طباعة

المقدمة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحيمِ
الحمد لله الذي حمد في الكتاب نفسه ، وافتتح بالحمد كتابته ، وجعل الحمد أول محلّ نعمته ، وأخّر جزاء أهل طاعته ، وصلّ الله على محمد خير البريّة ، وعلى آله أئمة الرحمة ، ومعادن الحكمة ، حجج الله تعالى على خلقه. أما بعد ؛
إنّ من عظيم آلاء الله ونعمه على البشريّة ، أن جعل الأشياء أزواجاً وجعل للإنسان زوجة يسكن اليها ويأنس بها ، كما قال في كتابه الكريم وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها . ورغّبهم في الإستفادة من هذه الغريزة الفطرية التي أودعها الله في الإنسان بقوله وَأَنْكِحُوا الأَيامى مِنْكُمْ وَالصّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ .
فلو لم يكن في المناكحة والمصاهرة آية محكمة ولا سنّة متّبعة ولا أثر مستفيض ، لكان في ما جعل الله من برّ القريب ، وتقريب البعيد ، وتشبيك الحقوق ، وتكثير العدد وتوفير الولد لنوائب الدّهر وحوادث الأمور ما يرغب في دونه العاقل اللّبيب ويسارع إليه الموفق المصيب ويحرص عليه الأديب الأريب ، فلذلك أمر أنبيائه في ترغيب الناس على بناء هذا الأمر المقدّس وجعل الأجر العظيم لمن حاول وسعى في هذا الأمر.
فكان صلى‌الله‌عليه‌وآله يتزوّج ويرغّب الشّباب على ذلك ، ولكن لمّا كانت طباع البشر ونفوسها مختلفة وبعضها غير ملائمه مع بعضها الأخر ؛ أمرنا بالتدقيق حول هذا الأمر المقدّس كي لا نقع في المهالك.
ونعني بذلك تحقيق الزّوج حول الزّوجة التى تناسبه ، من الكفوية وغير ذلك ، وهكذا تحقيق الزّوجة حول الرجل الذي خطبها ووجدان بعض المؤهلات التي يفرضه الشرع المقدس عليه ، لئلا يضيّع رحمها كما في بعض الروايات والأحاديث المصرّحة بذلك.
وليعلما كلّ من الشّاب والفتاة ، إذا أرادا أن يعيشا طول حياتهما عيشة راضية وحياة سعيدة ويطيب نسلهما فلا يتزوّجا إلا مع الكفو. فلهذا يجب على الزّوج أن ينظر أن يضع نفسه ، ومن يشركه في ماله و يطلعه في دينه وسرّه ، كما بيّن الصادق عليه‌السلام ذلك لإبراهيم الكرخي الذي همّ أن يتزوّج بالثانية بعد موت زوجته الأولي ، قائلاً له : أنظر أين تضع نفسك ومن تشركه في مالك وتطلعه على دينك وسرّك.
وعليه أيضاً أن يعرف تماماً أنّ المرأة قلادة فلينظر إلى ما يتقلّده و هذا أيضاً صرّح به الإمام الصادق قائلاً : إنّما المرأة قلادة فانظر إلى ما تقلّده. ١
ولأجل ذلك رأينا من المناسب أن نقدّم إلى الشّاب وإلى من يروم الزّواج ، ما يحتاجه في البداية في بناء هذا الأمر المقدّس كي يصل إلى الكفو المناسب له وأخيراً أرجوا من الأعزاء أن يدقّقوا النظر في ما روي عن النبي والعترة الطاهرة في هذا المجال. سائلاً من المولى القدير ، أن يحفظ شبابنا من الفتن والزلاّت ويقدّر لهم الزّوجة الصالحة وأولاد صلحاء.
آمين يا رب العالمين
قم المقدسة
محمّد جواد الطّبسي
٢٠ / ج ٢ / ١٤٢٥
______
١. الكافي ، ج ٥ ، ص ٣٣٢