• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

أولاً: بحث في دلالة آيات الشورى

اختلف المسلمون في كيفية تعيين الإمام والخليفة اختلافاً شديداً قديماً وحديثاً، وقد تجسد الخلاف قديماً على الواقع العملي والتطبيق الخارجي أكثر منه على الصعيد النظري والفكري، وأما حديثاً فانحصر الخلاف في الناحية الفكرية، فلا يتعدى المشادات الكلامية والبراهين النظرية.
ومساهمة منا في حل هذا النزاع أحببنا أن نناقش دلالة آيات الشورى في القرآن التي يعتمد عليها أهل السنة في نظرتهم، ومن ثم التطرق إلى الشورى في الواقع العملي بعد وفاة الرسول (ص) وما حدث بعده من انقلاب.
قال تعالى: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين) آل عمران/159.
وقال تعالى: (فإذا أرادا فصالاً عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف واتقوا الله وعلموا أن الله بما تعملون بصير) البقرة/233.
وقال تعالى: (والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلوة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون). الشورى/38.
يعتمد أهل السنة في نظرية الخلافة على مبدأ الشورى ويرون أن خلافة المسلمين لا تكون إلا بالشورى، وبذلك صححوا خلافة أبي بكر بانتخابه بالشورى في سقيفة بني ساعدة، وترى النظرية أو الخط الثاني وهم الشيعة ضرورة التعيين والتنصيب الإلهي للخليفة حيث لا يمكن ضمان اختيار الأصلح في النظرية الأولى وذلك لأن قضية الشورى تتأثر بانفعالات الناس وعواطفهم وتوجهاتهم الفكرية والنفسية وانتماءاتهم العقائدية والاجتماعية والسياسية، كما تحتاج إلى مستويات من النزاهة والموضوعية والتحرر من المؤثرات الشعورية واللاشعورية، وذلك يقولون لا بد لرسول الله (ص) من وصية واضحة في شأن الخلافة، وادعت أن رسول الله (ص) نص على خليفته بل خلفائه من بعده، وعلى ذلك قالوا بخلافة علي بن أبي طالب (ع) وأن الشورى التي نزل بها القرآن إنما جاءت في بعض المواضيع التي تخص ممارسة الحكم لا تعيين الحاكم الذي هو منصب إلهي.
وبما أنه انحصر الخلاف بين هذين الخطين، فإذا ثبت بطلان أحدهما ثبت صحة الآخر، مما يترتب عليه صحة أو بطلان خلافة الخليفة سواء كان أبا بكر ومن خلفه من خلفاء أو علياً (ع) ومن خلفه من أوصياء.
وقد أثبتنا بما لا يدع مجالاً للشك في الفصول السابقة صحة نظرية القائلين بالنص وأحقية أهل البيت في الخلافة الإسلامية، بل هو حق محصور فيهم لا يتعدى إلى غيرهم، ولكن من باب إتمام الفائدة وتبيان الحقائق أكثر فأكثر كان لا بد من نقاش نظرية الشورى بما هي نظرية مجرده وصلاحيتها في انتقاء خليفة المسلمين.
لقد اعتمد أهل الشورى اعتماداً عظيماً في إقامة نظريتهم على الآيات القرآنية التي توجنا بها صدر البحث فهي العمدة في الباب.
فإذا رجعنا إلى الآيات يتضح لنا أن الشورى الإسلامية تتصور على نحوين:

آ ـ إما أن يكون موضوع الشورى الذي يراد الاستشارة فيه أمر جزئياً في نطاق ضيق ومحدود كموضوع فطام الطفل الرضيع كما تشير إليه الآية (فإن أرادا فصالاً..) وهذا النوع من الشورى ليس محل النزاع ولذا نغض الطرف عن مناقشته.

ب ـ وإما أن يكون موضوع الشورى الذي يراد الاستشارة فيه أمرأ كلياً وعاماً يهم كل المسلمين كإعلان الحرب على العدو أو انتخاب خليفة للمسلمين.. الخ.

