• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

- 1 - الأستاذ عبد الكريم الخطيب من كبار المؤلفين البارزين في القاهرة

مع رجال الفكر في القاهرة
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد، إمام المرسلين، وخاتم النبيين، وعلى آله وصحابته، والتابعين، ومن اهتدى بهديه، واتبع سنته إلى يوم الدين، وبعد:
فقد تفضل الأخ المكرم الأستاذ مرتضى الرضوي، فرضيني أن أقدم كتابه هذا " مع رجال الفكر في القاهرة " فلم يكن لي من بد من أن أستجيب لتلك الرغبة الكريمة منه، وإن كنت مشفقا من أن أتصدى لهذا الأمر، وأن أظلم الكاتب والكتاب، وقراء الكتاب، وفي هذا العرض الموجز، الذي يحكمه هذا الحيز المحدود من الصفحات، يقتضيه المقام الذي ينبغي أن يفسح فيه المجال لموضوع الكتاب...
أما أني أظلم الكتاب، فذلك لأني أعرف من علمه، وفضله، وخلقه، وجهاده الدائب المخلص في ميدان العلم وفي المنافحة عن الإسلام، وفي تجلية حقائق الشريعة الغراء، وفضح الشبه والمفتريات التي يلقى بها في حما الإسلام أعداء هذا الدين، والمتربصين به وبأهله الدوائر، الأمر الذي ضحى فيه المؤلف من أجله بكل عزيز لديه، ووقف عليه شبابه، وماله، والسكن إلى أهله وولده، فكان على هجرة دائمة دائبة، يطوف فيها بآفاق العروبة والإسلام، يتحسس أخبارها، ويكشف عن مواطن القوة والضعف فيها، ويغشى الأندية والمحافل، ويطرق أبواب العلماء والباحثين درسا، وباحثا ومكتشفا، الأمر الذي لو فسح لي مجال القول فيه لكان جديرا بأن يضم عليه كتاب مستقل للتعريف به، وفاء لحقه، وإنصافا للحقيقة، وتجلية لصورة كريمة من صور الجهاد في سبيل الله، وعرضا لوجه مشرق من وجوه العمل المخلص المثمر، الذي ينبغي أن يتمثله العاملون المخلصون..
وأما أني أظلم الكتاب، فلأنه يضم بين دفتيه تراجم شخصية لعشرات من علماء مصر، ومفكريها، وقادة الرأي في أكثر من مجال من مجالات الثقافة العقلية والروحية فيها، وكل شخصية من تلك الشخصيات جديرة بأن يكون لها في هذا التقديم مكان يشير إليها، وإلى رأي المؤلف فيها، وفي الميزان الذي وزنها به، وفي الصورة التي جلاها فيها:
وهذا ما لا يتسع له المقام في الحيز المحدود كما أشرت من قبل..
وأما أظلم قراء الكتاب، فلأنهم، إذ يأخذون هذا التقديم على أنه تعريف بالكتاب، ومدخل إليه، وتقديم له، وحكم عليه، كما جرت العادة في التقديم للكتب والتعريف بها.
أقول: إذ يتوقع القراء أن يجدوا هذا أو شيئا منه في هذا التقديم، فإن الأمر هنا يجئ على خلاف ما ينتظرون، لأني مع كتاب جاء على أسلوب يكاد يكون فريدا في نوعه، يفسده التلخيص والتقنين، فكان من الخير أن يخلى بين القارئ وبين الكتاب ينظر فيه بنفسه، ويحتكم فيه إلى رأيه، ويحكم له أو عليه بما يقع منه في نفسه.
ومع هذه الاعتبارات كلها، فإني لم أستطع أن أعتذر للأخ الكريم المؤلف عن الاستجابة لرغبته في أن أتولى التقديم لكتابه هذا، وأن أتقبل هذه الرغبة الكريمة، شاكرا، داعيا...
وإذن، فليكن ما أراد الأخ الصديق " الأستاذ مرتضى الرضوي " وليكن لي شرف التقديم لكتابه، على الرغم من تلك الاعتبارات التي أشرت إليها، والتي أرجو أن تكون موضع اعتبار أيضا عند قراءة الكتاب.
