• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

ثمار يقتطفها المستبصرون من بحوثهم العقائديّة


يتقبّل الشخص الذى يوفّق للاستبصار كل المصاعب التي يواجهها خلال بحثه برحابة صدر، وتهون عنده كل المشقات التي ينبغي تحملها في هذا السبيل، لأن الثمار التي يقتطفها هكذا الشخص في هذا المجال ثمينة، وتستحق تحمّل جميع أنواع العناء من أجل الحصول عليها.
ومن هذه الثمار يمكننا ذكر الأمور التالية:

1 - العثور على الضالة المنشودة والحقيقة التي طالما كان الباحث يبحث عنها ويسعى لاكتشافها، فانّه لا شكّ سوف يحصد ثمرة جهوده، فيجد آية تهديه وترشده إلى طريق الخلاص من حيرته، ثم تشرق له الحقيقة بكل جلائها، فيستيقظ قلبُه وعقلُه ويشرق وجهه بنور الإيمان.

2 ـ نبذ التخبّط في المعرفة، والاستزادة علماً وفهماً والتعرّف على الكثير من الحقائق الساطعة والالتفات إلى الكثير من المعارف التي ترشد الباحث إلى المعرفة اليقينيّة.

3 ـ معالجة الاشكالات العالقة بالذهن، ورفع الغيوم المتلبّدة فيه نتيجة تراكم الشبهات والحصول على الاجابات المقنعة والشافية للاسئلة التي كانت تدور في الذهن.

