• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

رمتني بدائها... وانسلّت:

كان في يدي ذات يوم مقال لمجلّة عربية أرسله أحد القراء وكان مليئا بالسبّ والشتم لمن سمّاهم بالرافضة، وكان من جملة ما كتب أنّ الروافض يؤمنون بتناسخ الأرواح!!!
طبعا، صار لي تحفّظ شديد على أي كلام يقال ضدّ الشيعة، بل وغير الشيعة، لأنه كما قالت العرب "ربّ مشهور لا أصل له"، وأذكر أنّني مرّة تحدثت مع أحد المعارف فجرى الحديث عن الهندوس وتعجبت أنا كيف أنهم يعبدون البقرة، فاستغرب صاحبنا وقال: إنّ الهندوس لا يعبدون البقرة لكنهم يقدسونها والعهدة عليه. المهمّ عوّدت نفسي أن لا أتّهم ولا أحكم أحكاما جازمة على عقيدة وفكر أي أحد وأي فريق حتّى أتيقن أنا بنفسي من ذلك خاصّة إذا كان ذلك ممكنا لي ومتاحا.
طبعا، لم أصدّق هذا الكاتب الذي رمى الشيعة الإمامية بفرية عظيمة وهي القول بتناسخ الأرواح، لكن قلت في نفسي: لا بدّ أنّ هناك مسألة عند الشيعة بنى عليها القوم حكمهم هذا.
وفي أوّل لقاء لاحق مع صديقي الشيعي أريته ذلك المقال الذي احتفظت به في جيبي.
قرأ صديقي المقال بعجل، ثم وضع الورقة على طاولته وقال: إنّي أحياناً أتأسّف على العصور الإسلامية الماضية حيث كان عند المسلمين فعلا علماء من مختلف المذاهب، حتّى كانت مناظراتهم وعباراتهم نحوبعضهم البعض تظهر ما كانوا عليه من رفيع الأخلاق وبالأخصّ ما كانوا عليه من روح علميّة محايدة إلى حدّ ما. والعجيب ونحن في قرن وعصر العلم كما يقال مازلنا ترى أنّ هناك من يعيش معنا ويعتقد حول الشيعة وغيرهم هكذا اعتقادات، وما سمعته أنا أغرب من هذا بكثير، حتّى أنّ هناك أناسا في بلاد إسلامية يعتقدون أنّ للشيعة ذيولا كذيول القردة!! أو أنّ الشيعة يقولون بأنّ جبرئيل (عليه السلام) قد خان الأمانة، لذا هم نكاية فيه يُعقّبون بعد صلواتهم اليومية بترديد عبارة "خان الأمين" ثلاثة مرات وغيرها.
هذا مع الأسف إحدى نتائج انحطاط المسلمين وتراجع الحضارة الإسلامية ".
واستخلص صديقي قائلا: وطبعا نتلقى النصيب الأكبر من الإتهامات والبهتان من الوهابيين، ولا يزول عجبي من هذه الفرقة الصنيعة التي هي آخر أو من آخر ما ظهر من الحركات الإسلامية وهي تكفّر وتبدّع أعرق الفرق الإسلامية تاريخا وفكرا. والجدير ذكره هي حركة لا تجد لها أصلا (كشجرة خبيثة) وإلاّ لو كانت تنتهي إلى المذهب الحنبلي كما يقولون لما خالفت هذا المذهب مخالفات شديدة قد تُخرج أحمد بن حنبل نفسه من دائرة الإسلام بعد تطبيقنا لما يقولونه وما يعتقدونه في حقّ أحمد وسيرة أحمد.
أمّا قضية التناسخ التي يرموننا بها فنحن نطلب منهم دليلا أو قولا واحدا ولو شاذا قال به أحد علمائنا على مرّ التاريخ، وهكذا الأمر بالنسبة لخيانة جبرئيل(عليه السلام) وغيرها.
ويواصل صديقي: أمّا ما شذ من الأقوال والآراء كمسألة القول بتحريف القرآن، فإنّ في كتب القوم كصحيح البخاري مثلا وغيره أحاديث وآراء عن صحابة كبار كعمر وعائشة(1) تُفهم أنّ القرآن ناقص، لكن نحن طبعا لا نقول إنّ أهل السنّة يقولون بتحريف القرآن، ففي كلّ مذهب هناك آراء شاذة لا يلتفت إليها أصلا.
ومسألة المتعة كذلك، إذا تصفّحت كتب إخواننا فستجد أحاديث يرويها كبار الصحابة تؤكّد حلّيتها.
وأمّا عن الإسرائيليات فحدّث ولا حرج فقد امتلأت كتب القوم بأحاديث تضرب أخلاق الأنبياء والمرسلين، بل حتّى أخلاق سيّد المرسلين فضلا عن ضربها لعصمتهم (عليهم السلام)(2).
وغيرنا يتهمنا بأنّنا لا نؤمن بالشورى بما تعنيه من ديمقراطية وغير ذلك، في حين لا تجد في تاريخ من يعتبرونهم خلفاء شرعيّين ولا في أقوال أو أفعال الصحابة أثرا لمسألة الشورى، بل لا تجد إلاّ السّيف حاكما وهاديا.
وعندما تقول الشيعة مثلا بعصمة الأئمة، يقيمون الدنيا ولا يقعدونها تشنيعا واستهزاء، ويقولون لا أحد معصوم إلاّ النبيّ، بل حتّى النبيّ يهجر ويخرّف ويخطأ ويسهو. وفي الوقت نفسه يصرّون إصرارا مميتا على أنّ كل الصحابة عدول، ثقات، لا يتطرق الشكّ ولا إلى واحد منهم(3) وهم عشرات الألوف!
عندما تقول الشيعة أنّ أفضل الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هو عليّ بن أبي طالب لأنه لم يكن أحد من الصحابة مثله في سابقته وجهاده وعلمه(4) وحلمه وبأحاديث يرويها كلا الفريقين، ترى الدنيا تقوم ولا تقعد ويتهموننا بالغلوّ وو.. في حين نجد هناك أحاديث عند إخواننا السنّة تقول إنّ عمر من الذين تحدثهم الملائكة(5) وأنه لو لم يُبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)لبُعث عمر بن الخطاب(6) وو...
يا أخي نحن نطلب قليلا من الإنصاف فقط. ونقول لغيرنا: تعال اقرأ كتبنا، زُر علماءنا وتجوّل في بلاد الشيعة، ومن العجيب أنّك ترى أحدنا يفاخر بأنّه زار متحف "اللّوفر" وصعد إلى "برج إيفل" أو قرأ المجموعة الكاملة للمسرحي الإنكليزي "شكسبير" وأنه يعرف الأكلات الصينية والإيطالية وغير ذلك، ثم تجده " صُمٌّ بُكْمٌ " إذا سألته عن أهم عقائد الشيعة.
الإنصاف والأمانة العلمية في النقل هذا كلّ ما نطلبه من غيرنا ليس أكثر.






