• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الفصل التاسع بحث حول قيمة الصحبة

توطئة:

الصحبة: كلمة صارت لها هالة مخيفة في بعض النفوس، بفعل عوامل تاريخية ومذهبية، وبنيت لأجلها أحكام ما أنزل الله بها من سلطان، فقد فاقت منزلة الصحبة - أحيانا - منزلة النبوة: فإذا كان الصحابي قد زاغ عن الطريق وارتكب محرما نرى التبريكات تنهال عليه من أقلام العلماء، وحجتهم في ذلك أنه صحابي.
هذه هي لغة أهل السنة في تقييم أعمال الصحابة، ميزان عجيب، يختلف عن كل الموازين التي جاء بها الإسلام. فتعال واقرأ معي!!
يقول القوشجي عن إحراق أبي بكر للفجاءة السلمي: " إحراقه الفجاءة بالنار من غلطة في اجتهاده، فكم مثله للمجتهدين... " (1).
وقال مدافعا عن خالد: " تزوج امرأته - أي مالكا - في دار الحرب لأنه من مسائل المجتهدين " (2).
قال ابن كثير: " واستمر أبو بكر بخالد على الإمرة، وإن كان قد اجتهد في قتل مالك بن نويرة وأخطأ " (3).
وقال ابن تيمية عن زيادة عثمان للأذان الثالث يوم الجمعة: " إنها من مسائل الاجتهاد " (4) وقال في جواب من اعترض على عائشة: " وأما قوله وخالفت أمر الله في قوله تعالى: (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) (5)، فهي (6) لم تتبرج تبرج الجاهلية الأولى، والأمر بالاستقرار في البيوت لا ينافي الخروج لمصلحة...
وإذا كان سفرهن لمصلحة جائزا لعائشة، اعتقدت أن ذلك السفر مصلحة للمسلمين فتأولت في هذا... والمجتهد المخطئ مغفور له خطأه " (7).
وقال ابن حزم في معاوية: " إن معاوية ومن معه، مخطئون مجتهدون، مأجورون أجرا واحدا " (8). وقال فيه ابن تيمية: " إنه كعلي بن أبي طالب في ذلك " (9). قال ابن كثير: " معاوية مجتهد مأجور إن شاء الله " (10).
وقال ابن حزم عن أبي الغادية - قاتل عمار -: " فأبو الغادية (رضي الله عنه) متأول مجتهد مخطئ فيه باغ عليه، مأجور أجرا واحدا " (11).
وقال ابن حجر: " والظن بالصحابة في كل تلك الحروب أنهم كانوا فيها متأولين، وللمجتهد المخطئ أجر،... " (12).
وقال ابن حزم: " لا خلاف بين أحد من الأمة في أن عبد الرحمن بن ملجم لم يقتل عليا إلا متأولا مجتهدا مقدرا أنه على صواب " (13).
وعن يزيد بن معاوية يقول أبو الخير الشافعي: " ذاك إمام مجتهد " (14) وقال ابن كثير في يزيد: " وحملوا - العلماء - ماصدر منه من سوء التصرفات على أنه تأول فأخطأ " (15).
محاكمة:
لماذا لا نجري أحكام الله في مجراها الصحيح؟ خالد مجتهد، ومعاوية مجتهد، وعائشة، ويزيد... وكلهم مأجورون. لماذا؟ لأنهم صحبوا النبي، فتطهرت نفوسهم وصاروا عدولا. هكذا يقول أهل السنة، فالصحبة منزلة عظمى تعصم صاحبها من العقاب، وفي الأمثلة القادمة، سنرى حكم الله ورسوله في منازل أعلى من منزلة الصحبة.
إبليس طاووس الملائكة:
كان إبليس من أقرب المخلوقات إلى الله وأعبدهم، لكن إبليس تمرد على أمر الله واستكبر ورفض السجود لآدم بحجة (أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) (16).
لكن ماذا كان مصير إبليس؟ الطرد واللعن هذا هو مصيره. فهذا إبليس مع عظم منزلته عند الله لم تنفعه منزلته حين اجتهد أمام النص ولم يقل الله له: أنت مجتهد مخطئ مغفور لك ولك أجر (17)!
