• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

التيّارات المعادية للوحدة الإسلاميّة

تشهد ساحتنا الإسلاميّة على الرغم من الأهميّة التي تمتلكها الوحدة الإسلاميّة تيّارات مضادّة شنّت حملات دعائيّة وتضليليّة هدّامة من أجل العبث بالوحدة الإسلامية وتعويق حركتها وهدم بنائها في أوساط الأمّة.
ويشير صالح الورداني إلى هذا الأمر قائلاً:
" إنّ تتبّع تاريخ دعوة الوحدة الإسلاميّة يكشف لنا أنّ السياسة تسبّب في تعويق هذه الدعوة بل وفي قتلها، كما يكشف لنا أنّ ظهور المد الوهّابي ورسوخه بين التيّارات الإسلاميّة المعاصرة قد أسهم إلى حدّ كبير في ضرب هذه الدعوة وإجهاضها "(1).
ويقول إدريس الحسيني حول العقبات التي لاقاها مشروع الوحدة الإسلاميّة:
" ففي الوقت الذي بدأت أصوات الوحدة ترتفع في دنيا المسلمين.. و وصل العقل المسلم إلى رشده في نبذ كل شقاق وشتات وفتن.. ليتوحّد على كلمة الإسلام في مشتركاته التي تعتبر أصولاً في الدين الإسلامي برزت أصوات صنعتها البداوة وصقلتها بمدى التوهّب لتقف ـ بصلافة ـ ضدّ المشروع الذي لم تستوعبه بذهنها المتعصّب، وطال بوقها في التشكيك بنوايا القيمين عليه "(2).
ويقول هذا المستبصر أيضاً:
" لقد سعى زعماء الوهّابيّة إلى محاربة فكرة التقريب، والتحريض على كل مشروع يسعى إلى لمّ شعث المسلمين، وجمع فرقهم.. واستخدموا أحطّ أنواع الكلام وأخسّ العبارات في التشكيك بنوايا أهل التقريب، وأصدروا فتاوي تحرّم الدنوّ من الشيعة حتى في قضايا الإسلام المصيريّة "(3).
ويقول هشام آل قطيط حول الذين يجعلون دوماً بعض الحواجز أمام الوحدة الإسلاميّة:
" إنّ نفس المواضيع والشبهات تتكرّر وتعاد منذ العصور المنسحقة وحتى عصرنا الحاضر، كلّما حاولنا إخمادها التهبت لتحرق ما حولها، وكلّما حاولنا التقارب والتوحّد في الصفّ الإسلامي تثار شبهات ومواضيع متكرّرة أكل الزمان عليها وشرب، يجعلون منها البعض حواجز مصطنعة للتباعد والتفرقة ولقد عمد الكثير منهم لتكرار هذه الشبه والتركيز عليها بشكل مقصود ومتعمّد ليثيروا النزاعات والصراعات بين أبناء الأمّة الإسلاميّة.
وسوف يبقى هذا الصراع متأجّجاً ومحتدماً في أمّتنا الإسلاميّة مادامت هناك أقلام مأجورة وعقول غير مسؤولة و واعية لما يحيط بنا في هذه المرحلة الصعبة والحرجة، والمستفيد الأوّل منها هو الاستعمار الذي يصرف بلايين الدولارات لخلق هكذا أجواء مشحونة بالنزاعات والصراعات والعصبيّات "(4).
ويعاتب التيجاني السماوي أصحاب التيّار المخالف للوحدة الإسلاميّة من أهل السنّة: قائلا:
" ألم يقل رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما جاء في الذكر الحكيم: ( قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوا إلى كَلِمَة سَوَاء بَيْنَنا وَبَينِكُم)(5).
فإن كانوا من أهل السنّة حقّاً، فلينادوا إخوانهم من الشيعة إلى كلمة سواء بينهم.
وإذا كان الإسلام ينادي أعداءه من اليهود والنصارى إلى كلمة سواء للتفاهم والتآخي، فكيف بمن يعبدون إلهاً واحداً ونبيّهم واحد وكتابهم واحد وقبلتهم واحدة ومصيرهم واحد!
فلماذا لا ينادي علماء أهل السنّة إخوانهم من علماء أهل الشيعة ويجلسون معهم حول طاولة البحث، ويجادلونهم بالتي هي أحسن ويصلحون عقائدهم إن كانت فاسدة كما يزعمون؟
لماذا لا يعقدون مؤتمراً إسلاميّاً يجمع علماء الفريقين وتطرح فيه كل المسائل الخلافيّة على مسمع ومرأى من كل المسلمين حتى يعرفوا وجه الصواب من الكذب والبهتان؟
وخصوصاً وأنّ (أهل السنّة والجماعة) يمثّلون ثلاث أرباع المسلمين في العالم، ولهم من الإمكانات المادّية والنفوذ لدى الحكومات ما يجعل ذلك عندهم سهلاً ميسوراً إذ يملكون الأقمار الصناعيّة.
ولأنّ (أهل السنّة والجماعة) لا يعملون لمثل هذا أبداً، ولا يريدون المواجهة العلميّة التي ينادي بها كتاب الله المجيد بقوله: ( قُلْ هاتُوا بُرهَانَكُم إنْ كُنْتُم صَادِقِينَ )(6).
( قُلْ هَلْ عِنْدَكُم مِن عِلْم فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إنْ تَتَّبِعُونَ إلاّ الظَنَّ وإنْ أَنْتُم إلاّ تَخرُصُونَ )(7).
ولذلك تراهم دائماً يلجأون إلى السبّ والشتم والتكفير والبهت والافتراء وهم يعرفون بأنّ الحجّة والدليل مع خصومهم الشيعة.
