقل كان يجب أن يصل إلينا عن عبد الله لما قرره علماء الحديث، وقبلهم أبو هريرة، من أن عبد الله تحمل أكثر من أبي هريرة.
إن الذي ينبغي أن يقف عنده الباحثون هو: أين بقية العلم الذي حمله عبد الله والذي يفوق ما حمله أبو هريرة؟! لو قال العلماء إن مرويات عبد الله تساوي مرويات أبي هريرة لكانت خسارتنا 4674 حديثا، ولكن الطامة: ان عبد الله كما يقولون: تحمل أكثر من أبي هريرة!
وعبد الله يقول: إنه حفظ عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ألف مثل، فأين هذه الألف من السبعمائة؟! فليلاحظ حجم هذه الثروة التي خسرناها. لقد خسرنا على الأقل 4674 حديثا، وبطبيعة الحال، هذه الأحاديث تحتوي على تشريعات وعقائد وآداب...
وفي هذه اللحظة يستطيع كل مسلم أن يختبر نفسه. فالغيور على الإسلام وعلى السنة ستثور ثائرته على فقدان هذه الثروة والتي تفوق ما في صحيح البخاري - بدون تكرار -!!! ولا نعجب إذا ثار البعض علينا بعد هذه الحقيقة الناصعة حمية منهم على موروثاتهم، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
أحاديث عبد الله بن مسعود:
كان من السابقين إلى الإسلام، شهد المشاهد كلها، روي له في كتب السنن 848 حديثا (86). فهل يتناسب هذا الرقم مع طبيعة حياة ابن مسعود وطول فترة ملازمته للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ لنر.
ورد في الصحيحين أن أبا موسى الأشعري قال: " قدمت أنا وأخي من اليمن فمكثنا حينا لا نرى ابن مسعود وامه إلا من أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما نرى من كثرة دخوله ودخول أمه على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولزومه له ".
 ويؤكد القاسم بن عبد الرحمن علاقة ابن مسعود بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث يقول:
" كان عبد الله بن مسعود يلبس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نعليه ثم، يمشي بالعصا حتى إذا أتى مجلسه نزع نعليه فأدخلهما في ذراعيه وأعطاه العصا " (87).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " استقرؤا القرآن من أربعة من عبد الله،... " (88).
وجعل عمر عبد الله على بيت مال الكوفة وكتب إلى أهلها: " بعثت إليكم عمار أميرا، وعبد الله بن مسعود معلما ووزيرا، وهما من النجباء من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومن أهل بدر، فاقتدوا بهما، قد آثرتكم بعبدالله على نفسي " (89).
وقال أحد معاصريه فيه وهو ابو مسعود: " ما أعلم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ترك بعده أعلم بما أنزل الله من هذا القائم - يقصد ابن مسعود - ".
وسئل علي (عليه السلام) عن عبد الله فقال: " علم القرآن والسنة ثم انتهى وكفى بذلك علما " (90).
وقال عقبة بن عامر: " ما أدري أحدا أعلم بما نزل على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من عبد الله بن مسعود، فقال أبو موسى: إن تقل ذلك، فإنه كان يسمع حين لا نسمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويدخل حين لا ندخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ".
وقال عبد الله عن نفسه: " والذي لا إله غيره ما من كتاب الله سورة إلا وأنا أعلم حيث أنزلت، وما من آية إلا وأنا أعلم فيما انزلت، ولو علمت أني أعلم أن رجلا أعلم بكتاب الله مني تبلغه الإبل لأتيته " (91).
 وقال أبو الدرداء حين توفي ابن مسعود: " ما ترك بعده مثله ".
هذا ما جاء في ابن مسعود وهذه أحاديثه 848 والبصير يدرك إن عند عبد الله أضعاف هذا الرقم من الأحاديث. انظر إلى قول عقبة بن عامر: ما أدري أحدا أعلم بما نزل على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من عبد الله. وقال علي فيه: (علم القرآن والسنة ثم انتهى وكفى بذلك علما).
فلا يعقل أن يكون هذا العدد المروي هو ما أخذه عن رسول الله. إذ كيف يعقل أن رجلا عاش مع النبي ثلاث وعشرين سنة لا يفارقه حتى عد من أهل بيته لا يحفظ عن النبي سوى 848 حديثا.
أحاديث عمران بن حصين:
عمران بن حصين، من السابقين إلى الإسلام له في كتب السنن 180 حديثا (92)!
عن مطرف قال: " قال لي عمران بن حصين: أي مطرف، والله إن كنت لأرى أني لو شئت حدثت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يومين متتابعين لا أعيد حديثا... " (93).
وعن عمران بن حصين قال: " سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أحاديث سمعتها وحفظتها ما يمنعني أن أحدث بها إلا أن أصحابي يخالفونني فيها " (94).
عمران - إذن - يستطيع أن يتحدث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يومين متتابعين لا يعيد حديثا. وأنه سمع من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أحاديث وحفظها ولكن يمتنع أن يتحدث بها! فهل هناك أبلغ من هذين النصين دلالة على ضياع السنة؟!
لقد وصلنا عن عمران 180 حديثا وهذه الأحاديث يستطيع أن يقرأها المرء خلال ساعتين أو أقل. ولكن لنحاول أن نخمن كم عند عمران من الأحاديث. فلو افترضنا أنه كان يقرأ حديثا واحدا كل دقيقة ففي ثمان وأربعين ساعة - يومين متتابعين - يستطيع أن يقرأ 2880 حديثا!!! ولنفترض أنه يقرأ ألف حديث في يومين متتابعين حتى لا يقال أننا مبالغون، فهذا يعني إننا خسرنا حوالي ثمانمائة حديثا كان يحفظها عمران ولم يتحدث بها، وهذه الكمية التي بقيت في صدر عمران نستطيع أن نعمل منها موطأ أكبر من موطأ مالك!!!
فيالهؤلاء القوم الذين استخفوا بسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)!!
أحاديث عبد الله بن عباس:
ولد ابن عباس في شعب أبي طالب قبل الهجرة بثلاث سنوات، روي له في كتب السنن 1660 حديثا (95) وهذاالرقم لا يتناسب مع علم ابن عباس وماقيل فيه.
دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) له فقال: " اللهم علمه الحكمة وتأويل الكتاب " (96)، و " اللهم علمه الكتاب " (97)، و " اللهم فقهه " (98).
قال الحسن بن علي (عليه السلام) عنه: " كان ابن عباس من الإسلام وكان من القرآن بمنزل، وكان يقوم على منبرنا هذا فيقرأ البقرة وآل عمران فيفسرهما آية آية " (99).
وكان عمر إذا عرضت له معضلة قال لابن عباس: " انها قد طرأت علينا أقضية وعضل فأنت لها ولأمثالها " (100)، وكان يقول لابن عباس " أشهد إنك تنطق عن بيت نبوة "، وقال فيه عبد الله بن مسعود: " نعم ترجمان القرآن ابن عباس " (101).
وقيل لطاووس بن كيسان - أحد تلامذته -: لزمت هذا الغلام - أي ابن عباس -، وتركت الأكابر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!
قال طاووس: " إني رأيت سبعين رجلا من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا تدارؤوا في أمر صاروا إلى قول ابن عباس ".
وقال تلميذه عطاء بن أبي رباح يصف مجلسه: " ما رأيت أكرم من مجلس ابن عباس، أصحاب الفقه عنده، وأصحاب القرآن عنده، وأصحاب الشعر عنده، يصدرهم كلهم من واد واسع ".
وقال ابن أبي مليكة: رأيت مجاهدا سأل ابن عباس عن تفسير القرآن ومعه ألواحه، فقال ابن عباس: اكتب، حتى سأله عن التفسير كله " (102).
وقد انكب ابن عباس بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على طلب العلم. روى الدارمي في مسنده عن عبد الله بن عباس أنه قال: " لما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قلت لرجل من الأنصار: هلم فلنسأل أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فانهم اليوم كثير. قال واعجبا لك، أترى الناس يفتقرون إليك، قال: فتركت ذلك الرجل واقبلت اسأل، فإن كان ليبلغني عن رجل فآتي بابه وهو قائل فأتوسد ردائي على بابه يسفي الريح علي من التراب فيخرج فيراني، فيقول: يا ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما جاء بك؟ هلا أرسلت إلي فآتيك فأقول: لا، أنا أحق أن آتيك فأسألك عن الحديث. فعاش ذلك الرجل الأنصاري حتى رآني وقد اجتمع الناس حولي يسألونني فقال: هذا الفتى كان أعقل مني " (103).
يقول ابن عباس عن نفسه: " إن كنت لأسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) " (104).
وكان ابن عباس يأتي أبا رافع فيقول: ما صنع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم كذا، ومع ابن عباس من يكتب ما يقول " (105).
هذا هو ابن عباس " ولا غرو إنه بهذا الجد والجهد والحرص والنشاط تمكن من جمع ثروة علمية قل نظيرها في ذلك الزمان " (106).
ولا ننسى أن ابن عباس عاش بعد النبي 58 عاما أخذ بها عن الصحابة الكثير، يقول الاستاذ محمد أبو النصر عن ابن عباس: " ولم يقتصر في أخذ الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لحداثة سنه وصغره عند موت النبي الكريم، بل أخذ عن أصحاب رسول الله علما عظيما " (107).
فهل يعقل بعد هذا أن يكون مقدار ما حفظه ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هو 1660 حديثا؟! من قال هذا فهو مزر بكل الشهادات المتقدمة. ولو قلنا: إن ابن عباس عاش مع النبي راشدا ثلاث سنين لوجب أن يصل إلينا عنه أكثر من خمسة آلاف حديث حاله حال أبي هريرة، أضف لهذا 58 سنة قضاها يأخذ عن الصحابة، فيصبح عنده آلاف الأحاديث.
قال عنه عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود - أحد الفقهاء السبعة: " إن ابن عباس قد فاق الناس بخصال تتمثل بعلم من سبقه، وفقه فيما احتيج إليه من رأيه، وحلم ونسب، وتأويل، وما رأيت أحدا كان أعلم - منه - بما سبقه من حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)... ولقد كان يجلس يوما ولا يذكر فيه إلا الفقه، ويوما التأويل، ويوما المغازي، ويوما الشعر، ويوما أيام العرب، ولا رأيت عالما قط جلس إليه إلا خضع له، وما رأيت سائلا قط سأله إلا وجد عنده علما " (108).
وهذا دليل على ما توصلنا إليه، فابن عباس حسب قول عبيدالله لا يفوقه أحد في العلم بحديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا أبوهريرة ولا ابن عمر ولا أنس، وقال ابن عباس عن نفسه: " حفظت السنة كلها " (109) فهل هذه الألف والستمائة حديث كل السنة؟! وتصور بربك إنه كان يجعل يوما للفقه ويوما للتأويل... فهل كان يقضي عشرات السنين بهذه الألف والستمائة والستين حديثا؟!! فكم يا ترى حصيلة ابن عباس من السنن؟ يقول محمد الأعظمي: " ومن الممكن تقدير مكتبته ولو على سبيل الظن والتخمين من قول موسى بن عقبة: " وضع عندنا كريب - مولى ابن عباس توفي 98 هـ‍ - حمل بعير، أو عدل بعير من كتب ابن عباس " (110).
وقال ابن حزم: " وقد جمع أبو بكر محمد بن موسى بن يعقوب بن أمير المؤمنين المأمون فتيا عبد الله بن العباس في عشرين كتابا " (111).
