• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

تتمة متن كتاب سليم - أقل ما يجب على المؤمن لحفظ عقيدته

نذكر في هذا الفصل 22 حديثا جاء في نسخة (ج) من كتاب سليم
ما كتبه رسول الله صلی الله عليه و اله في الكتف
وعن سليم بن قيس، قال: سمعت سلمان يقول: سمعت عليا عليه السلام - بعد ما قال ذلك
الرجل ما قال وغضب رسول الله صلی الله عليه و اله ودفع الكتف -: ألا نسأل رسول الله صلی الله عليه و اله عن الذي كان أراد أن يكتب في الكتف مما لو كتبه لم يضل أحد ولم يختلف اثنان؟
كلام رسول الله صلى الله عليه وآله بعد قول عمر
فسكت حتى إذا قام من في البيت وبقي علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام
وذهبنا نقوم أنا وصاحبي أبو ذر والمقداد، قال لنا علي عليه السلام: إجلسوا.
فأراد أن يسأل رسول الله صلی الله عليه و اله ونحن نسمع، فابتدأه رسول الله صلی الله عليه و اله فقال: (يا أخي،
أما سمعت ما قال عدو الله؟ أتاني جبرئيل قبل فأخبرني أنه سامري هذه الأمة وأن صاحبه عجلها، وأن الله قد قضى الفرقة والاختلاف على أمتي من بعدي، فأمرني أن أكتب ذلك الكتاب الذي أردت أن أكتبه في الكتف لك وأشهد هؤلاء الثلاثة عليه، ادع لي بصحيفة).
أسماء الأئمة الاثني عشر عليهم السلام في الكتف
فأتى بها، فأملى عليه أسماء الأئمة الهداة من بعده رجلا رجلا وعلي عليه السلام يخطه بيده.
وقال صلی الله عليه و اله: إني أشهدكم إن أخي ووزيري ووارثي وخليفتي في أمتي علي بن أبي طالب، ثم الحسن ثم الحسين ثم من بعدهم تسعة من ولد الحسين.
ثم لم أحفظ منهم غير رجلين علي ومحمد، ثم اشتبه الآخرون (1) من أسماء
الأئمة عليهم السلام، غير أني سمعت صفة المهدي وعدله وعمله وأن الله يملأ به الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا.
ثم قال النبي صلی الله عليه و اله: إني أردت أن أكتب هذا ثم أخرج به إلى المسجد ثم أدعو العامة فأقرأه عليهم وأشهدهم عليه. فأبى الله وقضى ما أراد.
ثم قال سليم: فلقيت أبا ذر والمقداد في إمارة عثمان فحدثاني. ثم لقيت عليا عليه السلام بالكوفة والحسن والحسين عليهما السلام فحدثاني به سرا ما زادوا ولا نقصوا كأنما ينطقون
بلسان واحد.
___________
١- (ج) خ ل: (ثم اشتبه عليه الآخرون). ثم إنه لا مجال لوقوع هذا الاشتباه من سلمان ولا من سليم ولا من أبان، وذلك لما نراه في سائر أحاديث هذا الكتاب وكتب أخرى من تصريح سلمان وسليم وأبان بأسماء الأئمة فردا فردا، فالاشتباه عليهم في مثل هذا المورد عجيب، ولا شك في استعمالهم التقية في هذا الكلام لئلا يعرف الظالمون أشخاص الأئمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.

نذكر في هذا الفصل 22 حديثا جاء في نسخة (ج) من كتاب سليم
ما كتبه رسول الله صلی الله عليه و اله في الكتف
وعن سليم بن قيس، قال: سمعت سلمان يقول: سمعت عليا عليه السلام - بعد ما قال ذلك
الرجل ما قال وغضب رسول الله صلی الله عليه و اله ودفع الكتف -: ألا نسأل رسول الله صلی الله عليه و اله عن الذي كان أراد أن يكتب في الكتف مما لو كتبه لم يضل أحد ولم يختلف اثنان؟
كلام رسول الله صلى الله عليه وآله بعد قول عمر
فسكت حتى إذا قام من في البيت وبقي علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام
وذهبنا نقوم أنا وصاحبي أبو ذر والمقداد، قال لنا علي عليه السلام: إجلسوا.
فأراد أن يسأل رسول الله صلی الله عليه و اله ونحن نسمع، فابتدأه رسول الله صلی الله عليه و اله فقال: (يا أخي،
أما سمعت ما قال عدو الله؟ أتاني جبرئيل قبل فأخبرني أنه سامري هذه الأمة وأن صاحبه عجلها، وأن الله قد قضى الفرقة والاختلاف على أمتي من بعدي، فأمرني أن أكتب ذلك الكتاب الذي أردت أن أكتبه في الكتف لك وأشهد هؤلاء الثلاثة عليه، ادع لي بصحيفة).
أسماء الأئمة الاثني عشر عليهم السلام في الكتف
فأتى بها، فأملى عليه أسماء الأئمة الهداة من بعده رجلا رجلا وعلي عليه السلام يخطه بيده.
وقال صلی الله عليه و اله: إني أشهدكم إن أخي ووزيري ووارثي وخليفتي في أمتي علي بن أبي طالب، ثم الحسن ثم الحسين ثم من بعدهم تسعة من ولد الحسين.
ثم لم أحفظ منهم غير رجلين علي ومحمد، ثم اشتبه الآخرون (1) من أسماء
الأئمة عليهم السلام، غير أني سمعت صفة المهدي وعدله وعمله وأن الله يملأ به الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا.
ثم قال النبي صلی الله عليه و اله: إني أردت أن أكتب هذا ثم أخرج به إلى المسجد ثم أدعو العامة فأقرأه عليهم وأشهدهم عليه. فأبى الله وقضى ما أراد.
ثم قال سليم: فلقيت أبا ذر والمقداد في إمارة عثمان فحدثاني. ثم لقيت عليا عليه السلام بالكوفة والحسن والحسين عليهما السلام فحدثاني به سرا ما زادوا ولا نقصوا كأنما ينطقون
بلسان واحد.
___________
١- (ج) خ ل: (ثم اشتبه عليه الآخرون). ثم إنه لا مجال لوقوع هذا الاشتباه من سلمان ولا من سليم ولا من أبان، وذلك لما نراه في سائر أحاديث هذا الكتاب وكتب أخرى من تصريح سلمان وسليم وأبان بأسماء الأئمة فردا فردا، فالاشتباه عليهم في مثل هذا المورد عجيب، ولا شك في استعمالهم التقية في هذا الكلام لئلا يعرف الظالمون أشخاص الأئمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.

يحل لعلي عليه السلام في المسجد ما يحل لرسول الله صلی الله عليه و اله


سليم عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: خرج علينا رسول الله صلی الله عليه و اله وفي يده
عسيب (1) رطب ونحن في مسجده، فجعل يضربنا ويقول: لا ترقدوا في المسجد.
قال جابر: فخرجنا وأراد علي عليه السلام أن يخرج معنا، فقال رسول الله صلی الله عليه و اله: أين تخرج
يا أخي؟ إنه يحل لك في المسجد ما يحل لي. أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إن
الله أمر موسى أن يبني مسجدا طاهرا طيبا لا يسكنه معه إلا هو وابناه شبر وشبير.
علي عليه السلام الذائد عن الحوض يوم القيامة
يا أخي، والذي نفسي بيده إنك للذائد عن حوضي بيدك كما يذود الرجل عن إبله
الإبل الجربة، كأني أنظر إلى مقامك من حوضي معك عصى من عوسج. (2)
____________
١- العسيب: جريدة من النخل كشط خوصها.
٢- العوسج: شجيرة من فصيلة الباذنجانيات، أغصانه شائكة وأزهاره مختلفة الألوان.

يحل مسجد رسول الله صلی الله عليه و اله لأهل بيته فقط


سليم بن قيس قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: كأني أنظر إلى رسول الله صلی الله عليه و اله بصحن مسجده يقول:
(ألا إنه لا يحل مسجدي لجنب ولا لحائض غيري وغير أخي وغير ابنتي ونسائي
وخدمي وحشمي. ألا هل سمعتم؟ ألا هل بينت لكم؟ ألا لا تضلوا)، ينادي بذلك
نداء.

