• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

التأثّر بالإمام الحسين (عليه السلام)

من الّذين تأثّروا في استبصارهم بالإمام الحسين (عليه السلام) وتشيّعوا عن طريقه، يمكننا ذكر إدريس الحسيني، بحيث أنّه ألّف بعد استبصاره كتاباً سمّاه (لقد شيّعني الحسين)، وقد جاء فيه:
" ما إن خلصت من قراءة (مذبحة) كربلاء، بتفاصيلها المأساويّة، حتى قامت كربلاء في نفسي وفكري، من هنا بدأت نقطة الثورة، الثورة على كل مفاهيمي ومسلّماتي الموروثة، ثورة الحسين داخل روحي وعقلي "(2).
وله في مكان آخر حول (فاجعة الطف):
" هذه وحدها الحدث الذي أعاد رسم الخريطة الفكريّة والنقّية في ذهني "(3).
ويقول إدريس الحسيني حول الأبعاد التي أخذت مأساة كربلاء في حياته:
" كنت أطرح دائماً على أصدقائي قضيّة الحسين المظلوم وآل البيت (عليهم السلام)، لم أكن أطرح شيئاً آخر. فأنا ضمآن إلى تفسير شاف لهذه المآسي، لأنّني وبالفطرة التي اكسبنيها كلام الله ـ جلّوعلا ـ لم أكن أتصوّر، وأنا مسلم القرن العشرين، كيف يستطيع هؤلاء السّلف (الصالح) أن يقتلوا آلَ البيت تقتيلاً؟!
لكن أصحابي، ضاقوا منّي وعزّ عليهم أن يروا فكري يسير حيث لا تشتهي سفينة الجماعة، وعزّ عليهم أن يتّهموني في نواياي، وهم قد أدركوني منذ سنين البراءة وفي تدرّجي في سبيل الدعوة إلى الله.
قالوا بعد ذلك كلاماً جاهليّاً، لشدّ ما هي قاسية قلوبهم تجاه آل البيت (عليهم السلام).
ومن هنا بدأت القصّة!
وجدتُ نفسي أمام موجة عارمة من التساؤلات التي جعلتني حتماً أقف على قاعدة اعتقاديّة صلبة.
إنّني لستُ من أولئك الّذين يحبّون أن يخدعوا أو ينومّوا، لا، أبداً، لا أرتاح حتى أُجدّد منطلقاتي، وأعالج مسلّماتي! فلتقف حركتي في المواقف، مادامت حركتي في الفكر صائبة. هنا لا أتكلّم عن الأوضاع الأخرى التي ضيقت علّي السبيل.
وإعلان البعض ـ غفر الله لهم ـ عن مواقفهم الشاذة تجاه قضيّة كهذه لا تحتاج إلى أكثر من الحوار!
إنّ هذه الفكرة التي انقدحت في ذهني باللطف الإلهي جعلتني أدفع أكبر ثمن في حياتي، وكلّفتني الفقر والهجرة والأذى... وما زادني في ذلك إلاّ إيماناً وإصرارا...
إنّ هذا الطريق، طريقٌ وعِر، فيه تتجلّى أقوى معاني التضحية، وفيه يكون الاستقرار والهناء بدعاً. فأئمّة هذا الطريق ما ارتاح لهم بالٌ ولا قرّ لهم جنان، لقد يُتِّموا وذُبّحوا، وحوربوا عبر الأجيال! "(4).
ويقول إدريس الحسيني حول ما لاقاه من معاناة في مجال بحثه حول واقعة الطف:
" كنت أظنّ أنّ الإسلام قد أعطانا روحاً قويّة لطلب العدالة، ولم أكن أظن أنّ بعضنا سوف لا تدفعه مذبحة كربلاء، إلى معرفة القضية من أساسها، ومحاكمة أشخاصها على مستوى الفكر الذي لا يزال يؤسّس وعيَنا بالماضي والحاضر.