فلماذا يقال لمعاوية - شارب الخمر، آكل الربا، قاتل الأبرياء - مجتهد وله أجر، ولا يقال ذلك لإبليس؟! مع أن هذا في حق إبليس أولى (18) إذ هو طاووس الملائكة، فهذا هو حكم الله (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) (18).
 قابيل وهابيل:
هما من أبناء آدم (عليه السلام) وقصتهما معروفة. قام قابيل بقتل هابيل، فماذا كان مصيره؟
قبل الإجابة لا أحد منا ينكر أن قابيل ابن نبي ولا أحد ينكر أن منزلة البنوة أعلى من منزلة الصحبة. ومع بنوة قابيل لنبي من أنبياء الله كان مصيره النار بمجرد أن قتل أخاه، فلم تنفع قابيل منزلته في درء العقاب عنه ولم يقل عنه: هو مجتهد وله أجر (20). فلماذا كان هذا الحكم في حق قابيل ولم يكن في حق أحد الصحابة القاتلين؟! فإذا غفر الذنب بسبب الصحبة فبسبب البنوة أولى!
هذا خالد بن الوليد قتل مالكا وقومه المسلمين ومع ذلك أعطاه أهل السنة أجر المجتهد. وهذا معاوية قتل كبار صحابة رسول الله، كحجر بن عدي، وعمرو بن الحمق و... ومع ذلك يعطى أجرا. ويعطى أهل السنة أبا الغادية - قاتل عمار - أجرا، ثم يعطى ابن ملجم - قاتل علي - أجرا. فيالله ولهذه الأعاجيب، ما هذه الفلسفة؟ وهل صحبة هؤلاء للنبي بمنزلة بنوة قابيل لنبي الله آدم (عليه السلام)؟ فلم كانت هذه الأحكام بحق هؤلاء ولم تكن في حق قابيل؟!
زوجتا نوح ولوط:
يقول الله (21): (وضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين)  .
كانت زوجتا نوح ولوط (عليهما السلام) تفشيان أسرار زوجيهما إلى قومهما. وبسبب هذه الخيانة، جاء حكم الله فيهما (وقيل ادخلا النار مع الداخلين).
 فمن أعلى منزلة؟ الزوجية أم الصحبة؟! لا أحد يخالفنا في أن منزلة الزوجية أعلى من منزلة الصحبة.
فإذا لم تنفع منزلة الزوجية امرأتي نوح ولوط (عليهما السلام) في درء العقاب عنهما، فكيف نفعت منزلة الصحبة الصحابة في درء العقاب عنهم؟
ولماذا يقال عن أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أخطأوا إنهم مجتهدون ولهم أجر، ولا يقال ذلك عن زوجتي نوح ولوط (عليهما السلام)؟! مع أن هذا في حقهما أولى إذ هما زوجتا نبيين!!
ولماذا كانت عائشة مجتهدة ومأجورة حين خرجت على الإمام الشرعي وتسببت بقتل ثلاثين ألفا من أولادها ولم تكن امرأتا نوح ولوط مجتهدتين مأجورتين؟!!
نساء النبي:
يقول الله (22) مخاطبا نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين) .
نعم، هذا هو حكم الله (من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين) ولم يقل: يضاعف لها الأجر!! ولكننا نرى أهل السنة يعطون نساء النبي أجرا وإن اجتهدن أمام النصوص، وحاربن أبناءهن وقتلنهم.
ولو صح ما يقوله أهل السنة في تبريرهم لأعمال الصحابة وعائشة، لكان من حق الآية أن تكون " من يأت منكن بفاحشة مبينة فلها أجر واحد " ومن هنا نلحظ المفارقة بين حكم الله  في نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والصحابة إذا اخطأوا، وبين أحكام أهل السنة. فالله  يقول: (يضاعف لها العذاب) وأهل السنة يقولون: هم مجتهدون لهم أجر واحد!!