علي عليه السلام صديق الأمة وفاروقها


وذكر سليم بن قيس أنه جلس إلى سلمان وأبي ذر والمقداد في إمارة عمر بن
الخطاب، فجاء رجل من أهل الكوفة فجلس إليهم مسترشدا. فقالوا له: عليك
بكتاب الله فألزمه، وعلي بن أبي طالب فإنه مع الكتاب لا يفارقه.
وإنا نشهد أنا سمعنا رسول الله صلی الله عليه و اله يقول: (إن عليا مع القرآن والحق، حيثما دار
دار. (1) إنه أول من آمن بالله وأول من يصافحني يوم القيامة من أمتي، وهو الصديق الأكبر والفاروق بين الحق والباطل، وهو وصيي ووزيري وخليفتي في أمتي ويقاتل على
سنتي).
أبو بكر وعمر انتحلا اسم غيرهما
فقال لهم الرجل: فما بال الناس يسمون أبا بكر الصديق وعمر الفاروق؟
فقالوا له(2): نحلهما الناس اسم غيرهما (3) كما نحلوهما خلافة رسول الله صلی الله عليه و اله وإمرة المؤمنين،
وما هو لهما باسم لأنه اسم غيرهما. إن عليا لخليفة رسول الله صلی الله عليه و اله وأمير المؤمنين.
لقد أمرنا رسول الله صلی الله عليه و اله وأمرهما معنا فسلمنا على علي عليه السلام بإمرة المؤمنين. (4)
____________
1- هكذا في النسخ بصيغة المفرد.
2- من هنا إلى آخر الحديث في (الفضائل) هكذا:
فقالوا له: الناس تجهل حق علي عليه السلام. كما جهل خلافة رسول الله صلى الله عليه وآله جهلا حق أمير المؤمنين عليه السلام. وما هما لهما باسم لأنهما اسم غيرهما. والله إن عليا هو الصديق الأكبر والفاروق الأزهر، والله إن عليا لخليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وإنه أمير المؤمنين أمرنا وأمرهم به رسول الله فسلمنا إليه - جميعا وهما معا - بإمرة المؤمنين والفاروق الأزهر وأنه الصديق الأكبر.
3- أورد الكاندهلوي في حياة الصحابة: ج 2 ص 22 عن ابن شهاب قال: بلغنا أن أول من قال لعمر (الفاروق) أهل الكتاب.
4- ورد هذا الحديث في الإحتجاج للطبرسي بتفاوت كثير. ولذا نورد ما في الإحتجاج هيهنا:
قال سليم بن قيس: جلست إلى سلمان وأبي ذر والمقداد، فجاء رجل من أهل الكوفة فجلس إليهم مسترشدا، فقال له سلمان: عليك بكتاب الله فألزمه وعلي بن أبي طالب عليه السلام فإنه مع القرآن لا يفارقه، فإنا نشهد أنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن عليا يدور مع الحق حيث دار، وإن عليا هو الصديق والفاروق، يفرق بين الحق والباطل.
قال: فما بال القوم يسمون أبا بكر الصديق وعمر الفاروق؟
قال: نحلهما الناس اسم غيرهما كما نحلوهما خلافة رسول الله وإمرة المؤمنين. لقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وأمرهما معنا فسلمنا جميعا على علي بن أبي طالب عليه السلام بإمرة المؤمنين.

الدافع لحرب الجمل وصفين عند علي عليه السلام


سليم قال: سمعت عليا عليه السلام يقول يوم الجمل ويوم الصفين:
إني نظرت فلم أجد إلا الكفر بالله والجحود بما أنزل الله تعالى، أو الجهاد في سبيل
الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فاخترت الجهاد في سبيل الله والأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر، على الكفر بالله والجحود بما أنزل الله ومعالجة الأغلال
في نار جهنم، إذا وجدت أعوانا على ذلك.
إني لم أزل مظلوما منذ قبض رسول الله صلی الله عليه و اله، فلو وجدت قبل اليوم أعوانا على إحياء الكتاب والسنة كما وجدتهم اليوم لقاتلت ولم يسعني الجلوس.

أهل البيت عليهم السلام الشهداء على الناس


يحذر على الدين من ثلاثة رجال
سليم بن قيس قال: سمعت علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: قال رسول الله صلی الله عليه و اله:
احذروا على دينكم ثلاثة رجال: رجل قرأ القرآن حتى إذا رآى عليه بهجته كأن رداء للإيمان غيره إلى ما شاء الله، اخترط سيفه على أخيه المسلم ورماه بالشرك.
قلت: يا رسول الله، أيهما أولى بالشرك؟ قال: الرامي به منهما.
ورجل استخفته الأحاديث، كلما انقطعت أحدوثة كذب مثلها أطول منها. إن يدرك الدجال يتبعه.
ورجل آتاه الله عز وجل سلطانا فزعم أن طاعته طاعة الله ومعصيته معصية الله،
وكذب، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لا طاعة لمن عصى الله.
العصمة هي المناط في طاعة النبي والأئمة عليهم السلام
إنما الطاعة لله ولرسوله ولولاة الأمر الذين قرنهم الله بنفسه ونبيه فقال: (أطيعوا الله
وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)(1) ، لأن الله إنما أمر بطاعة رسول الله صلی الله عليه و اله لأنه معصوم مطهر لا يأمر بمعصية الله، وإنما أمر بطاعة أولي الأمر لأنهم معصومون مطهرون لا يأمرون بمعصية الله.
طريق أهل البيت عليهم السلام ينجي من الضلال
قال: ثم أقبل علي علي بن أبي طالب عليه السلام - حين فرغ من حديث رسول الله صلی الله عليه و اله - فقال: لا بد من رحى ضلالة، فإذا قامت طحنت وإن لطحنها روقا وإن روقها حدتها
وعلى الله فلها.
إن أبرار عترتي وطيب أرومتي أحلم الناس صغارا وأعلمهم كبارا. ألا وبنا يفرج الله الضيق والزمان الكلب، وعلى أيدينا يغير الكگب.
ألا وإنا أهل بيت من حكم الله حكمنا وقول صادق سمعنا، فإن تتبعوا سبيلنا
وتسلكوا طريقنا وآثارنا تهتدوا ببصائرنا، وإن تخالفونا تهلكوا، وإن تقتدوا بنا تجدونا على الكتاب أمامكم، وإن تخالفونا لم تضروا بذلك إلا أنفسكم.
إن الله يسأل الشهداء من أهل البيت عليهم السلام عن أهل زمانهم
إن الله سائل أهل كل زمان ويدعى الشهداء عليهم في زمانهم منا، فمن صدق صدقناه ومن كذب كذبناه. (2) إن رسول الله صلی الله عليه و اله هو المنذر الهادي الرسول إلى الجن والأنس إلى يوم القيامة، لا نبي بعده ولا رسول، ولا ينزل بعد القرآن كتابا.
ولكل أهل زمان هاد ودليل وإمام يهديهم ويدلهم ويرشدهم إلى كتاب ربهم وسنة نبيهم، كلما مضى هاد خلف آخر مثله. هم مع الكتاب والكتاب معهم لا يفارقونه
ولا يفارقهم حتى يردوا على رسول الله صلی الله عليه و اله حوضه.
إنا أهل بيت دعا الله لنا أبونا إبراهيم عليه السلام فقال: (فاجعل أفئدة من الناس تهوي
إليهم)(3) ، فإيانا عنى الله بذلك خاصة.
ونحن الذين عنى الله: (يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا
الخير لعلكم تفلحون) إلى آخر السورة(4) ، فرسول الله الشاهد علينا ونحن شهداء الله
على خلقه وحججه في أرضه.
ونحن الذين عنى الله بقوله: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على
الناس) إلى آخر الآية.(5) فلكل زمان منا إمام شاهد على أهل زمانه. (6)
____________
1- سورة النساء: الآية 59.
2- يمكن قراءة هذه الفقرة بالتشديد هكذا: فمن صدق صدقناه ومن كذب كذبناه.
3- سورة إبراهيم: الآية 37.
4- سورة الحج: الآيتان 77 و 78. والآية الثانية هكذا: (وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير).
5- سورة البقرة: الآية 143، وتمام الآية هكذا: (... ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم).
6- ورد الحديث في خصال الصدوق بصورة أخصر وبتفاوت، وهذا نص ما في الخصال:
سليم بن قيس قال: سمعت علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: احذروا على دينكم ثلاثة رجال: رجلا قرأ القرآن حتى إذا رأيت عليه بهجته اخترط سيفه على جاره ورماه بالشرك. قلت: يا أمير المؤمنين، أيهما أولى بالشرك؟ قال: الرامي.
ورجلا استخفته الأحاديث، كلما حدث أحدوثة كذب مدها بأطول منها.
ورجلا آتاه الله عز وجل سلطانا فزعم أن طاعته طاعة الله ومعصيته معصية الله، وكذب لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. لا ينبغي للمخلوق أن يكون حبه لمعصية الله، فلا طاعة في معصيته ولا طاعة لمن عصى الله، إنما الطاعة لله ولرسوله ولولاة الأمر. إنما أمر الله عز وجل بطاعة الرسول لأنه معصوم مطهر لا يأمر بمعصيته وإنما أمر بطاعة أولي الأمر لأنهم معصومون مطهرون لا يأمرون بمعصيته.