غير إنّني رأيتهم مكّبلين بألف قيد، مثلما كنت مقيّداً، وإن كنت قد استطعت كسرَ الأغلال عنّي، فإنّ غيري ضعف عن ذلك وبقي أسير الظلام.
ثمّ أدركت أنّ الإسلام أعظم من أن يكبّل أُناساً لطلب العدالة في التاريخ وفي كلّ المستويات. أدركت أنّ شيئاً جديداً على روح الإسلام لوّث صفاءه الروحي.
أدركت أنّه (المذهّب).
وفي ذلك الوقت عرفت أنّني لا يمكنني أن أتعامل بتحرر و موضوعيّة مباشرة مع القرآن والنبي (صلى الله عليه وآله)، فكان ضروريّاً أن أرفع القيود عنّي وأبدأ مسيرة جديدة في البحث عن الحقيقة. جئت مرّات ومرّات عند أهل الخبرة من أهل السنّة والجماعة، وكلّما حدّثتهم عن ذلك، امتعضوا وارتَسم في وجوههم غضب: يسمّونه الغضب لله! "(5).
ويقول هذا المستبصر حول ما توصّل إليه من الحقائق بعد أنْ كسر الأغلال من نفسه:
" ما إن أقرأ عن تفاصيل كربلاء حتى تأخذني الجذبة بعيداً، ثم تعود أنفاسي إلى أنفاسي، والحسين ألفاه لديها، قد تربع بدمائه الطاهرة.
فياليتني كنت معه، فأفوز فوزاً عظيماً، وفي تلك الجذبة هناك من يفهمني، وقد لا يفهمني من لايرى للجريمة التأريخيّة وقعاً في نفسه وفي مجريات الأحداث التي تلحقها.
فكربلاء مدخلي إلى التاريخ، إلى الحقيقة، إلى الإسلام، فكيف لا أجذب إليها،
جذبة صوفي رقيقُ القلب، أو جذبة أديب مُرهف الشعور، وتلك هي المحطّة التي أردتُ أن أنهي بها كلامي عن مجمل معاناة آل البيت (عليهم السلام)وظروف الجريمة التأريخيّة ضدّ نسل النبي (صلى الله عليه وآله).
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا، هو من قَتَل الحسين؟ أو بتعبير أدقّ، من قتل من؟
نحن لا نشكّ في أنّ مَقتل الحسين (عليه السلام) هو نتيجة وضع يمتدّ بجذوره إلى السقيفة، إلى أخطر قرار صَدر بعد وفاة الرّسول (صلى الله عليه وآله) وكان ضحيّته الأولى آل البيت (عليهم السلام).
ونلاحظ من خلال حركة التاريخ الإسلامي، أنّ محاولة تهميش آل البيت، وقمع رموزهم بدأ منذ السقيفة.
ورأيي لو جازف الإمام علي (عليه السلام) وفاطمة الزهراء (عليها السلام) لكان فعلاً أحرقوا عليهم الدار ولكان شيء أشبه بعاشوراء وكربلاء الحسين.
وإنّ بداية النشوء ـ أو بالأحرى إعادة النشوء ـ لحزب بني أميّة، كان منذ الخلافة الأولى، ذلك أنّ معاوية و... يزيد كانا عاملين على الشام، وتقوّى نفوذُهما منذ ذلك العهد.
وكلّ المسلمين في ذلك العصر كانوا يدركون مدى القوّة التي يمكن أن تمنحها الإمارة لرجال مثل معاوية ويزيد.

المعادلة المقلوبة، وميزانُ القوى اللامتكافىء بين الحزب الأموي وبني هاشم بدأ منذ وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وما ضُرب ولاقُمع واستُضعف بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)رجلٌ أو عشيرة مثلَ ما ظُلم آلُ البيت (عليهم السلام).