ولا شك ولا ريب في أنه لا بد الرجوع في مثل هذه الموضوع إلى الرسول (ص)، إذ لا يعقل أن تتم هذا الشورى وليس للرسول (ص) فيها رأي، بل من القبيح عرفاً والعصيان شرعاً أن تتم الشورى بدون الرجوع إلى من يحل محله وهو ولي الأمر (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) النساء/83.
وهذا النوع من الشورى حسب الآية (وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل..) لها ثلاثة أركان:
1ـ ضرورة وجود مستشارين حتى تتم الاستشارة وهذا يدل عليه لفظة (هم) في (وشاروهم).
2ـ وجود مادة التشاور وموضوعها لكي تقوم هذه الشورى.
3ـ ولي يدي الشورى، والأمر في النهاية منوط برأيه، وهذا يدل عليه ضمير تاء المخاطب في (فإذا عزمت فتوكل..) ولا إشكال أنه إذا كان الموضوع أمراً كلياً يخص كل المسلمين فإن الذي له حق الحسم إنما هو ولي أمر المسلمين.
ولا يمكن للشورى الشرعية بالصيغة الإسلامية أن تتم بانهدام ركن من الاركان الثلاثة، لأنه إما أن يكون ولي الأمر موجوداً والمستشار موجوداً ولا يكون هناك موضوع للشورى فلا تنعقد هناك المشاورة أصلاً إذ لا أمر هناك حتى يتناقش ويتشاور فيه، وإما أن يكون ولي الأمر موجوداً وهنا يتغير العنوان من الشورى إلى النص أو الأمر.
وإما أن تكون الجماعة المستشارة موجودة وموضوع الشورى موجداً وولي الأمر غير موجود وهنا لا تقع الشورى بصيغتها الشرعية التي تقررها الله في كتابه حين فرض على الشورى قيِّماً وبصراحة للآية التي أكدت أن الأمر في النهاية منوط بولي الأمر (فإذا عزمت فتوكل على الله).
ويمكن أن يستشكل ويقال: إن هذه الآية (وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل..) هي مختصة برسول اللله (ص) فلا يلزم وجود ولي الأمر في الشورى ولا مانع من انعقاد الشورى دون ولي الأمر فيها بدلالة الآية و(وأمرهم شورى بينهم) إذ ظاهر الآية ليس فيها ولي أمر يعزم ويتوكل كما في الآية الأولى.

ويدفع هذا الإشكال بما يلي:
1ـ إن كل ما ثبت لرسول الله (ص) من حق الطاعة يثبت لولي الأمر بدليل قوله تعالى: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) وبذلك يتضح أن ذات طاعة ولي الأمر هي طاعة رسول الله (ص) لوجود العطف على سبيل الجزم، كما استخدم لفظاً واحداً لكليهما (أطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم..) فلو أنه استخدم لفظة أطيعوا مرة ثالثة لأولي الأمر لصح القول أن هناك اختلافاً الطاعتين.