اعترافات سعد بن أبي وقاص بشأن أمير المؤمنين عليه السلام


قال سليم بن قيس: لقيت سعد بن أبي وقاص وقلت له: إني سمعت عليا عليه السلام يقول: سمعت رسول الله صلی الله عليه و اله يقول: (اتقوا فتنة الأخينس(1)، اتقوا فتنة سعد، فإنه يدعو إلى خذلان الحق وأهله). فقال سعد: اللهم إني أعوذ بك أن أبغض عليا أو يبغضني، أو أقاتل عليا
أو يقاتلني، أو أعادي عليا أو يعاديني.
فضائل أمير المؤمنين عليه السلام على لسان سعد
إن عليا كانت له خصال لم تكن لأحد من الناس مثلها:
إنه صاحب براءة حين قال رسول الله صلی الله عليه و اله: (إنه لا يبلغ عني إلا رجل مني).
وقال صلی الله عليه و اله له يوم غزاة تبوك: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير النبوة، فإنه
لا نبي بعدي).
وأمر صلی الله عليه و اله بسد كل باب شارع إلى المسجد غير بابه، فجهد عمر أن يرخص له في كوة صغيرة قدر عينه فأبى ذلك رسول الله صلی الله عليه و اله، وقال عند ذلك حمزة والعباس وجعفر:
(سددت أبوابنا وتركت باب علي)؟ فقال صلی الله عليه و اله: (ما أنا سددتها ولا فتحت بابه، ولكن الله سدها وفتح بابه).
وآخى رسول الله صلی الله عليه و اله بين كل رجلين من أصحابه، فقال عليه السلام له: آخيت بين كل رجلين من أصحابك وتركتني؟ فقال رسول الله صلی الله عليه و اله: (أنت أخي وأنا أخوك في الدنيا والآخرة).
غزوة خيبر على لسان سعد
وقال في يوم خيبر حين انهزم أبو بكر وعمر فغضب رسول الله صلی الله عليه و اله وقال: (ما بال
أقوام يلقون المشركين ثم يفرون؟ لأدفعن الراية غدا إلى رجل يحب الله ورسوله
ويحبه الله ورسوله، ليس بجبان ولا فرار ولا يرجع حتى يفتح الله على يديه خيبرا).
فلما أصبحنا اجتمعنا إلى رسول الله صلی الله عليه و اله وأريت رسول الله وجهي(1) فقال: (أين
أخي، ادعوا لي عليا). فأتوه به، فإذا هو رمد يقاد من رمده وعليه إزار وغبار الدقيق
عليه وكان يطحن لأهله. فأمره رسول الله صلی الله عليه و اله فوضع رأسه في حجره وتفل في عينيه.
ثم عقد له ودعا له، فما انثنى حتى فتح الله له وأتاه بصفية بنت حيي بن أخطب، فأعتقها النبي صلی الله عليه و اله ثم تزوجها وجعل عتقها صداقها
واقعة الغدير على لسان سعد
وأعظم من ذلك - يا أخا بني هلال (2) - يوم غدير خم، أخذ رسول الله صلی الله عليه و اله بيده - وأنا أنظر إليه - رافعا عضديه فقال: (ألست أولى بكم من أنفسكم)؟ فقالوا: بلى. قال: (فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. ليبلغ الشاهد الغائب).
محاولة سعد بن أبي وقاص تبرير نفاقه
قال سليم: وأقبل علي سعد فقال: إنما شككت ولست بقاتل نفسي إن كان سبقني
إلى فضل غبت عنه إني لم أزعم أني مخطئ ولا مسئ، بل هو على الحق.
____________
1- (ج) خ ل: الأخنس، بمعنى المتأخر والمتنحي.
2- قائل هذا الكلام سعد بن أبي وقاص.
3- المخاطب به سليم بن قيس الهلالي.

المهاجرون والأنصار لم يواجهوا عليا عليه السلام في حروبه


قال: وذكر سليم: أنه لم يكن مع طلحة والزبير رجل واحد من المهاجرين والأنصار،
ولا مع معاوية رجل من المهاجرين والأنصار، ولا مع الخوارج يوم النهروان أحد من المهاجرين والأنصار.
سعد يخبر عن رئيس الخوارج
قال: وسمعت سعدا وذكر المخدج، قال: فقال علي عليه السلام: قتل شيطان الوهدة. قال:
سمعت رسول الله صلی الله عليه و اله يقول: (أمه أمة لبني سليم وأبوه شيطان)!

ندامة الثلاثة المتخلفين عن علي عليه السلام


قال سليم بن قيس: وجلست يوما إلى محمد بن مسلمة وسعد بن مالك وعبد الله
بن عمر (1) ، فسمعتهم يقولون: لقد تخوفنا أن نكون قد هلكنا بتخلفنا عن نصرة علي وعن قتالنا معه الفئة الباغية.
فقلت: اللهم إني قد سمعت عليا عليه السلام يقول: (أمرني رسول الله صلی الله عليه و اله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين).
قال: فبكوا، ثم قالوا: صدق علي عليه السلام وبر، ما قال على الله ولا على رسوله قط إلا
الحق. فنستغفر الله من تخلفنا عنه وخذلاننا إياه.
____________
١- هؤلاء الثلاثة هم الذين تخلفوا عن بيعة أمير المؤمنين عليه السلام والمسير معه إلى القتال. روى نصر بن مزاحم في كتاب صفين: ص 65 عن خفاف بن عبد الله قال: ثم تهيأ علي عليه السلام للمسير إلى البصرة وخف معه المهاجرون والأنصار، وكره القتال معه ثلاثة نفر: سعد بن مالك (وهو ابن أبي وقاص) وعبد الله بن عمر ومحمد بن مسلمة.
وروى ابن أبي الحديد أن محمد بن مسلمة كان معهم (يوم بيعة أبي بكر) وأنه هو الذي كسر سيف الزبير.
راجع البحار: ج 8 طبع قديم ص 59.