لقد دخل بنو أميّة الإسلام، وهم صاغرون، وكان الرسول (صلى الله عليه وآله) قد أراد قتلهم ولو تعلقوا بأستار الكعبة، غير أنّه عفا عنهم، وقال: (إذهبوا فأنتم الطلقاء) وطلقاء لاتعني الإسلام، ثمّ ما برح (صلى الله عليه وآله) يحذّر من خطرهم الذي كان يدركه من خلال طبيعة الصّراع الذي دار بين الإسلام وبني أميّة "(6).
ويُعاتب إدريس الحسيني علماء أهل السنّة في هذا الخصوص قائلاً:
" لماذا هؤلاء لا يكشفون الحقائق للناس، كما هي في الواقع؟
لماذا يتعمدون إبقاءنا على وعينا السخيف، تجاه أكبر وأخطر مسألة وجدت في تاريخ المسلمين؟
ثمّ لماذا لايتأثّرون بفاجعة الطف العظمى؟ تلك التي ماجت في دمي الحار بالإنصاف والتوق إلى العدالة، فتدفقت بالحسرة والرفض والمُطالبة بالحقّ الضائع في منعطفات التاريخ الإسلامي.
وطبعي الذي لا أنكره، ولن أنكره، إنّني لا أحبّ الخادعين والجاهلين، ثمّ وإنّي لناقم على هؤلاء وأرافعهم إلى الله والتاريخ!
كنت في تلك الفترة صاحب بساطة عقائديّة كباقي الناس، وببساطتي هذه كنت أبدوا أوعاهم عقيدة، وكنت ذا ثقافة أحاديّة، هي ثقافة أهل السنّة والجماعة.
فالجوّ الذي أحاط بي، هو جو الصحوة البتراء النائمة، التي انحرفت بوعيي إلى مواقع تافهة "(7).
ومن جملة الّذين كانت بداية استبصارهم أيضاً نتيجة التأثّر بالإمام الحسين (عليه السلام)، هو صائب عبد الحميد، حيث أنّه يقول في كتابه (منهج في الانتماء المذهبي) تحت عنوان (هكذا كانت البداية):
" مع الحسين ـ مصباح الهدى ـ كانت البداية.
ومع الحسين ـ سفينة النجاة ـ كان الشروع.
بداية لم أقصدها أنا، وإنّما هي التي قصدتني، فوفّقني الله لحسن استقبالها، وأخذ بيدي إلى عتباتها...
ذلك كان يوم مَلكَ على مسامعي صوت شجيّ، ربّما قد طرقها من قبل كثيرا فأغضت عنه، ومالت بطرفها، وأسدلت دونه ستائرها، وأعصت عليه.
حتى دعاني هذه المرّة، وانا في خلوة، أو شبهها، فاهتزّت له مشاعري ومنحته كلّ إحساسي وعواطفي، من حيث أدري ولا أدري..
فجذبني إليه.. تتبادلني أمواجه الهادرة.. وألسنة لهيبه المتطايرة..
حتى ذابت كبريائي بين يديه، وانصاع له عتوّي عليه..
فرُحتُ معه، أعيش الأحداث، وأذوب فيها.. أسير مع الراحلين، وأحطّ إذا حطّوا، وأتابع الخطى حتى النهاية..
تلك كانت قصّة مقتل الإمام الحسين (عليه السلام)، بصوت الشيخ عبد الزهراء الكعبي يرحمه الله، في العاشر من محرّم الحرام من سنة 1402 للهجرة، فأصغيت عنده ايّما إصغاء لنداءات الإمام لحسين (عليه السلام)..
وترتعد جوارحي، مع الدمعة والعبرة، وشيء في دمي كأنه الثّورة.. وهتاف في جوارحي.. لبّيك، يا سيّدي يابن رسول الله..
وتنطلق في ذهني اسئلة لا تكاد تنتهي، وكأنّه نور كان محجوباً، فانبعث يشقّ الفضاء الرحيب دفعةً واحدة..