لقد بلغ ما كتبه ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حمل بعير ومع ذلك لم يصل إلينا منه إلا 1660 حديثا، فأين ذهب باقي حمل البعير هذا؟
وكل مسلم يعرف أن الصحاح الستة يمكن أن يحملها بعير (112) وفيها آلاف الأحاديث!!
 أحاديث زيد بن أرقم:
غزا زيد بن ارقم مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سبع عشرة غزوة (113) توفي سنة 68 هـ‍ (114).
وصل إلينا عن زيد 70 حديثا (115)!! أفنصدق أن زيدا الذي عاش مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثلاثا وعشرين سنة، وبعده 58 سنة لم يحفظ إلا سبعين حديثا؟
قيل لزيد بن أرقم: حدثنا، فقال: " والله لقد كبرت سني وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)... " (116).
إن زيدا لا يتحدث بحجة أنه كبر ونسي والحديث صعب. وكلامه هذا يدل على أن عنده سننا ولكنه نسيها...!
فأين هذه السنن التي نسيها والتي يصعب التحدث بها؟!!
ومن يضمن لنا أن لا يكون زيد قد تفرد بأحاديث تشريعية نسيها فيما نسى أو استصعب نطقها؟ لا أحد.
ولكن الله (117) ضمن إيصال سنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) لعباده كاملة، ولا يمكن أن يتركهما عند الصحابة، لأنه يعلم ان منهم من سينسى كزيد وأنس أو يستصعب نطقها... وهذا هو المطلوب.
أحاديث معاذ بن جبل:
معاذ بن جبل الخزرجي له في كتب السنن 155 حديثا (118). روي أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) شهد له بالعلم، حيث جعله أعلم أمته بالحلال والحرام .
 ولما خرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى حنين استخلف معاذا على أهل مكة ليعلم الناس القرآن ويفقههم في الدين (119). واختاره الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ليكون قاضيا على اليمن (120) وروي أنه كان يفتي على عهد رسول الله (121).
وكان عمر يقول: " من أراد الفقه فليأت معاذ بن جبل " (122).
ولما خرج معاذ إلى الشام قال عمر: " لقد أخل خروجه بالمدينة وأهلها في الفقه، وفيما كان يفقههم به " (123).
" وقد كان لمعاذ بن جبل (رضي الله عنه) نشاط علمي في كثير من أقطار الدولة الإسلامية، ففي أي بلد حل اتخذ له مجلسا في مسجد يفقه الناس ويفتيهم ويعلمهم أمور دينهم " (124).
قال أبو مسلم الخولاني: " أتيت مسجد دمشق، فإذا حلقة فيها كهول من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإذا شاب فيهم أكحل العين، براق الثنايا، كلما اختلفوا في شئ ردوه إلى الفتى، قال: قلت لجليس لي: من هذا؟ قال هذا معاذ بن جبل " (125).
بعد هذا، هل نصدق أن ما أخذه معاذ عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) 155 حديثا؟! من قال هذا فهو مزر بمعاذ، ومن قال إن عنده الكثير، قلنا له: أين هذا الكثير؟ وأين علم الحلال والحرام الذي احتمله معاذ؟
أليس من المؤسف أن تجدوا السنن التي أخذها معاذ عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والتي جعلت منه مفتي الصحابة وأعلم الأمة بالحلال والحرام: في صدر معاذ لا غير!
أحاديث أبي هريرة:
على الرغم من أننا أنكرنا على أبي هريرة تفرده بهذا الرقم من الأحاديث - 5374 - في أبحاث متقدمة إلا أننا سنقتصر في هذا البحث على قوله بأن عنده سننا لم يخرجها.
ورد عن أبي هريرة قوله: " أحفظ عن رسول الله وعاءين: فأما أحدهما فبثثته وأما الآخر لو بثثته لقطع هذا البلعوم ".
وفي المحدث الفاصل: " أن أبا هريرة حفظ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خمسة جرب أحاديث، وقال: إني أخرجت منها جرابين، ولو أخرجت الثالث لرميتموني بالحجارة " (126).
اذا كان أبو هريرة يحفظ من الأحاديث خمسة جرب وأخرج منها جرابين فكانت 5374 حديثا فكيف لو أخرج الجرب الثلاثة الباقية؟!! بل قل: لماذا لم يخرجها؟ هل خاف أن يقطعوا بلعومه؟ ألم يكن هذا الصحابي الكبير قد عاش في خير القرون؟ فلماذا الخوف إذن؟!! وهل يأتمن الله على دينه من يخاف تبليغه؟!
إن جرابين من جرب أبي هريرة، كان فيهما 5374 حديثا، ففي الجرب الثلاثة الباقية خفيت قرابة ثمانية آلاف حديث على أقل تقدير، وكلها بقيت مع أبي هريرة، وهذا العدد من الأحاديث نستطيع أن نعمل منه كتابين بعدد صحيحي البخاري ومسلم!!
 أحاديث أنس بن مالك:
يعد أنس من المكثرين في الصحابة، له 2286 حديثا (127). عاش مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثلاثا وعشرين سنة، أما كم حصل من الأحاديث في هذه المدة؟ فنتركها للقارئ اللبيب، ولكننا سنأخذ قول أنس التالي ونعلق عليه، قال: إنه ليمنعني أن أحدثكم حديثا كثيرا، أن رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " من تعمد علي كذبا فليتبوأ مقعده من النار " (128).
لنعد النظر في قول أنس: إنه ليمنعني أن أحدثكم حديثا كثيرا... فماذا يعني هذا؟
هل ما رواه أنس قليل وعنده الكثير غيره؟!
إن قول أنس ينطق بهذا المعنى.
فأين هذا الحديث الكثير الذي امتنع أنس عن التحدث به؟! الجواب: ستجدونه في صدر أنس!
ولا بد أنه أضعاف ما جاء عنه لأن قول أنس السابق يجعل ما جاء عنه قليلا.
قال إبراهيم الشهاوي: " وكان (رضي الله عنه) - أي أنس - أعلم الصحابة بسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " (129) وعلى قول الشهاوي هذا فإن أنس أعلم من أبي هريرة، ولكن ماذا يساوي رقم 2286 أمام رقم 5374؟!!
 أحاديث حسان بن ثابت:
هو الصحابي المعروف وشاعر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم). عاش مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عشر سنين، فحفظ حديثا واحدا (130)!!
عاش حسان ستين سنة في الجاهلية وستين سنة في الإسلام. نعم، عاش بعد النبي خمسين سنة ولا ندري هل بقي خلال هذه الخمسين سنة يتحدث بحديث واحد؟!!
أم أنه كان يحفظ الآلاف من الأحاديث كما يقرر العقل السليم؟ ولماذا يروي أحد الصحابة خلال سنتين 5374 حديثا ولا يروي حسان في عشر سنين إلا حديثا واحدا؟
فأين ذهبت أحاديثه؟! نحتاج لجواب.
أحاديث صهيب الرومي:
عن عمرو بن دينار عن صيفي بن صهيب قال: قلت لأبي صهيب: مالك لاتحدث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كما يحدث أصحابك؟ قال: أي بني قد سمعت كما سمعوا، ولكن يمنعني من الحديث أني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: " من كذب علي متعمدا... " (131).
وعن صهيب قال: " صحبت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل أن يوحى إليه " (132).
مع أن صهيب صحب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وسمع منه وعاش بعده فترة طويلة. إلا انه لم يردنا عنه سوى ثلاثين حديثا (133)! فلماذا يمتنع صهيب عن رواية الحديث؟ وأليس في عدم تحدثه بأحاديث سمعها تضييع لهذه السنن؟!
 أحاديث أبي أسيد الساعدي:
عن أبي أسيد الساعدي قال: " كنت أصغر أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأكثرهم منه سماعا " (134).
إذا كان أبو أسيد الساعدي أكثر أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سماعا فهو أكثر سماعا من عبد الله بن عمر وأنس وأبي هريرة، ولكن، ما وصل إلينا عنه أقل مما وصل إلينا عن هؤلاء بكثير. نعم، وصل إلينا عنه ثمانية وعشرون حديثا (135)!! فكم فقدنا من حديث هذا الصحابي يا ترى؟
من لم يرو شيئا من الصحابة:
1 - عبد الرحمن بن حنبل (136).
2 - ثمامة بن عدي من المهاجرين الأولين شهد بدرا (187) ولم يحفظ عنه حديث.
3 - زياد بن حنظلة التيمي " شهد مع علي المشاهد كلها " (138).
4 - تمام بن العباس: " ولا يحفظ له عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رواية من وجه ثابت " (139).
 من روى حديثا واحدا:
1 - مهران مولى رسول الله (140).
2 - سهل بن حنيف: وهو من السابقين شهد المشاهد كلها توفي سنة 38 هـ‍ (141).
3 - ابن أبي عمارة المدني. قال المزني: له حديث واحد في المسح على الخفين (142).
4 - سعد بن عباد: له في مسند بقي بن مخلد حديث واحد (143).
5 - آبى اللحم الغفاري.
6 - أدرع السلمي.
7 - بشير بن جحاش القرشي.
8 - ربيعة بن عامر (144).
من روى حديثين:
1 - عبد الله بن حنظلة الغسيل (145).
2 - شرحبيل بن حسنة (146) أسلم قديما ومات سنة 18 هـ‍.
3 - حارثة بن النعمان: شهد بدرا والمشاهد كلها وأدرك خلافة معاوية (147).
إن هناك الكثير من الصحابة لم يرووا إلا حديثا واحدا أو اثنين.. وهذه عينات نتركها للقارئ اللبيب ليعمل حساباته!
 مائة واثنا عشر ألف صحابي لم يرووا شيئا!!!
قال الحافظ أبو زرعة الرازي: " توفي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن رآه وسمع منه زيادة على مائة ألف إنسان من رجل وامرأة وهذا لا تحديد فيه، وكيف يمكن الإطلاع على تحرير ذلك مع تفرق الصحابة في البلدان والبوادي والقرى ".
وقال: " قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن مائة ألف وأربعة عشر ألفا من الصحابة ممن روى وسمع منه " (148).
قال العراقي: " وروى الساجي في المناقب بسند جيد عن أبي زرعة قال: قبض رسول الله والمسلمون ستون ألفا، ثلاثون ألفا بالمدينة وثلاثون ألفا في قبائل العرب وغير ذلك. قال: ومع هذا فجميع من صنف من الصحابة لم يبلغ مجموع ما في تصانيفهم عشرة آلاف مع كونهم يذكرون من توفي في حياته
(صلى الله عليه وآله وسلم) ومن عاصره وأدركه صغيرا " (149).
وقال ابن حجر: " فجمعت كتابا كبيرا في ذلك - أي في إحصاء عدد الصحابة وتراجمهم - ميزت فيه الصحابة من غيرهم، ومع ذلك لم يحصل لنا من ذلك جميعا الوقوف على العشر من أسامي الصحابة " (150).
إن عدد الصحابة مائة وأربعة عشر ألف صحابي، وكلهم رأى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وسمع منه كما يقول أبو زرعة، ولكن المعروف من هؤلاء أحد عشر ألف وستة وعشرون صحابيا كما في الإصابة، فهناك مائة وثلاثة آلاف صحابي (151) لا نعرف أسمائهم ولم يردنا عنهم خبر!!! وهذه والله النازلة الكبرى والمصيبة العظمى، فالصحابة المعروفون - وهم الأحد عشر ألفا وستة وعشرون صحابيا - لم يرو إلا عن 1565 منهم (152). فالنتيجة النهائية تدلنا على أن هناك أكثر من مائة واثني عشر ألف صحابي لم يرو عنهم شئ!!!
إن الأحاديث الصحيحة التي في كتب السنن قد تبلغ أربعين ألف حديث - دون تكرار - وهذا يعني أن 1565 صحابيا رووا أربعين ألف حديثا!! فلو وصلت إلينا روايات هؤلاء المائة والاثني عشر ألف صحابي فكم سيصبح عندنا من الحديث؟!!!
ألا يحق للمسلم أن يقوم ويقعد لهذه الطامة؟ ومهما عاند المعاندون فالحقيقة ستبقى قائمة على أن أكثر السنن ضائعة (153)، ومن يقول عن الشمس التي في كبد السماء نهارا بأنها غائبة فليراجع عقله!