وأول ما أحب أن ألفت النظر إليه هو: أن هذا الكتاب، يعد نمطا فريدا في التراجم الذاتية للأعلام، إذ أن من المعتاد أن يعمد المتوفرون على التأليف في هذا الباب أن يرجعوا إلى مصادر تاريخية، حملت - قليلا أو كثيرا - من آثار هؤلاء الأعلام، الذين يجعلونهم موضوعا لدراستهم ثم يجمعون الأحداث والوقائع التي جرت لهم في مسيرة حياتهم، ويؤلفون بينها، ويرسمون منها صورة لتلك الشخصية، يؤلونها بما أثارت تلك الأحداث وهذه الوقائع في نفوسهم من مشاعر الإعجاب بهم، أو النقد لهم، أو الرضا عنهم والسخط عليهم.. إلى غير ذلك من المشاعر التي تعجب القارئ لتاريخ الأعلام، وملابساتهم لأحداث عصرهم، ومشاركتهم فيها، ومواقفهم منها.
هذا، ما يغلب على كتب التراجم، حيث تستمد مادتها من التاريخ - البعيد أو القريب - وترسم شخصيتها من مخلفات الماضين وآثارهم بعد أن يكون الزمن عبث بها وغير كثيرا من معالمها، أو ذهب بالكثير من حقائقها فضلا عما يدخل على التاريخ - عن عمد - من أباطيل ومفتريات، تغيب في ضبابها الحقيقة المنشودة.
أما الشخصيات التي ترجم لها المؤلف في هذا الكتاب، فهي شخصيات عرفها المؤلف عن قرب، وعايشها معايشة صداقة وألفة امتدت سنين كثيرة، وقد تخيرها المؤلف من بين الكثيرين من علماء مصر ومفكريها بعد أن التقى بهم لقاءات فكرية متعددة فيما قرأ لهم من مؤلفات، أو فيما استمع لهم من أحاديث عن طريق الإذاعة، أو المحاضرات في الأندية والمجاميع العلمية، ثم رأى أنهم أقرب العلماء والمفكرين إلى ثقافته. وإلى ما يدور في عقله من خواطر وآراء، فحمله ذلك على أن يلقاهم من قريب، وأن يتصل بهم اتصالا شخصيا، فيستمع إليهم ويسمعهم، ويلتقي معهم أو يختلف، ثم يمضي على طريق التواصل بينه وبينهم، سواء باللقاءات الشخصية، أو عن طريق المراسلة إذا كان بعيدا عن مصر.. وكثيرا منا من يفعل هذا، فيكون له صفوة من بين العلماء والمفكرين، يلقاهم ويلقونه، ويتحدث إليهم ويتحدثون إليه، ويختلف أو يتفق معهم في الرأي، ولكن لا أظن أن أحدا منا يعود من مطافه مع إخوانه وأصفياء وده، ثم يخلو بنفسه، ويسجل في مذكراته شيئا من الأحاديث التي دارت بينه وبينهم، وإن هو سجل شيئا من هذا فإنه لا يسجل إلا الأحداث البارزة، والقضايا المثيرة، ثم إن هو فعل ذلك لم يكن على نية من أن يكون هذا موضع دراسة، أو موضوع عمل يخرجه للناس كتابا منشورا.
ولكن الأستاذ " مرتضى " خرج على هذا الأسلوب الرتيب العقيم الذي يذهب بتلك الثمرات الطيبة، التي كانت يمكن أن يجتنيها العلماء والمعلمون من تلك اللقاءات الكثيرة التي تجمع بين الأصدقاء من أهل العلم، وأولى الفكر، لو أنهم حرصوا على تسجيلها في حينها، وتسجيل ما انقدح في خواطرهم منها، بعد أن تهدأ حدة المناقشة، ويصفو الجو مما قد تثيره الخلافات في الرأي من التعصب، والاندفاع طلبا للنصر وحبا للغلب..
إنهم لو فعلوا لكان ذلك مادة طيبة للدراسة، وميدانا فسيحا لكشف الحقائق وتجليتها.
أما الأستاذ " مرتضى " فقد تنبه إلى هذا من أولى خطواته على هذا الطريق، فما التقى بعالم أو أديب، على طريق المصادفة أو القصد، إلا وعى هذا اللقاء في ذاكرته، ثم عاد فسجله في مذكراته، مبينا تاريخه باليوم والساعة، معلقا عليه بما يعن له من آراء، وهو يدبر في نفسه أمرا لم يكشف عنه لأحد.
