• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

السقيفة في تاريخ الطبري

 

ذكر الطبري هذه الحاثة بشكل مفصل في تاريخه ج2 مطبعة الاستقلال بالقاهرة سنة 1358 هـ ـ 1939م، ننقل منه مختصراً على قدر الحاجة من ص455 ـ ص460، كالآتي:
اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة، وتركوا جنازة الرسول يغسله أهله، فقالوا: نولي هذا الأمر بعد محمد، سعد بن عبادة. ,أخرجوا سعداً إليهم وهو مريض.. فحمد الله وأثنى عليه، وذكر سابقة الأنصار في الدين وفضيلتهم في الإسلام، وأعزازهم للنبي وأصحابه وجهادهم لأعدائه، حتى استقامت العرب وتفي الرسول وهو عنه راض، وقال: استبدوا بهذا الأمر دون الناس فأجابوه بأجمعهم أن قد وفقت في الرأي، وأصبت في القول، ولن نعدو ما رأيت، نوليك هذا الأمر. ثم إنهم ترادوا الكلام بينهم، فقالوا: فإن أبت مهاجرة قريش فقالوا: نحن المهاجرون وصحابة رسول الله الأولون ونحن عشيرته وأولياؤه، فعلام تنازعوننا هذا الأمر بعده؟ فقالت طائفة منهم: فإنا نقول إذا: منا أمير ومنكم أمير.
فقال سعد بن عبادة: هذا أول الوهن.
سمع أبو بكر وعمر بأمر الأنصار، فأسرعا إلى السقيفة مع أبي عبيدة بن الجراح وانحاز معهم أسيد بن حُضير وعويم بن ساعدة وعاصم بن عدي من بني العجلان. تكلم أبو بكر ـ بعد أن من عمر من الكلام ـ فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر سابقة المهاجرين في التصديق بالرسول دون جميع العرب، وقال: (فهم أول من عبد الله في الأرض وآمن بالرسول، وهم أولياؤه وعشيرته وأحق الناس بهذا الأمر من بعده، ولا ينازعهم ذلك إلا ظالم) ثم ذكر فضيلة الأنصار، وقال: (فليس بعد المهاجرين الأولين أحد عندنا بمنزلتكم فنحن الأمراء وأنتم الوزراء).فقال الحباب بن المنذر وقال: يا معشر الأنصار املكوا عليكم أمركم فإن الناس في فيئكم وفي ظلّكم من ولن يجترئ مجترئ على خلافكم ولا تختلفوا فيفسد عليكم رأيكم، وينتقص عليكم أمركم. فإن أبى هؤلاء إلا ما سمعتم فمناً أمير ومنهم أمير.
فقال عمر: هيهات! لا يجتمع اثنان في قرن واحد والله لا ترضى العرب أن يؤمروكم ونبيها من غيركم، ولكن العرب لا تمتنع أن تولي أمرها من كانت النبوة فيهم، وولي أمورهم منها، ولنا على من آمن الحجة الظاهرة والسلطان المبين، من ذا ينازعنا سلطان محمد وإمارته، ونحن أولياؤه وعشيرته إلا مدل بباطل أو متجانف لإثم أو متورط في هلكة؟!
فقام الحباب بن المنذر وقال: يا معشر الأنصار املكوا على أيديكم ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر، فإن أبواعليكم ما سألتموهم فاجلوهم عن هذه البلاد وتولوا عليهم هذه الأمور، فأنتم والله أحق بهذا الأمر منهم فإنه بأسيافكم دان لهذا الدين من لم يكن يدين به، أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب. أما والله لو شئتم لنعيدنها جذعة.
قال عمر: إذاً يقتلك الله.
قال: بل إياك يقتل.
فقال أبو عبيدة: يا معشر الأنصار، إنكم كنتم أول من نصر وآزر فلا تكونوا أول من بدّل وغير.
فقام بشير بن سعد الخزرجي أبو النعمان بن بشير فقال: يا معشر الأنصار إنا والله لئن كنا أولي فضيلة في جهاد المشركين، وسابقة في هذا الدين، ما أردنا به إلا رضا ربنا وطاعة نبينا والكدح لأنفسنا فما ينبغي لنا أن نستطيل على الناس بذلك، ولا نبتغي به من الدنيا عرضاً فإن الله ولي النعمة وأولي، وأيم الله لا يراني الله أنازعهم هذا الأمر أبداً فاتقوا الله ولا تخالفوهم ولا تنازعوهم.
