• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

على العوام أن يستنبطوا الأحكام الفقهية

ولنعود إلى صلب الموضوع، وهو أن دعاة السلفية يرفضون تقليد المذاهب الأربعة ويأمرون الناس جميع الناس بأن يأخذوا أحكامهم مباشرة من الكتاب والسنة، ويقولون إن ذلك أمر يسير سهل لا يحتاج أكثر من الموطأ والصحيحين وسنن أبي داود وجامع الترمذي والنسائي، وهذه الكتب مشهورة يمكن تحصيلها في أقرب وقت، فعليك بمعرفة ذلك، يقول الخجندي السلفي: وإذا لم تعرف أنت ذلك وسبقك إليه بعض إخوانك وفهمك باللسان الذي أنت تعرفه، لم يبق لك بعد هذه عذر.. أما إذا تعددت الرواية عن رسول الله (ص) في بعض الأمور ولم تعلم المتقدم والمتأخر ولم يتبين التاريخ، فعليك أن تأتي بكلها، تارة بذا، وتارة بذلك (1).
وعليه فإن العامة بعد ما يرفضون تقليد المذاهب الأربعة لأنها بدعة وضلال وكفر، عليهم أن يشتروا موسوعات الحديث ويعتكفوا على استنباط الأحكام منها مباشرة، في الصلاة والزكاة وسائر المعاملات. وإذا ما وجدوا تعددا في الروايات فعليهم أن يأخذوا بها كلها، " تارة بذا، وتارة بذلك " كيف يكون ذلك ؟ ! وهل يمكن أن يقوم العامة بهذا العمل ؟ !.
قد يقول هذا السلفي إن المقصود ليس العامة لأن غالبيتهم جهال أميون.
وإذن يقصد طلبة العلم ؟ أي علم ؟ هل طلبة العلم الشرعي ؟ أم كل من يقرأ ويستطيع أن يفهم الأحاديث والروايات ؟ !.
إن هذا الكلام متهافت، ومن الصعوبة على العاقل أن يناقش الحمق أو يجادل من لا يفقهون حديثا. وقد فهم أبناء الصحوة الإسلامية من هذا الكلام أن يرفضوا كل ما هم عليه من تقليد المذاهب الفقهية، وراح أغلبهم يقرأ ويفتش في صحيح البخاري ومسلم عن الأحاديث ليعمل بمضمونها، خصوصا في الصلاة وبعض القضايا المتفرقة.
وانتشرت بذلك الجدالات والنقاشات التي لا تنتهي، في كل تجمع، وفي كل مدرسة أو جامعة تجد الجدال قد احتدم حول رواية أو حديث يأمر بعمل ما أو ينهى عنه، البعض يرفض والآخر يشكك في صحة النقل أو المصدر، والبعض الآخر يصف الحديث بالضعف، أو يشكل على فهم الناقل وشرحه.
وهكذا لن تجد داخل الجماعة الواحدة من يتفق مع " أخيه في الله " في قضية أو مسألة فقهية أو أصولية. وقد تعدى الأمر إلى تفسير القرآن وشرح آياته.
وإذا كان كل واحد غير مستعد للتنازل عن رأيه أو فكرته ونقله. فإن النتيجة الواقعية والمشاهدة هي انتشار الاختلافات الفقهية والأصولية على نطاق واسع جدا. يستحيل معه بعد ذلك جمع هذه الآراء أو الاجتهادات المتناقضة ضمن إطار واحد أو أطر متعددة لكن واضحة المعالم. فلقد أصبح كل طفل أو مراهق أو شيخ طاعن في السن مجتهدا في الدين الإسلامي برمته. يقرأ كتب الحديث ويطالع التفاسير ويأخذ منها ما شاء له أن يأخذ، ويترك ما شاء له أن يترك، دون قيد أو شرط أو حتى حسيب أو مرجع يمكن أن يعرض عليه اجتهاده لتصويبه أو تقييمه. ويزداد الطين بلة عندما نعرف أن أغلب من يقوموا بهذا العمل - أي الاجتهاد على الطريقة السلفية - لا يحسنون تلفظ جملة بالعربية دون خطأ، فحضهم من قواعد العربية هزيل جدا، أما اطلاعهم على لغة العرب وأساليبها ومعاني مفرداتها، فأهزل وأضعف.
لكنهم يستطيعون القراءة وقد يفهمون مجمل الكلام الوارد في الآية أو الحديث. ومع ذلك فقد تحول الواحد منهم بين عشية وضحاها إلى مجتهد كامل الاجتهاد بل مفتيا، يفتي في الأموال والأعراض والأرواح بجرأة وحرية لم يشتهر بها الأئمة الأربعة الذين قال أحدهم " لا أدري نصف العلم ".
وكانوا يتهربون من الفتوى هروبهم من الأسد كما قيل. وكانوا إذا ما سئلواعن ذلك، قالوا لقد كان الصحابة قبلنا يتهربون من الفتوى وهم أعلم منا وأعرف بالإسلام وبالقرآن والحديث. أما تلامذة هؤلاء السلفية فإنهم لا يجدون حرجا في الحكم أو القضاء في مسائل دقيقة. تحتاج إلى المختصين في الشريعة الإسلامية.
لكن الأدهى والأمر، ليس قيام بعض الطلبة وأنصاف المتعلمين بالاجتهاد والإفتاء فقط. ولكن دخول العوام من الفعلة والحرفيين والتجار في هذا الباب.
فما دام قد أصبحوا سلفيين: أطلقوا لحاهم وقصروا ثيابهم وكحلوا عيونهم، فإن شروط الاجتهاد قد كملت فيهم. وليس أصعب على العالم من نقاش هذه الطبقة الجديدة من المجتهدين. يقول الدكتور البوطي:
إن هؤلاء الذي نحب أن نرشدهم إلى الجادة والسبيل القويم، ليس فيهم من يقبل تقليد أي إمام من الأئمة الأربعة وأنما الكل يزعم الأخذ من الكتاب والسنة مباشرة، وطالما رأينا أشباه الأميين من هؤلاء الناس وأن أحدهم لا يقبل على أي حال فتوى إمام من الأئمة الأربعة حتى نكشف له عن دليل هذا الإمام والحديث الذي اعتمده، ثم نشرح له بعد ذلك قوة الدليل وصحته وسند الحديث ومستوى رجاله، كأنه خبير حقا بعلم السند والأدلة والرجال، فإما صحح مذهب هذا الإمام بعد ذلك أو شطب عليه بالتخطئة والتسفيه ! (2).




____________
(1) اللامذهبية، م س، ص 15، نقلا عن الخجندي.
(2) اللامذهبية، أنظر الهامش، ص 15.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page