احتجاجات أبان على الحسن البصري


التبرك بتراب أقدام أمير المؤمنين عليه السلام
سليم بن قيس، قال: سمعت سلمان يقول: قال رسول الله صلی الله عليه و اله لعلي عليه السلام:
(لولا أن تقول طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك مقالة تتبع أمتي آثار قدميك في التراب فيقبلونه). (1)
فضائل أمير المؤمنين عليه السلام على لسان الحسن البصري
قال أبان: فحدثت الحسن بن أبي الحسن - وهو في بيت أبي خليفة (2) - بهذا الحديث
عن سليم عن سلمان. فقال الحسن: (والله لقد سمعت في علي حديثين ما حدثت بهما أحدا قط). فحدث بتسليم الملائكة عليه وحديث يوم أحد.(3) فوجدتهما في
صحيفة سليم بعد ذلك يرويهما عن علي عليه السلام أنه سمعهما منه.
أكاذيب الحسن البصري لتبرير نفاقه قال أبان: فلما حدثنا بهذين الحديثين خلوت به وتفرق القوم غيري وغير
أبي خليفة، وبت ليلتي إذ ذاك عنده. فقال الحسن تلك الليلة: لولا رواية يرويها الناس
عن النبي صلی الله عليه و اله لظننت أن الناس كلهم هلكوا منذ قبض رسول الله صلی الله عليه و اله غير علي عليه السلام وشيعته.
قلت: يا با سعيد، وأبو بكر وعمر؟ قال: نعم.
فلما جاء قال النبي صلى الله عليه وآله: ما حبسك يا أبا الحسن؟ قال: لقيت ريحا ثم ريحا ثم ريحا شديدة، فأصابتني قشعريرة. فقال: أتدري ما كان ذلك يا علي؟ فقال: لا. فقال: ذاك جبرئيل في ألف من الملائكة وقد سلم عليك وسلموا. ثم مر ميكائيل في ألف من الملائكة فسلم عليك وسلموا. ثم مر إسرافيل في ألف من الملائكة فسلم عليك وسلموا.
وروي في البحار: ج 20 ص 85 أنه أشار رسول الله صلى الله عليه وآله في يوم أحد إلى قوم انحدروا من الجبل فحمل عليهم علي عليه السلام فهزمهم، ثم أشار إلى قوم آخر فحمل عليهم فهزمهم، ثم أشار إلى قوم آخر فحمل عليهم فهزمهم، ثم أشار إلى قوم آخر فحمل عليهم فهزمهم. فجاء جبرئيل: فقال: يا رسول الله، لقد عجبت الملائكة وعجبنا معها من حسن مواساة علي لك بنفسه. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: وما يمنعه من هذا وهو مني وأنا منه. فقال جبرئيل: وأنا منكما.
وروي في البحار: ج 20 ص 72 عن ابن مسعود أنه قال: انهزم الناس يوم أحد إلا علي وحده. فقلت: إن ثبوت علي عليه السلام في ذلك المقام لعجب قال: إن تعجبت منه فقد تعجبت الملائكة. أما علمت أن جبرئيل قال في ذلك اليوم وهو يعرج إلى السماء: (لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي).
وروي في البحار: ج 20 ص 69 أن أمير المؤمنين عليه السلام قال يوم الشورى: نشدتكم بالله، هل فيكم أحد وقفت الملائكة معه يوم أحد حين ذهب الناس غيري؟ قالوا: لا.
قلت: وما تلك الرواية يا با سعيد؟ قال: قول حذيفة (قوم ينجون ويهلك
أتباعهم). قيل: وكيف ذلك يا حذيفة؟ قال: (قوم لهم سوابق أحدثوا أحداثا فتبعهم
على أحداثهم قوم ليست لهم سوابق. فنجا أولئك بسوابقهم وهلك الأتباع
بأحداثهم).(4) وقول رسول الله صلی الله عليه و اله لعمر - حين استأذنه في قتل حاطب بن أبي بلتعة (5) - فقال: (وما يدريك يا عمر، لعل الله قد اطلع إلى عصبة أهل بدر فأشهد ملائكته: إني
قد غفرت لهم فليعملوا ما شاءوا). وحديث جابر بن عبد الله الأنصاري: أن
رسول الله صلی الله عليه و اله ذكر الموجبتين. قالوا: يا رسول الله، ما تعني بالموجبتين؟ قال: (من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به دخل النار). فلست أرجو لأبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير النجاة إلا بهذه الروايات والسلامة.
قلت: أتجعل حدث أبي بكر وعمر مثل حدث عثمان وطلحة والزبير، إن كان الأمر
لعلي عليه السلام دونهم من الله ورسوله؟
فقال: يا أحمق، لا تقولن (إن كان) هو والله لعلي دونهم، وكيف لا يكون له دونهم بعد الخصال الأربع؟ ولقد حدثني عن رسول الله صلی الله عليه و اله الثقات ما لا أحصي.
قلت: وما هذه الخصال الأربع؟
قال: قول رسول الله صلی الله عليه و اله ونصبه إياه يوم غدير خم.
وقوله في غزوة تبوك: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير النبوة)، ولو كان غير
لنبوة لاستثناه رسول الله صلی الله عليه و اله، وقد علمنا يقينا أن الخلافة غير النبوة.
وخطب رسول الله صلی الله عليه و اله آخر خطبة خطبها للناس ثم دخل بيته فلم يخرج حتى قبضه
الله إليه: (أيها الناس، إني قد تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وأهل بيتي، فإن اللطيف الخبير قد عهد إلي أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض كهاتين - جمع بين سبابتيه - لا كهاتين - وجمع بين سبابته والوسطى - لأن إحديهما قدام الأخرى فتمسكوا بهما لا تضلوا ولا تولوا. لا تقدموهم فتهلكوا، ولا تعلموهم
فإنهم أعلم منكم.
ولقد أمر رسول الله صلی الله عليه و اله أبا بكر وعمر - وهما سابعا سبعة - أن يسلموا على علي عليه السلام بإمرة المؤمنين.
ولعمري لئن جاز لنا - يا أخا عبد القيس (6) - أن نستغفر لعثمان وطلحة والزبير
- وقد بلغ من حدثهم ما قد ظهر لنا - إنه ليسعنا أن نستغفر لهما.
فأما طلحة والزبير، فإنهما بايعا عليا عليه السلام - وأنا شاهد - طائعين غير مكرهين. ثم نكثا بيعتهما وسفكا الدماء التي قد حرم الله رغبة في الدنيا وحرصا على الملك، وليس ذنب بعد الشرك بالله أعظم من سفك الدماء التي حرم الله.
وأما عثمان فأدنى السفهاء وباعد الأتقياء وآوى طريد رسول الله صلی الله عليه و اله وسير أولياء الله
أبا ذر وقوما صالحين وجعل المال دولة بين الأغنياء وحكم بغير ما أنزل الله، وكانت أحداثه أكثر وأعظم من أن تحصى، وأعظمهما تحريق كتاب الله، وأفظعها صلاته بمنى أربعا خلافا على رسول الله صلی الله عليه و اله. (7)
أولا عهدت نبيك يصلي ركعتين ثم أبا بكر، ثم عمر، وأنت صدرا من ولايتك. فما أدري ما يرجع إليه؟
فقال: رأي رأيته!!
راجع عن مثالب عثمان: بحار الأنوار: ج 8 (طبع قديم) ص 323 - 301، والغدير: ج 8 ص 387 - 9 و ج 9 ص 69 - 3.
قلت: أصلحك الله، فترحمك عليه وتفضيلك إياه؟
قال: إنما أصنع ذلك ليسمع بذلك أوليائه الطغاة العتاة الجبابرة الظلمة، الحجاج
وابن زياد قبله وأبوه. أما علمت أنهم من اتهموه في بغض عثمان وحب علي عليه السلام وأهل بيته نفوه ومثلوا به وقتلوه؟ وقد قال رسول الله صلی الله عليه و اله: (ليس للمؤمن أن يذل نفسه). قلت:
وما إذلاله لنفسه؟ قال: يتعرض من البلاء لما لا يقوى عليه ولا يقوم به.
وقد سمعت عليا عليه السلام يروي عن رسول الله صلی الله عليه و اله يوم قتل عثمان وهو يقول: قال
رسول الله صلی الله عليه و اله: (إن التقية من دين الله، ولا دين لمن لا تقية له. والله لولا التقية ما عبد الله في الأرض في دولة إبليس). فقال له رجل: وما دولة إبليس؟ قال عليه السلام: (إذا ولى الناس إمام ضلالة فهي دولة إبليس على آدم، وإذا وليهم إمام هدى فهي دولة آدم على إبليس).
ثم همس إلى عمار ومحمد بن أبي بكر همسة وأنا أسمع، فقال: (ما زلتم منذ قبض
نبيكم في دولة إبليس بترككم إياي واتباعكم غيري).
كيف بايع الناس عليا عليه السلام بعد قتل عثمان
ثم هرب من الناس ثلاثة أيام، فطلبوه فأتوه في خص(8) لبني النجار فقالوا: إنا
قد تشاورنا في هذا الأمر ثلاثة أيام فما وجدنا أحدا من الناس أحق بها منك، فننشدك
الله في أمة محمد صلی الله عليه و اله أن تضيع وأن يلي أمرها غيرك. فبايعوه وكان أول من بايعه طلحة والزبير، ثم جاءا إلى البصرة يزعمان أنهما بايعا مكرهين، وكذبا.
ثم أتاه رجل من مهرة (9) - ومحمد بن أبي بكر بجنبه - فقال له علي عليه السلام - وأنا أسمع -:
يا أخا مهرة، أجئت لتبايع؟ قال: نعم. قال: تبايعني على أن رسول الله صلی الله عليه و اله قبض والأمر لي، فانتزى علينا ابن أبي قحافة ظلما وعدوانا. ثم انتزى علينا بعده عمر؟ قال: نعم. فبايعه على ذلك طائعا غير مكره.
قال: فقلت للحسن: أفبايع الناس كلهم على هذا؟ قال: لا، إنما بايع من أمن ووثق
به على هذا.
يا أخا عبد القيس، ولئن جاز لنا أن نستغفر لعثمان وقد ركب ما ركب من الكبائر
والأمور القبيحة، إنه ليجوز لنا أن نستغفر لهما وقد عوفيا من الدماء وعفا في ولايتهما وكفا وأحسنا السيرة، ولم يعملا بمثل عمل عثمان من الجور والتخليط، ولا بمثل ما
عمله طلحة والزبير من نكثهما البيعة وما سفكا من الدماء إرادة الدنيا والملك،
وقد سمعا رسول الله صلی الله عليه و اله ينهى عما ركبا وعما أتيا فتركا أمر الله وأمر رسوله بعد الحجة والبينة استخفافا بأمر الله وأمر رسوله.
ولئن قلت يا أخا عبد القيس: (إن أبا بكر وعمر قد سمعا ما قال رسول الله صلی الله عليه و اله في
علي عليه السلام)، فلقد سمع ذلك عثمان وطلحة والزبير ثم ركبوا ما ركبوا من الحرب وسفك الدماء وعوفيا من ذلك!
أبو بكر وعمر أول من أسس الضلالة في الأمة
ولئن قلت: (إنهما أول من فتح ذلك وسنه وأدخلا الفتنة والبلاء على الأمة بانتزائهما
على ما قد علما يقينا أنه لا حق لهما فيه وأن الله جعله لغيرهما، وأنهما سلما على
علي عليه السلام بإمرة المؤمنين، ثم قالا للنبي صلی الله عليه و اله حين أمرهما بالتسليم عليه: أمن الله ومن رسوله؟ قال: نعم، من الله ومن رسوله)، إن في ذلك لمقالا. (10)
لقد قال لي أبو ذر - حين حدثني بتسليمهما على علي عليه السلامبإمرة المؤمنين، هو
والمقداد وسلمان -: سمعنا رسول الله صلی الله عليه و اله يقول: (ما ولت أمة قط أمرها رجلا وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوا).
اعتراف جميع الصحابة بخلافة علي عليه السلام بعد رسول الله صلی الله عليه و اله
يا أخا عبد القيس، إن أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وجميع أصحاب