 النبي يقول لأسامة:
جاء أسامة بن زيد إلى الرسول، ليشفع في امرأة سرقت، فغضب (صلى الله عليه وآله وسلم) لذلك وقال: " أتشفع في حد من حدود الله؟... وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها " (23).
هذا هو حكم الإسلام. ولو صح ما يقال، من أن خالدا مجتهد، ومعاوية اجتهد بقتل الصحابة... وأبو الغادية مجتهد، وابن ملجم مجتهد، ويزيد مجتهد، وكلهم لهم أجر، لكان على النبي أن يقول: " وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لأعطيتها اجرا لأنها مجتهدة "!!
ولكن النبي لا يستخدم هذا الميزان المقلوب الذي اخترعه القوم لقياس الحكم الشرعي الحق!
حتى النبي:
يقول الله (24) لنبيه: (لقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك) (25).
وقال تعالى: (ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا * إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا) (26).
وقال تعالى: (ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين) .
 أجل، حتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لو انحرف عن الطريق، أو تقول على الله، لكان من المعذبين العذاب الشديد - وحاشاه (صلى الله عليه وآله وسلم) من كل هذا - لكن هذه الآيات خاطبت النبي وتقصد غيره فهي من قبيل: إياك أعني واسمعي يا جاره.
فأهل السنة حين رضوا بأفعال الصحابة من قتلهم لبعضهم البعض، ولعنهم لبعض وزنا بعضهم وشربهم الخمر... وحين باركوا لهم هذه الأفعال، وصرفوا لهم أجورا جعلوهم فوق النبي لعمر الله!! فالنبي لو جاء بشئ من عنده، أو مال قليلا عن خط الإسلام، لكان اتعس الناس - والعياذ بالله -، أما الصحابة فهم شئ آخر، فلا يوزنون بهذا الميزان الذي يوزن به حتى النبي، بل إن منزلتهم تفوق منزلة النبوة، فإذا تقولوا على الله أو مالوا عن خط الإسلام وارتكبوا المحرمات فإنهم ينالون الأجر بذلك، فتأمل بربك!!
فهل صدقت بما نقول في: أن أهل السنة رفعوا الصحابة بسبب صحبتهم للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فوق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه؟! ولو صحت تلك الأحكام التي قالها أهل السنة لوجب أن يتغير سياق الآيات السالفة، فتصبح: " ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا إذا لأعطيناك أجرا عظيما "!! فأنت نبي مجتهد ولك أجر!! وهكذا.

الخلاصة

إن الصحابة بشر عاديون، تجري عليهم أحكام الله، ومجرد صحبتهم للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لاتطهر نفوسهم، لأن الإيمان لا يأتي دون الأخذ بأسبابه، وصحبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا تجعل الإنسان عادلا، كما لم تكن البنوة والزوجية من أسباب العدالة.
إن أصحاب موسى (عليه السلام) كانوا آلافا مؤلفة، وبمجرد أن تركهم موسى (عليه السلام) اربعين ليلة، ارتدوا!
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لحسان بن ثابت: " إن روح القدس مع حسان، ما دام ينافح عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " (27).
 فالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قرن كون روح القدس مع حسان بشرط إدامة المنافحة عن رسول الله، ولو كانت الصحبة منزلة تعصم صاحبها لما قيد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كلامه.
سأل الصحابة النبي فقالوا: يا رسول الله أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية قال (صلى الله عليه وآله وسلم):
" أما من أحسن منكم في الإسلام فلا يؤاخذ بها، ومن أساء، أخذ بعمله في الجاهلية والإسلام " (28).
وعاد (صلى الله عليه وآله وسلم) كعبا في مرضه فقالت أم كعب: هنيئا لك الجنة يا كعب، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم):
" وما يدريك يا أم كعب! لعل كعبا قال ما لا يعنيه، ومنع ما لايعنيه " (29).
نعم، هذا هو ميزان الإسلام، أما أن نقول: اجتهد وله أجر، بالرغم من الجرائم التي ارتكبها فهذه المسألة فيها نظر.