____________
1 ـ أنظر قول عمر في ضياع آية الرجم وآية أخرى من كتاب الله: صحيح البخاري 8/209، وانظر قول عائشة في آية الرجم وآية رضاعة الكبير عشراً واللّتان ضاعتا بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): سنن ابن ماجة 1/609 كتاب النكاح، سنن أبي داود 2/184 كتاب النكاح، سنن النسائي 6/100 كتاب النكاح.
وهناك أحاديث أخر عن غير عمر وعائشة من الصحابة.
2 ـ كأحاديث أبي هريرة في صحيحي البخاري ومسلم والتي تقشعر منها الأبدان، أنظر مثلا: صحيح مسلم 4/1842 فضائل موسى: ص1839.
3 ـ أنظر: كتاب الإصابة لابن حجر: 6 ـ 7، العقيدة الطحاوية حيث يقول مؤلفها: " وحبّهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان ".
4 ـ وهو أول من أسلم، وبدر وأحد والخندق تشهد على ما فعله بالكفار.
5 ـ صحيح البخاري 5/15، الجامع الكبير للترمذي 6/64 حديث 3693.
6 ـ أو لو كان نبيّ بعدي لكان عمر [ المستدرك للحاكم 3/85، والجامع الكبير للترمذي 6/59 حديث 3686 ].


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page