أما حديث (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا، كتاب الله وسنتي) فإنه لا يعارض حديث (كتاب الله وعترتي) ولا يلجأ إلى التعارض إلا إذا تحكمت المعارضة واستحال الجمع بينهما، ومع إمكانية الجمع بينهما لا معارضة أصلا. وقد كفانا ابن حجر الجهد في إمكانية الجمع بينهما فقد ذكر في صواعقه: (إني تارك فيكم أمرين لن تضلوا إن اتبعتموهما. وهما: كتاب الله وأهل بيتي عترتي. زاد الطبراني إني سألت الله ذلك لهما فلا تقدموهم فتهلكوا ولا تقصروا عنهم فتهلكوا ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم، وفي رواية كتاب الله وسنتي وهي المراد من الأحاديث المقتصرة على الكتاب لأن السنة مبينة له فأغنى ذكره عن ذكرها والحاصل إن الحث وقع على التمسك بالكتاب وبالسنة وبالعلماء تهما من أهل البيت، ويستفاد من مجموع ذلك بقاء الأمور الثلاثة إلى قيام الساعة..)(1).
وبتعبير أدق مما قاله ابن حجر فإن الأمر بالتمسك بالسنة لا يكون إلا عن طريق حفظتها وهم أهل البيت وأهل البيت أعلم بما في داخله، كما أثبتت الروايات ذلك وشهد به التأريخ. فيكون الحث من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد وقع بالتمسك بالكتاب وبأهل البيت وليس كما قال ابن حجر الحث وقع على التمسك بالسنة، لأن الروايات الواردة بلزوم التمسك بالعترة من أهل البيت قد بلغت حد التواتر، وإضافة إلى ذلك قد علمت ما جرى على السنة من حرق وكتم وتزوير فأهل البيت هم الطريق الوحيد لمعرفة القرآن والسنة، كما قال رسول الله (ص): (فلا تقدموهم فتهلكوا ولا تقصروا عنهم فتهلكوا ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم) كما ذكرها الطبراني، فيكون لا مناص بعد ذلك عن وجوب التمسك بأهل البيت.
____________
1- الصواعق المحرقة ص 150 .
أهل البيت طريق التمسك بالكتاب والسنة
- الزيارات: 962