• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

خطبة فاطمة الصغرى (عليها السّلام)


وروى زيد بن موسى(1) قال : حدثني أبي عن جدّي (عليهما السّلام) ، قال : خطبت فاطمة الصغرى (عليها السّلام) بعد أنْ وردت من كربلاء ، فقالت : الحمد لله عدد الرمل والحصى ، وزِنة العرش إلى الثرى ، أحمده واُؤمن به وأتوكل عليه ، وأشهد أنْ لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمَّداً (صلّى الله عليه وآله) عبده ورسوله , وأنّ ذرّيّته(2) ذُبحوا بشطّ الفرات بغير ذحل ولا ترات(3) .
اللهمَّ ، إنّي أعوذ بك أنْ أفتري عليك الكذب ، وأنْ أقول عليك خلاف ما أنزلت من أخذ العهود لوصيّة علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ، المسلوب حقّه ، المقتول بغير ذنب ـ كما قُتل ولده بالأمس ـ في بيت من بيوت الله ، فيه معشر مسلمة بألسنتهم ، تعساً لرؤوسهم ، ما دفعت عنه ضيماً في حياته ولا عند مماته حتّى قبضته إليك(4) ، محمود النّقيبة طيّب العريكة ، معروف المناقب مشهور(5)المذاهب ، لم تأخذه ـ اللهمَّ ـ فيك لومة(6) لائم ولا عذل عاذل ، هديته يا ربّ للإسلام صغيراً ، وحمدت مناقبه كبيرا ً ، ولم يزل ناصحاً لك ولرسولك صلواتك عليه وآله حتّى قبضته إليك ، زاهداً في الدنيا غير حريص عليها ، راغبا في الآخرة ، مجاهداً لك في سبيلك ، رضيته فاخترته وهديته(7) إلى صراطٍ مستقيم .
أمّا بعد ، يا أهل الكوفة يا أهل المكر والغدر(8) والخيلاء ، فإنّا أهل بيت ابتلانا الله بكم وابتلاكم بنا ، فجعل(9) بلاءنا حسناً ، وجعل علمه عندنا وفهمه لدينا ؛ فنحن عيبة علمه ووعاء فهمه وحكمته ، وحجّته على أهل الأرض في بلاده لعباده . أكرمنا الله بكرامته ، وفضّلنا بنبيّه محمَّد (صلّى الله عليه وآله) على كثير ممّن خلق تفضيلاً بيّناً ، فكذّبتمونا وكفّرتمونا ، ورأيتم قتالنا حلالاً وأموالنا نهباً ؛ كأننا أولاد ترك أو كابل ، كما قتلتم جدّنا بالأمس . وسيوفكم تقطر من دمائنا أهل البيت ؛ لحقد متقدّم ، قرّت لذلك(10) عيونكم ، وفرحت قلوبكم ، إفتراءً على الله ومكراً مكرتم(11) ، والله خير الماكرين .
فلا تدعونّكم أنفسكم إلى الجذل بما أصبتم من دمائنا ونالت أيديكم من أموالنا ، فإنّ ما أصابنا من المصائب الجليلة والرزايا العظيمة(12) ( فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ )(13) .
تبّاً لكم(14) ! فانتظروا اللعنة والعذاب ، فكأنّ قد حلّ بكم ، وتواترت من السّماء نقمات ، فيسحتكم بعذاب(15) ويذيق بعضكم بأس بعض ثمّ تُخلّدون في العذاب الأليم يوم القيامة بما ظلمتمونا ، ألا لعنة الله على الظالمين .
ويلكم ! أتدرون أيّة يدٍ طاعنتنا منكم ؟! وأيّة نفسٍ نزعت(16) إلى قتالنا ؟! أم بأيّة رِجلٍ مشيتم إلينا تبغون محاربتنا ؟! قست والله قلوبكم ، وغلظت أكبادكم ، وطُبع على أفئدتكم ، وخُتم على أسماعكم وأبصاركم(17) ، وسوّل لكم الشيطان وأملى لكم وجعل على بصركم غشاوة فأنتم لا تهتدون .
فتبّاً لكم يا أهل الكوفة ! أيّ تراتٍ(18) لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) قِبلكم ، وذحولٍ(19) له لديكم بما عندتم(20) بأخيه علي بن أبي طالب (عليه السّلام) جدّي ، وبنيه وعترة النّبي الأخيار(21) صلوات الله وسلامه عليهم ، فافتخر بذلك مفتخركم ، فقال :
 نحنُ قتلنا عليّاً وبني عليٍّ    بسيوفٍ هنديَّةٍ ورماحِ(22)
‏وسبينا نساءَهمْ سبى تُركٍ   ونطحناهُمُ فأيّ نطاحِ !(23)

