• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

إمامة علي على نحو الاختيار وليس الجبر

أن الأحكام الشرعية يا عزيزتي، معلقة على حرية المكلف واختياره، فأن الله لا يجبر عباده على طاعته، فكون علي (ع) أمام من قبل الله تعالى لا يعني أن تجبر الخلائق على أتباعه، {من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} وهذا ما جرى على الأنبياء جميعهم، قال تعالى {أفكلما جاء كم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقاً كذبتم وفريقاً تقتلون}فالبيعة لعلي لا يفرضها الله على عباده كما لم يرفض بيعة الرسول، قال تعالى {يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك}و المجيء دالٌ على أن الأمر بالبيعة معلق على مجيء المؤمنات طائعات.
لذلك قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) في حق علي (عليه السلام) كما أخرجه الطبري في الرياض النضرة: (يا علي إني أعلم ضغائن في صدور قوم سوف يخرجونها لك من بعدي، أنت كالبيت تؤتى ولا تأتي أن جاءوك وبايعوك فاقبل منهم وألا فأصبر حتى تلقاني مظلوماً) فإذا كان هنالك قصور فهو من الذين لم يبايعونه.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن في الأمر تزاحم مصالح، فولاية علي (عليه السلام) مصلحة والحفاظ علي بيضة الإسلام مصلحة أخرى(1) فقدم علي مصلحة الحفاظ على بيضة الإسلام على مصلحة إمامته، كما فعل نبي الله هارون عندما عبد قومه العجل فلم يمنعهم حفاظاً على وحدة بني إسرائيل قال تعالى {إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل}.
قلت: إذاً بماذا تفسر كلمة الإمام كرم الله وجهه التي جاءت في نهج البلاغة: (وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار فأن اجتمعوا على رجل وسموه إماماً كان ذلك لله رضى …).
خالي: باختصار شديد أجيبك قائلاً: إن أبن أبي الحديد المعتزلي هو أول من أحتج بهذه الكلمة على أن صيغة الحكومة بعد وفاة النبي (ص) مستندة إلى الاختيار ونظام الشورى وتبعه من تبعه، ولكنه غفل_ أو بالأصح تغافل _ عن صدر الكلمة التي تعرب عن أن الاستدلال بالشورى من باب الجدل، خضوعاً لقوله تعالى:{وجادلهم بالتي هي أحسن} فأن الإمام علي (عليه السلام) بدأ كلمته بقوله: (أما بعد، فإن بيعتي بالمدينة لزمتك وأنت بالشام _مخاطباً معاوية بن أبي سفيان_ لأنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد …إلى قوله: وإن طلحة والزبير بايعاني ثم نقضا بيعتي، وكان نقضهما كردهما، فجاهدتُهما على ذلك حتى جاء الحق، ظهر أمر الله وهم كارهون.. فادخل فيما دخل فيه المسلمون) فقد أبتدأ أمير المؤمنين (عليه السلام) بخلافة الشيخين وذلك يعرب على أنه في مقام إسكات معاوية_ الذي خرج على إمام زمانه_ وقد تم عليه السلام كلمته بقوله: (فإن اجتمعوا على رجل..) احتجاجاً بمعتقد معاوية، بمعنى ألزموهم ما ألزموا به أنفسهم.
وهذه هي الخطبة الشقشقية في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) (أما ولله لقد تقمصها(2) بن أبي قحافة وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ينحدر عني السيل ولا يرقى إليّ الطير(3). فسدلت(4) دونها ثوباً وطويت عنها كشحاً(5) وطفقِت أرتئي بين أن أصول بيد جزاء(6) أو أصبر على طخية عمياء(7) يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه. فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى. فصبرت وفي العين قذى، وفي الحلق شجى، أرى تراثي نهبا(8)، حتى مضى الأول لسبيله فأدلى بها إلى أبن الخطاب بعده (ثم تمثّل بقول الأعشى): شتّان ما يومي على كـورهاويـوم حيـّان أخي جابـرفيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته(9) إذ عقدها لآخر بعد وفاته لشدّ ما تشطّرا ضرعيها(10) فصيّرها في حوزةٍ خشنا يغلظ كلمُها ويخشُن مسُّها.. إلى أن يقول (عليه السلام): فصبرت على طول المدّة وشدّة المحنة حتى إذا مضى لسبيله.جعلها في جماعة زعم أني أحدهم فــيالله وللشورى متى أعترض الرّيب فيَّ مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر، لكني أسففت إذ أسفُّوا وطرت إذ طاروا. فصغى رجل منهم لضغنه(11) ومال الآخر لصهره(12) مع هنٍ وهنٍ(13) إلى أن قام ثالث القوم نافجاً حضنيه بين نثيله ومعتلفه(14) …إلى أن ختمها بقوله (عليه السلام): أما والذي فلق الحبّـة وبرأ النّسمة لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر، وما أخذ الله على العلماء أن لا يُقارُّوا على كظّة ظالم ولا سغب مظلوم لألقيت حبلها على غاربها، ولسقيت آخرها بكأس أوّلها ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنـز)





____________
1 - أن الدولة الإسلامية كانت مهددة من المنافقين من جهة ودولة فارس والروم من جهة أخرى، وهذا بالإضافة لما أخبر به القرآن الكريم من حوادث تقع بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) كأية الانقلاب.
2 - الضمير عائد على الخلافة، فهنا شبه الإمام علي (عليهم السلام) خلافة أبي بكر كالذي لبس قميص ليس قميصه.
3 - تمثيل لسمو قدره (عليهم السلام) وقربه من مهبط الوحي وأن ما يصل إلى غيره من فيض الفضل فإنما يتدفق من حوضه ثم ينحدر عن مقامه العالي فيصيب منه من شاء الله.
4 - كناية عن غض نظره عن الخلافة،وسدل الثوب:أرخاه.
5 - مال عن الخلافة.وهو مثل لمن جاع، فمن جاع طوى كشحه ومن شبع فقد ملأه فهو عليه السلام قد جاع عن الخلافة أي لم يلتقمها.
6 - الجذّاء: المقطوعة، ومراده (عليهم السلام) هنا قلة الناصر والمعين.
7- الطخية: الظلمة، ونسبة العمى إليها مجاز عقلي،وهو تأكيد لظلام الحال واسودادها.
8- وهذا تأكيد منه (عليهم السلام) بأن الخلافة حق ثابت له،وما أبو بكر ألا سارق.
9- إشارة لقول أبي بكر: (أقيلوني فلست بخيركم).
10- وهي إشارة منه (عليهم السلام) على تقسيم الخلافة بين أبي بكر وعمر.
11- يشير (عليهم السلام) إلى سعد بن أبي وقاص الذي صغى إلى ضغنه وهو عبد الرحمن بن عوف.
12- يشير (عليهم السلام) إلى عبد الرحمن بن عوف الذي مال إلى صهره وهو عثمان بن عفان.
13- إشارة منه (عليهم السلام) إلى أغراض أخر يكره ذكرها.
14- يشير (عليهم السلام) إلى عثمان وكان ثالثاً بعد انضمام كل من طلحة والزبير وسعد إلى صاحبه، ونافجاً حضنيه، رافعاً لهما، والحضن: ما بين الإيبط والكشح يقال للمتكبر جاء نافجاً حضنيه. والنثيل: الروث، والمعتلف: موضع العلف أي أراد (عليهم السلام) بقوله: لا همَّ له ألا ما ذكر.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page