إن ثقافة البحث والجهد الفكري في الإختيار العقائدي هي من الحقوق الأولى التي يجب أن تطالب بها النساء، وإن كانت المرأة تسعى إلى حرية حقيقة تتشرف بها يجب عليها كسر أغلال الثقافة الهابطة التي ظنت أن بأمتلاكها نالت حريتها فانقلبت الصورة وانقلبت معها كل القيم الأخلاقية، حيث أصبحت المرأة في هذا العصر جُلّ اهتمامها الأمور القشرية التي تخص مظهرها الخارجي، فأصبح الطرح الثقافي الذي
يجلب اهتمام المرأة هو الكتب والمجلات التي تقدم آخر صيحات الأزياء والموضة، تاركة مجال البحث الفكري والعقائدي للرجل فقط وكأنها غير معنية فيه.
وعند ما تعرضت المرأة للهجمة الشرسة من قبل الثقافة الغربية التي جعلتها سلعة تباع وتشترى، لم تشهر قلمها لتدافع عن حقوقها في الإسلام، تاركة هذا المجال للرجل أيضاً، بل أصبحت تخلع جلباب الإسلام شيئاً فشيئاً.
ومن هنا نخلص إلى أنه إذا أرادت المرأة مراعاة حقوقها المشتركة مع الرجل التي ترى أنها مهضومة فيها، فعليها بالتفكر والبحث العقائدي فهو الذي يكفل لها حريتها وحقها المسلوب منها أو بالأحرى الذي لم تطالب به، وفي اعتقادي أن المغريات التي كانت تدفع المرأة في الأتجاه المعاكس مع بداية النهضة الحضارية قد أستنفدت أغراضها ولم تبق بتلك الجاذبية التي بدأت بها، وخاصة عندما تكشفت كثير من المساويء والآثار السلبية، فتحتم على المرأة المسلمة أن تتحمل دورها في عملية الصراع الحضاري الذي يتجلى في أوضح صوره في الإطار الثقافي والفكري في عصر العولمة، ولتحقيق تلك الغاية المطلوبة لا بد أن تحسم كثيراً من القضايا العالقة في أرثنا الإسلامي وتبين رؤية موحدة تمثل الإسلام بأجلى معانيه لكي نتمكن من أدارة الصراع بجدارة، ولاستخلاص ذلك لا بد من البحث أولاً في الجدل المذهبي الذي يمثل عبئاً كبيراً على كاهل الاجيال المسلمة، فتتجلى الشجاعة هنا بخوض الممنوع وتجاوز الخطوط الحمراء التي رسمتها لنا الأيام الخالية من غير أن يكون لنا وعي فيها، ولكي تتسع العقلية الاجتماعية التقليدية لاستيعاب دواعي الخلاف المذهبي لا بد أن نطرق الأبواب بقوة حتى تنفتح على أفق مشرق نكون قد ساهمنا فيه أو على أقل تقدير نكون قد أخترنا ديننا بمحض إرادتنا، بعد أن كنا نورث حتى أنتماءتنا وعداواتنا.
المرأة بين ثقافة البحث.. وضغط الثقافة
- الزيارات: 857