خاتمة المطاف في أحاديث الصحابة

لقد أثبتنا بالأرقام والحروف، بما لا يدع مجالا للشك، أن كل صحابي يحفظ الآلاف من الأحاديث، ولكننا فقدنا الكثير منها. ولابد من التأكيد على أن كل صحابي عنده من السنن ماليس عند غيره، يقول الدكتور عبدالغني عبد الخالق: " ولقد تكون صحبة الواحد منهم له (صلى الله عليه وآله وسلم) ساعة واحدة ويكون منفردا بها ويصدر في هذه الساعة ما لم يطلع غيره أصلا، ولذلك وجب القول بأن كل فرد من الصحابة يحتمل انه قد حمل شيئا من السنة لم يحمله غيره " (154).
 ولا شك في أن هناك كثيرا مما لم يصل الينا من السنن التي تفرد بها الصحابة الأكثر اتصالا بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كأبي بكر وعمر وعلي وعثمان (155) وابن مسعود، وسلمان الذي كان له مجلس متميز من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
يقول ابن تيمية: " وقد كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يحدث، أو يفتي أو يقضي، أو يفعل الشئ، فيسمعه أو يراه من يكون حاضرا ويبلغه أولئك - أو بعضهم - لمن يبلغون فينتهي علم ذلك إلى من شاء الله من العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، ثم في مجلس آخر قد يحدث أو يفتي، أو يقضي، أو يفعل شيئا، ويشهده بعض من كان غائبا عن ذلك المجلس ويبلغونه لمن أمكنهم فيكون عند هؤلاء من العلم ماليس عند هؤلاء، وعند هؤلاء ما ليس عند هؤلاء " (156).
وقال ابن سعد في طبقاته: " قال محمد بن عمر الأسلمي: إنما قلت الرواية عن الأكابر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأنهم ماتوا قبل أن يحتاج إليهم "!! وقال: " ومنهم من لم يحدث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شيئا ولعله أكثر له صحبة ومجالسة وسماعا من الذي حدث عنه!! ولكنا حملنا الأمر في ذلك منهم على التوقي في الحديث... وعلى الاشتغال بالعبادة والأسفار في الجهاد في سبيل الله حتى مضوا فلم يحفظ عنهم عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) شئ " (157).
تأمل أخي القارئ في هذه الشهادة؟ ألا تعني أن هناك صحابة لم يرووا شيئا مع انهم أكثر سماعا وصحبة ممن رووا عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟! وأليس هذا اعترافا منه بضياع السنن وإن لم يصرح بذلك؟!
 أما قوله " حملنا الأمر في ذلك منهم على التوقي في الحديث... وعلى الاشتغال بالعبادة والأسفار... " فهو يعني أن الله لم يختر الصحابة لتبليغ دينه لأنه (158) يعلم أن السفر والجهاد والاشتغال بالعبادة والتوقي في الحديث سيمنعهم من الرواية!! وهذا ما لا يقبله المنطق السليم، فالله لا يقبل بهذا لأن إبقاء السنن في صدورهم معناه إضعاف الإسلام وتعطيل مواده!
وهذه الأسباب التي ذكرها، ليست بمانع للرواية عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فالصحابة لم يكونوا منشغلين بالعبادة والأسفار في الجهاد مثل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومع ذلك استطاع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يوصل الإسلام كاملا.
ويعترف رشيد رضا السلفي بضياع السنن حيث قال: " ونحن نجزم بأننا نسينا وأضعنا من حديث نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) حظا عظيما!!!! لعدم كتابة علماء الصحابة كل ما سمعوه ولكن ليس منه ما هو بيان للقرآن أو من أمور الدين " (159).
لا أدري كيف علم رشيد رضا بأن هذه الأحاديث المنسية الضائعة ليست مما هو بيان للقرآن وأمور الدين وهي مفقودة؟! فإذا كان قد اطلع عليها فهي ليست ضائعة!
فقوله هذا مجرد ظن لا يعول عليه.. ولذلك فنحن نقبل شهادته ولا نقبل تأويله. وقال محمد محي الدين عبد الحميد: " فأما سنة رسول الله فلم تكتب، وليس فيهم - أي الصحابة - من يدعي حفظها جميعها ولا أكثرها، وكل واحد منهم قد فاته من قول الرسول أو فعله الشئ الكثير "  .
وقول محيي الدين بأن كل صحابي قد فاته من سنة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الشئ الكثير، هو اعتراف ضمني بضياع السنن.
ويعترف أبو شهبة صاحب كتاب - دفاع عن السنة - بضياع السنة والأخبار، فبعد ان ذكر أن أكثر الصحابة من الأعراب قال عنهم بأنهم: " حضروا حجة الوداع ثم رجعوا إلى البادية فلم يعلم عنهم خبر وكثير منهم مات في حروب الردة، وفي الفتوحات في عهد أبي بكر وعمر (160) وفي الطاعون العام كعمواس وغير ذلك، وكل هذا من أسباب خفاء الأسماء وضياع الأخبار!! " .
فتأمل عبارته " وضياع الأخبار "!! إنها تتضمن المعنى نفسه في قولنا: ضياع السنة، ولكن اللفظ مختلف!!
والآن بعد أن أثبتنا ضياع الكثير من السنة نأتي للسؤال التالي: هل حمل الله الصحابة سنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) لينقلوها لمن بعدهم؟!
أرى أن الجواب واضح، فلو جعل الله الصحابة نقلة الدين، لكان عالما بتضييع سنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) - والعياذ بالله - لأن كثيرا من السنن سواء كانت تشريعية، أو عقائدية أو أخلاقية قد بقيت في صدور اولئك المائة وعشرة آلاف صحابي، فكيف يمكن التصديق بأن الله  قد اختارهم لتبليغ دينه، وهو يعلم بذهاب السنن معهم وضياعها؟!! ولابد من القول أن الله قد اختار لتبليغ دينه بعد نبيه أناسا قد حفظوا السنة ووعوها، لكي تنقل هذه السنة المدونة من شخص مختص بها إلى غيره، وهذه أضمن طريقة لبقاء الإسلام.
ألا ترى أن الإسلام كان موجودا بوجود الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بحيث إذا ذهب تفرقت الأمة؟
أما القول: إن الله قد وزع دينه على 114 ألف صحابي ليبلغوه للناس - مع علمه بأنه لن يروى إلا عن 1565 منهم - فهو افتراء باطل على الله عزوجل شأنه العظيم!
وينبغي - لقارئنا الكريم - أن يعرف: أن هذه السنن التي بقيت في صدور الصحابة، فيها المقيد والمخصص والناسخ والمفصل، وهذا مما يجعلنا أمام مشكلة كبرى، فمن يدري، بأننا ربما نمارس بعض الأحكام المقيدة أو المخصصة أو المنسوخة بالسنن التي ضاعت وبقيت في صدور الصحابة؟! مع العلم أنه لا يجوز العمل بالمطلق قبل الفحص عن مقيده ولا العام قبل الفحص عن مخصصه، وكذلك يتوقف العمل بالنص إذا احتمل وجود ناسخ، ولكن كيف يمكننا أن نعرف: أن الأحكام التي وصلتنا غير مقيدة أو مخصصة أو منسوخة، والسنة التي تبين هذه الأمور مفقودة؟!
إن في هذا المنهج - منهج أهل السنة والجماعة - ضياعا لكثير من الآثار النبوية والتي لا يستغني عنها المسلم. فلو أن الله جعل هذا المنهج هو المعبر عن دينه لما سمح بضياع نص واحد، ومن هذا نعلم أن الله لم يختره، كما أن الله لم يقبض نبيه محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا بعد أن أكمل الدين وبين كل ما يحتاجه الناس. ولو أن الله جعل الصحابة سفراءه في التبليغ لاستلزم ذلك إبقاءهم أحياء حتى يخرجوا كل ما عندهم من سنة الرسول
(صلى الله عليه وآله وسلم) وبذلك تبرأ ذمتهم أمام الله والأجيال ثم يقبضهم الله إليه.
ولو افترضنا - أيضا - أن الله اختار الصحابة لينقلوا دينه للناس، للزم ذلك عدم موت هذا الجم الغفير منهم والذي يقدر ب‍ 114 ألف صحابي في عصر من العصور ويلزم ذلك، إذا سئل أحدهم عن أمر ما أن يجتمعوا من جميع أقطار الأرض ليتداولوا فيه ويطرحوا ما عندهم من سنن بخصوص المسألة المطروحة، ويبحثوا فيما إذا كان هناك مقيد أو مخصص أو ناسخ في تلك السنن وصولا الى الجواب المطلوب. وإلا لو سئل أحدهم وأجاب حالا فلربما يقع في الخطأ وذلك لاحتمال وجود الناسخ أو المقيد أو المخصص مع صحابي آخر.
لكل هذا نقول: يجب على من يخلف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في مهمته أن يكون على علم تام بالسنة النبوية وعلومها، وأن يتم تداول هذا العلم بين خلفاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى قيام الساعة. هذا ما يفرضه العقل والشرع.