انطلاقة يؤمّها الحسين، بقيّة المصطفى، ورأس الأمّة، وعَلمُ الدين انطلاقة الإسلام كلّه تنبعث من جديد، ورسول الله يقودها من جديد، بشخص ريحانته، وسبطه الحسين (عليه السلام).
وهذه نداءات الإسلام يبثها أينما حلّ، والجميع يعرفها! ولا يعرف للإسلام معنى في سواها.
ومصارع أبناء الرسول!!
وتيّار الانحراف يجرف الحدود، ويقتحم السدود!
وأشياء أخرى لا تنتهي...
وتعود بي الأفكار إلى سنين خلت، وأنا أدرج على سلّم الدرس، لم أشذّ فيها عن معلّمي، فقلت: ليتني سمعت إذ ذاك ما يروي ضمئي...
ولكن ما هو ذنب معلّمي! إنّه مثلي، كان يسمع ما كنت أسمعه، وليس إلاّ بل لَيتها مَناهجنا قد نالت شرف الوفاء لهذا العطاء الفريد..
ليتها مرّت على فصول تلك الملاحم، ولو مرور العابرين! من غير تعظيم أو تمجيد، أو ثناء...
فليس ثمّة حاجة إلى شيء من هذا القبيل، فقد تألّق أولئك الأبطال فوق ذروة المديح والثناء، فكأنني أنظر إلى منابر التبجيل والاطراء مهطعة تحدّق نحوهم، وهم يحلّقون في قبّة السماء!!
ثمّ أنت يا حَلَق الوعظ، ويا خُطب الجُمع ويا بيوتات الدّين، أين أنت من هذا البحر اللامتناهي؟!
لقد صحبتُك طويلاً، فليتني وجدتك اتّخذت من أولئك الأبطال، وتلك المشاهد أمثلة تُحتذى في معاني اليقين والجهاد، أو الإقدام والثبات، أو التضحية والفداء، أو النصر والإباء، أو الحبّ والعطاء، أو غيرها مما يفيض به ميدان العطاء غير المتناهي ذاك، كما عهدتك مع نظائرها، وما هو أدنى منها بكثير!
وأين أنت أيّتها الدنيا؟!
وعلى أيّ فلك تجري أيّها التاريخ؟!
ألا تخشى أن يحاكمك الأحرار يوماً؟
عتاب لاذع، وأسئلة لاتنتهي، والناس منها على طرق شتى..
فهي تمرّ على أقوام فلا يكاد يوقظهم صداها، ولايفزعهم صَخَبها!!
ورأيتها تمرّ على آخرين فتكاد تنتزع أفئدتهم، من شدّة ما لهم معها من هياج ونحيب، وأدمع تجري فلا تريد أن تكفّ..
ويلتهبون على الجناة غيظاً ونقمة وحنقاً..
فتمتلىء صدروهم من هذا وذاك بكلّ معاني الموالاة والبراءة.. موالاة لله وأوليائه، وبراءة من أعدائه..
ولِمَ لا تنفطر الأكباد لفاجعة كهذه!
وبدلاً من أن تهربي من ذكراها ـ أيّتها الدنيا ـ في العام مرّة، أولى بك أن تقفي عندها كلّ يوم ألف مرّة، ولا تستكثري.
أكثير أن يحيا الحسين السّبط بيننا على الدّوام، وليس كثيراً أن يُقتل بين يديك كلّ يوم ألف مرّة؟!
وعندما رحتُ أتعجب من هذا الانقسام، عدت مع هذه الواقعة إلى الوراء، فإذا النّاس من حينها كحالهم الآن، فهم بين من حمل الحسين (عليه السلام) مبدأً، وتمسّك به إماماً وأسوةً ودليلاً إلى طريق الفلاح، فوضع نفسه وبنيه دون أن يُمَسّ الحسين، وبين من حمل رأس الحسين هديّة إلى يزيد!!