2ـ إن كيفية الشورى التي قررها الله في الأمور الكلية التي تخص جميع المسلمين هي كيفية واحدة (وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل..) والإتيان بكيفية أخرى يستلزم الدليل الشرعي والاستدلال بآية (وأمرهم شورى بينهم) على كيفية ثانية من الشورى غير تامة.
إذ يرد عليها بأن هذه الآية ـ وبلا إشكال وخلاف ـ نزلت على رسول الله (ص) بمعنى أنها نزلت وهو حي بين ظهراني المسلمين، والعقل واشرع يمنعان أن يتشاور المسلمون على أمر كلي يخص المسلمين دون وجود الرسول (ص) بينهم ورجوعهم إليه، فهذا قبيح وبعيد جداً، مما يدل أنه لا بد أن يكون معهم وأن الضمير هم في (وأمرهم شورى...) شامل لرسول الله (ص)، وبالإضافة على ذلك فإن صيغ الآيات تتحدث عن صفات المؤمنين الفائزين (فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يفغرون والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما زرقناهم ينفقون) الشورى/ 36ـ37.
ومما لا شك فيه أن أفضل مصادق للمؤمنين هو رسول الله (ص) فلا ريب أن رسول الله (ص) أحد هؤلاء، وإذا ثبت أن رسول الله (ص) ضمن هذه الشورى علمت أن أمر الشورى في الآية راجع إلى رسول اله (ص) ولا تتم إلا بعزيمته (فإذا عزمت فتوكل..) وعليه فإن هذه الشورى هي ذاتها الكيفية الأولى، وكل ما هنالك في آية (وأمرهم شورى بينهم..) مجملة وعامة وأن آية (وشاروهم في الأمر وإذا عزمت فتوكل..) هي شارحة ومفصلة لها.
بعد أن بينت هذا اضيف إليه على الفور أننا نصل إلىنتيجة محصورة في ما لو التزمنا بأن آية (وشاورهم في الأمر..) مختصة برسول الله دون أولي الأمر، لأن الشورى عندئذ لا تتم إلا بوجود رسول الله (ص) فإذا مات فلا شورى بسبب عدم وجود ركن أساسي فيها وهو رسول الله (ص)، أما إذا لم نلتزم بانحصار الآية في رسول الله (ص) وحده اعتبرنا أنها تتعدى إلى أولي الأمر، فتكون الشورى موجودة وشرعية بشرط وجود ولي الأمر فيها وله ما لرسول الله (ص) من حقوق في الشورى لأنه يحل مله، فيكون معنى (وأمرهم شورى بينهم) أي لا يعقدون أمراً دون مشاورة الرسول (ص) وأولي الأمر فيما يحتاجون إليه من أمر دينهم كما قال تعالى (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم..).
وعلى كلا الرأيين تقع نظرية الشورى في تنصيب الخليفة بمأزق ومحذور يستلزم بطلانها،

فعلى الرأي الأول: وهو أن آية (وشاورهم في الأمر..) مختصة برسول الله (ص)، فمن المعلوم أن الشورى التي انعقدت لتنصيب الخليفة الأولى إنما كانت بعد وفاة رسول الله (ص) فبالتالي هي شورى غير شرعية بحكم الإسلام وبمنظور الرأي القرآني، وكل ما ينتج عنها غير شرعي، ومنها تنصيب الخليفة الأول كما دلت كتب التاريخ والروايات على كيفية تنصيبه فيما يسمونه سقيفة بني ساعدة، وقد ذكرها الذهبي في تاريخه، كما جاءت هذه الحادثة برواية عمر بن الخطاب في كتاب صحيح البخاري كتاب الحدود، باب رجم الحبلى من الزنا، كما ذكرها الطبري في تاريخه عند ذكره لحوادث سنة 11 هـ، ج2، وابن الأثير، وابن قتيبة في تاريخ الخلفاء، ج1 وغيرها من مصادر التاريخ المتعددة.