فقال أبو بكر: هذا عمر، وهذا أبو عبيدة، فأيهما شئتم فبايعوا.
فقالا: والله لا نتولى هذا الأمر عليك.. الخ وقام عبد الرحمن بن عوف، وتكلم فقال: يا معشر الأنصار إنكم وإن كنتم على فضل، فليس فيكم مثل أبي بكر وعمر وعلي، وقام المنذر ابن الأرقم فقال: ما ندفع فضل من ذكرت، وإن فيهم لرجلاً لو طلب هذا الأمر لم ينازعه فيه أحد ـ يعني علي بن أبي طالب (ع).
(فقالت الأنصار أو بعض الأنصار: لا نبايع إلا علياً).
(قال عمر: فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى تخوفت الاختلاف فقلت: ابسط يدك لأبايعك، فلما ذهبا ليبايعاه، سبقهما إليه بشير بن سعد فبايعه، فناداه الحُباب بن النذر: يا بشير بن سعد عَققَت عقاق! أنفست على ابن عمّك الإمارة؟
فقال: لا والله، ولكني كرهت أن أنازع قوماً حقاً جعله الله لهم ولما رأت الأوس ما صنع بشير بن سعد وما تدعوا إليه قريش وما تطلب الخزرج من تأمير سعد بن عبادة، قال بعضهم لبعض ـوفيهم أسيد بن حضير وكان أحد النقباء ـ: والله لئن وليتها الخزرج عليكم مرة، لا زالت لهم عليكم بذلك الفضيلة ولا جعلوا لكم معهم فيها نصيباً أبدأ، فقوموا فبايعوا أبا بكر.
فقاموا إليه فبايعوه، فانكسر على سعد بن عبادة وعلى الخزرج ما كانوا اجتمعوا له من أمر... فأقبل الناس من كل جانب يبايعون أبا بكر وكادوا يطأون سعد بن عبادة.
فقال أنسا من أصحاب سعد: اتقوا سعداً لا تطأوه.
فقال عمر: اقتلوه، قتله الله.
ثم قام على رأسه فقالك لقد هممت أن أطأك حتى تندر عضوك.
فأخذ قيس ابن سعد بلحية عمر فقال: والله لو حصصت منه شعرة ما رجعت وفيك واضحة.
فقال أبو بكر: مهلاً، يا عمر! الرفق ها هنا أبلغ.
فأعرض عنه عمر.
وقال سعد: أما والله، ولو أن بي قوة، أقوى بها على النهوض لأسمعت مني في أقطارها وسككها زئيراً يحجرك وأصحابك، أما والله إذاً لأحلقنك بقوم كنت فيهم تابعاً غير متبوع. احملوني من هذا المكان، فحملوه فأدخلوه في داره.
لا تحتاج هذه الحادثة إلى شرح وتعليق فهي بنفسها تكشف عن كيفية تولي أبي بكر للخلافة.. وأنها بعيدة كل البعد عن الشورى، فالشورى لا تنسجم مع هذا الريب المكانين حيث تقع سقيفة بني ساعدة في مزرعة خارج المدينة، ولكان مسجد رسول الله (ص) أولى بانعقاد هذا الأمر فيه، فإنه محل اجتماع المسلمين وموضع المشاورة في أمور الدنيا والدين، هذا بالإضافة إلى الريب الزماني حيث ما زال رسول الله (ص) مسجى لم يُوراى جسده الطاهر في التراب، فكيف سمحت لهم نفوسهم أن يتركوه في هذه الحال ليتنازعوا في أمر الخلافة، وأقطاب الصحابة وأعاظمهم مشغولون برسول الله (ص).
فهل هناك عاقل يسمي هذا الأمر شورى؟!
وفي الواقع إن القوم لم يبحثوا عن الخلافة الإسلامية الرشيدة التي عن طريقها تصان وحدة المسلمين وكينونتهم، فكلماتهم كاشفة عن هذا الأمر.
فقول سعد: استبدوا بهذا الامر دون الناس، أجابوه: أن قد وفقت في الرأي وأصبت في القول، ولن نعدوا ما رأيت.
وقول عمر: من ذا ينازعنا سلطان محمد وإمارته.
وقول الحباب: املكوا على أيديكم ولا تسمعوا مقاله هذا وأصحابه فيذهب بنصيبكم من هذا الأمر.
... فهذه الكلمات كاشفة عن نفسية القوم، فهم لا يريدون إلا سلطة وسلطاناً.