 ضياع السنة في عهد التابعين

لقد تم فقدان الكثير من السنة في عهد التابعين، إضافة الى مافقد منها في عهد الصحابة. وفي الصفحات التالية نقدم الأدلة التي تؤكد ذلك وبالتفصيل.
أبو قلابة عبد الله بن زيد البصري (161):
" كتب أحاديث كثيرة، وجمع ثروة علمية لا تقدر، وكان يقول: الكتاب أحب إلي من النسيان ".
وأوصى أبو قلابة بكتبه فقال: " ادفعوا كتبي إلى أيوب إن كان حيا وإلا فاحرقوها (162)!! فجئ بها عدل راحلة من الشام " (163).
إن كتب ابن قلابة تعدل راحلة، فهل وصلت إلينا مضامين كتبه؟! أعتقد أنه لم يصل إلينا منها إلا القليل، وفقدها خير دليل على ذلك!
ذكوان أبو صالح السمان:
قال الأعمش " كتبت عن أبي صالح ألف حديث " (164) وكانت لدى سهيل بن أبي صالح صحيفة عن أبيه، وللأسف، لم يخرج البخاري منها شيئا (165)، وإذا كان مسلم قد أخرج منهاماهو مثبت في صحيحه، فإنه لم يستوعبها كلها. فياترى أين نجد الألف حديث التي كتبها الأعمش عن أبي صالح؟ فما وردنا عن الأعمش قليل بالنسبة لألف حديث!
الشعبي:
هو من كبار التابعين ورد عنه قوله: " ولقد نسيت من العلم ما لو حفظه أحد لكان به عالما!! " (166).
إن الشعبي قد نسي من الحديث ما لو حفظه أحد لكان عالما، وأقل عالم في ذلك الزمان كان يحفظ عشرة آلاف حديث، فهذا يعني أن الشعبي نسي الآلاف من الأحاديث!!
وزد على ذلك أن ما كان يحفظه الشعبي قد اندرس قسم كبير منه. فلقد كانت للشعبي كتب عدة، منها: كتاب الجراحات، كتاب الصدقات، الفرائض، كتاب في الطلاق وله مجموعة فقهية من الأحاديث (167) " ولا ندري عن هذه المجموعة الفقهية شيئا " (168) فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة!!
عبيدة بن عمرو السلماني المرادي:
من فقهاء الكوفة كانت عنده كتب كثيرة، فدعا بها عند موته فمحاها، وقال:
أخشى أن يليها أحد بعدي فيضعوها في غير موضعها (169).
هذا تابعي محا كتبه التي جمع فيها السنة، وهذا محو للسنة!
عروة بن الزبير بن العوام:
من كبار التابعين جمع أحاديث عائشة في حياتها " ويبدو أنه جمع كمية كبيرة من الكتب، وأحرق إما بعضها أو كلها، تحت مؤثرات شتى، وكان يتألم بعد ذلك على ما فعل " (170).
روى معمر عن هشام بن عروة، قال: أحرق أبي يوم الحرة كتب فقه كانت له، قال: فكان يقول بعد ذلك: لأن تكون عندي أحب إلي من أن يكون لي مثل أهلي ومالي " (171). هكذا تذهب أحكام الإسلام التشريعية. ونحن نتألم على ضياع كتب الفقه هذه كعروة، لكن الفرق أنه فقدها بإرادته أما نحن فمن ضحايا التاريخ.
أبو بكر بن حزم الأنصاري:
تابعي فقيه قال مالك عنه: " لم يكن أحد بالمدينة عنده من علم القضاء ما عند أبي بكر بن حزم... وقد أوصاه عمر أن يكتب له ما عند خالته عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية وما عند القاسم بن محمد بن أبي بكر ولم ينقل إلينا شئ عن الذي انجزه أبو بكر ابن حزم، ولعله ضاع فيما ضاع من ثروتنا عبر القرون " (172)!!
وقد أرسل ابن حزم الأنصاري الى عمر بن عبد العزيز كتبا " ويبدو انه لم يحتفظ بنسخة من كتبه، لأنه عندما سئل ابنه عن مصير تلك الكتب قال: ضاعت " (173).
وهكذا تضيع مواد الإسلام، ولا أدري هل جعل الله سنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) عرضة للضياع أم إنه حفظها عند من يقدر قيمتها؟
 الحسن البصري:
من مشاهير التابعين، وكان عند الحسن كتب (174) لكنه للأسف أحرقها. قال سهل بن حصين بن مسلم الباهلي: " بعثت إلى عبد الله بن الحسن بن أبي الحسن ابعث إلي بكتب أبيك، فبعث إلي: انه لما ثقل، قال: اجمعها لي، فجمعتها له، وما ندري ما يصنع بها، فأتيته بها، فقال للخادم: استجري التنور، ثم أمر بها، فأحرقت غير صحيفة واحدة، فبعث بها إلي... " (175).
فليتأمل العقلاء كيف تحرق السنن وتندرس. ومن المؤكد أن لدى الحسن سننا كثيرة لم تصل إلينا. قال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس: " اختلفت إلى الحسن عشر سنين، أو شاء الله، فليس من يوم إلا أسمع منه ما لم أسمع من قبل ذلك " (176).
لو سمع الربيع من الحسن كل يوم حديثا واحدا على مدار عشر سنين لبلغ ما عند الحسن 3650 حديثا، ولكن لم يصل إلينا عن الحسن ربع هذا الرقم!!!
سفيان بن عيينة:
كتب الحديث وهو ابن خمس عشرة سنة. قال العجلي: " كان حديث ابن عيينة نحوا من سبعة آلاف " (177) قال يونس بن عبد الأعلى: " كتبت عن سفيان كثيرا ".
هذا سفيان بن عيينة عنده سبعة آلاف حديث وما روي عنه لا يساوي شيئا بالنسبة لهذا الرقم!!!
 يحيى بن أبي كثير اليماني:
أحد الأئمة الأثبات الثقات المكثرين، رأى أنسا ولم يسمع منه (178).
قال الأوزاعي: " جالست يحيى بن أبي كثير، وكتبت عنه أربعة عشر كتابا أو ثلاثة عشر، فاحترق كله "!! أي احترقت السنة!!
عبد الملك بن جريج:
حضر في مجلس عطاء سبع عشرة سنة (179) " ولقد كتب كثيرا جدا من الأحاديث النبوية، كما ألف كتبا عديدة حتى إنه لما قدم على أبي جعفر، قال له: جمعت حديث ابن عباس ما لم يجمعه أحد " (180).
" أما عن عدد مؤلفاته ونوعيتها وأسمائها فلا نعلم عنها شيئا بالتفصيل... ويذكر ابن النديم أن له من الكتب (181):
1 - كتاب السنن.
2 - كتاب الحج أو كتاب المناسك.
3 - كتابا في التفسير.
4 - كتاب الجامع.
وقد فقدت هذه الكتب التي تحمل سنة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)! وصرح الأعظمي أن ابن جريج كتب أحاديثا كثيرة جدا مع أن الذي وصل إلينا عنه قليل قياسا لما ورد من حفظه للحديث وجمعه لحديث ابن عباس بما يعدل حمل بعير!!
 كثير بن مرة الحضري:
ذكر الدكتور محمد عجاج الخطيب أن عبد العزيز والد عمر بن عبد العزيز كتب إلى كثير بن مرة الحضري عالم حمص وكان قد أدرك بحمص سبعين بدريا من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كتب له أن يكتب إليه ما سمع من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)...
قال عجاج: " إلا أن المصادر لم تخبرنا عن امتثال كثير بن مرة للأمير. فنقف أمام هذا الخبر التاريخي متسائلين: ترى هل كتب كثير للأمير ما طلب منه من حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ وإذا كتب إليه فما مقدار ما كتبه، وعن أي الصحابة كتب إليه؟ ثم إلى من آلت تلك الصحف أو الدفاتر المدونة؟ كل هذه أسئلة تعرض أمامنا، وتحتاج إلى بحث وتنقيب، وريثما يكشف لنا التاريخ عن خبايا تراثنا العظيم!! نجيب عن هذه الأسئلة على ضوء ما لدينا من أخبار قليلة.
إن ما نعرفه من عناية هؤلاء بالحديث يرجح عندنا أن يستجيب كثير بن مرة لطلب الأمير ولو ظن الأمير عبد العزيز امتناع عالم حمص عن إجابته ما كتب إليه، مما يرجح عندي أن كثيرا تلقى رسالة الأمير وأجابه إلى طلبه، لما عرف عن كثير من نشاط علمي عظيم... " (182).
ولكن ما هو مصير هذا النشاط العلمي العظيم وما كتبه للأمير؟!
عبد الرحمن الأوزاعي:
من أئمة المذاهب الفقهية، ألف كتبا عديدة " ولم يبق منها شئ إلا الاقتباسات في الكتب " (183).
وقد كتب الأوزاعي عن المحدث يحيى بن أبي كثير أربعة عشر كتابا أو ثلاثة عشر فاحترقت كلها (184)!! و " أجاب الأوزاعي في سبعين ألف مسألة " وفي رواية أنه أفتى في ثمانين ألف مسألة. وقال أبو زرعة أنه " روي عنه ستون ألف مسألة " (185).
" وكان يعتمد في فتاويه على ما لديه من أخبار وآثار " " قال الهقل بن زياد:
وسئل الأوزاعي يوما عن مسألة فقال: ليس عندي فيها خبر، إن التي أفتيتها كلها كان عندي أخبارها " (186)!!
وقد تتبع عبد الله الجبوري ما روي عن الأوزاعي فوجد له في البخاري 40 حديثا ومسلم 51 وابن ماجة 73 والنسائي 50 وأبي داود 40 والترمذي 40. فيكون مجموع ماجاءنا عن الأوزاعي - بعد غض النظر عن المكرر - 294 حديثا!!
إن الأوزاعي لا يفتي إلا بخبر مروي كما مر، وقد أجاب في ثمانين ألف مسألة، وروي له في كتب السنن 294 حديثا فهذا يعني أننا فقدنا عشرات الآلاف من الأخبار التي كانت عند الأوزاعي!! وضع علامات تعجب ولا حرج!!
فماذا سيقول المعاندون عن هذه الرزية؟ وهل تبقى لأحد عين يرفعها في وجه الحقيقة؟ فالرواية ثابتة على أن الأوزاعي أجاب في ثمانين ألف مسألة والأوزاعي نفسه يقول: " التي أفتيتها كان عندي أخبارها "، فهل يبقى جواب إلا التسليم لهذه الحقيقة؟!
وهناك عدة كتب للأوزاعي مفقودة، يقول الجبوري: " منها: ماوقع للأوزاعي من العوالي... أما كتابه الأول - أي العوالي - فيبدو أنه في الحديث كما يظهر من اسمه " (187) ولكن أين هو؟!!
خاتمة المطاف في أحاديث التابعين:
أولا لابد من التنويه الى أننا أخذنا قسما من شخصيات التابعين، ولو طاوعنا القلم لأتينا على مجلد كبير. ولكن السؤال هنا: من هو المسؤول عن ضياع هذه الكتب والسنن؟!
أعتقد أن الجواب يكون في أحد أمرين: إما أن الله هو المسؤول إذ جعل سنته عند هؤلاء بين الحرق والمحو والضياع، وحاشا لله من هذا القول الباطل، وإما أن نقول أن الله لم يخترهم وهو الصحيح وإلا لاتهمنا الله بالظلم والتفريط في سنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم). إن فعل التابعين من حرق السنن (188) ومحوها هو دليل على أنهم لم يكونوا يرون أنفسهم أوصياء على الدين.
لقد كان الله يعلم أنه لو ترك السنة بيد التابعين فانها ستذهب بين الحرق والمحو والاندراس لذلك نحن نقول: إن الله قد جعل السنة بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عند شخص يخلفه وهو يقوم ببيان الدين وإذا مات أعطى السنة المدونة لمن بعده، وهكذا حتى قيام الساعة، وهي أضمن طريقة لحفظ السنة بدلا من أن تترك بين الحرق والمحو...

ضياع السنة بعد التابعين

إن السنة التي تعرضت للحرق والمحو والاندراس في عهد الصحابة والتابعين، كذا كان حظها في عهد المحدثين. وفي هذه الصفحات سيقف المرء مذهولا أمام عدد الأحاديث التي فقدت في هذا العهد.
في البدء يحسن بنا أن نعرف عدد الأحاديث الصحيحة الموجودة في كتب السنن، ثم نتابع بحثنا. روى البخاري في صحيحه 4000 حديث دون المكرر. وروى مسلم نفس العدد. واتفق الشيخان على ألفي حديث ومائتين، فيصبح مجموع الصحيحين 5800 حديثا (189). وروى ابن ماجة 4341 حديثا. أخرج أصحاب الصحاح الخمسة من أحاديث ابن ماجة 3002 " ثلاثة آلاف حديث وحديثين " فيبقى ما انفرد به 1339 حديثا، وروى أبو داود 4000 حديث. وروى مالك في موطئه 700 حديث، وفي مسند أحمد 30 ألف حديث. وهناك صحيح ابن خزيمة لكن أكثره عدم! وأضف لهذه الكتب سنن الترمذي والنسائي ومستدرك الحاكم... واحذف غير الصحيح والمكرر فتبلغ الأحاديث الصحيحة قرابة أربعين ألف حديث.
ولكن ماذا يساوي هذا الرقم الذي وصل إلينا من الأحاديث أمام ما كان يحفظه منها المحدثون؟
كان البخاري يحفظ مائة الف حديث صحيح خرج منها في صحيحه 8000 حديث بالمكرر. ورد عنه قوله: " أحفظ مائة ألف حديث صحيح "، " وما تركت من الصحاح أكثر " (190).
إذا كان عند البخاري مائة ألف حديث صحيح ولم يخرج منها إلا 8000 حديث، فهذا يعني أننا خسرنا 92 ألف حديث صحيح!!! وهو رقم يفوق رقم عدد الأحاديث الصحيحة الموجودة الآن بكثير: ولو قلنا إن البخاري يحفظ أربعين ألف حديث صحيح وهي الموجودة في كتب السنن فيبقى الاشكال قائما ومعناه أننا خسرنا 52 ألف حديث صحيح كان يحفظها البخاري.
أما أبو زرعة الرازي فقال فيه الحافظ أبو بكر محمد بن عمر الرازي: " لم يكن في هذه الأمة أحفظ من أبي زرعة، وكان يحفظ سبعمائة ألف حديث، وكان يحفظ مائة وأربعين ألفا في التفسير والقراءات " (191).
وقال الحافظ يحيى بن منده: " وبلغني بإسناد هو لي مسموع أن أبا زرعة قال: أنا أحفظ ستمائة ألف حديث صحيح، وأربعة عشر ألف إسناد في التفسير والقراءات... " (192).
إن عدد الأحاديث الصحيحة عند المحدثين سبعمائة ألف حديث وهو الرقم الذي كان يحفظه أبو زرعة ويؤيده ما صح عن أحمد بن حنبل أنه قال: " صح من الحديث سبعمائة ألف وكسر " (193).
فأين ذهبت هذه السبعمائة ألف حديث التي حفظها أبو زرعة وأشار لها أحمد بن حنبل؟!!
إن الموجود الآن كما قلنا أربعون ألف حديث صحيح. وهذا يعني أننا خسرنا قرابة 600 ألف حديث صحيح!!!. حقيقة: يطول وقوف الباحثين حيارى عندها. أين ذهبت هذه الآلاف المؤلفة من الأنوار النبوية؟
إن لدى المحدثين 700 ألف حديث صحيح والموجود الآن أربعون ألفا! ألا يعني هذا أن أكثر من ثلثي السنة قد اندرس؟! فهل سنقر بهذه الحقيقة التي تنطق بها النصوص؟ (194)
وقد يعاند البعض ويقول إن عدد الأحاديث الصحيحة الموجودة الآن أكثر من أربعين ألف.
فلنفترض أنها أكثر، ولتكن خمسين (195) أو ستين ألفا فماذا يغير هذا من القضية، إن النتيجة ستبقى كما هي، وهي ضياع القسم الأكبر من السنة.
وقد أقر أبو زرعة الرازي بأن حديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يحصى، فقد سئل: أليس يقال إن حديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أربعة آلاف حديث؟ فقال: " ومن قال ذا؟! " قلقل الله أنيابه!! " هذا قول الزنادقة، ومن يحصي حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ " (196).
تسعة وثلاثون موطأ مفقود!!!
فيما سبق كنا نتحدث عما وسعته صدور المحدثين، وهم فضلا عما حملوا من الحديث فقد دونوه في كتبهم، فممن دون الحديث في كتب خاصة: الأوزاعي، والثوري، وحماد بن سلمه، ومعمر بن راشد، والربيع بن صبيح، وهشيم بن شبير السلمي الواسطي، وجرير بن عبد الحميد، وعبد الله بن مبارك، ومالك بن أنس، وفضلا عن هؤلاء فقد " تلاهم كثيرون من أهل عصرهم في النسج على منوالهم، ومن ثم نجد أنه ما في مصر من الأمصار الإسلامية إلا وقد جمع الأحاديث فيه إمام أو أئمة... والأثر الباقي من كتب هذا القرن - الثاني الهجري - هو الموطأ " (197).
لقد ذكر أبو شهبة عشرة أسماء ممن دونوا الحديث وقال: تلاهم كثيرون في النسج على منوالهم. وذكر الدكتور نور الدين عتر: إن عدد الموطآت في هذا العهد أربعون موطأ (198) ولكن الأثر الباقي كما يقول أبو شهبة هو موطأ مالك!!
 أين ذهبت كتب الحديث هذه؟ وكم تحوي من الحديث يا ترى؟! هذا بشير بن هشيم الواسطي وهو ممن كتب في هذا القرن كان يحفظ عشرين ألف حديث (199).
ولا نريد أن نقيس حفظ الآخرين على حفظه، ولكن لنأخذ موطأ مالك الأثر الباقي من الأربعين! هذا الأثر يحوي 700 حديث. ولو افترضنا أن كل موطأ من هذه الموطآت يحوي 700 حديث لبلغ عدد الأحاديث الضائعة ثمانية وعشرين ألف حديث!!
مع أن هناك موطآت أكبر من موطأ مالك كموطأ ابن أبي ذئب (200).
عشرات المسانيد مفقودة!!!
المسند: هو عبارة عن كتاب حديث، يرتب صاحبه الأحاديث فيه حسب رواتها وإن اختلفت موضوعاتها، وإذا أردنا أن نكون دقيقين في التعريف فإن المسند هو " الجزء الذي تجمع فيه أحاديث رجل معين، كمسند أبي بكر الصديق، ومسند عمر بن عبد العزيز " (201).
لقد درج العلماء على كتابة الحديث بهذه الطريقة، ولكن أكثر مسانيدهم قد فقدت، أو لم تتم... والمذكور منها:
1 - مسند ابن صبيح.
قال عز الدين التنوخي: " ومن المؤسف أنا لا ندري شيئا عن مصير مسند ابن صبيح " (202).
2 - مسند ابن أبي عمر: محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني " ت / 243 هـ‍ " (203).
3 - مسند أحمد بن حازم بن محمد بن أبي غرزة: أبي عمرو الغفاري " ت / 276 ه‍ "، قال الذهبي في السير 13 / 239: له مسند كبير وقع لنا منه جزء!!
4 - مسند أحمد بن سنان: أبو جعفر الواسطي القطان " ت / 256 هـ‍ "، انظر السير 12 / 244.
5 - مسند أحمد بن منيع بن عبد الرحمن: أبي جعفر البغوي " ت / 244 هـ‍ ".
6 - مسند بقي بن مخلد " ت / 279 هـ‍ ": انظر السير 12 / 291، ومعجم الأدباء 7 / 67.
7 - مسند شعبة: آدم بن اياس " ت / 220 هـ‍ ".
8 - مسند الصحابة للبغوي: أبو القاسم عبد الله بن محمد " ت / 317 هـ‍ ".
9 - مسند الصحابة الذين نزلوا مصر: محمد الربيع الجيزي.
10 - مسند عبد الله بن دينار: أبو نعيم الأصبهاني " ت / 430 هـ‍ ".
11 - مسند علي بن عبد العزيز البغوي " ت / 286 هـ‍ ": انظر السير 13 / 348.
12 - مسند علي: مطين أبو جعفر محمد بن عبد الله " ت 297 هـ‍ "، انظر السير 14 / 42.
13 - مسند عمر للإسماعيلي: أبو بكر أحمد بن إبراهيم الجرجاني " ت / 371 هـ‍ "، في مجلدين، انظر السير 16 / 293.
14 - مسند عمر النجار.
15 - مسند الفريابي: أبو بكر جعفر بن محمد بن الحسن " ت / 301 هـ‍ ".
16 - مسند قيس بن الربيع.
17 - مسند مالك لابن عدي: أبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني " ت / 365 هـ‍ ".