وأعتقد بأنّهم يخافون أن يتشيّع أكثر المسلمون إذا ما كُشفت الحقائق، كما وقع بالفعل لبعض العلماء الأزهريّين في مصر الذين سمحوا لأنفسهم بالبحث عن الحقّ فأدركوه واستبصروا ونبذوا ما كانوا عليه من عقيدة (السلف الصالح).
فالعلماء من (أهل السّنة والجماعة) يدركون هذا الخطر الذي يهدّد كيانهم بالذّوبان، فاذا أعيتهم الحيلة وصل الأمر بالبعض منهم أن حرّم على أتباعه ومقلّديه أن يجلسوا مع الشيعة أو يجادلونهم أو يتزوّجوا منهم أو يزوّجوهم أو يأكلون من ذبائحهم.
ويُفهم من موقفهم هذا بأنّهم أبعد ما يكونون عن السنّة النبويّة، وهم أقرب ما يكونون من سنّة بني أميّة الذين عملوا بكلّ جهودهم على إضلال الأمّة المحمّديّة بأيّ ثمن، لأنّ قلوبهم لم تخشع لذكر الله وما نزل من الحقّ ودخلوا في الإسلام وهم كارهون.
وهذا ما عبّر عنه إمامهم معاوية بن أبي سفيان الذي قتل خيار الصحابة من أجل الوصول إلى الحكم فقط، فقد قال في أوّل خطبة له:
(إنّي لم أقاتلكم لتصلّوا ولا لتصوموا ولا لتحجّوا، وإنّما قاتلتكم لأتأمّر عليكم وقد أعطاني الله ذلك وأنتم كارهون).
وصدق الله إذ يقول: ( إنّ المُلُوكَ إذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ)(8)"(9).
ويقول ياسين المعيوف البدراني حول وجوب توفير الأجواء والأرضيّة الروحيّة والسياسيّة والاجتماعيّة والثقافيّة المناسبة لنموّ الوحدة الإسلاميّة:
" إنّنا نأمل ونطلب من كلّ مسلم يحب الوصول إلى الحقيقة ونصرتها، ويحب أن يعرف دينه المعرفة الحقّة، أن يوقف نفسه على خدمة الإسلام والمسلمين، وأن يعمل جاهداً ليساهم في سدّ الثغرات بين الطوائف الإسلاميّة ولنزع ونبذ التعصّب الذي ساعد على تسلل أصابع المتشرّقين القذرة المغرضة التي ليس لها من هدف إلاّ توسيع الخلاف بين المسلمين "(10).
ويقول محمّد أحمد خير خلال دعوته كلّ المخلصين لتحقّق هذا الأمل الكبير الذي يعيش في نفسه:
" إنّني أدعوا كلَّ المخلصين... إلى إعلان كلمة الوحدة والتفاهم بين المسلمين عن طريق التركيز على الأسس التي يشترك فيها كلُّ المسلمين والوقوف بوجه كل دعوة ضآلّة تريد أن تفرّق الصفوف "(11).
ويقول حسين الرجاء حول هذا الهدف الحيوي والهام:
" أيّها الإخوة المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها.كبرت كلمة لا مسؤولة تخرج سوداء يجب أن تموت غير مرغوب فيها ولا مأسوف عليها أورقت خلط الأوراق واثمرت عقاب الأبرياء وكفّرت المؤمنين، فتولد عنها نصب الحواجز بين المسلمين، فهي تحمل في طيّاتها بذور التشتّت والتمزّق!!
وها هي سنن التاريخ البشري تشهد، فكم من أمم بادت وعقائد اندثرت وحضارات ذابت ومواريث خطيرة وصالحة للاستمرار أهملت فتلاشت، وكم من خلاف واختلاف حلّ و رحل ودساتير وقوانين غيّرت وبدّلت، وها هنا نحن المسلمين لم نحافظ على ميراث أو ثروة أو تراث أكثر ممّا حافظنا على الخلاف والاختلاف وبالتالي التشتّت والتمزّق في الوقت الذي أصبحت وحدة المسلمين ضرورة ملحّة أكثر من أيّ وقت مضى، وها هي الأمم تتداعى علينا كعرب ومسلمين كما تتداعى الآكلة إلى قصعتها كما أخبرنا وحذّرنا رسول الله (صلى الله عليه وآله)فاستمعوا إلى نداء الله، فالله ينادينا: ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)(12) وفي نداء آخر يبيّن الآثار السلبيّة للتفرّق والنزاع ( وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشلُوا وَتَذْهَب رِيحُكُم)(13)"(14).
وعموماً فإنّ الكثير من المستبصرين يطلبون من أبناء الأمّة الإسلاميّة أن يتحلوا بالنوايا الصادقة والعزائم الأكيدة، ليتمكّنوا من بلوغ هذا الهدف المبارك، لأنّ الإنسان لا يبلغ هذا الهدف إلاّ من خلال عدم الخضوع للأهواء والعصبيّات والتحلّي بالنوايا المبرأة من الهوى والنقيّة من شوائب الجاهليّة.

____________
1- صالح الورداني/ عقائد السنّة وعقائد الشيعة التقارب والتباعد: 217.
2- إدريس الحسيني/ هكذا عرفت الشيعة: 7.
3- المصدر السابق: 139.
4- هشام آل قطيط/ وقفة مع الدكتور البوطي في مسائلة: 259.
5- آل عمران: 64.
6- البقرة: 111.
7- الأنعام: 148.
8- النمل: 34.
9- محمّد التيجاني السماوي/ الشيعة هم أهل السنّة: 65ـ66.
10- ياسين المعيوف البدراني/ ياليت قومي يعلمون: 98.
11- محمّد أحمد خير/ براءة الشيعة: 80.
12- آل عمران: 103.
13- الأنفال: 46.
14- حسين الرجاء/ دفاع من وحي الشريعة: 47.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page