النبي صلی الله عليه و اله لم يكونوا يشكون ولا يختلفون ولا يتنازعون بينهم أن علي بن أبي طالب عليه السلام كان أولهم إسلاما وأكثرهم علما وأعظمهم عناء في الجهاد في سبيل الله ومبارزة الأقران ووقايته لرسول الله صلی الله عليه و اله بنفسه.
وأنه لم ينزل برسول الله صلی الله عليه و اله شديدة ولا كربة ولا مبارزة قرن وفتح حصن إلا قدمه
فيها ثقة به ومعرفة بفضله وأنه أعلمهم بكتاب الله وسنة نبيه صلی الله عليه و اله وأنه أحبهم إلى
رسول الله صلی الله عليه و اله وأنه وصي رسول الله صلی الله عليه و اله.
وأنه قد كان له كل يوم وكل ليلة من رسول الله صلی الله عليه و اله خلوة ودخلة إليه، إذا سأله أعطاه وإذا سكت ابتدأه. وأنه لم يحتج إلى أحد بعد رسول الله صلی الله عليه و اله في علم ولا فقه، وأن جميعهم كانوا يحتاجون إليه وهو لا يحتاج إلى أحد.
وأن له من السوابق والمناقب وما أنزل فيه من القرآن ما ليس لأحد منهم، وأنه كان أجودهم كفا وأسخاهم نفسا وأشجعهم لقاء. وما خصلة من خصال الخير له فيها نظير
ولا شبيه ولا كفو، في زهده في الدنيا ولا في اجتهاده.
فمما خصه الله به أن أخذ على الناس بالفصل الأول (11) مع رسول الله صلی الله عليه و اله، فلم يسبقه أحد منهم إلى خير، ولم يؤمر رسول الله صلی الله عليه و اله أحدا قط عليه ولم يتقدم أمامه أحد في صلاة قط.
قال أبان: قلت: يا أبا سعيد، أليس أمر رسول الله صلی الله عليه و اله أبا بكر أن يصلي بالناس؟
فقال: أين يذهب بك يا أبان؟ إن عليا عليه السلام لم يكن مع الناس الذين أمر أبا بكر
أن يصلي بهم، وإنما كان مع رسول الله صلی الله عليه و اله يمرضه ويوصي إليه ويصلي بصلاته. ثم
لم يتم ذلك لأبي بكر، فخرج رسول الله صلی الله عليه و اله فأخر أبا بكر وصلى بالناس. (12)
والله لقد سمعت عليا عليه السلام يقول: فتح لي رسول الله صلی الله عليه و اله في مرضه مفتاح ألف باب من العلم، كل باب يفتح ألف باب.
ثم أخذ (13) بالفصل الآخر أن صبر على الظلم، فلما وجد أعوانا قاتل على تأويل القرآن كما قاتل على تنزيله، فأمر بالمعروف ونهى عن المنكر وجاهد في سبيل الله حتى استشهد، فلقي الله نقيا زكيا سعيدا شهيدا طيبا مطيبا قد قاتل الذين أمره الله ورسوله بقتالهم: الناكثين والقاسطين والمارقين.
خلط الحسن البصري النفاق بالتقية
قال أبان: قال الحسن هذه المقالة في أول عمره في أول عمل الحجاج وهو متوار في
بيت أبي خليفة وهو يومئذ من الشيعة. فلما كبر وشهر وسمعته يقول ما يقول في
علي عليه السلام خلوت به فذكرته ما سمعت منه. فقال: اكتم علي، فإنما صنعت ما صنعت أحقن دمي ولولا ذلك لشالت بي الخشب.
____________
1- روي في البحار: ج 39 ص 9 بإسناده عن ابن عباس أنه قال: انتدب رسول الله صلى الله عليه وآله الناس ليلة بدر إلى الماء. فانتدب علي عليه السلام فخرج وكانت ليلة باردة ذات ريح وظلمة. فخرج بقربته، فلما كان إلى القليب لم يجد دلوا. فنزل إلى الجب تلك الساعة فملأ قربته ثم أقبل. فاستقبلته ريح شديدة، فجلس حتى مضت، ثم قام. ثم مرت به أخرى فجلس حتى مضت، ثم قام. ثم مرت به أخرى فجلس حتى مضت.
2- ورد هذا الحديث في (ج) خ ل هكذا: سليم قال: سمعت سلمان يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي عليه السلام: (لولا أن تقول أمتي فيك ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك مقالة تتبع أمتي آثار قدميك في التراب فيقبلونه).
روي في البحار: ج 68 ص 137 بإسناده عن جابر قال: لما قدم علي عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله بفتح خيبر قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: (لولا أن يقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى للمسيح عيسى بن مريم لقلت اليوم فيك مقالا لا تمر بملأ إلا أخذوا التراب من تحت رجليك ومن فضل طهورك يستشفون به...).
وقد قال صلى الله عليه وآله مثل ذلك بشأن علي عليه السلام في غزوة ذات السلاسل كما في البحار: ج 21 ص 79.
3- أبو خليفة الحجاج بن أبي عتاب الديلمي العبدي البصري هو الذي آوى إليه عدد ممن هرب من ظلم الحجاج الثقفي.
4- لا يخفى أن هذه الرواية من الموضوعات التي تمسك بها الحسن البصري لتوجيه نفاقه.
5- حاطب بن أبي بلتعة الخالفي اللخمي المتوفى سنة 30، قد مر قصته في الحديث 15 من هذا الكتاب.
6- المخاطب به أبان بن أبي عياش الذي كان من موالي يني عبد القيس. راجع المقدمة.
7- راجع عن تحريق عثمان المصاحف: الحديث 11 من هذا الكتاب.
وروي في البحار: ج 8 طبع قديم ص 312، والغدير: ج 8 ص 101 عن تاريخ الطبري وغيره: أنه حج عثمان بالناس في سنة 29 فضرب بمنى فسطاطا، فكان أول فسطاط ضربه عثمان بمنى وأتم الصلاة بها وبعرفة. فذكر الواقدي بالإسناد عن ابن عباس قال: إن أول ما تكلم الناس في عثمان ظاهرا أنه صلى بالناس بمنى في ولايته ركعتين حتى إذا كانت السادسة أتمها، فعاب على ذلك غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وتكلم في ذلك من يريد أن يكثر عليه حتى جاءه علي عليه السلام فيمن جاءه فقال: والله ما حدث أمر ولا قدم عهد.
8- الخص: البيت من قصب أو شجر.
9- (مهرة): بلاد مقفرة في جزيرة العرب تقع بين حضرموت وعمان.
10- جواب لقوله (لئن قلت:...) أي لئن قلت هكذا فهذا كلام في محله.
11- إن الحسن البصري قسم حياة أمير المؤمنين عليه السلام على فصلين: الفصل الأول جهاده في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله، والفصل الآخر صبره وجهاده بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله.
الجواب عن قضية صلاة أبي بكر عند وفاة رسول الله صلی الله عليه و اله
12- في (ب) هكذا: والله لقد خرج رسول الله صلى الله عليه وآله فأخر أبا بكر عن المحراب فصلى بالناس.
روي في البحار: ج 28 ص 110 طبع قديم ص 25 عن حذيفة بن اليمان أنه قال عند ذكر وقائع الأيام الأخيرة من عمر رسول الله صلى الله عليه وآله: كان بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وآله يؤذن بالصلاة في كل وقت صلاة: فإن قدر على الخروج تحامل وخرج وصلى بالناس وإن هو لم يقدر على الخروج أمر علي بن أبي طالب عليه السلام فصلى بالناس وكان علي بن أبي طالب عليه السلام والفضل بن العباس لا يزايلانه في مرضه ذلك.
فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله من ليلته تلك - التي قدم فيها القوم الذين كانوا تحت يد أسامة - أذن بلال ثم أتاه يخبره كعادته، فوجده قد ثقل، فمنع من الدخول إليه. فأمرت عائشة صهيبا أن يمضي إلى أبيها فيعلمه:
(أن رسول الله قد ثقل في مرضه وليس يطيق النهوض إلى المسجد وعلي بن أبي طالب قد شغل به وبمشاهدته عن الصلاة بالناس. فاخرج أنت إلى المسجد فصل بالناس فإنها حال تهنئك وحجة لك بعد اليوم)!
قال: فلم تشعر الناس - وهم في المسجد ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وآله أو عليا عليه السلام يصلي بهم كعادته التي عرفوها في مرضه - إذ دخل أبو بكر المسجد وقال: (إن رسول الله قد ثقل وقد أمرني أن أصلي بالناس) فقال له رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله: وأنى لك ذلك وأنت في جيش أسامة، ولا والله لا أعلم أحدا بعث إليك ولا أمرك بالصلاة.
ثم نادى الناس بلال، فقال: على رسلكم رحمكم الله لأستأذن رسول الله في ذلك. ثم أسرع حتى أتى الباب فدقه دقا شديدا، فسمعه رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: ما هذا الدق العنيف؟ فانظروا ما هو؟ قال: فخرج الفضل بن العباس ففتح الباب فإذا بلال. فقال: ما وراءك يا بلال؟ فقال: إن أبا بكر قد دخل المسجد وقد تقدم حتى وقف في مقام رسول الله وزعم أن رسول الله أمره بذلك. فقال: أوليس أبو بكر مع جيش أسامة؟ هذا هو والله الشر العظيم، طرق البارحة المدينة لقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك.
ودخل الفضل وأدخل بلالا معه، فقال: ما وراءك يا بلال؟ فأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله الخبر. فقال: (أقيموني، أقيموني، أخرجوا بي إلى المسجد. والذي نفسي بيده قد نزلت بالإسلام نازلة وفتنة عظيمة من الفتن). ثم خرج معصوب الرأس يتهادى بين علي عليه السلام والفضل بن العباس ورجلاه يجران في الأرض حتى دخل المسجد وأبو بكر قائم في مقام رسول الله صلى الله عليه وآله وقد أطاف به عمر وأبو عبيدة وسالم وصهيب والنفر الذين دخلوا، وأكثر الناس قد وقفوا عن الصلاة ينتظرون ما يأتي بلال. فلما رأى الناس رسول الله صلى الله عليه وآله قد دخل المسجد وهو بتلك الحالة العظيمة من المرض أعظموا ذلك.
وتقدم رسول الله صلى الله عليه وآله فجذب أبا بكر من وراءه فنحاه عن المحراب، وأقبل أبو بكر والنفر الذين كانوا معه فتواروا خلف رسول الله صلى الله عليه وآله. وأقبل الناس فصلوا خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وهو جالس وبلال يسمع الناس التكبير حتى قضى صلاته. ثم التفت فلم ير أبا بكر، فقال: (يا أيها الناس، ألا تعجبون من ابن أبي قحافة وأصحابه الذين أنفذتهم وجعلتهم تحت يدي أسامة وأمرتهم بالمسير إلى الوجه الذي وجهوا إليه، فخالفوا ذلك ورجعوا إلى المدينة ابتغاء الفتنة؟ ألا وإن الله قد أركسهم فيها).
١- أي علي عليه السلام.
13- روي في البحار: ج 39 ص 9 بإسناده عن ابن عباس أنه قال: انتدب رسول الله صلى الله عليه وآله الناس ليلة بدر إلى الماء. فانتدب علي عليه السلام فخرج وكانت ليلة باردة ذات ريح وظلمة. فخرج بقربته، فلما كان إلى القليب لم يجد دلوا. فنزل إلى الجب تلك الساعة فملأ قربته ثم أقبل. فاستقبلته ريح شديدة، فجلس حتى مضت، ثم قام. ثم مرت به أخرى فجلس حتى مضت، ثم قام. ثم مرت به أخرى فجلس حتى مضت.