بفيك أيها القائل الكثكث والأثلب(24) ! افتخرت بقتل قومٍ زكّاهم الله وأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ؟! فأكظم وأقْع كما أقعى أبوك ، فإنّما لكلّ امرئٍ ما اكتسب وما قدّمت يداه .
 أحسدتمونا(25) ـ ويلاً لكم ! ـ على ما فضّلنا الله(26) :
فما ذنبُنا إنْ جاش دهراً بحورُنا    وبحرُك ساجٍ لا يواري الدَّعامِصا(27)
 ( ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ )(28) . ( وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ )(29) .
قال : وارتفعت الأصوات بالبكاء والنّحيب ، وقالوا : حسبُكِ يابنة الطيّبين ، فقد أحرقتِ قلوبنا وأنضحت نحورنا(30) وأضرمت أجوافنا ، فسكتت .
ــــــــــــــــــــ
(1) زيد بن موسى بن جعفر بن محمَّد بن علي بن الحسين العلوي الطالبي .
ثائر خرج في العراق مع أبي السرايا ، توفّي نحو سنة 250 هـ .
الأعلام 3 / 61 ، الكامل في التاريخ 6 / 104 ، مقاتل الطالبيين / 534 ، جمهرة الأنساب / 55 .
(2) ب : ولده . ع : أولاده .
(3) ر : من غير دخل ولا تراث . ع : بغير ذحل ولا تراب .
الذحل : الحقد والعداوة ، يقال : طلب بذحلة أي : بثاره . والموتور : الذي قُتل له قتيل فلم يدرك بدمه ، تقول منه : وتره يتره وتراً وتيرة .
الصحاح 4 / 1701 ، 2 / 483 .
(4) ر : قبضه الله إليه .
(5) ر : مشهود .
(6) ر : لم تأخذه في الله لومة .
(7) ر : رضيته فهديته .
(8) ر : يا أهل الغدر .
(9) ر : فوجد .
(10) ب : بذلك .
(11) ر : مكرتموه .
(12) ر : والرزء العظيم .
(13) سورة الحديد / 22 ـ 23 .
(14) أمثالكم ، بدلاً من : تباً لكم ، في ر .
(15) ب : فيسحتكم بما كسبتم .
(16) ر : ترغب .
(17) ب . ع : سمعكم وبصركم .
(18) ر : تراث .
(19) ر . ع : ودخول ، والمثبت من ب .
(20) ر : غدرتم .
(21) ب : وعترة النّبي الطاهرين الأخيار . ع : وعترته الطيبين الأخيار .
(22) ر : وعليّاً وولده قد قتلنا .
ولا يخفى ما في البيت من خلل عروضي واضح .
(23) ر : نساءه .
(24) الكثكث : فتاة الحجارة والتراب . وكذا الأثلب يأتي بهذا المعنى .
الصحاح 1 / 290 كثث ، و 94 ثلب .
وفي نسخة ب : ولك الأثلب .
(25) ب : حسدتمونا .
(26) ب : الله عليكم ، ولفظ : شعر ، لم يرد في ب .
(27) ر : وبحرك ناج ما يواري . . .
وذكر الجوهري الشطر الأوّل هكذا : فما ذنبنا إنْ جاش بحر ابن عمّكم . وقال : الدعموص : دويبة تغوص في الماء .
الصحاح 3 / 1040 دعمص .
(28) سورة الحديد / 21 .
(29) سورة النور / 40 .
(30) ر : وانضجت نحورنا .
وفي الصحاح 1 / 412 نضح الشجر : إذا تفطّر ليخرج ورقه .
وفي ب : وانضجت نحورنا واضرمت أجوافنا ، فسكتت عليها وعلى أبيها وجدّتها السلام .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page