ولقد التقيت لقاءات كثيرة مع الأستاذ " مرتضى " ودار الحديث بيننا في مختلف الشؤون دورات واسعة أو ضيقة، ولكنها تاهت جميعها في مسارب نفسي، ولم أعد أذكر إلا أنني التقيت بالأستاذ الصديق مرات كثيرة.. ولكن كم هي؟ ومتى وأين هي؟ وما الأحاديث التي جرت بيني وبينه في كل لقاء؟ وذلك ما لم أعد أذكر منه إلا ظلالا أو شبه ظلال، حتى إذا كان هذا اليوم الذي أيقظني فيه الأستاذ الصديق من تلك الغفلة، حين قدم إلي هذا الكتاب، وأطلعني منه على ما ضمت عليه صفحاته من تراجم لبعض أصدقائه الذين عرفهم في مصر، كما أطلعني على الترجمة الخاصة بي، وقد أخذني العجب والدهش، إذا رأيته يأتي بتفاصيل لأحاديثي عابرة بيننا، ويذكر زمانها ومكانها، وكأنها بنت ساعتها، حتى لقد سألت الأخ " مرتضى " في صدق وجد.
أكانت معك آلة مسجلة كنت تديرها سرا في كل لقاء تم بيننا؟ فقال في صدق وجد أيضا:
وكيف هذا؟ وهل رأيتني أحمل معي تلك الآلة المسجلة التي تقول عنها.
والحق أن ما كتبه الأستاذ " مرتضى " عن شخصياته التي ترجم لها في هذا الكتاب، لا يقل دقة - في صدق، وأمانة - عن " الشريط " التسجيلي، الذي ينقل أحداث ندوة من الندوات، أو مناظرة من المناظرات.
إلا أن ما كتبه الأستاذ " مرتضى "، مع التزامه بالدقة والأمانة والصدق، يبدي بعاطفة الحب والتقدير لأصدقائه الذين ترجم لهم، ولكن ذلك الحب وهذا التقدير، لم يحملا المؤلف على الخروج عن حدود الأمانة التاريخية.
فلم يجامل صديقا، ولم يلبسه جلدا غير جلده، ولم يرتفع به عن مقام فوق مقامه، لأنه ملتزم أمام دينه وخلقه أن يجعل من تلك الصفحات وثيقة من وثائق التاريخ، وشهادة يشهد بها حي على حي، بما رأته عينه، وسمعته أذنه ووعاه عقله...
وتلك هي مزية هذا الكتاب من الناحية التاريخية، من حيث الثقة بهما، والاطمئنان إليهما، في مقام الحديث عن هؤلاء الأشخاص، أو الدراسة، لهم في الغد القريب أو البعيد..
وكنت قد اقترحت على الأستاذ المؤلف، بعد أن أطلعت على هذا الكتاب أن يمضي في طريقه هذا إلى الغاية التي يعينه الله تعالى على الوصول إليها، فيصنع هذا الصنع مع كثير من الشخصيات العلمية في مصر، ممن لم يترجم لهم في هذا الكتاب، كما اقترحت عليه أن يفعل ذلك مع من يلتقي بهم من أعلام العالم العربي والإسلامي ، حتى يكون ذلك وسيلة قريبة مسيرة للتعارف والتواصل بين أبناء الأمة الإسلامية التي يجاهد الأستاذ المؤلف هذا الجهاد المبرور من أجل عزتها، وسيادتها، واجتماع كلمتها على كتاب الله سبحانه، وسنة رسول الله، صلوات الله وسلامه عليه.. وإنه إذا كانت المهمة شاقة، مضنية، فإن الجزاء عند الله عظيم جليل.
(والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا، وإن الله مع المحسنين).
وإني لأسأل الله ضارعا أن يحسن جزاء المؤلف، وأن يبارك عليه، وأن ينفع به الإسلام والمسلمين، وأن يمنحه العون، إنه سميع مجيب.
وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
عبد الكريم الخطيب            
القاهرة في:                
1 / 9 / 1975 م 14 / 18 / 1395 هـ


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page