<p dir="rtl" style="line-height: 200%; font-family: tahoma,arial,helvetica,sans-serif; text-align: justify;">

أفضل مناقب أمير المؤمنين عليه السلام في القرآن وعند النبي صلی الله عليه و اله


سليم قال: جاء رجل إلى علي بن أبي طالب عليه السلام وأنا أسمع، فقال: أخبرني
يا أمير المؤمنين بأفضل منقبة لك؟ قال: ما أنزل الله في من كتابه.
قال: وما أنزل الله فيك؟ قال: قوله: (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه) (1)،
أنا الشاهد من رسول الله صلی الله عليه و اله. وقوله: (ومن عنده علم الكتاب)(2) ، إياي عنى. ولم يدع شيئا مما ذكر الله فيه إلا ذكره. (3)
أفضل منقبة له عليه السلام من رسول الله صلی الله عليه و اله
قال: فأخبرني بأفضل منقبة لك من رسول الله صلی الله عليه و اله.
قال عليه السلام: نصبه إياي بغدير خم، فقام لي بالولاية من الله عز وجل بأمر الله تبارك وتعالى.
وقوله (أنت مني بمنزلة هارون من موسى).
وسافرت مع رسول الله صلی الله عليه و اله - وذلك قبل أن يأمر نسائه بالحجاب - وأنا أخدم
رسول الله صلی الله عليه و اله ليس له خادم غيري. وكان لرسول الله صلی الله عليه و اله لحاف ليس له لحاف غيره
ومعه عائشة، وكان رسول الله صلی الله عليه و اله ينام بيني وبين عائشة ليس علينا ثلاثة لحاف غيره.
وإذا قام رسول الله صلی الله عليه و اله يصلي حط بيده اللحاف من وسطه بيني وبين عائشة ليمس اللحاف الفراش الذي تحتنا ويقوم رسول الله صلی الله عليه و اله فيصلي.
فأخذتني الحمي ليلة فأسهرتني، فسهر رسول الله صلی الله عليه و اله لسهري. فبات ليلته بيني
وبين مصلاه يصلي ما قدر له. ثم يأتيني فيسألني وينظر إلي. فلم يزل دأبه ذلك إلى
أن أصبح. فلما أصبح صلى بأصحابه الغداة ثم قال: (اللهم اشف عليا وعافه فإنه قد أسهرني الليلة لما به من الوجع)، فكأنما نشطت من عقال ما بي قبله. (6)
قال عليه السلام: ثم قال رسول الله صلی الله عليه و اله: أبشر يا أخي - قال ذلك وأصحابه يسمعون - قلت:
بشرك الله بخير يا رسول الله وجعلني فداؤك. قال: إني لم أسأل الله شيئا إلا أعطانيه،
ولم أسأل لنفسي شيئا إلا سألت لك مثله، وإني دعوت الله أن يواخي بيني وبينك ففعل، وسألته (أن يجعلك ولي كل مؤمن من بعدي) ففعل.
فقال رجلان - أحدهما لصاحبه -: وما أراد إلى ما سأل؟ فوالله لصاع من تمر بال في
شن بال خير مما سأل ولو كان سأل ربه أن ينزل عليه ملكا يعينه على عدوه أو ينزل
عليه كنزا ينفقه على أصحابه - فإن بهم حاجة - كان خيرا مما سأل. وما دعا عليا قط إلى حق ولا إلى باطل (7) إلا أجابه.
وحدث محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام بهذا الحديث. (8)
____________
1- سورة هود: الآية 17.
2- إياي (2). سورة الرعد: الآية 43.
3- في الإحتجاج هكذا: فلم يدع شيئا أنزل الله فيه إلا ذكره، ومثل قوله: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)، وقوله: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) وغير ذلك.
4- قد مر ذكر هذه القضية في الحديث 36 من هذا الكتاب.
5- قوله: (إلى باطل) على زعم أبي بكر وعمر. فقوله: (وما دعا عليا...) من تتمة كلام أبي بكر وعمر فيما بينهما، يريدان أن عليا عليه السلام تسليم لكل أوامر رسول الله صلى الله عليه وآله. وفي الإحتجاج أورد هذه الفقرة هكذا:
(وما دعا عليا قط إلى خير إلا استجابه).
6- الظاهر أن هذه العبارة من كلام أبان الذي كان من أصحاب أبي جعفر الباقر عليه السلام.

وصايا رسول الله صلی الله عليه و اله لبني هاشم


سليم: قال: قلت لعبد الله بن العباس - وجابر بن عبد الله الأنصاري إلى جنبه -:
شهدت النبي صلی الله عليه و اله عند موته؟ قال: نعم، لما ثقل رسول الله صلی الله عليه و اله جمع كل محتلم من بني عبد المطلب وامرأة وصبي قد عقل، فجمعهم جميعا فلم يدخل معهم غيرهم إلا الزبير فإنما أدخله لمكان صفية، وعمر بن أبي سلمة وأسامة بن زيد. ثم قال: (إن هؤلاء الثلاثة منا أهل البيت)، وقال: (أسامة مولانا ومنا).
وقد كان رسول الله صلی الله عليه و اله استعمله على جيش وعقد له وفي ذلك الجيش أبو بكر
وعمر، فقال كل واحد منهما: (لا ينتهي يستعمل علينا هذا الصبي العبد) فاستأذن (1)
رسول الله صلی الله عليه و اله ليودعه ويسلم عليه، فوافق ذلك اجتماع بني هاشم فدخل معهم
واستأذن أبو بكر وعمر أسامة ليسلما على النبي صلی الله عليه و اله فأذن لهما.
فلما دخل أسامة معنا - وهو من أوسط بني هاشم (2) وكان صلی الله عليه و اله شديد الحب له - قال رسول الله صلی الله عليه و اله لنسائه: (قمن عني فأخلينني وأهل بيتي). فقمن كلهن غير عائشة
وحفصة فنظر إليهما رسول الله صلی الله عليه و اله وقال: (اخلياني وأهل بيتي). فقامت عائشة آخذة بيد حفصة وهي تدمر غضبا وتقول: (قد أخليناك وإياهم) فدخلتا بيتا من خشب.
الأخبار عن اثني عشر إمام هداية واثني عشر إمام ضلالة
فقال رسول الله صلی الله عليه و اله لعلي عليه السلام: (يا أخي، أقعدني)، فأقعده علي عليه السلام وأسنده إلى
نحره، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا بني عبد المطلب، اتقوا الله واعبدوه، واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ولا تختلفوا. إن الإسلام بني على خمسة: على الولاية
والصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان والحج. فأما الولاية فلله ولرسوله وللمؤمنين
الذين يؤتون الزكاة وهم راكعون(3) ، (ومن يتولى الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب
الله هم الغالبون). (4)
قال ابن عباس: وجاء سلمان والمقداد وأبو ذر، فأذن لهم رسول الله صلی الله عليه و اله مع
بني عبد المطلب.
فقال سلمان: يا رسول الله، للمؤمنين عامة أو خاصة لبعضهم؟ قال: بل خاصة
لبعضهم، الذين قرنهم الله بنفسه ونبيه في غير آية من القرآن.
قال: من هم يا رسول الله؟ قال: أولهم وأفضلهم وخيرهم أخي هذا علي بن
أبي طالب - ووضع يده على رأس علي عليه السلام - ثم ابني هذا من بعده - ثم وضع يده على رأس الحسن عليه السلام - ثم ابني هذا - ووضع يده على رأس الحسين عليه السلام - من بعده، والأوصياء تسعة من ولد الحسين عليه السلام واحد بعد واحد، حبل الله المتين وعروته الوثقى.
هم حجة الله على خلقه وشهدائه في أرضه. من أطاعهم فقد أطاع الله وأطاعني، ومن عصاهم فقد عصى الله وعصاني، هم مع الكتاب والكتاب معهم، لا يفارقهم
ولا يفارقونه حتى يردا علي الحوض.
يا بني عبد المطلب، إنكم ستلقون من بعدي من ظلمة قريش وجهال العرب وطغاتهم تعبا وبلاء وتظاهرا منهم عليكم واستذلالا وتوثبا عليكم وحسدا لكم وبغيا عليكم، فاصبروا حتى تلقوني. إنه من لقي الله - يا بني عبد المطلب - موحدا مقرا برسالتي أدخله الجنة ويقبل ضعيف عمله ويجاوز عن سيئاته.
يا بني عبد المطلب، إني رأيت على منبري اثني عشر من قريش، كلهم ضال مضل يدعون أمتي إلى النار ويردونهم عن الصراط القهقرى: رجلان من حيين من قريش (5) عليهما مثل إثم الأمة ومثل جميع عذابهم، وعشرة من بني أمية. رجلان من العشرة من ولد حرب بن أمية (6) وبقيتهم من ولد أبي العاص بن أمية.
ومن أهل بيتي اثنا عشر إمام هدى كلهم يدعون إلى الجنة: علي والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين واحدا بعد واحد. إمامهم ووالدهم علي، وأنا إمام علي وإمامهم. هم مع الكتاب والكتاب معهم لا يفارقهم ولا يفارقونه حتى يردوا علي الحوض.
يا بني عبد المطلب، أطيعوا عليا واتبعوه وتولوه ولا تخالفوه وابرؤوا من عدوه
وآزروه وانصروه واقتدوا به ترشدوا وتهتدوا وتسعدوا.
يا بني عبد المطلب، أطيعوا عليا. إني لو قد أخذت بحلقة باب الجنة ففتح لي فتح
إلى ربي فوقعت ساجدا فقال لي: (إرفع رأسك، سل تسمع واشفع تشفع)، لم أؤثر
عليكم أحدا.
قالوا: سمعنا وأطعنا يا رسول الله.
____________
1- أي استأذن أسامة.
2- كناية عن أنه يعد منهم وإن لم يكن منهم نسبا.
3- إشارة إلى قوله تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) في سورة المائدة: الآية 55.
4- سورة المائدة: الآية 56.
5- هما أبو بكر من بني تيم وعمر من بني عدي.
6- هما معاوية ويزيد.