بالإضافة للكلمات الحادة التي وقعت بين الصحابة الذين تعب رسول الله (ص) ثلاثة وعشرين عاماً في تربيتهم، فمثلاً قول عمر للحباب: قتلك الله وقول الحباب: بل إياك يقتل، أو قول عمر لسعد: اقتلوه قتله الله. وقوله: لقد هممت أن أطأك حتى تندر عضوك، أو قول قيس بن سعد لعمر وهو ماسك بلحيته: والله لو حصصت منه شعرة ما رجعت وفي فيك واضحة.
فمثل هذه الكلمات العنيفة التي تخرج في هذا المكان الانتخابي الحساس إلى حد التهديد بالضرب والدعوة للقتل إنما تدل على تلك النفوس المليئة بالحقد والمشبعة بالعداء والكراهية لبعضها البعض.. فكيف لنا أن نقبل مشورة مثل هؤلاء ـ إن صحت الشورى ـ.
ثم انظر إلى كلماتهم واحتجاجاتهم على بعضهم البعض، فهي احتجاجات واهية بعيدة عن الصواب، فاحتجاج عمر مثلاُ ـ وهو أقوى الاحتجاجات: (لا ترضى العرب أن يؤمروكم ونبيها من غيركم، ولكن العرب لا تمتنع أن تولي أمرها من كانت النبوة فيهم، وولي أمرهم منهم).
فإذا كان العرب لا يرضون بإمارة من هو بعيد عن النبي، فبالأولى أن ترضى بإمارة من هو أقرب من رسول الله (ص) وهو علي بن أبي طالب (ع)، ولذلك قال أمير المؤمنين (ع): (احتجوا بالشجرة وتركوا الثمرة)(1).
وإذا كانت العرب لا ترضى بإمارة علي (ع) فبالأولى أن لا ترضى بإمارة رجل من قبيلة تيم، فإذا كانت هذه حجتهم فلعلي (ع) الحجة البالغة.
.. قال أبو بكر الجواهري في احتجاج علي (ع): (وعلي يقول: (أنا عبد الله وأخو رسول الله) حتى انتهوا به إلى أبي بكر، فقيل له: بايع، فقال: أنا أحق بهذا الأمر منكم لا بايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي، أخذتم هذا الأمر من الأنصار واحتججتم عليهم بالقرابة من رسول الله، فأعطوكم المقادة وسلموا إليكم الإمارة، وأنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار، فأنصفونا إن كنتم تخافون الله من أنفسكم، واعرفوا لنا من الأمر مثل ما عرفت الأنصار لكم وإلا فبؤوا بظلم وأنتم تعلمون فقال عمر: إنك لست متروكاً حتى تبايع..
فقال له علي: احلب له يا عمر حلباً لك شطره، اشدد له اليوم أمره ليرده عليك غداً. لا والله لا أقبل قولك ولا أتبعك(2).
فحاولوا بعدة طرق أن يكسبوا علياً (ع)، فقد حاولوا يوماً أن يغيروا العباس فقالوا أعطوه نصيباً يكون له ولعقبه من بعده فتقطعون به ناحية علي بن أبي طالب وتكون لكم حجة على علي إذا مال معكم)(3)... وجاء في رد العباس: (فأما ما قلت إنك تجعله لي، فإن كان حقاً للمؤمنين فليس لك أن تحكم فيه، وإن كان لنا فلم نرضى ببعضه دون بعض؟! وعلى رسلك فإن رسول الله من شجرة نحن أغصانها وأنتم جيرانها)(4).
وعندما لم ينجح هذا لاأسلوب لجأوا إلى أسلوب الإكراه.
قال عمر بن الخطاب: وإنه كان من خبرنا حين توفى الله نبيه أن علياً والزبير ومن معهما تخلفوا عنا في بيت فاطمة(5).
فبعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجهم من بيت فاطمة، وقال له: إن أبوا فاقتلهم.
فأقبل ـعمر بن الخطاب ومن معه ـ بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار فلقيتهم فاطمة فقالت:
يا بن الخطاب أجئت لتحرق دارنا؟!
قال: نعم، أو تدخلوا فيما دخلت فيه الأمة(6)
وفي أنساب الأشراف:
فتلقته فاطمة على الباب فقالت فاطمة:
يا ابن الخطاب أتراك محرقاً عليَّ بابي؟!
قال نعم(7).
وقد عد المررخون من الرجال الذين تعدوا على دار فاطمة لإحراقها:
1ـ عمر بن الخطاب.
2ـ خالد بن الوليد.
3ـ عبد الرحمن بن عوف.
4ـ ثابت بن قيس بن شماس.