وبين هذا وذاك منازلٌ شتى في القُرب والبُعد من معالم الحسين (عليه السلام)..
وأشياء أخرى تطول، فقد استضاءت الدنيا كلّها من حولي، وبدت لي شاخصة معالم الطريق.. فرأيت الحكمة في أن أسلك الطريق من أوّله، وأبتدىء المسيرة بالخطوة الأولى لتتلوها خطى ثابتة على يقين وبصيرة..
وابتدأت، وإن كانت الأيّام تشغلني بين الحين والحين بما يصدّ المرء عن نفسه وبنيه، إلاّ أنّي أعود إذا تنفّست،فأُتابع الخطى "(8).
ويقول عبد المنعم حسن حول تأثّره بالإمام الحسين (عليه السلام):
" قضيّة الحسين (عليه السلام) من أولي القضايا التي أخذت مساحة من دواخلي وعمّقت جرحاً أحسستُ به منذ اللحظة الأولى التي بدأت فيها الحقائق تتكشف مزيحة جهلاً ووَهماً كنّا نعيشه بإيعاز وتخطيط ذكي من أولئك اّلذين حرّفوا الحقائق وفقاً لأهوائهم ورغباتهم.
وبتنا نحن نعيش في قصور من زجاج نحلم بأن يعيد التأريخ نفسه لنعيش تلك الحياة المعصومة التي كان يعيشها الصحابة والرعيل الأول من التابعين الذين عاشوا في صدر الإسلام.
ولاننسى دور علمائنا الذين ظلّوا يردّدون ما وجدوه في التاريخ دون نظر وتحليل لما جرى فيه.
وقضيّة الحسين (عليه السلام) من القضايا التي أراد أعداء الإسلام أن لا تبرز للناس لأنّها تمثّل حلقة من حلقات الصراع بين الحقّ والباطل وتعتبر من أنصع صفحات التاريخ في قضية الجهاد والتضحية في سبيل رسالة السماء.
... استوقفتني قضيّة الحسين (عليه السلام) كثيراً كما استوقفتني قضيّة أمّه الزهراء (عليها السلام)وأنا أبحث عن جهة الحقّ، قرأت وسمعت عن قصّة الحسين (عليه السلام)وعشت معه، تارة أبكي وأخرى ألعن فيها مَن ظلمه، وتارة أتأمّل في واقع أمّة كهذه، لم أسمع بمثل هذه البشاعة من قبل، أو سمعت ولكن كالعادة مخدراً بمقولة أنّ ماجرى في صدر الإسلام مروراً بالأمويين والعبّاسيين لا يجب علينا أن نبحث فيه، ولا أن نتساءل ما هو جذر المشكلة، لأنّ ذلك سيقودنا إلى نتائج ربّما تخدش في اولئك المقدّسين مما يجعل غضب الرّحمن يصب علينا صبّاً.
وقضية الحسين (عليه السلام) ستضعنا أمام أسئلة كثيرة وعلامات استفهام، الإجابة عليها ستفضي بنا إلى أن الحسين (عليه السلام) كقضيّة لم يُقتل في كربلاء، بل أنّ أصل القضيّة يرجع إلى ما بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) "(9).
ويقول محمد علي المتوكل حول تأثره بالإمام الحسين (عليه السلام): " وقد تأثّرت وأنا أقرأ كتيّباً عن الإمام الحسين "، ثمّ توصل هذا المستبصر إلى هذه النتيجة قائلاً:
" عليَّ أن أدافع عن قضيّة الحسين في مقابل الذين قتلوه والذين لازالوا يتحاملون عليه إلى اليوم، وهكذا لم يعد بمقدوري أن أتراجع عن مشوار البحث، وبات لزاماً على أن أميط اللثام عمّا خفي علّي من حقائق، فكانت بداية المشوار مع فتية امتلكوا الشجاعة الكافية لخوض غمار البحث والتسليم لنتائجه مهما كانت قاسية ومهما اصطدمت بالموروث وتعارضت معه "(10).