18 - مسند مالك للنسائي " ت / 303 هـ‍ ": انظر السير 8 / 85.
19 - مسند محمد بن سنجر الجرجاني " ت / 258 هـ‍ ". انظر السير 12 / 486.
20 - مسند المروزي: محمد بن نصر " ت / 294 هـ‍ ".
21 - مسند مسدد بن مسرهد الأسدي " ت / 228 هـ‍ ".
22 - مسند النسائي " ت / 303 هـ‍ ".
23 - مسند يحيى بن عبد الحميد الحماني " ت / 228 هـ‍ ": انظر السير 10 / 527.
24 - مسند يعقوب بن سفيان.
25 - مسند يعقوب بن شيبة " ت / 262 هـ‍ " فقد معظمه ولم يبق إلا الجزء العاشر منه!!
26 - مسند الأوزاعي.
27 - مسند أبي زرعة الرازي " ت / 264 هـ‍ ".
28 - مسند أبي علي الحسن بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن بن عيسى بن ماسر جس الماسرجسي " وقد قيل إنه لم يصنف في الإسلام مسند أكبر منه " (204).
29 - مسند أبي العباس محمد ابن اسحاق السراج " ولم يوجد منه إلا الطهارة " (205).
30 - مسند أبي نعيم بن حماد الخزاعي " ت / 228 هـ‍ ".
31 - مسند عبيدالله بن موسى العبسي " ت / 213 هـ‍ ".
32 - مسند أبي يعقوب اسحاق بن بهلول التنوخي " ت / 252 هـ‍ " " وهو مسند كبير " (206).
33 - مسند الحافظ أبي بكر الإسماعيلي، وهو مسند كبير جدا في نحو مائة مجلد (207).
34 - مسند أبي بكر بن أبي عاصم، وهو مسند كبير يحتوي على مايقارب الخمسين ألف حديث.
35 - مسند أبي يوسف يعقوب بن شيبة بن الصلت السدوسي " ت / 262 هـ‍ " قال الذهبي: وهو صاحب المسند الكبير الذي ما صنف أحسن منه ولكنه ما اتمه!!
36 - مسند أبي اسحاق ابراهيم بن معقل بن الحجاج النسفي " ت / 295 هـ‍ " وهو مسند كبير.
37 - مسند أبي العباس الوليد بن توبة الأصبهاني " ت / 310 هـ‍ " وهو مسند كبير.
38 - ثلاثة مسانيد لأبي العباس الحسن بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز البالوزي " ت / 303 هـ‍ ":!!
39 - مسند أبي يحيى عبد الرحمن بن محمد الرازي " ت / 301 هـ‍ ".
40 - مسند أبي إسحاق إبراهيم بن يوسف الرازي " ت / 301 هـ‍ ".
41 - مسند أبي محمد عبد الله بن محمد بن ناجية البربري " ت / 301 هـ‍ ".
42 - مسند دعلج بن أحمد بن محمد السجزي " ت / 351 هـ‍ ".
43 - مسند أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم التميمي الحفظي " ت / 337 هـ‍ ".
44 - مسند أبي الحسن علي بن حمشاه النيسابوري " ت / 338 هـ‍ ".
45 - مسند أبي الحسين أحمد بن عبيد بن إسماعيل البصري الصفار.
46 - مسند محب الدين أبي عبد الله النجار البغدادي.
47 - مسند أبي حفص عمر بن أحمد البغدادي المعروف بابن شاهين.
48 - مسند أبي الحسن علي بن الحسين الذهلي.
 49 - مسند أبي إسحاق إبراهيم بن سعيد الجوهري ت / 249 هـ‍.
50 - مسند أبي عبد الله محمد بن يوسف الصبي الفرياني.
هذه خمسون مسندا مفقودة وهناك غيرها الكثير. وذكر الكتاني في الرسالة المستطرفة، اثنين وثمانين مسندا، وقال: " والمسانيد كثيرة سوى ما ذكرناه " (208)!!
وقال الدكتور محمود الطحان: " المسانيد التي صنفها الأئمة المحدثون كثيرة ربما تبلغ مائة مسند أو تزيد " (209).
هل هناك ماهو أعظم من هذه الخسارة؟! لقد فقدنا أكثر من ثمانين مسندا وهذه حقيقة لا يستطيع إنكارها أحد.
إن لأحمد بن حنبل مسندا كهذه المسانيد، وفيه ثلاثون ألف حديث؟!!
وليس من المنطق السليم أن يقال إن هذه المسانيد والموطآت قد وجدت مضامينها في كتب الصحاح الستة، إذ لا دليل على ذلك، فإذا نظرنا إلى كتب السنن سنجد أن كل كتاب منها يحوي من الأحاديث ما لا يحويه غيره وبأعداد كبيرة.
ويعترف شيخ الإسلام السيوطي أن هناك كتب حديث اخرى لم تصل إلينا.
فحين تعرض لحديث: (اختلاف أمتي رحمة) قال: " ولعله خرج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا " (210).
فكلام السيوطي هنا يدل على أن هناك كتب سنن للحفاظ لم تصل إلينا.
ولرشيد رضا شهادة في ضياع بعض كتب الحديث، فقد قال في تقديمه لكتاب الاعتصام للشاطبي: " وقد تركت تصحيح بعض الأحاديث والآثار التي أحفظها من كتب الصحاح والسنن على غير ماوردت عليه في الكتاب لئلا يكون بعض المحدثين الذين لم نطلع على كتبهم! رواها بسياق... " (211) وقال الكتاني عن أبي داود الطيالسي: " وله من الأحاديث التي لم تدخل هذا المسند - مسند أبي داود - قدره! أو أكثر!! وقد قيل: إنه كان يحفظ أربعين ألف حديث " (212).
إن عند الطيالسي من الأحاديث قدر مسنده، وقد بقيت في صدره وذهبت معه.
ومما يزيد يقينك بصحة ما توصلنا إليه، هو فقد خطب الجمع التي كان يلقيها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كل جمعة، فقد بقي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يخطب الجمعة لمدة عشر سنوات (213) ولو أحصينا عدد هذه الخطب في هذه المدة لبلغت 480 خطبة. فهل يوجد بين أيدينا نموذج واحد من هذه الخطب؟!
لقد سألت أكثر من واحد من أساتذتي في الحديث والدعوة عن امكانية العثور على نموذج لخطبة من خطب الجمع التي كان يلقيها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فكان جوابهم دائما: هناك خطبة حجة الوداع! (214).
إن هذه الخطب تحوي جميع معارف الإسلام من تشريع وعقائد وأخلاق، ولا بد أنها كانت تركز على دراسة الجانب السياسي في حياة المسلمين. أفلا يعتبر فقدها ضياع ثروة عظيمة من علوم الإسلام؟! ولو وجدت هذه الخطب لعكست لنا عقلية النبي العظيمة في كيفية تعامله مع أحداث عصره، وتحليلاته السياسية. ولكن الذي يبدو لي أن السياسة فيما بعد هي التي حرمتنا من هذه الخطب، لأمر يدركه كل لبيب.