وعلى الراي الثاني، أي أن آية (وشاورهم..) منعقدة برسول الله (ص) أو من يحل محله وهو ولي الأمر، فإن الشورى الشرعية لا تنعقد ألا بولي الأمر وولي الأمر لا ينصب إلا بالشورى الشرعية فهذا دور والدور باطل، إذ لا يمكن انعقاد الشورى الشرعية إلا بعد وجود ولي الأمر ولا يمكن أن يوجد ولي الأمر إلا بعد انعقاد الشورى الشرعية، وهذا الأمر متوقف على نفسه فلا يمكن انعقاد الشورى الشرعية إلى أبد الآبدين، اللهم إلا أن يقال أن هناك ولي أمر معين من قبل رسول الله (ص) سبق وجوده الشورى، وهذا تسليم بنظرية النص التي تدعيها مدرسة أهل البيت أو الخط الثاني.
وربما يقال أنه ليس من الضروري وجود ولي أمر في الشورى بل يكفي فقط وجود صاحب الشورى أي المشاور ولا يشترط فيه أن يكون ولياً، وأن استشكلت أن ضمير عزمت يدل على حق المشاور في الحسم مما يدل على أنه ولي في أمر اشورى فربما أمكن رد الإشكال إن عزمت بمعنى عزم على ما وصلت إليه الشورى في تنفيذ أمرها.
وفيه: إن الظاهر غير ذلك حيث الأظهر من الآية هو ثبوت حق الحسم بالنسبة إليه، وبمعنى آخر إن الكلام يستقيم فيما لو كان رأي المستشارين واحداً ولكن إذا اختلفت آراء المستشارين فكيف ينحسم أمر الشورى؟
فإن قال صاحب الإشكال بالأكثرية فأين الدليل؟ بل إن الله تعالى ذم الأكثرية في كثير من الآيات (.. أكثر من في الأرض يضلونك)، بل إن قوله هذا يخالف صريح الآية التي توكل أمر العزم إلى المشاور عند تردد الآراء، فإن سلمنا بذلك فقد خرج من صفة المشاور إلى صفة الولي على هذه الشورى، وحتى لو اتفقت آراء المشاورين على رأي فهو له حق العزم وعمه، نعم كل ما هنالك أنه لا يستطيع العزم بأمر مخالف لرأي المستشارين وهذا لا يسلبه صفة الولاية.
ومما سبق يتضح نظرية الشورى تقع بين محذورين.

آ ـ إما أن الشورى انعقدت دون رسول الله (ص) وولي الأمر، وهذه شورى باطلة غير شرعية، والقول الذي يقول بإمكانية الشورى من دون الرسول (ص) وأولي الأمر بحاجة إلى دليل شرعي ولا دليل عليها.

ب ـ وإما أن الشورى تمت بوجود ولي أمر يرجعون إليه، وهذا يتصور على وجوه 1ـ إما أن يكون ولي الأمر هذا نصب نفسه بنفسه لولاية أمر المسلمين، فهذا سلوك لا مسوغ له شرعاً، وهو مصادرة غير مشروعة لحقوق المسلمين، فكيف تجب طاعته شرعاً على جماعة المسلمين إذا عزم على أمر بعد الشورى؟.

2ـ وإما أن تكون هناك ماعة صغيرة ولته أمر المسلمين فنقع في نفس المحذورين اللذين تكلمنا عنهما، أذ كيف ولوه؟ فيقع على هذه الصورة ما وقع على نظرية الشورى من إشكالات إضافة إي مشروعية التساؤل ما هو المسوغ الشرعي لطاعة هؤلاء وأين الدليل؟!

3ـ أن يكون الله ورسوله نص عليه ونصبه لولاية الأمر فلا حاجة حينها للشورى إذ لا يمكن مخالفة الله ورسوله، وهذا الرأي عينه نظرية النص فانتفت الشورى، وعلى أثرها انتفت وبطلب خلافة الأول.