إخبار رسول الله صلی الله عليه و اله عن مصائب أهل بيته في آخر عمره المبارك


ثم أقبل على علي عليه السلام فقال: يا أخي: إن قريشا ستظاهر عليكم وتجتمع كلمتهم على ظلمك وقهرك. فإن وجدت أعوانا فجاهدهم وإن لم تجد أعوانا فكف يدك واحقن دمك. أما إن الشهادة من وراءك، لعن الله قاتلك.
ثم أقبل على ابنته فقال: إنك أول من يلحقني من أهل بيتي، وأنت سيدة نساء
أهل الجنة. وسترين بعدي ظلما وغيظا حتى تضربي ويكسر ضلع من أضلاعك. لعن الله قاتلك ولعن الأمر والراضي والمعين والمظاهر عليك وظالم بعلك وابنيك.
وأما أنت يا حسن فإن الأمة تغدر بك، فإن وجدت أعوانا فجاهدهم وإلا فكف يدك واحقن دمك فإن الشهادة من وراءك، لعن الله قاتلك والمعين عليك، فإن الذي يقتلك
ولد زنا ابن زنا ابن ولد زنا. إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة ولم يرض لنا الدنيا.
قال: ثم أقبل رسول الله صلی الله عليه و اله على ابن عباس(1) فقال: أما إن أول هلاك بني أمية - بعد ما يملك منهم عشرة - على يد ولدك. فليتقوا الله وليراقبوا في ولدي وعترتي، فإن الدنيا لم تبق لأحد قبلنا ولا تبقى لأحد بعدنا. دولتنا آخر الدول، يكون مكان كل يوم يومين ومكان كل سنة سنتين. ومنا من ولدي من يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
____________
١- الظاهر أن الخطاب إلى عباس لا ابن عباس الناقل للحديث. ولا إشكال في توجه الخطاب إلى ابن عباس أيضا.

كلمة النبي صلی الله عليه و اله عن أوصيائه الاثني عشر


سليم، قال: سمعت سلمان يقول: قلت: يا رسول الله، إن الله لم يبعث نبيا قبلك إلا
وله وصي، فمن وصيك يا نبي الله؟ قال: يا سلمان، إنه ما أتاني من الله فيه شئ.
فمكث غير كثير، ثم قال لي: يا سلمان، إنه قد أتاني من الله في الأمر الذي سألتني
عنه. إني أشهدك يا سلمان إن علي بن أبي طالب وصيي وأخي ووارثي ووزيري وخليفتي في أهلي وولي كل مؤمن من بعدي، يبرئ ذمتي ويقضي ديني ويقاتل على سنتي.
يا سلمان، إن الله اطلع على الأرض اطلاعة فاختارني منهم. ثم اطلع ثانية فاختار
منهم عليا أخي، وأمرني فزوجته سيدة نساء أهل الجنة. ثم اطلع ثالثة فاختار فاطمة والأوصياء: ابني حسنا وحسينا وبقيتهم من ولد الحسين.
هم مع القرآن والقرآن معهم، لا يفارقهم ولا يفارقونه كهاتين - وجمع بين إصبعيه المسبحتين - حتى يردوا علي الحوض واحدا بعد واحد، شهداء الله على خلقه وحجته في أرضه. من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم عصى الله، كلهم هاد مهدي.
ونزلت هذه الآية في وفي أخي علي وفي ابنتي فاطمة وفي ابني والأوصياء واحدا
بعد واحد، ولدي وولد أخي: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت
ويطهركم تطهيرا). (1) أتدرون ما (الرجس) يا سلمان؟ قلت: لا. قال: الشك، لا يشكون في شئ جاء من عند الله أبدا، مطهرون في ولادتنا وطينتنا إلى آدم، مطهرون معصومون من كل سوء.
إخباره صلی الله عليه و اله عن المهدي عليه السلام
ثم ضرب بيده على الحسين عليه السلام فقال: يا سلمان، مهدي أمتي الذي يملأ الأرض
قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما من ولد هذا. إمام بن إمام، عالم بن عالم، وصي بن وصي، أبوه الذي يليه إمام وصي عالم.
قال: قلت: يا نبي الله، المهدي أفضل أم أبوه؟ قال: أبوه أفضل منه. للأول مثل
أجورهم كلهم لأن الله هداهم به.
أيما داع دعا إلى هدى فله أجره ومثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ، وأيما داع دعا إلى ضلالة فعليه وزره ومثل أوزار من تبعه لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا.
يا سلمان، إن موسى سأل ربه أن يجعل له وزيرا من أهله فجعل له أخاه هارون
وزيرا. وإنني سألت ربي أن يجعل لي وزيرا من أهلي فجعل لي أخي أشد به ظهري وأشركه في أمري. فاستجاب لي كما استجاب لموسى في هارون.
التبرك بتراب أقدام أمير المؤمنين عليه السلام
يا سلمان، لولا أن تفرط أمتي في أخي علي كإفراط النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيه مقالة يتبعون آثار قدميه في التراب يقبلونه.
____________
١- سورة الأحزاب: الآية 33.

كلام لا يقوله أحد غير أمير المؤمنين عليه السلام


سليم، قال: سمعت عليا عليه السلام يقول على منبر الكوفة: والذي فلق الحبة وبرء النسمة
لأقولن كلاما لم يقله أحد قبلي ولا يقوله أحد بعدي إلا كذاب: (أنا عبد الله وأخو رسوله.
ورثت نبي الرحمة ونكحت خير نساء الأمة وأنا خير الوصيين).
فقام رجل من الخوارج فقال: (أنا عبد الله وأخو رسول الله) فأخذته الموتة
مكانه، فما انقلع عنه حتى مات.

علم أمير المؤمنين عليه السلام


قال سليم: وسمعت عليا عليه السلام يقول:
(علمني رسول الله صلی الله عليه و اله ألف باب من العلم، يفتح كل باب ألف).
فلم أشك أنه عليه السلام صادق، ولم أسأل عن ذلك أحدا.

اختلاف الأمة والفرقة الناجية


وقال سليم: إني لجالس أنا وعلي عليه السلام والناس حوله، إذ أتاه رأس اليهود ورأس النصارى. فأقبل على رأس اليهود فقال: على كم تفرقت اليهود؟ فقال: هو عندي مكتوب في كتاب. فقال علي عليه السلام: قاتل الله زعيم قوم يسأل عن مثل هذا من أمر دينه فيقول: (هو عندي في كتاب)!
قال: ثم قال لرأس النصارى: كم تفرقت النصارى؟ قال: (على كذا وكذا)، فأخطأ.
فقال علي عليه السلام: لو قلت كما قال صاحبك كان خيرا من أن تقول وتخطئ.
ثم أقبل عليهما علي عليه السلام وعلى الناس فقال: أنا والله أعلم بالتوراة من أهل التوراة،
وأعلم بالإنجيل من أهل الإنجيل، وأعلم بالقرآن من أهل القرآن. أنا أخبركم على كم تفرقوا.
الفرقة الناجية بعد الأنبياء عليهم السلام
سمعت رسول الله صلی الله عليه و اله يقول: تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، سبعون منها
في النار وواحدة في الجنة وهي التي تبعت وصي موسى. وتفرقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، واحدة وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي التي تبعت وصي
عيسى. وأمتي تفترق على ثلاث وسبعين فرقة، اثنتان وسبعون فرقة في النار وواحدة
في الجنة وهي التي تبعت وصيي.
قال: ثم ضرب بيده على منكب علي عليه السلام(1) ، ثم قال: ثلاث عشرة فرقة من الثلاث وسبعين كلها تنتحل مودتي وحبي، واحدة منها في الجنة وثنتا عشرة في النار. (2)
____________
١- الأوفق بالعبارة باعتبار أن القائل هو أمير المؤمنين عليه السلام أن يكون هكذا: قال عليه السلام: ثم ضرب بيده على منكبي ثم قال: ثلاث عشرة فرقة من الثلاث والسبعين كلها تنتحل مودتك وحبك.
٢- ورد هذا الحديث في الفضائل لشاذان بن جبرئيل عن سليم بتفاوت ليس باليسير ولذا نورد هنا نص ما في الفضائل بعينه:
بالأسناد يرفعه إلى سليم بن قيس قال: دخلت على علي بن أبي طالب عليه السلام في مسجد الكوفة والناس حوله، إذ دخل عليه رأس اليهود ورأس النصارى، فسلما وجلسا. فقال الجماعة: بالله عليك يا مولانا، اسألهم حتى ننظر ما يعملون.
قال عليه السلام لرأس اليهود: يا أخا اليهود. قال: لبيك. قال: على كم انقسمت أمة نبيكم؟ قال: هو عندي في كتاب مكنون. قال: قاتل الله قوما أنت زعيمهم يسأل عن أمر دينه فيقول: (هو عندي في كتاب مكنون) ثم التفت إلى رأس النصارى وقال له: كم انقسمت أمة نبيكم؟ قال: على كذا وكذا، فأخطأ. فقال عليه السلام: لو قلت مثل قول صاحبك لكان خيرا لك من أن تقول وتخطئ ولا تعلم.
ثم أقبل عند ذلك وقال: أيها الناس، أنا أعلم من أهل التوراة بتوراتهم، وأعلم من أهل الإنجيل بإنجيلهم، وأعلم من أهل القرآن بقرآنهم. أنا أعرف كم انقسمت الأمم. أخبرني به أخي وحبيبي وقرة عيني رسول الله صلى الله عليه وآله حيث قال: إفترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، سبعون فرقة في النار وفرقة واحدة في الجنة وهي التي اتبعت وصيه. وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، فإحدى وسبعون فرقة في النار وفرقة واحدة في الجنة وهي التي اتبعت وصيه. وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي التي اتبعت وصيي - وضرب بيده على منكبي -.
ثم قال: اثنتان وسبعون فرقة حلت عقد الإله فيك، وواحدة في الجنة وهي التي اتخذت محبتك وهم شيعتك.
 

