الإلحاد والكفر([1])
الإلحاد والكفر لماذا؟
هناك من ينكر وجود الله بالرغم من أن الإستدلال على وجوده من الأمور الواضحة ويمكن أن نعزو ظاهرة التنكر لله تعالى لعدة عوامل منها:
أ ـ الإنحراف في منهج التفكير: هناك من لا يؤمن بوجود الشيء إلاّ بعد إخضاعه للحواس والتجربة على حد زعمه، لذا فإنه أنكر وجود الله لعدم رؤيته وإخضاعه للتجربة، وهذا قصور في مقاييسهم، وذلك لأن الله لم يكن كسائر الموجودات التي تخضع للتجربة فهو: (ليس كمثله شيء). الشورى / 11، وقد خفي على هؤلاء أن الكثير من الموجودات تم الإيمان بها دون أن تخضع للتجربة من ذلك الجاذبية، أشعة اكس، الإلكترونات وهي الآن لدى العلماء من المسلمات وهذا المقياس في المعرفة قد وقع الإنسان فيه منذ القدم، فالقرآن الكريم يتحدث لنا عن قوم موسى (عليه السلام) في مسألة الإيمان بالله حيث يقول: (وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون). البقرة / 55
ب ـ الإنحراف النفسي: وهو تحول النفس من إتجاهها الفطري السليم إلى الإتجاه المعاكس الذي سماه القرآن ضلالاً أي تيهاً وبعداً عن الطريق، فالنفس عندما تصاب بالإنحراف فإنها تنزع إلى التحلل والإنفلات من كل عقيدة أو مبدأ أو إلتزام لا ينسجم مع حالة النفس المرضية، قال تعالى: (وجحدوا بها وإستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً فإنظر كيف كان عاقبة المفسدين). النمل / 14
نعم تجحده ظلماً وإستكباراً لئلا يكون هذا الإيمان رادعاً لنزوعها الشاذ المنحرف، لذلك نجد القرآن يصف نفوس هذا الصنف من المتكبرين بأنها نفوس مريضة ومنحرفة ومعقدة.
ج ـ الإكراه من قبل الطاغوت: الحاكم وحكومته الظالمة قد تُلجي العديد من الناس إلى الإبتعاد عن الله وذلك عندما يعلن الطاغوت أنه هو الإله ويكره الناس على ذلك، فهذا فرعون يحدثنا القرآن عنه في حوار له مع النبي موسى (عليه السلام): (لئن إتخذت إلهاً غيري لتكونن من المسجونين). المطففين / 14، كما يقول عن نفسه: (فقال أنا ربكم الأعلى). النازعات / 24، وهناك دول في العالم تتبنى الإلحاد كما في روسيا حيث يقول أحد مفكريها عن الله: «الله خرافة».
د ـ تقليد الآباء: فبعض الناس تنكر لوجود الله بسبب التقليد للآباء والآخرين دون أن يقوم بنفسه للبحث عن الحقيقة، يقول القرآن عن هؤلاء: (إنا وجدنا آباءنا على أمّة وإنا على آثارهم مقتدون). الزخرف / 23، ويقول عنهم: (قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين). الأنبياء / 53
أنواع الكفر:
الكفر في اللغة ستر الشيء ووصف الليل بالكافر لستره الأشخاص والزراع لستره البذور في الأرض، أمّا شرعاً فهو الجحود والنكران والإلحاد، وأنواعه كالآتي:
1 ـ إنكار وجود الله تعالى، قال تعالى: (وما يهلكنا إلاّ الدهر). الجاثية / 23
2 ـ إنكار وحدانية الله بجعل الشريك له، قال تعالى: (سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله). آل عمران / 151
3 ـ الإرتداد عن الإسلام، قال تعالى: (ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفار). البقرة / 109
4 ـ إنتحال غير الإسلام ديناً، قال تعالى: (ومن يبتغِ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه). آل عمران / 85
5 ـ إنكار ما يعلم أنه حق، قال تعالى: (وجحدوا بها وإستيقنتها أنفسهم ظلماً وعدواناً). النحل / 14
آثار الإلحاد والكفر بالله تعالى: من هذه الآثار([2]):
1 ـ يتيه الإنسان في تفسير الوجود، إذا لا يعلم من أين جاء أو لماذا؟ وإلى أين؟
2 ـ ما دام لا يعتقد بحياة وبقاء بعد الموت، فهو يرى أن مستقبله العدم والفناء.
3 ـ المرشد والموجه له في حياته هواه الذاتي أو الطاغوت الخارجي من حاكم أو حزب أو... إلخ.
4 ـ تملأ برامجه أنواع الأخطاء والنواقص والشكوك ما دامت هذه البرامج لم تأتِ عن طريق الوحي والأنبياء.
5 ـ خسران الآخرة.
قال تعالى: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى). طه / 124
_________________________________
[1] قراءتي، دروس من القرآن: 36 ـ 37، 46 ـ 47.
الأصفهاني، معجم مفردات ألفاظ القرآن: 451 ـ 453.
[2] قراءتي، دروس من القرآن: 24 ـ 25.