5ـ زياد بن لبيد.
6ـ محمد بن مسلم.
7ـ زيد بن ثابت.
8ـ سلمة بن سلامة بن وغش.
9ـ سلمة بن أسلم.
10ـ أسيد بن حضير.
قال اليعقوبي: فأتوا في جماعة حتى هجموا على الدار ـ إلى قوله وكُسر سيفه ـ أي سيف علي ودخلوا الدار(8).
وقال الطبري: أتى عمر بن الخطاب منزل علي وفيه طلحة والزبير ورجال من المهاجرين، فخرج عليه الزبير مسلطاً بالسيف، فعثر فسقط السيف من يده فوثبوا عليه فأخذوه(9).
ورأت فاطمة ما صنع بهما ـ أي بعلي والزبير ـ فقامت على باب الحجرة وقالت: يا أبا بكر، ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله، والله لا أكلم عمر حتى ألقى الله(10).
ولهذا ولمنع فاطمة إرثها ومصائب أخرى، غضبت فاطمة، ووجدت على أبي بكر فهجرته ولم تكلمه حتى توفيت، وعاشت بعد النبي ستة أشهر...! فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلاً ولم يؤذن بها أبا بكر(11) ـ أي لم يحضر جنازتها.
وفي رواية أنها قالت له:
والله لأدعون عليك في كل صلاة أصليها(12).
ولهذا قال أبو بكر في مرض موته:
أما إني لا آسي على شيء من الدنيا إلا على ثلاث فعلتهن، وددت أني تركتهن ـ إلى قوله: فأما الثلاث التي فعلتهن: فوددت أني لم أكشف بيت فاطمة عن شيء، وإن كانوا قد أغلقوه على الحرب(13).
وفي اليعقوبي: وليتني لم أفتش بيت فاطمة بنت رسول الله وأدخله الرجال ولو كان أغلق على الحرب(14).
وفي هذا يقول شاعر النيل حافظ إبراهيم:
وقولة لعلي قالها عمر    أكرم بسامعها أعظم بملقيها
حرّقت دارك لا أبقي عليك بها    إن لم تبايع وبنت المصطفى فيها
ما كان غير أبي حفص يفوه بها    أمام فارس عدنان وحاميها
ديوان حافظ إبراهيم ط. المصرية.

وقد تطور الأمر أكثر من ذلك، عندما هددوا علياً (ع) بالقتل، فقد أخرجوا علياً (ع) مكرهاً من بيته وذهبوا به إلى أبي بكر وقالوا له: بايع، فقال: إن أنا لم أفعل فمه؟
قالوا: إذن والله الذي لا إله إلا هو نضرب عنقك.
فقال: إذن تقتلون عبد الله وأخا رسول الله(15).
فبهذه الطريقة التي بدأت فيها الخلافة بالغلبة وانتهت بالإكراه والتهديد بالقتل، لا يمكن أن تكون مصداقاً لنظرية الشورى.
وعندما شعر أبو بكر وعمر بقبيح ما صنعوا، جاءوا للاعتذار من فاطمة، ولكن بعد فوات الأوان.
قالت لهم فاطمة: (أرأيتكما إن حدثتكما حديثاً عن رسول الله تعرفانه وتفعلان به؟
قالا: نعم؟
فقالت: نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله يقول: (رضا فاطمة من رضاي وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني).
قالا: نعم، سمعناه من رسول الله.
قالت: إني اشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني ولئن لقيت النبي لأشكونكما إليه.
وقالت وهي تخاطب أبا بكر: والله لأدعون الله عليك في كل صلاة أصليها...)(16).
وهكذا لم يستحق أبو بكر خلافة المسلمين بالشورى، فإن الشورى باطلة نظرياً، ولم يكن لها وجود في الواقع الخارجي، فإذا تجاوزنا وسلمنا بأن بأن أبو بكر أتى إلى الخلافة عن طريق الشورى، وأن الشورى هي الطريق الوحيدة لذلك، فكيف حق له أن ينصب عمراً خليفة من بعده.
وبذلك يكون أبو بكر وخلافته أما م محظورين:
الأول: أن تكون الشورى هي الطريق الذي جعله الله لتنصيب الخليفة فيكون أبو بكر عاصياً لأمر الله لمخالفته هذا الأمر وتنصيبه لعمر.
الثاني: أن لا تكون الشورى أمراً إلهياً. فتكون خلافة أبي بكر غير شرعية، لأنها أتت بالشورى التي لم يأمر بها الله.