لقد خلق الله الإنسان واختبره في هذه الدنيا. وجعل الدنيا دار ابتلاء قال تعالى:
(إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا) (30) ونحن إذا قلنا إن كل صحابة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في الجنة، وإذا باركنا لهم أعمالهم الخاطئة، وجعلنا لهم أجرا عليها، فقد خرجنا عن قانون الله وسنته في خلقه. فالصحابة يوزنون بتقواهم وليس بصحبتهم!
قال تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) ولم يقل أصحبكم.
والعاقبة بحسنها وسوئها هي التي تحدد مصير الإنسان وليس الصحبة ولا الصداقة ولا البنوة... فالأعمال بخواتيمها.
إن الصحابة أناس عاديون، ومنزلة أحدهم تكون باحترام صحبته للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأداء حقها. فالمفترض بنا إذا حاكمنا أعمالهم أن نطبق هذه الموازين الإلهية، لأنهم ليسوا أفضل من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي خضع لهذه الموازين.
وقد يقال: من أنت ومن نحن، حتى نقيم الصحابة؟ فنقول: نحن لا نقيم أعمالهم على هوانا، بل القرآن والسنة هما اللذان يقيمان عمل أي إنسان.
فحين قلنا يجب أن يقام الحد على الزناة منهم كخالد والمغيرة، لم نأت بهذا الحكم من بنات أذهاننا، بل الله قال ذلك في كتابه. والرسول طبق الحكم، فرجم ماعز الأسلمي والمرأة الغامدية.
وحين تجنبنا موالاة معاوية، ومن حارب عليا، لم يكن ذلك عن تعصب وهوى، فلقد كان موقفنا هذا امتثالا لأوامر الرسول، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): " علي مع الحق والحق مع علي، يدور معه حيث دار " وهذا يعني أن من وقف ضده كان على الباطل. فكيف نتولى من هو على الباطل؟!
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق " فمن يقاتل أحدا، ويأمر بسبه، ويسجد عند موته، فهو مبغض لهذا الإنسان، وبغض علي يساوي النفاق، فكيف نتولى مبغض علي (عليه السلام)؟!!
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) عن علي " اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله ". هذا الرسول يطلب من الله - وهو أمر لنا أيضا - بموالاة من يوالي عليا، ومعاداة من عاداه... فنحن التزمنا بالنص، والرسول يقول عن علي: " حربك حربي، وسلمك سلمي " " عدو علي، عدوي " فكيف نتولى عدو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!
ونحن عادينا معاوية، لأن الله أمرنا بذلك قال تعالى: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله) (31) ومعاوية قاتل عليا (عليه السلام)، ووسمه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وحزبه بالفئة الباغية، قال (صلى الله عليه وآله وسلم) " ويحك ياعمار تقتله الفئة الباغية عمار يدعوهم إلى الله ويدعونه الى النار " (32).
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " يا علي ستقاتلك الفئة الباغية، وأنت على الحق، فمن لم ينصرك يومئذ فليس مني " (33).
فيجب علينا البراءة من هذه الفئة الباغية - معاوية وحزبه - امتثالا لأمر الله ورسوله. ولو أن هذه الفئة الباغية فاءت إلى أمر الله، وسلمت القيادة لإمامها الشرعي، لقلنا عسى، ولكنها لجأت للمكر والدهاء، ورفضت حكم الله الذي دعا إليه علي بادئ الأمر (34)، ولما رأوا الموت أمام أعينهم، رفعوا القرآن فوق الرماح لينجوا (فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا) (35) هذا هو حال هذه الفئة، فهي لم تلجأ لحكم الكتاب، وانما اتخذته وسيلة خداع، للوصول إلى المآرب الخبيثة والكل يعرف هذا.
فكل من يتولى هذه الفئة الباغية، فقد خالف أمر الله (فقاتلوا التي تبغي) يقول القرطبي: " في هذه الآية دليل على وجوب قتال الفئة الباغية " (36).
