الكتاب : ظلامة الزهراء عليها السلام في روايات أهل السنة    |    القسم : مكتبة رد الشبهات     
النكارة الثانية: المقارنة بين علي وأبي العاص بن الربيع
ففي رواية البخاري ومسلم: >فإني أنكحت أبا العاص بن الربيع فحدثني وصدقني...< وفي رواية أخرى يرويها البخاري> وقال المسور سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ذكر صهراً له فأثنى عليه في مصاهرته فأحسن، قال حدثني وصدقني ووعدني فوفى لي<([1]).
وهذه نكارة مفضوحة أخرى رواها لنا الزهري, فرسول الله(ص) يعرّض بعلي في مدح أبي العاص فهو الوفي والصادق, وأما علي(ع) فليس كذلك. وهذا باطل للأسباب التالية:
السبب الأول: الوفاء والصدق سمة لعلي (ع) وليس غيره
يروي لنا مسلم في صحيحه وأحمد في مسنده وأبو يعلى في مسنده, قول علي عليه السلام: > فوالله ما كَذبت ولا كُذبت ثلاثا ً....< ([2]) فعلي هو الصادق في القول والفعل وهو في هذا الحديث الصحيح يُقسم بالله انه لم يكذب ولم يكذّبه أحد, فكيف لم يكن صادقاً ولا وفياً مع معلمه ومربيه.
السبب الثاني: قياس مع الفارق
والغريب، أن ينقل لنا الزهري عملية القياس الباطلة بين أبو العاص بن الربيع، والذي بقى في شركه وكفره إلى عام الحديبية, وأسر مع المشركين, وفرق الإسلام بينه وبين زوجته ( زينب) بنت رسول الله(ص) فهاجرت مسلمة, وتركته لشركه.
قال العيني في عمدة القاري:>.. والإسلام فرّق بينهما. وقال ابن كثير: إنما حرم المسلمات على المشركين عام الحديبية سنة ست من الهجرة, وكان أبو العاص في غزوة بدر مع المشركين، ووقع في الأسر... وقال ابن إسحاق: وقد كان رسول الله قد أخذ عليه أن يخلي سبيل زينب, يعني أن تهاجر إلى المدينة فوفى أبو العاص بذلك ولحقت بأبيها, وأقام أبو العاص بمكة على كفره، واستمرت زينب عند أبيها بالمدينة, ثم آخر الأمر أسلم وخرج< ([3]) فلم نجد في التأريخ منقبة لهذا الرجل حتى يمكن قياسه مع علي(ع).
 وبين علي ابن أبي طالب$ روى المناوي في كتابه فيض القدير, عن جابر: >مكتوب على باب الجنة لا إله إلا الله محمد رسول الله علي أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي سنة.
ثم ذكر حديث (علي أصلي وجعفر فرعي)، فيقول: >وفي رواية الطبراني، قال في الحلية: علي سيد القوم محب المشهود ومحبوب المعبود باب مدينة الحكم والعلوم ورواية المهتدين ونور المطيعين وولي المتقين وإمام العادلين، أقدمهم إجابةً وإيماناً وأقومهم قضية وإيقاناً وأعظمهم حلماً وأوفرهم علماً قدوة المتقين وزينة العابدين المنبئ عن حقائق التوحيد المشير إلى لوامع علم التفريد صاحب القلب العقول واللسان السؤول والأذن الواعي والعهد الوافي، فقّاء عيون الفتن ووقى من فنون المحن، فدفع الناكثين ووضع القاسطين ودفع المارقين الأخيشن في دين الله الممسوس في ذات الله<([4]).
ثم ينقل عن أبي أمامة: >أن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين الناس وآخى بينه وبين علي، قال الإمام أحمد: ما جاء في أحد من الفضائل ما جاء في علي، وقال النيسابوري: لم يرد في حق أحد من الصحابة بالأحاديث الحسان ما ورد في حق علي<([5]).
إذن فمن كان أخاً لرسول الله قبل أن تخلق السموات والأرض بألفي عام, وهو زينة العابدين والمنبئ عن حقائق التوحيد والأذن الواعية, وهو أصل رسول الله, وما جاء في أحد من الفضائل ما جاء في علي$, فهل نستطيع بعد هذا كله أن نصدّق بما قاله الزهري في هذه الرواية.
_____________
([1]) صحيح البخاري: ج3 ص 175. باب الشروط, الناشر: دار الفكر للطباعة ـ بيروت.
([2]) صحيح مسلم: ج3 ص 116. مسند أحمد: ج1 ص 140.  مسند أبي يعلى: ج 1 ص 274.
([3]) العيني: عمدة القاري, ج 4 ص 302. الناشر: دار إحياء التراث العربي.
([4]) المناوي: فيض القدير شرح الجامع الصغير, ج 4 ص 468. الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت.
([5]) المصدر السابق: ج 4 ص 469.

أضف تعليق