ويقول أحمد حسين يعقوب حول الدور الكبير الذي كان للإمام الحسين (عليه السلام)في استبصاره:
" وأثناء وجودي في بيروت قرأت بالصدفة كتاب (أبناء الرسول في كربلاء) لخالد محمد خالد، ومع أنّ المؤلّف يتعاطف مع القتلة ويلتمس لهم الأعذار، إلاّ أنّني فجعت إلى أقصى الحدود بما أصاب الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيت النبوّة وأصحابهم، وكان جرحي النازف بمقتل الحسين هو نقطة التحوّل في حياتي كلّها "(11).
ويقول التيجاني السماوي حول تأثّره بالإمام الحسين (عليه السلام):
" جاء صديقي منعم وسافرنا إلى كربلاء، وهناك عشنا محنة سيّدنا الحسين كما يعيشها شيعتُه، وعلمت وقتئذ بأنّ سيّدنا الحسين لم يمت، فالنّاس يتزاحمون ويتراصّون حول ضريحه كالفراشات ويبكون بحرقة ولهفة لم أشهد مثيلاً، فكأنّ الحسين استشهد الآن.
وسمعت الخطباء هناك يثيرون شعورَ النّاس بسردهم لحادثة كربلاء في نواح ونحيب، ولا يكاد السّامعُ لهم أن يمسك نفسه ويتماسك حتى ينهار.
فقد بكيت وبكيت وأطلقت لنفسي عنانها، وكأنّها كانت مكبوتة، وأحسست براحة نفسيّة كبيرة ما كنت أعرفها قبل ذلك اليوم، وكأنّي كنت في صفوف أعداء الحسين، وانقلبت فجأة إلى أصحابه وأتباعه الّذين يفدونه بأرواحهم.
وكان الخطيب يستعرض قصة الحرّ وهو أحد القادة المكلّفين بقتال الحسين، ولكنّه وقف في المعركة يرتعشُ كالسّعفة ولمّا سأله بعض أصحابه:
أخائف أنت من الموت؟
أجابه الحرّ:
لا والله، ولكنّني أخيّر نفسي بين الجنّة والنار.
ثمّ همز جواده وانطلق إلى الحسين قائلاً:
هل من توبة يابن رسول الله؟
ولم أتمالك عند سماع هذا أن سقطت على الأرض باكياً، وكأنّي أُمثّل دور الحرّ، وأطلب من الحسين: هل من توبة يابن رسول الله؟ سامحني يابن رسول الله.
وكان صوت الخطيب مؤثّراً، وارتفعت أصوات النّاس بالبكاء والنّحيب.
عند ذلك سمع صديقي صياحي، وانكبّ علّي معانقاً، باكياً، وضمّني إلى صدره كما تضمّ الأم ولدها وهو يردّد يا حسين ياحسين.
كانت دقائق ولحظات عرفت فيها البكاء الحقيقي، وأحسست وكأنّ دموعي غسلت قلبي وكلّ جسدي من الداخل "(12).

____________
1- المصدر السابق: 61.
2- إدريس الحسيني/ لقد شيّعني الحسين: 313.
3- المصدر السابق: 60.
4- المصدر السابق: 62.
5- المصدر السابق: 319 ـ 320.
6- المصدر السابق: 315 ـ 316.
7- المصدر الساق: 59.
8- صائب عبد الحميد/ منهج في الانتماء المذهبي: 31 ـ 34.
9- عبد المنعم حسن/ بنور فاطمة اهتديت: 192 ـ 193.
10- محمد علي المتوكّل/ ودخلنا التشيّع سجّداً: 34.
11- مجلّة المنبر/ العدد: 10.

12- محمد التيجاني السماوي/ ثمّ اهتديت: 62 ـ 63.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page