 مؤيدات وشهادات في ضياع السنة

1 - قال ابن تيمية " فلا يجوز أن يدعى انحصار حديث رسول الله في دواوين معينة " (215) ويعترف ابن تيمية أن صدور المحدثين تحوي أضعاف ما في كتب السنن فقد قال:
" الذين كانوا قبل جمع هذه الدواوين كانوا أعلم بالسنة من المتأخرين بكثير، لأن كثيرا مما بلغهم وصح عندهم قد لا يبلغنا إلا عن مجهول أو إسناد منقطع، أو لا يبلغنا بالكلية!! فكانت دواوينهم صدورهم التي تحوي أضعاف ما في الدواوين، وهذا الأمر لا يشك فيه من علم القضية " (216).
إن المحدثين - كما يقول ابن تيمية - قد صح عندهم من الأحاديث ما لا يصح عندنا، وهذا اعتراف بحرماننا من هذه الأحاديث التي صحت عندهم، ويقول: إن دواوينهم هي صدورهم التي تحوي أضعاف ما في الدواوين.
فهل هناك أوضح من هذا البيان؟! والعجب إن ابن تيمية يؤكد هذا الأمر بقوله " وهذا الأمر لا يشك فيه من علم القضية " فالمحدثون عندهم أضعاف ما هو في كتب السنن الموجودة.
فلو سألنا ابن تيمية وأتباعه أين ذهبت هذه الأضعاف؟ لما وجدنا جوابا إلا السكوت، أو السباب وعند الله الحساب!
2 - قال النووي: " إن البخاري ومسلما  لم يلتزما استيعاب الصحيح، بل صح عنهما تصريحهما بأنهما لم يستوعباه وإنما قصدا جمع جمل من الصحيح، كما يقصد المصنف في الفقه جمع جملة من مسائله، لا أنه يحصر جميع مسائله، لكنهما إذا كان الحديث تركاه أو تركه أحدهما، مع صحة إسناده في الظاهر أصلا في بابه ولم يخرجا له نظيرا ولا ما يقوم مقامه، فالظاهر من حالهما أنهما اطلعا فيه على علة إن كان رأيا، ويحتمل أنهما تركاه نسيانا، أو إيثارا لترك الإطالة، أو رأيا أن غيره مما ذكراه يسد مسده أو لغير ذلك، والله أعلم " (217).
هنا يصرح النووي بأن البخاري ومسلما قد صحت عندهما أحاديث ولم يخرجاها، وهذا اعتراف من النووي بضياع السنن التي لم يخرجها الشيخان وهي تعد بالآلاف، فالبخاري كان يحفظ مائة ألف حديث صحيح وكذا مسلم، ولم يخرجا في صحيحهما عشر ما حفظاه!!
فهل نصدق بأن الله ترك سنته حتى يجمعها البخاري ومسلم؟ لو اعتقدنا هذا للزمنا القول: إن الله حرم عباده من آلاف السنن التي كان يحفظها الشيخان! وقد علل النووي ترك الشيخين لإخراج ما حفظاه بالنسيان أو أنهما آثرا ترك الإطالة... فكيف يقبل الله بترك سنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) تضيع بسبب نسيان الشيخين أو خوفهما من الإطالة؟! أما كان الله قادرا على جمع سنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم)، عند أناس لا ينسون ولا يملون الإطالة؟! بلى، إن الله قد جمع سنة نبيه في حياته (صلى الله عليه وآله وسلم) وجعلها عند أولى الناس بها، وهذا هو المفروض شرعا وعقلا، أما أن يترك الله سنة نبيه تدون بعد مائتي سنة ويتركها تضيع خوف الإطالة فهذا ما لا يصدقه عقل.
3 - جعل محمد جمال الدين القاسمي في كتابه " قواعد التحديث "، عنوانا: " بيان أن الصحيح لم يستوعب في مصنف " قال: قال العلامة الأمير في شرح " غرامي صحيح ": " لم يستوعب الصحيح مصنف أصلا، يقول البخاري: " أحفظ مائة ألف حديث من الصحيح، ومائتي ألف من غيره "، ولم يوجد في الصحيحين بل ولا في بقية الكتب الستة، هذا القدر من الصحيح " (218)!!
 4 - تحدث محمد محيي الدين عبد الحميد - مفتش العلوم الدينية والعربية بالجامع الأزهر والمعاهد الدينية - عن أبي بكر بن حزم، حين أمره عمر بن عبد العزيز بكتابة السنة قال: " وإذن فكتاب ابن حزم هذا - على افتراض تصنيفه - أول كتاب صنف في الحديث... ولسنا نعرف عن هذا الكتاب شيئا (219)، ولا عثرنا على قول لأحد من علماء هذه الأمة يشتمل على وصف هذا الكتاب وبيان ما اشتمل عليه من حديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بيانا يركن إليه، وقد فقد المسلمون هذا الكتاب مع ما فقدوه من تراث أسلافهم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " (220). نعم، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!!
5 - قال أحمد بن عبد الرحمن الصويان - من الرياض - عن السنة التي كانت عند الحفاظ: " ولكن ورث هذه الثروة الضخمة والأمانة العظيمة من بعدهم أجيال نسوا كثيرا مما ذكروا به، فلم يقدروا هذا العلم حق قدره، ولم ينزلوه منزلته، فضاعوا وضيعوا...!!
فتفرقت هذه التركة الجليلة في بطون المكتبات شرقا وغربا، وفقد كثير من هذه الكنوز!! بسبب تفريط المسلمين وتهاونهم، وجهلهم وتقصيرهم (221)...
وإلا فأين تراث دار الحكمة ببغداد؟ وأين تراث مكتبة العزيز بالله في القاهرة؟!
التي قيل: إنها تحتوي على مائتي ألف كتاب، ومنهم من قال: إنها تحتوي على مليون وستمائة ألف كتاب.
وأين كنوز مكتبة الزهراء بقرطبة؟! التي قيل: إنها تحتوي على أربعمائة ألف مجلد، ومنهم من قال: إنها تحتوي على ستمائة ألف مجلد...
 وأين وأين وأين؟!! (222).
ألا إنها جريمة لا تغتفر (243)، وتفريط لا يبرر... (224).
6 - قال محمد محمود الحلبي: " ومرت الأيام والليالي وتقلبت على المكتبة الإسلامية دهور ودهور، سلم فيها ما سلم، وضاع فيها من جواهر التراث المحمدي المجيد ما ضاع " (225)!!!
7 - قال أحمد راتب عرموش: " وكتب الصحاح المطبوعة لا تشمل جميع الحديث الصحيح! وقد تحوي أحاديث ضعيفة أو منسوخة... " (226).
8 - قال الدكتور أكرم ضياء العمري في كتابه بقي بن مخلد القرطبي ص 19:
" لا شك أن العدد الأكبر من الصحابة لم تصل إلينا بواسطتهم أحاديث مروية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " (227).
وبالإضافة لهذه الشهادات فقد اعترف بضياع السنن ابن القيم والسيوطي، وأبو شهبة الأزهري، والأستاذ محمد أديب صالح، وقد ذكرنا كلامهم فلا حاجة لإعادته.

إشكال ودفعه

قد يقول البعض بعد أن أخذت الحجة بعنقه: إن لفظ الحديث يطلق على السند كما يطلق على المتن، وعلى هذا تكون آلاف الأحاديث التي يحفظها المحدثون أسانيد، فإن للمتن طرقا كثيرة عندهم لهذا نتج هذا الرقم الهائل.
 نحن لا نسلم بهذا، فالحديث في اصطلاح المحدثين هو: أقوال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأفعاله، وتقريراته، وصفاته الخلقية والخلقية... " (228).
ولو افترضنا صحة ما يقولون، فهذا لا يحل من المشكلة شيئا، فقد سئل أحمد ابن حنبل في ستين ألف مسألة، فأجاب عنها بقوله: " أخبرنا وحدثنا " (229) ومن المعلوم أنه لا يصح الإجابة بالسند!
وسئل أحمد بن حنبل: " يكفي الرجل مائة ألف حديث حتى يفتي؟ قال: لا، حتى قيل: خمسمائة ألف حديث؟ قال: أرجو، كذا في: (غاية المنتهى) " (230).
فالمقصود بالخمسمائة ألف حديث هذه، خمسمائة ألف متنا وليس سندا، إذ لا يصح الإفتاء بالسند! وليس هو من فعل العقلاء، وقول أحمد هذا يدل على أن هناك أكثر من خمسمائة ألف متن فقهي، فأين هذه المتون؟!
وأجاب الأوزاعي في ثمانين ألف مسألة بما عنده من أحاديث وأخبار، فهل كان يجيب بالسند؟! وإذا قالوا: لا، قلنا: فأين هذه الثمانين ألف متن؟!!
وقد ورد في خلاصة التهذيب أن أحمد بن الفرات كتب ألف ألف وخمسمائة ألف حديث، وانتخب منها ثلاثمائة ألف في التفسير والأحكام والفوائد.
فالمفهوم من هذا الكلام: إن ابن الفرات انتخب ثلاثمائة ألف متن، إذ لا يصح تفسير آية أو الإجابة على مسألة بسند، فأين هذه الثلاثمائة ألف متن؟!!
وأجاب أبو بكر الباغندي عن ثلثمائة ألف مسألة في حديث رسول الله (231)، فهل كانت اجاباته تتم بالأسانيد؟!!
 وهذا الحافظ ابن عقدة كان يجيب في ثلاثمائة ألف حديث من حديث أهل البيت، فهل كان يجيب بالأسانيد؟!
وقال ابن عقدة: " أحفظ مائة الف حديث بأسانيدها " (232)، ألا يكفي هذا القول حجة تسكت المعاندين!
وهذا أبو بكر الجعابي، يحفظ أربعمائة ألف حديث بأسانيدها ومتونها، كما في تاريخ ابن كثير (233). فعند الجعابي أربعمائة ألف متن بأسانيدها، فهل من الممكن أن يحضرها أحد المعاندين، لكي يؤدي بذلك خدمة للعالم الإسلامي؟
وهذا الذي يعتبر مئات الآلاف من الأحاديث مجرد أسانيد لمتون، هلا قال لنا:
أين ذهبت هذه الأسانيد؟! قال ابن المبارك: " الإسناد من الدين، لولا الإسناد لقال من شاء، ما يشاء " أخرجه مسلم.
وقال الثوري: " الإسناد سلاح المؤمن " وقال الأوزاعي: " ماذهاب العلم إلا ذهاب الإسناد " (234) حقا لو وجدت هذه الأحاديث - إن كانت أسانيد - لغيرت الكثير وأفادت العلماء كثيرا. فبها يعرف محل كل حديث من الغرابة والاستفاضة، ولاستفدنا منها كمتابعات وشواهد. وإذا كان للمتن - كما يقال - أكثر من خمسين طريقا فهذا يعني أن الأحاديث التي هي ضعيفة الآن صحيحة عند المحدثين لأن الحديث إذا كثرت طرقه فإنه يقوى، فكيف إذا كان له خمسون طريقا أومائة؟!!
ويترتب على هذا إهمال لكثير من الأحكام الشرعية الواردة في الأحاديث الضعيفة عندنا، الصحيحة عند المحدثين!!
 ولو صح ما يقال في أن لكل متن أكثر من خمسين طريقا لحلت مشكلة الأحاديث المتواترة والآحاد، والتي شغلت بال أهل الحديث وأصحاب المذاهب، ولجاءت كل الأحاديث متواترة.
وإن قيل: إن مئات الآلاف من هذه الأحاديث هي من سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآثار الصحابة.
قلنا: وهذا لا يقدم ولا يؤخر. قال أبو داود: " كتبت عن رسول الله خمسمائة ألف حديث... " (235). ولم يقل: عن الصحابة. وهذا الباغندي أجاب في ثلاثمائة ألف مسألة في حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)!!
ونضيف الى ذلك إن فقد تسعة وثلاثين موطأ وأكثر من ثمانين مسندا كاف للرد على هذه الشبهة. مع العلم أن المسانيد لا تدخل فيها أقوال الصحابة!
ولو افترضنا أن هذه الأحاديث التي يحفظها المحدثون تشمل سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآثار الصحابة فهذا يعني أن سنن النبي أربعون ألفا، وآثار الصحابة 66 ألف أثر!! أين المعقول من هذا اللامعقول.
ولو صح كلامهم فأين آثار الصحابة هذه؟ حقا إنها لو وجدت لكانت ثروة عظيمة لهذه الأمة، كيف لا وفيها آلاف الأحاديث عن آل البيت (عليهم السلام) (236) بالإضافة الى أن قول الصحابي عند أهل الحديث حجة في التفسير والعقائد.
فكل الطرق مغلقة والأبواب موصدة، فالاعتراف بضياع القسم الأكبر من السنة لا مفر منه!

