قبل البدء في تسجيل بعض بحوثي في هذا الكتاب، أحببت أن أشير على بعض الملاحظات، التي استفدتها من تجاربي السابقة في منهج البحث.
(1) الثقة والتوكل على الله تعالى، وهي نقطة الانطلاق في البحث، فقد أعطى الله سبحانه الإنسان نور العقل والعلم، وجعل أمر الاستفادة منه بيد الإنسان نور العقل والعلم، وجعل أمر الاستفادة منه بيد الإنسان، فمن أهمل ذلك النور ولم يشعله لكشف الواقع، سيظل يعيش في ركام من الجهل والخرافات والضلال، بخلاف الذي يستثمر عقله وينمّيه، والفرق بين الاثنين يرجع إلى سبب واحد، وهو الثقة وعدمها، فالذي يشعر بالضعف والانهزام لا يستفيد من عقله، أما الذي يقف بالله تعالى وبما أعطاه من نور العقل يصل إلى قمة المعرفة والتحضر، فلذلك إن كثيراً ممن اعترض طريقي في البحث كان يستخدم هذا لأسلوب لضعضعة ثقتي، فيقول: من أين لك القدرة في بحث هذه الأمور؟! وإن بار علمائنا لم يتوصلوا إلى ما توصلت إليه فما هي قيمتك أمام جهابذة العلماء؟!.. وغير ذلك من أساليب تحطيم القدرات.
ولم يكونوا يريدون مني أكثر من أن أخوض فيما يخوضون، وأنعق كما ينعقون قال تعالى: (قالوا حسينا ما وجدنا عليه آباءنا) المائدة/104.
(2) التجنب من خداع الذات، بمعنى منع تسرب الحقيقة إلى العقل، قد يكون ذلك بإغلاق منافذ النفس المطلة على الواقع الخارجي، فيتعصب ويمتنع عن سماع أحاديث المعرفة والأفكار الأخرى وقراءة الكتب وغير ذلك، وأي نوع من أنواع الانفتاح على الثقافات الأخرى، فكل دعوى تآمر بالانغلاق وعدم البحث وتحصيل المعرفة، فإنها دعوى تقصد تكريس الجهل وإبعاد الناس عن الحق، إن ما يقوم به الوهابية من تحصن بعدم الإضلاع على الكتب الشيعية وعم مجالسة أفراد الشيعة والنقاش معهم، هو أسلوب العاجز وهو منطق غير سليم، وقد عارض القرآن الكريم هذه الفكرة بقوله: (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) البقرة/111.
(3) تقوية الإرادة، أمام تيارات الشهوة وخطوط ضغط المجتمع، الذي بنفر من كل من يخالفه أو يتمرد عليه، فلا بد /ن مواجهة هذه الضغوط بالصبر والعزيمة لأن الحق لم يكن امتداداً للمجتمعات وإفرازات طبيعة الإنسان، وهذا تاريخ أنبياء الله تعالى فقد لاقوا أشد أنواع العذاب من مجتمعاتهم، فكان بنوا إسرائيل يقتلون في اليوم سبعين، قال تعالى (وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزئون) الزخرف/7.
(4) هناك حجب كثيرة قد تكون حاجزاً عن اكتشاف الحق، فلا بد من الالتفات إليها ومراعاتها حتى تكون الحقيقة أكثر وضوحاً وضياء، ومن بين هذه الحجب.
آ ـ حب الذات، وهو شر داء، يصيب كل إنسان، فمنه تنعكس كل صفة ذميمة مثل الحسد والحقد والعناد، فعندما يجعل الإنسان أفكاره ومعتقداته ومعتقداته جزءاً من ذاته وكيانه حتى ولو كانت خرافية لا يمكن ن يتقبل أي نقد لها، لأنه يعتبر نقدها نقداً لذاته وكيانه، فبغريزة الدفاع عن النفس وحبها يستبسل في الدفاع عنها من غير وعي وفهم، وأحياناً يتعصب لفكرة لأنها تجلب له نفعاً أو تتدفع عنه ضراً يتلون معها ويحامي عنها، ويرفض بذلك كل الأفكار حتى ولو كانت خرافية لا يمكن أن يتقبل أي نقد لها، لأنه يعتبر نقدها نقداً لذاته وكيانه، فبغريزة الدفاع عن النفس وحبها يستبسل في الدفاع عنها من غير وعي وفهم، وأحياناً يتعصب لفكرة لأنها تجل له نفعاً وتدفع عنه ضراً يتلون معها ويحامي عنها، ويرفض بذلك كل الأفكار حتى ولو كانت خرافية لا يمكن أن يتقبل نقد لها، لأنه يعتبر نقدها نقداً لذاته وكيانه، فبغريزة الدفاع عن النفس وحبها يستبسل في الدفاع عنها من غير وعي وفهم، وأحياناً يتعصب لفكرة لأنها تجلب له نفعاً أوتدفع عنه ضراً يتلون معها ويحامي عنها، ويرفض بذلك كل الأفكار حتى ولو كانت حقيقتها ظاهرة للعيان، وقد يحب الفكرة أيضاً لأنها تنسجم مع هواه أو هوى مجتمعه فلا يتنازل عنها.
ب ـ حُب الآباء، وهو يبعث الإنسان على تقليدهم من غير تفكر وتدبر، فتحت داعي الاحترام والخشية بالإضافة إلى الوراثة والتربية يسلم تسليماً مطلقاً بأفكارهم وعقائدهم، وهذا من أعظم الحجب التي تمنع الإنسان من اكتشاف الحقيقة.
ج ـ حب السلف، إن النظرة القدسية للعلماء السابقين والعظماء تدعو الإنسان إلى تقليدهم مطلقاً والاتكال على أفكارهم، فالاستسلام لهذا التقليد مدعاة للانحراف عن الحق، فلم يجعل الله تعالى عقولهم حجة علينا، وإنما عقل كان إنسان حجة عليه، فلا يمنعنا احترامنا لهم من مناقشة أفكارهم والتدقيق فيها حتى لا ندخل في قوله تعالى: (وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلّونا السبيلا) الأحزاب/67.
د ـ ومن عوامل الخطأ أيضاً، التسرع، وهو نتاج حب الراحة، فمن غير أن يتعب الإنسان نفسه في البحث والتنقيب يريد أن يصدر حكمه من أول ملاحظة، ومن هنا قل المفكرون في العالم لصعوبة التفكير والبحث، فمن يريد لاحق فلا بد أن يجهد نفسه في البحث.
وغير ذلك من الملاحظات العلمية التي لا بد من أن يضعها الباحث نصب عينيه قبل الشروع في البحث، وهذا مع التجرد التام والتسليم المطلق إذا ظهر الحق، وبالإضافة إلى طلب العون والتضرع إلى الله تعالى لكن ينبر قلبك بنور الحق: (اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا أتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وأرزقنا اجتنابه) حديث شريف).
ملاحظات للباحث لا بد منها
- الزيارات: 935