وبالتبع تكون خلافة عمر وعثمان غير شرعة، ما عدا الإمام علي (ع) فقد أجمعت الامة جميعها على مبايعته بالخلافة بعد مقتل عثمان فضلاً عن النص على خلافته وإمامته من الله ورسوله، فإن كانت هناك شورى فهي لعلي (ع) وإن كان هناك تنصيب فهو لعلي (ع).. كما تواترت الاخبار في ذلك.
ولإتمام الفائدة نختم هذا البحث بهذه المناظرة:
قيل لعلي بن ميثم: لِمَ قعد علي (ع) عن قتالهم؟
قال: كما قعد هارون عن السامري وقد عبدوا العجل(17).
كان كهارون حيث يقول: (ابن أم إن القوم استضعفوني) الأعراف/150.
وكنوح إذ قال: (إني مغلوب فانتصر) القمر/10.
وكلوط إذ قال: (لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد) هود/80.
وكموسى وهارون، إذ قال موسى موسى: (رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي) المائدة/25.
وهذا المعنى قد أخذه من قول أمير المؤمنين لما اتصل به الخبر أنه لم ينازع الأولين. فقال (ع): لي بستة من الأنبياء أسوة أولهم خليل الرحمن إذ قال: (وأعتزلكم وما تعبدون من دون الله) مريم/48.
فإن قلتم: إنه اعتزلهم من غير مكروه فقد كفرتم.
وإن قلتم: إنه اعتزلهم لما راى المكروه فالوصي أعذر.
وبلوط أذ قال: (لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد).
فأن قلتم: إن لوطاً كانت له بهم قوة، فقد كفرتم، وإن قلتم: لم يكن له بهم قوة، فالوصي أعذر.
وبيوسف إذ قال: (رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه).
فأن قلتم: طلب السجن بغير مكروه يسخطالله، فقد كفرتم.
وإن قتلم: إنه دعي إل ما يسخطالله فالوصي أعذر.
وبموسى إذ قال(فررت منكم لما خفتكم) الشعراءم21.
فإن قلتم: إنه فر من غير خوف فقد كفرتم.
وإن قلتم: فر منهم لسوء أرادوه به، فالوصي أعذر.
وبهارون إذ قال لأخيه: (ابن أم عن القوم استضعفوني وكادوا يقتلوني).
فإن قلتم: لم يستضعفوه وأشرفوا على قتله فلذلك سكت عنهم فالوصي أعذر.
وبمحمد (ص) إذ هرب إلى الغار وخلّفني على فراشه ووهبت مهجتي لله.
فإن قلتم: إنه هرب من غير خوف أخافوه فقد كفرتم.
وإن قلتم: إنهم أخافوه فلم يسعه إلا الهرب إلى الغار فالوصي أعذر.
فقال الناس: صدقت يا أمير المؤمنين(118).
____________
1- شرح النهج لابن أبي الحديد ج2 ص2.
2- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج2 ص2ـ5.
3- الإمامة والسياسة، لابن قتيبة ج2 ص14، تاريخ اليعقوبي ج2 ص124ـ125.
4- تاريخ اليعقوبي ج2 ص124.
5- مسند أحمد ج1 ص55، الطبري ج2 ص466، ابن الأثير ج2 ص124، ابن كثير ج5 ص246.
6- العقد الفريد لابن عبد ربه ج3 ص64، وأبو الفداء ج1 ص156.
7- أنساب الأشراف ج1 ص586، كنز العمال ج3ص140، الرياض النضرة ج1 ص167.
8- اليعقوبي ج2 ص126.
9- الطبري ج2 ص443ـ 446، عبقرية عمر للعقاد ص173.
10- شرح النهج لابن أبي الحديد ج1 ص143، ح2 ص2ـ5.
11- البخاري ج 5 ص 177، ج4 ص 96.
12- الإمامة والسياسة ج 1 ص 25.
13- الطبري ج2 ص 619، ومروج الذهب ج 1 ص 414، والعقد الفريد ج3 ص 69، وكنز العمال ج 3 ص 135، والإمامة والسياسة ج 1 ص 18 وتاريخ الذهبي ج 1 ص 388.
14- تاريخ اليعقوبي ج2 ص 115.
15- الإمامة والسياسية ج1 ص19.
16- المصادر السابق.
17- أي حرص على عدم تفريق الامة والأعداء من حولها يتربصون بها الدوائر كما حرص هارون على عدم تفريق بني إسرائيل (إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل) طه/94.
18- مناظرات في الإمامة، المناقب لابن شهر أشون ج2 ص270.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page