وبهذا يتضح جلياً بطلان نظرية الشورى في تعيين الخلافة من كل الوجه، ونبغي صرف موضوع الشورى في الآيات القرآنية إلى وجوه غير تصيب ولي أمر المسلمين، كالاستشارة في أساليب الحكم والحرب.. الخ.
كما هو سياق الآيه (وشاورهم).
ولم يبق لهم باب، اللهم إلا أن يدعوا أن الله تعالى ورسوله (ص) نصا على خلافة الأول، وهذا ما لم يدَّعه أبو بكر نفسه إذ لو كان لاحتج به على الانصار في سقيفة بني ساعدة.
ومما يتضح أيضاً من آية الشورى أن الله لم يأمنهم على أساليب الحرب التي لم تخرج الاستشارة من إطارها كما يستفاد من سياق الآية وكما بينته الروايات التي توضح استشارة الرسول لأصحابه في الحرب، حتى أناط أمر الشورى برسول الله (ص) فكيف أمنهم على أمر أكبر وهو استخلاف خليفة لرسول الله (ص)، فإذا لم تأمن إنساناً في إدارة مائة دينار حتى تجعل له وصياً ومرشداً، فكيف تأمنه على ألف دينار. إن هذا قبيح في حق الإنسان العالم، وهو أشد قبحاً في حق الله تعالى ورسوله (ص).
ثم كيف يعقل أن الله يوكل الأمر إلى الأمة في اختيار خليفتها، والله ورسوله قد انذرا بوقوع انقلاب مباشر بعد وفاة رسول الله (ص) (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتهم على أعقابكم..)؟ وإذا تأملت في الآيات يتضح لك أن المخاطبين هم من المسلمين إذ لا معنى لانقلاب الكافر ولا يمكن حملها على مسيلمة الكذاب لأن انقلابه كان على عهد رسول الله (ص).
وكيف يعقل أن يترك الله ورسوله الأمر سدى بين المسلمين وهو يعلم وقوع الفتن بينهم دون تعيين راع ووال يرجعون إليه، والتاريخ خير شاهد على ذلك حيث كان فقدان ولي الأمر سبب الفتن التي حدثت بين المسلمين حيث امتد الانحراف حتى تأمر على المسلمين فسّاقهم وفسادهم ومن لم يكن له حياء ولا خلق ولا دين. ولكي تزداد يقيناً ارجع بعقارب ساعتك عبر مصادر التاريخ 14 قرناً وتوقف قليلاً عند الأمويين والعباسيين الذي تسلطوا على رقاب الناس حقباً من الزمن، لكي تتعرف على أمرائهم وحكامهم وكيف كانوا يتجاهرون بشرب الخمر وكيف كانوا يلاعبون الكلاب والقرود بعدما يكسونها من صافي الحرير والذهب، وغير ذلك من فضائح الحكام التي يستحي القلم أن يخطها بين السطور.
وهذا مما يدلل على مساؤئ الاختيار، وعقم النظرية من أساسها، لان من نختاره اليوم قد ننقم عليه غداً، ثم لا نقدر على عزله بعد توليته، وقد حاول المسلمون جهدهم عزل عثمان فأبى قائلاً: (لا أنزع قميصاً قمصنيه الله).
وبعدما أثبتنا بُعد الدليلين اللذين استدلت بها الطائفة الأولى، التي اعتمدت الشورى كمبدأ سياسي في اختيار الخليفة لأدارة أمور المسلمين بعد رسول الله (ص) وتبين لنا بعدهما عن مقام القيادة والخلافة.
نرجع ونغض أعيننا ونتجاهل إلى حد الغفلة ونسلم بحجية هذين الدليلين في موضوع الخلافة والقيادة، فهل يشفي ذلك التجاهل والتغافل والتسليم سقم هذه النظرية التي يواجهها (الغموض التشريعي) في كل ما يتعلق بالأطر والأساليب التنفيذية لمضمونها؟ إن هذين الدليلين لا يقوِّمان انحناء ولا يسدان ثغرة من متطلبات هذه النظرية العميقة المتعددة الأطراف، حيث تحتاج إلى تحديد وتفصيل لمعناها، كما يفقد النصان المشار إليهما موازين الشورى ومقاييسها وكيفية ضبطها، إضافة إلى أنها تحتاج في تطبيقها إلى أدوات تنفيذية ووسائل تطبيقية.
ونحن لا نجد في الأحاديث والروايات المأثورة ولا في سيرة رسول الله (ص) أنه قد طرح هذا المبدأ وألزم الأمة بتنفيذه، ولو كان قد فعل ذلك لوجدنا رسول الله (ص) قد حدد معالمها الواضحة أو أن يكون مارس إعداداً فكرياً وروحياُ وسياسياً للتعاطي مع هذا المبدأ.
وعلى الأقل يكون قد هيأ نماذج متعددة مؤهلة لتولي زعامة التجربة وقيادتها والإشراف على التشريع وتنفيذه، وكما قدمنا تخلو الأدلة عن ملأ هذه الفراغات. فأين تذهبون وكيف تحكمون!


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page