• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

في الجامعة

بعد مراجعة تلك الأحاديث في البخاري ومسلم والترمذي.... في مكتبة جامعتنا تأكد لي صدق مقالته، وفوجئت بأحاديث أخرى، أكثر منها دلالة على وجوب أتباع أهل، مما جعلني أعيش في حالة من الصدمة..
لِمَ لَمْ نسمع بهذه الأحاديث من قبل؟!
فعرضتها على بعض زملائي في الكلية حتى يشاركونني في هذه الأزمة، فتفاعل البعض ولم يكترث لها البعض الآخر، ولكنني صممت على مواصلة البحث ولو كلفني ذلك كل عمري.. وعندما جاء يوم الخميس، انطلقت لعبد المنعم.. فاستقبلني بكل ترحاب وهدوء وقال: يجب عليك ألا تتعجل، وأن تواصل البحث بكل وعي.
ثم بدأنا في بحوث أخرى متفرقة استمرت إلى مساء الجمعة، استفدت منها الكثير وتعرفت على أشياء لم أكن أعرفها، وقبل رجوعي إلى الجامعة.. طلب مني عدة أمور أبحثها.. وهكذا دواليك إلى مدة من الزمن. وكانت طبيعة النقاش بيني وبينه تتغير من فترة إلى أخرى، فأحياناً احتد معه في الكلام، وأحياناً أكابر في الحقائق الواضحة، فكنت مثلاً عندما أراجع بعض الأحاديث في المصادر وأتأكد من وجودها، أقول له: إن هذه الأحاديث غير موجودة. ش. ولست أعلم إلى الآن ما الذي كان يدفعني إلى ذلك، سوى الشعور بالانهزام وحب الانتصار.
وبهذه الصورة وبمزيد من البحث انكشفت أمامي كثير من الحقائق لم أكن أتوقعها، وكنت في طول هذه الفترة كثير النقاش مع زملائي، وبعدما ضاق زملائي بي ذرعاً، طلبوا مني أن أناقش دكتوراً كان يدرسنا الفقه، قلت: لام انع لدي، ولكن هناك حواجز بيني وبينه تمنعني من الحرية في الكلام، فلم يقتنعوا بهذا، وقالوا: بيننا وبينك الأستاذ، فإذا أقنعته فنحن معك..!
قلت: ليست المسألة هي الاقناع، وإنما هي الدليل والبرهان، والبحث عن الحق..
وفي أول درس للفقه بدأت النقاش معه بصورة أسئلة متعددة..
فوجدته لا يخالفني كثيراً بل العكس كان يؤكد على حب أهل البيت (ع) ولزوم أتباعهم وذكر فضائلهم.. وبعد أيام متعددة طلب مني أن آتيه في مكتبه في مقر الجامعة، وبعد الذهاب إليه قدم لي كتاباً من عدة أجزاء وهو (صحيح الكافي) من أوثق مصادر الحديث عند الشيعة. وطلب مني عدم التفريط في هذا الكتاب لأنه تراث أهل البيت.. لم أتكلم من شدة المفاجأة.. أخذت الكتاب وشكرته على ذلك، وكنت اسمع بهذا الكتاب ولم أراه، مما جعلني أشك في تشيع هذا الدكتور، مع معرفتي أنه مالكي، وبعد السؤال والاستفسار اتضح لي أنه صوفي متعلق بحب أهل البيت (ع).
وعندما شعر زملائي بهذا التوافق بيني وبين الاستاذ، طلبوا مني مناقشة أستاذ آخر كان يدّرسنا مادة الحديث، وكان رجلاً متديناً كثير التواضع طيب الأخلاق، وكنت أحبه كثيراً، فاستجبت لطلبهم، وبدأت بيننا نقاشات متعددة، وكنت أسأله عن صحة بعض الأحاديث فكان يؤكد صحتها، وبعد مدة من الزمن شعرت منه النفور وعدم الارتياح من نقاشي وقد أحس بذلك زملائي، ففكرت أن أفضل وسيلة لمواصلة النقاش، هي الكتابة، فكتبت له مجموعة من الأحاديث والروايات التي تدل بصراحة على وجوب أتباع مذهب أهل البيت (ع)، وطلبت منه البحث في صحتها، وكنت أسأله كل
  يوم عن الإجابة فيعتذر بعدم البحث.. وتابعت معه بهذه الطريقة حتى أحس مني المضايقة.
قال لي: كلها صحيحة.
قلت: إنها واضحة في أتباع أهل البيت..
لم يجب وذهب مسرعاً على المكتب.
كان هذا التصرف صدمة بالنسبة لي، مما جعلني أشعر بصدق مقالة الشيعة. ولكني أحببت التريث وعدم العجلة في الحكم.