 بيت القصيد

إن الإسلام المتمثل بالكتاب والسنة، كيان واحد وبناء متكامل، فإذا فقد شئ منه أثر على الباقي، ولا يفهم الإسلام عقيدة وشريعة إلا بجمع كل مواده من القرآن والسنة ومزجها مع بعض، ومن خلال استقراء النصوص ينتج الحكم الإسلامي الصحيح. فمنهج السلفية - كما اتضح - فيه مطب، إذا وقعنا به لا نقوم منه أبدا إلا بتركه.
فالله لايريد منا أن نتبع هذا الطريق، ولا يرضى بما جرى للسنة، فهذا الإمام مالك بن أنس يقول: " سمعت من ابن شهاب أحاديث كثيرة ما حدثت بها قط ولا احدث بها " (237)!!
فهل يرضى الله بهذا الفعل؟ لا.. حيث لا يليق بالمولى (238) أن يرضى بهذا المنهج وهو يعلم ان كثيرا من مواد الإسلام تنقصه.
وكيف يرضى بضياع السنة ثم يقول لعباده: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) (239)، (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) (240)؟! وكيف يطلب الله منا إحراز الإسلام كما أنزله، وأكثر من ثلثي السنة ضائع؟!
قال شعبة: وقال منصور: " وددت أني كتبت، وأن علي كذا أو كذا، وقد ذهب عني مثل علمي!! "  وفي المحدث الفاصل: " ما كتبت ولوددت أني كتبت وما حفظت نصف ما سمعت ". نعم، لو طلب المعلم من تلاميذه أن يكتبوا، وأخذ منهم الأقلام، وقال لهم: إذا لم تكتبوا فسأعاقبكم، ماذا سيكون موقف الطلاب من المعلم؟ وهكذا،فكيف يطلب الله منا إحراز دينه كما أنزله، مع رضاه بضياع السنة؟!
فيا أيها المسلمون: أحضروا لنا هذه الأضعاف من السنن الضائعة ثم ننظر بها ونعيد أعمالنا وفقها، فإن لم تفعلوا، ولن تفعلوا، فابحثوا معي عن البديل!

 

 

 

 

________________
1 - فضائل الصحابة من فتح الباري: ص 142، تحقيق: خالد عبدالفتاح شيل.
2 - راجع كتاب: أسماء الصحابة الرواة وما لكل واحد من العدد، ابن حزم، تحقيق: سيد كسروي حسن ص 44.
3 - ذكر هذا ابن حزم في الملل والنحل: 3 / 60.
4 - الرعد: 43.
5 - راجع الجامع لأحكام القرآن 9 / 336. الاتقان، السيوطي 1 / 13. ينابيع المودة، القندوزي الحنفي:
ص 102، تفسير الثعلبي، وروى ذلك أبو نعيم.
6 - هذا حديث صحيح ومصادره تربو على المائة عند أهل السنة ستأتي في بحث آخر.
7 - تاريخ بغداد: 11 / 204. المناقب، ابن المغازلي الشافعي: ص 124. فرائد السمطين.
لسان الميزان: 5 / 19.
8 - تذكرة الخواص، ابن الجوزي: ص 653. تفسير الثعلبي: ص 122.
9 - المناقب، ابن المغازلي. إحقاق الحق 5 / 501.
10 - كنز العمال المطبوع بهامش مسند أحمد 5 / 32. حلية الأولياء 1 / 64. تفسير الثعلبي. مطالب السؤول، ابن طلحة الشافعي: ص 21، المناقب / ابن المغازلي، المناقب / اخطب خوارزم: ص 49. مقتل الحسين، أخطب خوارزم: ص 43 فرائد السمطين. ميزان الاعتدال 1 / 58. الكواكب الدرية، المناوي الشافعي 1 / 39، الأربعين لعلي القاري ص 50، ينابيع المودة ص 70، المناقب المرتضوية: محمد صالح الترمذي ص 78، فتح الملك العلي ص 33، إحقاق الحق 5 / 517 - 520، وقد روي هذا الحديث موقوفا على ابن مسعود.
11 - دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه، محمد الأعظمي: 1 / 127.
12 - محمد الأعظمي: 1 / 129. عن ابن سعد 6 / 116. العلل، المديني 1 / 42. تقييد العلم: ص 89.
العلم، ابن خيثمة: ص 144.
13 - ينابيع المودة: ص 77. أرجح المطالب: ص 413، المحدث الهروي في الأربعين حديثا، وفتح الملك العلي: ص 19. إحقاق الحق.
14 - مستدرك الحاكم: 2 / 352 و 466 وصححهما.
15 - الاستيعاب: 3 / 1107. جامع بيان العلم: 1 / 464. الرياض النضرة: 2 / 1198. تاريخ الخلفاء، السيوطي: ص 71. إحقاق الحق.
16 - حلية الأولياء 1 / 67. المناقب، أخطب خوارزم: ص 54. فرائد السمطين. تاريخ الخلفاء، السيوطي:
ص 71. ينابيع المودة: ص 287. الشرف المؤبد، النبهاني: ص 112. إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار، المناقب، ابن المغازلي. إحقاق الحق: 7 / 581 - 584.
17 - إعلام الموقعين 1 / 21. الطبقات الكبرى، عبد الوهاب الشعراني 1 / 18. ينابيع المودة: ص 26.
لطائف المنن، عبد الوهاب المصري 2 / 89. الفائق للزمخشري 3 / 188. لسان العرب 13 / 390.
18 - أبو العباس المبرد " الفاضل ": ص 3. المناقب، ابن المغازلي. شرح المقاصد، التفتازاني 2 / 220.
مطالب السؤول: ص 26. التذكرة، ابن الجوزي: ص 20. فرائد السمطين. ينابيع المودة: ص 70 و 220. أرجح المطالب، عبد الله الحنفي: ص 111. وإحقاق الحق 7 / 581.
19 - الرياض النضرة 2 / 194، وأحمد في المناقب.
20 - الكامل، ابن الأثير: 3 / 399. الاستيعاب: 2 / 463. البيان والتبين، الجاحظ: 3 / 247.
21 - أسماء الصحابة الرواة: ص 37.
22 - الاستيعاب: 3 / 1104. ذخائر العقبى: ص 78. أسد الغابة: 3 / 597. تاريخ الخلفاء، السيوطي.
الشذرات الذهبية، محمد بن طولون: ص 51. ينابيع المودة: ص 70. الشرف المؤبد: ص 59. المناقب، اخطب خوارزم: ص 55، راجع إحقاق الحق.
23 - الإمام الصادق: ص 162.
24 - الإمام الصادق.
25 - الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة: ص 52.
26 - راجع المسند تخريج: شعيب الأرنؤوط.
27 - كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل فاطمة (عليها السلام) بنت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
28 - صحيح البخاري: كتاب المناقب، باب مناقب قرابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومنقبة فاطمة (عليها السلام).
29 - مستدرك الحاكم 3 / 158 و 159 وصححه، وكذا الذهبي.
30 - الشورى: 23.
31 - ذكر ابن حزم ان لها (عليها السلام) ثمانية عشر حديثا. راجع أسماء الصحابة الرواة: 130، وفي مسند فاطمة الزهراء (عليها السلام)، السيوطي، تحقيق أحمد زمرلي صح من أحاديثها اثنان!
32 - الاستيعاب: 4 / 1895. مستدرك الحاكم: 3 / 155 وصححه وكذا الذهبي. ذخائر العقبى: ص 37.
الجامع الصغير، السيوطي: 2 / 293. كنز العمال: ص 58. حلية الأولياء: 2 / 30. اعلام النساء، محمد رضا كحاله: 3 / 2171.
33 - مستدرك الحاكم: 3 / 156. تلخيص المستدرك، الذهبي: 3 / 155. ذخائر العقبى: ص 37.
34 - الإصابة: 2 / 11.
35 - المصدر السابق: 2 / 15.
36 - نفس المصدر.
37 - أسماء الصحابة الرواة: ص 143.
38 - أسماء الصحابة الرواة: ص 170.
39 - تذكرة الحفاظ، الذهبي 3 / 840.
40 - تدريب الراوي: 1 / 50.
41 - هذا إذا قسنا ما وصلنا عن آل البيت وبني هاشم إلى ما كان يحفظه ابن عقدة فقط!!
42 - رفع الملام عن الأئمة الأعلام.
43 - أسماء الصحابة الرواة: ص 57.
44 - راجع تذكرة الحفاظ: 1 / 5.
45 - تدريب الراوي: 2 / 218.
46 - عمدة التحقيق في بشائر آل الصديق.
47 - توضيح الأفكار: ص 429.
48 - اصول الحديث: ص 403.
49 - مصطلح الحديث: ص 166.
50 - راجع أسماء الصحابة الرواة: ص 44.
51 - الملل والنحل لابن حزم: 3 / 61.
52 - صحيح البخاري (كتاب العلم) - باب التناوب في العلم. مسند أحمد 1 / 33.
53 - إعلام الموقعين: 1 / 20.
54 - الإحكام: ص 851.
55 - إعلام الموقعين: 1 / 16.
56 - مصطلح الحديث: ص 167.
57 - أسماء الصحابة الرواة: ص 56.
58 - يبدو أن (درة عمر): هي السبب في قلة ما وصلنا من الأحاديث عن الصحابة!!
59 - راجع ترجمة أبي في الإصابة: 1 / 16. سير أعلام النبلاء: 1 / 389.
60 - أسماء الصحابة الرواة: ص 54.
61 - راجع ترجمة سلمان في الإصابة: 3 / 113. الاستيعاب: 2 / 634 - 638. سير أعلام النبلاء: 1 / 505.
أنساب الأشراف: 1 / 271 و 487.
62 - سورة محمد: 38.
63 - تفسير ابن كثير: 4 / 196. فتح القدير: 5 / 43. تفسير البيضاوي: ص 2 / 398. تفسير الكشاف:
3 / 540. تفسير الطبري: 26 / 42.
64 - أسماء الصحابة الرواة: ص 74.
65 - أسماء الصحابة الرواة: ص 47.
66 - إعلام الموقعين: 1 / 18.
67 - وفي كتاب أسماء الصحابة الرواة: ص 95 ذكر ابن حزم أن له 38 حديثا.
68 - الإصابة: 3 / 6.
69 - أسماء الصحابة الرواة: ص 95.
70 - سيرة الزبير بن العوام: ص 77.
71 - صحيح البخاري: كتاب العلم، باب إثم من كذب على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
72 - كنز العمال، رقم الخبر 36673.
73 - أسماء الصحابة الرواة: ص 72.
74 - راجع ترجمة زيد في الاستيعاب: 2 / 537 - 540، والإصابة: 3 / 22 - 23.
75 - أسماء الصحابة الرواة: ص 450.
76 - إعلام الموقعين 1 / 18.
77 - أسماء الصحابة الرواة: ص 38.
78 - سير أعلام النبلاء: 3 / 213.
79 - تذكرة الحفاظ: 1 / 39.
80 - راجع الحديث والمحدثون، محمد زهو: ص 141.
81 - أسماء الصحابة الرواة: ص 43.
82 - صحيح البخاري: كتاب العلم، باب كتابة العلم. سنن الدارمي: 1 / 125.
83 - فتح الباري: 1 / 167.
84 - الحديث والمحدثون: ص 143.
85 - المصدر السابق: ص 144.
86 - أسماء الصحابة الرواة: ص 42.
87 - طبقات ابن سعد: 3 / 81.
88 - صحيح البخاري: كتاب المناقب، باب مناقب عبد الله بن مسعود.
89 - سير أعلام النبلاء: 1 / 491.
90 - المستدرك: 3 / 318 وصححه. الحلية، أبي نعيم: 1 / 133. إعلام الموقعين: 1 / 15.
91 - إعلام الموقعين: 1 / 17. مع ان هذا القول هو لعلي (عليه السلام) ولكن لا بأس بالاحتجاج به على من يثبتونه لابن مسعود.
92 - أسماء الصحابة الرواة: ص 51.
93 - مسند أحمد 5 / 599. مجمع الزوائد 1 / 141.
94 - مجمع الزوائد 1 / 141، وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير ورجاله وثقون.
95 - أسماء الصحابة الرواة: ص 40.
96 - صحيح البخاري: كتاب المناقب، باب ذكر ابن عباس رضي الله عنهما.
97 - نفس المصدر.
98 - صحيح مسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
99 - الحلية: 1 / 318.
100 - أسد الغابة: 3 / 187.
101 - طبقات ابن سعد: 2 / 434.
102 - التفسير والمفسرون: 1 / 104 نقلا عن ابن تيمية.
103 - الحديث والمحدثون: ص 139 - 140. المستدرك: 1 / 106 - 107.
104 - سير أعلام النبلاء: 3 / 344.
105 - الإصابة: 2 / 332.
106 - دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه، محمد الأعظمي: 1 / 116.
107 - حبر الأمة وترجمان القرآن: ص 42.
108 - التفسير والمفسرون: 1 / 66، وراجع إعلام الموقعين: 1 / 19.
109 - مجمع الزوائد 7 / 323.
110 - دراسات في الحديث النبوي: 1 / 116 نقلا عن ابن سعد: 5 / 216. تاريخ ابن خيثمة: 3 / 111.
111 - الإحكام: 5 / 869.
112 - نحن لا ننكر أن هناك فرقا بين كتب هذا العصر والكتب القديمة ولكن يبقى الإشكال قائما، إنه حمل بعير ياقوم!!
113 - الاستيعاب بهامش الإصابة.
114 - الإصابة: 3 / 21.
115 - أسماء الصحابة الرواة: ص 69.
116 - صحيح مسلم: كتاب فضائل، الصحابة باب من فضائل علي بن أبي طالب.
117 - أسماء الصحابة الرواة: ص 55.
118 - سنن الترمذي: كتاب المناقب، باب مناقب معاذ.
119 - المستدرك: 3 / 270.
120 - سنن أبو داود: 3 / 203، سنن الترمذي: 3 / 616.
121 - سير أعلام النبلاء: 1 / 452.
122 - المصدر السابق.
123 - المصدر السابق.
124 - ثلة من الأولين، محمد أبو فارس: ص 277.
125 - صفة الصفوة: 1 / 490.
126 - المحدث الفاصل بين الراوي والواعي، الرامهرمزي: ص 556، وقال محمد عجاج الخطيب محقق الكتاب في الحاشية: " انظر نحوه في طبقات ابن سعد 4 / 57 قسم 2 و 2 / 118 قسم 2، وانظر فتح الباري 1 / 227، حلية الأولياء 1 / 381، البداية والنهاية 8 / 105، وتذكرة الحفاظ ص 1 / 34 ".
127 - أسماء الصحابة الرواة: ص 39.
128 - رواه مسلم: المقدمة، باب تغليظ الكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، صحيح البخاري: كتاب العلم، باب إثم من كذب على النبي
(صلى الله عليه وآله وسلم).
129 - مصطلح الحديث.
130 - أسماء الصحابة الرواة: ص 465.
131 - مستدرك الحاكم: 3 / 401. مجمع الزوائد: 4 / 131.
132 - كنز العمال: 13 / 439.
133 - أسماء الصحابة: ص 103.
134- سنن البيهقي: 4 / 61.
135 - أسماء الصحابة الرواة: ص 106.
136 - الاستيعاب: 2 / 828.
137 - الإصابة: 1 / 202.
138 - الإصابة: 1 / 557.
139 - الإصابة: 1 / 186.
140 - الإصابة: 3 / 463.
141 - الإصابة: 3 / 139.
142 - تدريب الراوي: 2 / 396.
143 - الإصابة: 3 / 80.
144 - راجع هؤلاء في تدريب الراوي: 2 / 397، وأسماء الصحابة الرواة.
145 - الإصابة: 4 / 59، أسماء الصحابة الرواة: 197.
146 - الإصابة: 2 / 199.
147 - المصدر السابق: 1 / 312.
148 - تدريب الراوي: 2 / 220 و 221.
149 - نفس المصدر.
150 - الإصابة: 1 / 2.
151 - مع العلم أن هناك رأيا يذهب إلى أن عدد الصحابة مائة وعشرون ألفا!
152 - يرى الذهبي أن عدد الصحابة الرواة نحو ألف وخمس مئة نفس، وقد قام الدكتور أكرم ضياء العمري بتحقيق هذه المسألة في كتابه (بقي بن مخلد القرطبي) فبلغ عدد الصحابة الرواة 1565 صحابي، ذكر تحقيقه هذا سيد كسروي حسن في تحقيقه لكتاب: أسماء الصحابة الرواة: ص 10 - 11.
153 - لأنه يجب القول أن 110 آلاف صحابي عندهم من الحديث أضعاف ما عند الألف والخمسمائة وخمسة وستين صحابيا، الذين هم مجموع الرواة في كتب السنن، فتدبر.
154 - حجية السنة: ص 456.
155 - يقول محمد زهو في الحديث والمحدثون: ص 147 " الاشتغال بالخلافة والحروب عامة عاق كثيرا من الصحابة عن تحمل الحديث وروايته كما في الخلفاء الأربعة وطلحة والزبير " فزهو يعترف أن عند هؤلاء سننا لم تصل إلينا!!
156 - رفع الملام.
157 - راجع حجية السنة: ص 150.
158 - ذكر قوله أبو رية في الأضواء: ص 50.
159 - من تقديمه لكتاب توضيح الأفكار، الصنعاني: ص 15.
160 - الوسيط في علوم مصطلح الحديث: ص 519.
161 - ما سنكتبه هنا قد اعتمدنا فيه على كتاب: دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه للدكتور الأعظمي، بالإضافة إلى ما وجدناه من خلال بحثنا.
162 - انظروا كيف يفعل أمناء الإسلام بسنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)!
163 - الكفاية: ص 351 - 352. تذكرة الحفاظ 1 / 94، الرامهرمزي: ص 51. الأعظمي: 1 / 144.
164 - الأعظمي: 1 / 147.
165 - المصدر السابق. الموضوعات، ابن الجوزي.
166 - تذكرة الحفاظ: ص 84. الأعظمي: 1 / 152.
167 - راجع كتاب الأعظمي: 1 / 153. الكفاية: ص 264.
168 - الأعظمي: 1 / 153.
169 - الأعظمي: 1 / 156 - 157. ابن سعد: 6 / 630. العلل: 1 / 43. تاريخ بن أبي خيثمة.
170 - الأعظمي: 1 / 158.
171 - المصدر السابق: ص 158. ابن سعد: 5 / 133. رجال ابن اسحاق: ص 41.
الرامهرمزي: 35.
172 - لمحات في اصول الحديث، محمد أديب صالح: ص 67 - 68 ويعترف الاستاذ محمد أديب صالح بأن هناك ثروة حديثية ضاعت، فتدبر!
173 - التهذيب: 12 / 39. الأعظمي: 1 / 169.
174 - الأعظمي: 1 / 173.
175 - ابن سعد: 7 / 1: 127.
176 - مصطلح الحديث، الشهاوي: ص 201.
177 - تاريخ بغداد: 9 / 179.
178 - الأعظمي: 1 / 321. هدي الساري، ابن حجر: 2 / 223.
179 - تاريخ بغداد: 10 / 401 - 402.
180 - الأعظمي: 1 / 286. تاريخ بغداد: 10 / 400.
181 - الفهرست: ص 266.
182 - السنة قبل التدوين: ص 374.
183 - الأعظمي: 1 / 278.
184 - انظر الإمام الأوزاعي، عبد الله الجبوري عن سير أعلام النبلاء وتهذيب التهذيب.
185 - المصدر السابق: ص 42 - 43، عن تذكرة الحفاظ: 1 / 179. تهذيب التهذيب: 2 / 240 و 242.
والبداية والنهاية: 10 / 116.
186 - المصدر السابق: ص 43 عن ابن عساكر ج 10، وكتب صدقة بن عبد الله السمين عن الأوزاعي ألفا وخمسمائة حديث " الميزان 2 / 310 - 311.
187 - الإمام الأوزاعي: ص 82 - 83.
188 - قال الدكتور عجاج الخطيب في اصول الحديث: ص 204: " ومن الجدير بالذكر أنه كان لعبدالله بن لهيعة (174 هـ‍) محدث الديار المصرية كتب كثيرة، احترقت!!! سنة " 169 هـ‍ " وكانت كتبه صحيحة " عن تذكرة الحفاظ: 1 / 220 ومع أن ابن لهيعة والأوزاعي ليسا من التابعين لكنني رأيت أنه لا بأس من أن أجعلهما في هذا البحث.
189 - الحديث والمحدثون، محمد زهو: ص 453.
190 - كل الكتب التي تحدثت عن البخاري.
191 - راجع " أبو زرعة الرازي "، الدكتور سعدي الهاشمي: 1 / 207 عن تهذيب الكمال.
192 - المصدر السابق، وراجع تاريخ ابن كثير: 11 / 37.
193 - تدريب الراوي: 1 / 50. تهذيب التهذيب: 7 / 30.
194 - إن كل محدث كان يحفظ الآلاف من الأحاديث، فقد كان عند مسلم صاحب الصحيح ثلاثمائة الف حديث مسموعة. طبقات الحفاظ: 2 / 151. وكتب أحمد بن الفرات ألف ألف وخمسمائة ألف حديث.
خلاصة التهذيب: ص 9. وكان إسحاق بن راهويه يحفظ أكثر من مئة ألف حديث. الحديث والمحدثون: ص 351. وقال يحيى بن معين: " كتبت بيدي ألف ألف حديث " تدريب الراوي: ص 50.
وغيرهم الكثير.
195 - ذهب السيوطي إلى أن الأحاديث الصحيحة وغير الصحيحة لاتبلغ - دون تكرار - خمسين ألفا!، تدريب الراوي: 1 / 100.
196 - الإصابة: 1 / 3. توضيح الأفكار، الصنعاني: ص 43.
197 - راجع الوسيط في علوم الحديث: ص 67.
198 - راجع كتابه: في علوم الحديث: ص 59.
199 - تدريب الراوي: ص 52.
200 - تدريب الراوي: 40 - 41.
201 - الرسالة المستطرفة: ص 46.
202 - من كتاب الجزء الأول من شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع الفراهيدي، تأليف الشيخ عبد الله بن حميد السالمي.
203 - الرسالة المستطرفة: ص 47.

