• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الفصل الحادي عشر

الفصل الحادي عشر

وهنا أمورٌ أخرى تحظُر التمسّكَ بهذه الأحاديث ، وتمنع اللَّبيب من الرُّكون إليها والتعويل عليها .
(الأوّل) : أنّ أحاديث الباب مضطربة ، ففي بعضها أنّه‏ صلى الله عليه وآله وجد عمّه أبا طالبٍ في غَمَراتٍ من النار فأخرجه إلى ضَحْضاحٍ منها ، وأنّه لولاه صلى الله عليه وآله لكان في الدَّرْك الأسفل من النار ، وهذا ظاهرٌ جدّاً في أنّ شفاعة النبيّ‏ صلى الله عليه وآله لعمّه بتخفيف العذاب عنه وإخراجه إلى الضَّحْضاح قد تحقّق في هذه الدُّنيا .
وهو ينافي ما في بعض الأحاديث ا لأُخْرى من رجائِه‏ صلى الله عليه وآله أن تنفعه شفاعتُه يوم القيامة فيُجعل في ضَحْضاحٍ من النار يبلغ كعبَيْه يغلي منه دِماغه ، أي أنّ ذلك لم يَقَعْ بَعْدُ ، وإنّما سيكون بشفاعته‏ صلى الله عليه وآله له يومَ القيامة ، فكيف الجمع والتوفيق بينهما ؟
(الثاني) : أنّ الأمّة متّفقةٌ على‏ أنّ الآخرة ليس فيها نارٌ سوى الجنّة والنار ، فالمؤمن يُدخله الله الجنّة ، والكافر يُدخله الله النار .
فإن كان أبو طالبٍ كافراً - على ما يقوله المخالف - فما بالُه يكون في ضَحْضاحٍ من نارٍ من بين الكفّار ، ولم تُجعل له نارٌ وحده من بين الخلائق.
والقرآن متضمِّنٌ أنّ الكافر يستحقّ التأبيد والخلود في النار ؟
فإن قيل : إنّما جُعل في ضَحْضاحٍ من نارٍ لتربيته للنبيّ‏ صلى الله عليه وآله وذَبِّه عنه ، وشفقته عليه ، ونَصْره إيّاه .
قلنا : تربية النبيّ‏ صلى الله عليه وآله والذبّ عنه وشفقته عليه والنصرة له طاعةٌ للَّه تعالى‏ يستحقّ في مقابلها الثواب الدائم ، فإن كان أبو طالبٍ فعَلها وهو مؤمن فما بالُه لا يكون في الجنّة كغيره من المؤمنين .
وإن كان فَعَلها وهو كافرٌ فإنّها غير نافعةٍ له ، لأنّ الكافر إذا فعل فعلاً للَّه تعالى فيه طاعة لا يستحقّ عليه ثواباً ، لأنّه لم يُوقِعْه لوجهه متقرِّباً به إلى الله تعالى ، من حيث إنّه لم يعرف الله تعالى ليتقرَّبَ إليه ، فيجب أن يكون عمله غير نافعٍ له ، فما استحقّ أن يُجعل في ضَحْضاحٍ من نارٍ .
فهو إمّا مؤمنٌ يستحقّ الجنّة - كما نقول - وإمّا كافرٌ يستحقّ التأبيد في الدَّرْك الأسفل‏ من ‏النارعلى ‏وجه ‏الاستحقاق ‏والهَوان ‏كغيره من‏ الكفّار، وهذا لايقوله مخالفنا.
وقد أبطلنا أن يكون في ضَحْضاحٍ من نارٍ ، فلم يبق إلّا أن يكون في الجنّة - كما أفاد الإمام شمس الدين فخّار بن مَعَدٍّ رحمه الله (121) .
وأيضاً فإنّ النبيّ‏ صلى الله عليه وآله قد علّق الشفاعة لعمّه رضي الله تعالى عنه - عند موته - بالنطق بكلمة الإخلاص ، فقال له : قل كلمةً تجب لك بها الشفاعة يومَ القيامة ، قل : لا إله إلّا الله (122) ، بل قد أناط بها مطلقَ الشفاعة - كما في أحاديث كثيرة - .
فالمنفيُّ عند انتفاء الشفاعة جنسُ الشفاعة ، بمعنى عدمها بالكلّيّة ؛ لعدم أهليّة الكافر لها حتّى في بعض مراتب العذاب ، فالشفاعة للتخفيف في العذاب من مراتبها المنفيّة ، فافهم (123) .
(الثالث) : أنّ الكافر ليس أهلاً للشفاعة مطلقاً ، كما قال سبحانه : { مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (124) } وقال عزّ من قائلٍ : { فما تنفعهم شفاعةُ الشافعين‏ } وإنّما هي لأهل لا إله إلّا الله ، ولمن مات لا يُشرك بربّه شيئاً (125) ، فلا تنال الشفاعة مُشْرِكاً ، ولذلك يُخلَّد الكفّارُ في نار جهنّم أعاذنا الله منها { لا يُخَفَّفُ عنهم العذابُ ولا هم يُنْظَرون‏ } { ولا هم يُنصرون ‏} { لهم شرابٌ من حميمٍ وعذابٌ أليمٌ بما كانوا يكفرون‏ } .
فإذا كان أبو طالبٍ قد مات كافراً - كما يزعم الخصم - فإنّه لا يُخفَّف عنه شي‏ءٌ من عذاب جهنّم ، ولا يُخرَج من الدَّرْك الأسفل من النار إلى ضحضاحٍ منها ، ولا كان النبيّ‏ صلى الله عليه وآله يسأل ربّه ما لا يكون .
ولكن قد ثبت بحديث الضحضاح قبول شفاعته‏ صلى الله عليه وآله في عمّه بتخفيف العذاب عنه وإخراجه من غَمَرات النار ، فدلّ ذلك على عدم إشراكه .
فيلزم منه بطلان هذه الأحاديث ، لمناقضتها لهذا الأصل المتقرِّر الذي لا مَحِيدَ عنه ، وما هذا شأنه يُردُّ ولا كرامَةَ (126) .

 

 

 

_____________________________
121ـ الحجّة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب : 86 - 87 .
122ـ المستدرك على الصحيحين : 2 / 336 .
123ـ الغدير : 8 / 25 .
124ـ غافر : 18 .
125ـ أنظر : الترغيب والترهيب : 4 / 433 - 437 .
126ـ اُنظر : أسنى المطالب : 29 و 32 - 33 ، بلوغ المآرب : 144 - 146 .

 

 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page