مع رجال الفكر في القاهرة
يتحدث المتحدثون عن علم التاريخ وأهميته، وعلم التراجم وخطورته، فمن خلالها ندرك سنن الحياة وقواعد السلوك للأفذاذ من أفراد الناس.
ومن التراجم ما يكون موضوعيا خالصا يعرض ما للمترجم له وما عليه، ومنه ما يكون ذا صبغة مستمدة من ذاتية المترجم ومذهبه وعقيدته.
ومؤلف هذا الكتاب وجامعه قد آثر هذا اللون الأخير، فقد جعل من عقيدته الشيعية الإمامية مقياسا للرجال، من آمن بها فهو قريب منه، ومن نفر عنها فهو بعيد عنه، فهو يقدم مذهبه من خلال مفكرين قابلهم في القاهرة وتعامل معهم.
والسنة، والشيعة وغيرهما من مذاهب لم تخرج على القواعد الإسلامية الكبرى بل تذوبان فيها، ولها بوتقة تذيب فيها ما قد يزيد عن ذلك وينقص، وكل أولئك جدير بكل اهتمامنا ووعينا لنخلص إلى أسلم الآراء وأكثرها قربا لعقيدتنا وتجديدا لمصائرنا، وتدعيما لمستقبلنا المشرق.
وإذا كان للصداقة المجردة حقوقها ما دامت صادقة، (فللصداقات) في مجال الفكر أثرها، وتلك قاعدة لا تخرج عن طبيعة البشر.
وقد ألمست للسيد مرتضى أعذارا ما دام يكتب صادق النية، صادق الاعتقاد، والتمست لنفسي كذلك عذرا، فهو وقد كتب عني ضمن المفكرين في القاهرة قد أغفل ذكر عدد من كتبي قال:
بأنها سياسية لا تدخل في الموضوع مع أن الخلاف بين علي (عليه السلام) ومخالفيه كان على سياسة الرعية وإصلاح شأنها.
وكأن يتوجب علي فيما يرى البعض أن أثور، ولكن ذلك وغيره لم يكن له من أثر على نفسي وكحفيد لآل البيت غلبني حبي لهم، وحبي لمن يتصدون للدفاع عنهم، وكشف تاريخهم المشرق، وكيف حوربوا في أقدارهم وحقوقهم، والمتحابون في الله كما سيظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله، يجب أن يتضامنوا في حياتهم هذه التي يحيونها، حتى لا تغيب شمس دنياهم عن الكون كله.
وهذا هو جوهر كتابنا: " مع رجال الفكر في القاهرة " معرفا بالإنتاج الثقافي والفكري لدى بعض رجال الفكر والثقافة. ونحن إذ نحييه، نحيي المترجم عنهم، ونحيي مؤلفه وجمهور قارئيه، ونحيي ما في الكتاب من معان أصيلة، ونرجو أن نقف صفا واحدا لنصرة الإسلام والمسلمين، وأن يعكف القراء فترة من وقتهم على دراسة أعلامه للتعرف بهم والأخذ عنهم، ومنحهم من الحب والاحترام والمساندة الفعلية الإيجابية قدر ما يستطيعون لأنه بغير ذلك لن يقوم ديننا... بل بغير ذلك لن يسير ركب، ولن ينهض اجتماع.
عبد الهادي مسعود
وكيل وزارة الثقافة والإرشاد القومي / القاهرة
- 5 - عبد الهادي مسعود: معاون وزير الثقافة والإرشاد القومي في القاهرة
- الزيارات: 666