ومن غريب الصدفة، أن عميد الكلية وهو الأستاذ علوان، كان يدّرسنا التفسير فقال يوماً في تفسير قوله تعالى: (سأل سائل بعذاب واقع): إن رسول الله (ص) لما كان في غدير خم، نادى الناس فاجتمعوا فأخذ بيد علي (ع) فقال: (من كنت مولاه فعلي مولاه)، فشاع ذلك في أقطار البلاد وبلغ ذلك الحارث بن نعمان الفهري فأتى رسول الله (ص) على ناقته فأناخ راحلته ونزل عنها، وقال: يا محمد أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسوله فقبلناه ,أمرتنا أن نصوم رمضان فقبلناه وأمرتنا بالحج فقبلناه، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك تفضله علينا فقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه، فهذا شيء منك أم من الله؟
فقال النبي (ص: والله الذي لا إله إلا هو، إن هذا من الله عز وجل، فولى الحادث يريد راحلته وهو يقول: اللهم إن كان ما يقوله محمد حقاً فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، فما وصل إلى راحلته حتى رماه الله بحجر سقط على هامته وخرج من دبره.
فأنزل الله عز وجل: (سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع، من الله ذي المعارج)(1)..
وبعد الفراغ من الدرس لحق به أحد أصدقائي، وقال له: إنما قلته هو كلام الشيعة، توقف الأستاذ العميد هنيهة ثم نظر إلى هذا المعترض وقال له: ادع لي (معتصماً) إلى مكتب الإدارة..!
استغربت هذا الطلب، وتهيبت لقاء الأستاذ العميد، ولكني حزمت أمري وذهبت إليه، وقبل أن أجلس، قال: يقولون أنك شيعي!.
قلت: أنا مجرد باحث.
قال: إن البحث جميل ولا بد منه.
أخذ العميد يذكر لي بعض الشبهات عن الشيعة التي كثيراً ما كانت تُرَدَّدُ وقد أعانني الله على الرد عليها بأقوى الأدلة والبراهين، حيث انطلقت في الحديث بأكثر ما كنت أتوقع، وقبل ختام حديثنا أوصاني بكتاب المراجعات، وقال: إنه من الكتب الجيدة في هذا المجال.
وبعد قراءتي لكتاب المراجعات ومعالم المدرستين وبعض الكتب الأخرى، اتضح لي الحق وانكشف الباطل، لما في هذين السفرين من أدلة واضحة وبراهين ساطعة بأحقية مذهب أهل البيت. وازدادت قوتي في النقاش والبحث، حتى كشف الله نور الحق في قلبي، وأعلنت تشيعي...
ومن ثم بدأت مرحلة جديدة من الصراع، فلم يجد الذين عجزوا عن النقاش طريقاً، غير السخرية والسب والشتم والتهديد والافتراء.. وغير ذلك من أساليب الجهل فاحتسبت أمري عند الله، وصبرت على ما جرى، رغم أن الضربات قد وجّهت لي من أعز أصدقائي الذي حرّموا الأكل والنوم معي تحت سقف واحد.
وضرُبت عليَّ عزلة كاملة، غلا من بعض الأخوة الذي هم أكثر فهماً وتحرراً. وبعد مدة من الزمن استعطت أن أعيد علاقتي بالجميع وبصورة أفضل من الأول بل ولقد أصبحت بينهم محترماً ومقدراً، وكان بعضهم يستشيرني في كل صغيرة وكبيرة من أمور حياته، ولكن هذا الحال لم يستمر طويلاً، فقد شبت نار الفتنة من جديد، بعدما أعلن ثلاثة من الطلبة تشيعهم، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من الطلبة أظهروا تعاطفهم وتأييدهم للشيعة، فدارات سلسلة أخرى من الصدامات والصراعات التزمنا فيها جميعاً الأخلاق الرسالية والحكمة، فتمكنا من امتصاص الغضب بأسرع ما يكون.

____________
1- راجع نور الأبصار للشبلنجي ص75.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page