4 ـ الاطلال من خلال نوافذ البحث على آفاق جديدة من آفاق المعرفة، والانفتاح على عالم ملؤه المعارف السّامية والرؤى الرفيعة، ومن ثم الحصول على معارف واضحة المعالم، يتمكّن بها الباحث أن يقيّم مفردات أفكاره ومعتقداته، فيفرز الصالح منها عن السقيم، ويميّز الأفكار الصحيحة عن الأفكار الخاطئة، ومن ثم يتأكّد من سلامة الاتّجاه العقائدي الذي هو عليه.
وهذه هي الثمار التي يحصل عليهاالباحثون الذين يوفقون للاستبصار، حيث أنهم بعد استفراغ وسعهم في البحث والتنقيب يصلون إلى قناعة تامّة بأن الكثير من المعتقدات التي كانوا ينتمون اليها لا واقع لها، أو أنّها طُرحت أكبر من حجمها ومُنحت مكانة أعظم ممّا تستحق، أو لم تعط الموقع المناسب لها ولم تمنح القدر اللائق بشأنها.
ومن هنا يلمّ هؤلاء بأن الأهواء والنزعات والسلطات الجائرة كانت هي العامل الأقوى وراء شيوع هذه القضايا وجعلها في حقل الثوابت والمسلّمات.
والحقيقة الأخرى التي يجدر الاشارة إليها في هذا المقام هي أن الكثير من الباحثين يصلون من خلال البحث إلى قدرة التميّز بين الحقّ والباطل، ولكن لما يأتي الحق على غير إتّجاه هوى الباحث، فإنّ الكثير تضعف نفسه عن اتباع الحق، فيختاروا الاقامة على ما هم عليه.
ولكن الباحث الذي يوفّق للاستبصار هو الذي يتجرّد عن هواه، فيشرح الله سبحانه وتعالي صدره للحق وهو على نور من ربّه.
وتخطّي هذه المرحلة يتطلّب الجرأة والشجاعة والاقدام والتضحية ولا يقدر على ذلك إلاّ من شملته العناية الربّانيّة.
فلهذا يقول صائب عبد الحميد حول التصحيح الذي يقوم به المستبصر بعد الاقتناع بخطأ معتقداته:
" إنّ التصحيح ثورة حقيقية، ولا يجرؤ على تقحّم نيران الثورة إلاّ الثوريّون.
فالثّوريون هم الذين امتلأوا استعداداً لتقديم الغالي والنفيس على الطريق الثورة، ولا يشغلهم عن أهدافهم ما سيفقدونه من راحة ونعيم وأموال وبنين وأهلين..
وكذلك من أدرك أن التصحيح ثورة، ومضى على طريقه، فسوف لا يوقف مسيرته مايراه من تساقط الكثير من المعلومات والمفاهيم التي كان قد ورثها وقرأها وترسّخت في ذهنه وأصبحت جزءاً من عواطفه وربّما أصبحت جزءاً من وجوده الاجتماعي أيضاً، لايهمّه أن يرى ذلك كلّه يتساقط على طريق التحقيق العلمي الدقيق.
إنّ التصحيح بهذا المعنى سيمرّ من خلال ثورتين:
ـ ثورة على التراث، تُثير كوامنه وتكشف حقائقه..
ـ تسبقها ثورة على اواصر عوجاء أو معكوسة شدّتنا إلى هذا التراث شدّاً مغلوطاً حال حتى دون الإذن بمناقشته "(1).
يقول إدريس الحسيني حول الثمار التي اقتطفها من بحوثه العقائديّة:
" لقد انجلت تلك الصورة التي ورثتها عن (الشيعة) وحل محلها المفهوم الموضوعي الذي يتأسّس على العمق العلمي المتوفر في الكتابات التاريخيّة.
والذين لم يتحرّروا من أصدقائي من هذه النظرة، هم اولئك الذين اكتفوا بالموروث، وسحقاً للموروث!
بل وانهم اليوم لهاربون من السؤال، ويتجاهلون الموضوع حتى لا يتحمّلوا مسؤوليّة البحث ونتائجه. "(2) وأيضاً من ثمار البحث العقائدي للمستبصرين أنّهم في الأعم الأغلب كانوا يظنون أن الشيعة فرقة ضالة ولا يوجد داعي لأن يتعب الإنسان نفسه بقراءة كتبهم، لأن ذلك لا جدوى ولا ثمرة فيه سوى تضييع الوقت، ولكنّهم بعد البحث عرفوا أنّ مذهب أهل البيت (عليهم السلام) يمتلك من أجل إثبات معتقداته أدلّة قاطعة وبراهين ساطعة وقوّة بيان ومتانة استدلال.
ولهذا يقول محمد مرعي الانطاكي حول ما آل به البحث الذي قام به مع أخيه حين التوجه إلى دراسة مذهب أهل البيت (عليهم السلام):
" كنت أنا وأخي نتذاكر في خصوص المذهب الجعفري، فتارة يجعل نفسه من علماء الشيعة وأنا أكون من علماء السنّة، ونباشر بالمناظرة.
فألقي عليه مسائل فيجيبني عنها من الكتاب والسنّة، بحيث أرى نفسي مغلوباً معه، وأرى أن الحق مع الشيعة.
وأخرى أجعل نفسي شيعيّاً وهو سنّي، فنتذاكر في مسائل أيضاً، فيضحك فيرى نفسه مغلوباً، ويقول: الحقّ الصحيح مع الشيعة.
وهكذا مراراً تتكرّر المذاكرة بيننا بهذا الترتيب، ونجد أن الحق مع الشيعة لأن الحقّ يعلو ولا يُعلى عليه.
فهكذا رأينا الحق ثابت بجانب أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى غير ذلك من الأدلة التي تأخذ بعنق المؤمن فتمنعه عن وجهته.
وقد عرفت... بأن الأدلة القاطعة، والبراهين الساطعة من كلا الطرفين طافحة في كتب الفريقين بأحقّية الأخذ بالمذهب الجعفري، إذ أنّه سلسلة ذهبيّة متراصّة حلقاتها بعضها ببعض لا تنفصم...
فاعتنقناه بكلّ فرح وسرور، إذ لا مناص لنا من الأخذ به طلباً للنجاة، وفوزاً إلى الرشاد "(3).
والجدير بالذكر أن المستبصرين لم يقصدوا في بداية توجّههم إلى البحث أن يتخلّوا عن مذهبهم الموروث أو يلتجئوا إلى مذهب آخر، بل معظم المستبصرين الذي التقيت بهم أو قرأت كتبهم يصرحون بأنّهم حين التوجّه إلى البحث لم يكن في بالهم أنّهم سوف يعتنقون مذهب التشيّع قط، وإنّما ساقتهم جملة من الدوافع إلى البحث، ثمّ أملى عليهم البحث جملة من الأدلّة التي دفعتهم إلى اعتناق مذهب أهل البيت (عليهم السلام).
وهذا ما يصرّح به العديد من المستبصرين منهم:
يقول محمد علي المتوكّل: في كتابه (ودخلنا التشيّع سجّداً):
" وهنا لابدّ أن أؤكّد أنّي وحتى ذلك الوقت لم أكن أسعى لاعتناق مذهب جديد أو للتخلي عن ثوابت المذاهب السنيّة في العقائد والفقه والتاريخ، وكل الذي أردته هو التخلّص من الشبهات التي طرأت لي بعد أن أثار الإخوة أمر الخلافات التي كانت بين الصحابة بعيد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله)، ومن جهة أخرى الحصول على المزيد من المعلومات والحقائق حول أهل البيت (عليهم السلام) "(1).
ويقول أسعد وحيد القاسم في هذا المجال:
" إنني حينما بدأت بحثي حول هذه المسألة الحساسة (حقيقة الشيعة)، فإنّ أقصى أهدافي كانت بأن أتحقق من أن الشيعة مسلمون أم لا، ولم يكن عندي أيّ شك بأن الطريقة التي عليها أهل السنّة والجماعة هي الطريقة الصحيحة.
ولكنّه وبعد الاطلاع والتقصي والتفكير مليا في هذا الأمر، فان النتيجة التي توصلت اليها كانت مفارقة مدهشة، ولكنني لم أتردد لحظة واحدة من قبول الحقيقة التي وجدتها، ولماذا لا اقبلها مادام هناك ما يساندها من حجج وبراهين ممّا يعتبر حجة عند أهل السنّة "(2).

____________
1- صائب عبد الحميد/ حوار في العمق من أجل التقريب الحقيقي: 21.
2- إدريس الحسيني/ لقد شيّعني الحسين: 26.
3- محمد مرعي الانطاكي/ لماذا اخترت مذهب الشيعة: 56ـ58.
4- محمد علي المتوكّل/ ودخلنا التشيّع سجّداً: 40.
5- أسعد وحيد القاسم/ حقيقة الشيعة الاثني عشر: 15.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page