204 - الرسالة المستطرفة: ص 55.
205 - الرسالة المستطرفة: ص 56.
206 - المصدر السابق: ص 47.
207 - المصدر السابق.
208 - ص 55، وراجع هذه المسانيد المذكورة وغيرها في الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة، محمد بن جعفر الكتاني: ص 47 - 55، وراجع مقدمة فواز أحمد زمرلي على مسند فاطمة الزهراء (عليها السلام) للسيوطي.
209 - اصول التخريج ودراسة الأسانيد: ص 40.
210 - انظر ضعيف الجامع الصغير وزياداته، الألباني 1 / 111.
211 - الإعتصام: 7.
212 - الرسالة المستطرفة: ص 46.
213 - ذكر الطبري في تاريخه: 2 / 114، إن أول جمعة جمعها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في الإسلام كانت في السنة الاولى من الهجرة.
214 - وأثناء تتبعي وجدت خطبة واحدة في تاريخ الطبري: 2 / 115.
215 - رفع الملام: ص 18.
216 - رفع الملام: ص 18 - 19.
217 - ذكره عنه القاسمي في قواعد التحديث: ص 83، تحقيق محمد البيطار.
218 - قواعد التحديث: ص 83.
219 - أضفه - أيها المسلم الغيور - للكتب المفقودة!!
220 - من مقدمته على كتاب توضيح الأفكار، الصنعاني: ص 30.
221 - وما كان الله ليترك سنة نبيه تضيع لجهل المسلمين وتفريطهم بها بل حفظ سنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) من الضياع ولكن... سيأتي بيان ذلك!
222 - هذه الأين يجب أن توجه إلى الصويان وأهل السنة!
223 - حقا إنها جريمة لا تغتفر!
224 - " راجع كتاب جزء فيه حديث سفيان بن عيينة رواية زكريا المروزي " تحقيق الصويان: ص 4.
225 - كلمته على عمدة القاري شرح صحيح البخاري: 1 / 3.
226 - مسند عبد الله بن عمر تخريج أبي امية الطرسوي، تحقيق أحمد راتب عرموش.
227 - راجع أسماء الصحابة الرواة: ص 10.
228 - راجع الوسيط، أبي شهبة: ص 16.
229 - طبقات الحنابلة: 1 / 6.
230 - حجة الله البالغة: 1 / 150 والنص منه، إعلام الموقعين: 1 / 45.
231 - طبقات الحفاظ، الذهبي: ص 736. طبقات الحفاظ، السيوطي: ص 315. والميزان.
232 - راجع حاشية المحدث الفاصل، تحقيق محمد عجاج الخطيب: ص 621.
233 - 11 / 261.
234 - راجع قواعد التحديث، القاسمي: ص 201 - 202، وكتاب علوم الإسناد من السنن الكبرى لأستاذنا نجم خلف: ص 7. شرف أصحاب الحديث، الخطيب البغدادي: 41 - 42
235 - معالم السنن، الخطابي: 1 / 6 - 8. تذكرة الحفاظ: 2 / 599.
236 - أجاب الحافظ ابن عقدة في ثلاثمائة ألف حديث من حديث أهل البيت (عليهم السلام) وبني هاشم، حدث بها عنه الدارقطني، راجع تذكرة الحفاظ: 3 / 56.
237 - تذكرة الحفاظ: 1 / 209.
238 - الأحزاب: 21.
239 - الحشر: 7.
240 - تقييد العلم: ص 60.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page