ولتقريب هذا الكلام نقول: اجعل نفسك - أخي المسلم - تعيش في عهد الصحابة وطلب منك الالتحاق بعلي، أو معاوية، في صفين فأيهما تختار؟! إن قلت معاوية فقد خالفت أمر الله ورسوله في وجوب قتال الفئة الباغية. فلا بد أنك ستذهب مع علي امتثالا لأمر الله ورسوله، عندئذ، ولو بدأ القتال وبرز لك معاوية فهل كنت ستقتله؟!! إن قلت: لا، فقد خالفت أمر الله ورسوله في وجوب نصرة علي (عليه السلام)، وقتال الفئة الباغية، فيبقى الوجه الآخر! فإذا أجزت لنفسك قتله في ذلك الموقف، فكيف تترضى عنه الآن وتدافع عنه؟! وهكذا اجعل موقفك في موقعة الجمل، فموقفك هناك هو الذي يجب أن يكون الآن، تماما كموقفك الآن من فرعون، فلو كنت مع موسى لحاربت فرعون ببدنك وقلبك.
يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " يا أبا رافع، سيكون بعدي قوم يقاتلون عليا، حق على الله جهادهم، فمن لم يستطع جهادهم بيده فبلسانه، فمن لم يستطع بلسانه فبقلبه... " (37).
هذا ابن عمر ندم لعدم قتاله مع الإمام علي (عليه السلام). يروى أنه لما حضرته الوفاة، قال: " ما أجد في نفسي من الدنيا، إلا أني لم أقاتل الفئة الباغية " وفي الاستيعاب " مع علي بن أبي طالب " (38).
فليكن في ندم عبد الله بن عمر موعظة!
 






____________
1 - و (2) راجع معالم المدرستين، مرتضى العسكري: 2 / 72 - 75.
3 - تاريخ ابن كثير: 6 / 323.
4 - منهاج السنة: 3 / 204.
5 - الأحزاب: 33.
6 - منهاج السنة: 3 / 190.
7 - الفصل في الملل والأهواء والنحل: 3 / 86.
8 - المصدر السابق: ص 89.
9 - منهاج السنة: 3 / 261 و 275.
10 - تاريخ ابن كثير: 7 / 279.
11 - الفصل في الملل: 3 / 87.
12 - الإصابة: 4 / 151.
13 - المحلى: 10 / 484.
14 - تاريخ ابن كثير: 13 / 9.
15 - تاريخ ابن كثير: 8 / 223 - 224.
16 - سورة ص: 76.
17 - كما فعل ابن تيمية وابن كثير... مع الصحابة!
18 - وأنا أجزم بأن إبليس (لعنه الله) لو كان صحابيا وعصى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لقالوا عنه: مجتهد له أجر!!
19 - المائدة: 50.
20 - ولو كان صحابيا لقيل فيه هذا!!
21 - التحريم: 10.
22 - الأحزاب: 30.
23 - صحيح البخاري: كتاب الحدود، باب كراهية الشفاعة في الحد إذا رفع إلى السلطان.
24 - الزمر: 65.
25 - الإسراء: 74 - 75.
26 - الحاقة: 44 - 46.
27 - الإصابة: 1 / 326.
28 - صحيح مسلم: كتاب الايمان، باب هل يؤاخذ بأعمال الجاهلية.
29 - تاريخ بغداد: 4 / 273، وانظر: مستدرك الحاكم: 3 / 190.
30 - الكهف: 7.
31 - الحجرات: 9.
32 - صحيح البخاري (كتاب الجهاد) باب مسح الغبار عن الناس في السبيل.
33 - تاريخ دمشق: ابن عساكر: ج 42. منتخب الكنز بهامش المسند: 5 / 32.
34 - راجع تاريخ الطبري: 6 / 4.
35 - غافر: 84.
36 - تفسير القرطبي: 16 / 317.
37 - أخرجه الطبراني في الكبير كما في الكنز: 6 / 155. مجمع الزوائد: 9 / 134، وذكره في إحقاق الحق: 7 / 334 عن كتاب: نزول القرآن في أمير المؤمنين، أبي نعيم (مخطوط)، مفتاح النجا، البدخشي: 67 (مخطوط). وذكره في ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق، ابن عساكر: 3 / 123.
38 - أسد الغابة: 3 / 238. الاستيعاب: 3 / 1117.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page