قال الصدوق(قدس سره)في الإعتقادات: «اعتقادنا فيهما أنهما حق . منه ما يتولاه الله تعالى ، ومنه ما يتولاه حججه (عليهم السلام) . فحساب الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السلام) يتولاه الله عز وجل، ويتولى كل نبي حساب أوصيائه ، ويتولى الأوصياء حساب الأمم، والله تعالى هو الشهيد على الأنبياء والرسل وهم الشهداء على الأوصياء ، والأئمة شهداء على الناس ، وذلك قوله عز وجل: ِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا.وقوله عز وجل : فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا .
وقال عز وجل: أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ . والشاهد أمير المؤمنين .وقال عز وجل: إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ .ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ .
وسئل الصادق (ع)عن قول الله: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ؟ قال: الموازين الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) .
ومن الخلق من يدخل الجنة بغير حساب، فأما السؤال فهو واقع على جميع الخلق لقوله تعالى : فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ.يعني عن الدين.
وأما الذنب فلا يسأل عنه إلا من يحاسب، قال تعالى: فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ، يعني من شيعة النبي والأئمة (عليهم السلام) دون غيرهم ، كما ورد في التفسير . وكل محاسب معذب ، ولو بطول الوقوف، ولا ينجو من النار ولا يدخل الجنة أحد بعمله ، إلا برحمة الله تعالى.
والله تعالى يخاطب عباده من الأولين والآخرين بمجمل حساب عملهم مخاطبة واحدة ، يسمع منها كل واحد قضيته دون غيرها ، ويظن أنه المخاطب دون غيره ، ولا تشغله تعالى مخاطبة عن مخاطبة ، ويفرغ من حساب الأولين والآخرين في مقدار ساعة من ساعات الدنيا!
ويخرج الله لكل إنسان كتاباً يلقاه منشوراً ، ينطق عليه بجميع أعماله لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ، فيجعله الله حسيب نفسه والحاكم عليها ، بأن يقال له: إِقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ».
أقول: لا تنافي بين إكمال حساب البشر في ساعة من ساعات الدنيا ، وبين مانص على طول الحساب ومواقفه وعقباته الخمسين .
قال الصدوق(قدس سره)في الإعتقادات: «باب الإعتقاد في العقبات التي على طريق المحشر:إعتقادنا في ذلك أن هذه العقبات إسم كل عقبة منها على حدة اسم فرض، أو أمر ، أو نهي. فمتى انتهى الإنسان إلى عقبة إسمها فرض، وكان قد قصر في ذلك الفرض ، حبس عندها وطولب بحق الله فيها. فإن خرج منه بعمل صالح قدمه أو برحمة تداركه ، نجا منها إلى عقبة أخرى !
فلا يزال يدفع من عقبة إلى عقبة ، ويحبس عند كل عقبة ، فيسأل عما قصر فيه من معنى اسمها، فإن سلم من جميعها انتهى إلى دار البقاء ، فحييَ حياة لا موت فيها أبداً ، وسعد سعادة لا شقاوة معها أبداً ، وسكن جوار الله مع أنبيائه وحججه والصديقين والشهداء والصالحين من عباده (عليهم السلام) .
وإن حبس على عقبة فطولب بحق قصر فيه ، فلم ينجه عمل صالح قدمه ، ولا أدركته من الله عز وجل رحمة ، زلت قدمه عن العقبة فهوى في جهنم نعوذ بالله منها !
وهذه العقبات كلها على الصراط ، إسم عقبة منها الولاية ، يوقف جميع الخلائق عندها فيسألون عن ولاية أمير المؤمنين والأئمة من بعده (عليهم السلام) فمن أتى بها نجا وجاز ، ومن لم يأت بها بقي فهوى وذلك قوله تعالى: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ . واسم عقبة منها: المرصاد ، وذلك قوله تعالى: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ويقول تعالى: وعزتي وجلالي لا يجوز بي ظلم ظالم!
وإسم عقبة منها: الرحم واسم عقبة منها: الأمانة. وإسم عقبة منها الصلاة . وباسم كل فرض أو أمر أو نهي عقبة يحبس عندها العبد فيسأل ».
8- الإعتقاد في الحساب والميزان
- الزيارات: 783