كتاب حوادث العالم عند أمير المؤمنين عليه السلام


سليم، قال: لما قتل الحسين بن علي عليه السلام بكى ابن عباس بكاء شديدا، ثم قال: ما
لقيت هذه الأمة بعد نبيها اللهم إني أشهدك أني لعلي بن أبي طالب ولي ولولده، ومن عدوه وعدوهم برئ، وإني أسلم لأمرهم.
الإخبار عن بلايا أهل البيت عليهم السلام في كتاب أمير المؤمنين عليه السلام
لقد دخلت على علي عليه السلام بذي قار، فأخرج إلي صحيفة وقال لي: يا بن عباس، هذه صحيفة أملاها علي رسول الله صلی الله عليه و اله وخطي بيدي. فقلت: يا أمير المؤمنين، إقرأها علي فقرأها، فإذا فيها كل شئ كان منذ قبض رسول الله صلی الله عليه و اله إلى مقتل الحسين عليه السلام وكيف يقتل ومن يقتله ومن ينصره ومن يستشهد معه. فبكى بكاء شديدا وأبكاني.
فكان فيما قرأه علي: كيف يصنع به وكيف يستشهد فاطمة وكيف يستشهد الحسن
ابنه وكيف تغدر به الأمة. فلما أن قرأ كيف يقتل الحسين ومن يقتله أكثر البكاء، ثم أدرج الصحيفة وقد بقي ما يكون إلى يوم القيامة. (1)
الأخبار عن دولة الغاصبين في كتاب أمير المؤمنين عليه السلام
وكان فيها - فيما قرأ - أمر أبي بكر وعمر وعثمان وكم يملك كل إنسان منهم، وكيف بويع علي عليه السلام، ووقعة الجمل وسير عائشة وطلحة والزبير، ووقعة صفين ومن يقتل
فيها، ووقعة النهروان وأمر الحكمين، وملك معاوية ومن يقتل من الشيعة، وما يصنع
الناس بالحسن، وأمر يزيد بن معاوية حتى انتهى إلى قتل الحسين. فسمعت ذلك ثم
كان كل ما قرأ (2) لم يزد ولم ينقص.
فرأيت خطه أعرفه في صحيفة لم تتغير ولم تصفر. فلما أدرج الصحيفة قلت:
يا أمير المؤمنين، لو كنت قرأت علي بقية الصحيفة؟ قال عليه السلام: لا، ولكني محدثك.
ما يمنعني فيها ما نلقى من أهل بيتك وولدك (3) وهو أمر فظيع من قتلهم لنا وعداوتهم
إيانا وسوء ملكهم وشوم قدرتهم. فأكره أن تسمعه فتغتم ويحزنك ولكني أحدثك.
أخذ رسول الله صلی الله عليه و اله عند موته بيدي ففتح لي ألف باب من العلم يفتح كل باب ألف باب - وأبو بكر وعمر ينظران إلي - وهو يشير إلى ذلك. فلما خرجت قالا لي: ما قال لك؟ فحدثتهما بما قال. فحركا أيديهما ثم حكيا قولي، ثم وليا يردان قولي ويخطران بأيديهما.
الإخبار عن دولة بني العباس
يا بن عباس، إن الحسن يأتيك من الكوفة بكذا وكذا ألف رجل غير رجل. (4)
يا بن عباس، إن ملك بني أمية إذا زال كان أول ما يملك من بني هاشم ولدك،
فيفعلون الأفاعيل.
فقال ابن عباس: لأن يكون نسختي ذلك الكتاب أحب إلي مما طلعت عليه
الشمس.
____________
1- أي بقي قراءته ولم أره.
2- أي وقع كل ما قرأه من ذلك الكتاب من غير زيادة ولا نقيصة.
3- أي إن المانع من قراءة الصحيفة كلها ما جاء فيها مما نلقى من أهل بيتك.
4- راجع الحديث 30 من هذا الكتاب.

خطبة أمير المؤمنين عليه السلام في البصرة بعد وقعة الجمل


قال سليم: شهدت عليا عليه السلام حين عاد زياد بن عبيد بعد ظهوره على أهل الجمل، وإن البيت لممتلئ من أصحاب رسول الله صلی الله عليه و اله فيهم عمار وأبو الهيثم بن التيهان وأبو أيوب وجماعة من أهل بدر نحو من سبعين رجلا - وزياد في بيت عظيم شبه البهو (1) - إذ أتاه رجل بكتاب من رجل من الشيعة بالشام:
(إن معاوية استنفر الناس ودعاهم إلى الطلب بدم عثمان، وكان فيما يحضهم به
أن قال: إن عليا قتل عثمان وآوى قتلته، وإنه يطعن على أبي بكر وعمر ويدعي أنه خليفة رسول الله وإنه أحق بالأمر منهما. فنفرت العامة والقراء، واجتمعوا على معاوية إلا
قليلا منهم).
كلام أمير المؤمنين عليه السلام حول الخلافة المغصوبة
قال: فحمد الله وأثنى عليه وقال: أما بعد، ما لقيت من الأمة بعد نبيها منذ قبض صلی الله عليه و اله.
فأقام عمر وأصحابه الذين ظاهروا علي أبا بكر فبايعوه وأنا مشغول بغسل
رسول الله صلی الله عليه و اله وكفنه ودفنه، وما فرغت من ذلك حتى بايعوه وخاصموا الأنصار
بحجتي وحقي. والله إنه ليعلم يقينا والذين ظاهروه أني أحق بها من أبي بكر.
فلما رأيت اجتماعهم عليه وتركهم إياي ناشدتهم الله عز وجل وحملت فاطمة عليها السلام
على حمار وأخذت بيد ابني الحسن والحسين لعلهم يرعوون(2) ، فلم أدع أحدا من
أهل بدر ولا أهل السابقة من المهاجرين والأنصار إلا استعنتهم ودعوتهم إلى نصرتي وناشدتهم الله حقي فلم يجيبوني ولم ينصروني. أنتم تعلمون يا معاشر من حضر من
أهل بدر أني لم أقل إلا حقا.
قالوا: صدقت يا أمير المؤمنين وبررت، فنستغفر الله من ذلك ونتوب إليه.
قال: وكان الناس قريبي عهد بالجاهلية فخشيت فرقة أمة محمد واختلاف كلمتهم، وذكرت ما عهد إلي رسول الله صلی الله عليه و اله لأنه أخبرني بما صنعوا وأمرني: إن وجدت أعوانا جاهدتهم وإن لم أجد أعوانا كففت يدي وحقنت دمي.
ثم ردها أبو بكر إلى عمر - ووالله إنه ليعلم يقينا أني أحق بها من عمر - فكرهت الفرقة فبايعت وسمعت وأطعت.
ثم جعلني عمر سادس ستة فولى الأمر ابن عوف، فخلا بابن عفان فجعلها له على
أن يردها عليه ثم بايعه، فكرهت الفرقة والاختلاف.
ثم إن عثمان غدر بابن عوف وزواها عنه، فبرء منه ابن عوف وقام خطيبا فخلعه كما
خلع نعله. ثم مات ابن عوف وأوصى أن لا يصلي عليه عثمان، وزعم ولد ابن عوف أن عثمان سمه.
ثم قتل (3) ، واجتمع الناس ثلاثة أيام يتشاورون في أمرهم. ثم أتوني فبايعوني طائعين غير مكرهين.
امتحن الله المسلمين بأمهم عائشة
ثم إن الزبير وطلحة أتياني يستأذناني في العمرة، فأخذت عليهما ألا ينكثا بيعتي
ولا يغدرا بي ولا يبغيا علي غائلة. ثم توجها إلى مكة فسارا بعائشة إلى أهل مدرة (4) كثير جهلهم قليل فقههم، فحملوهم على نكث بيعتي واستحلال دمي.
ثم ذكر عليه السلام عائشة وخروجها من بيتها وما ركبت منه. فقال عمار: (يا أمير المؤمنين، كف عنها فإنها أمك) فترك ذكرها وأخذ في شئ آخر، ثم عاد إلى ذكرها فقال أشد مما قال أولا. فقال عمار: (يا أمير المؤمنين، كف عنها فإنها أمك) فأعرض عن ذكرها ثم
عاد الثالثة فقال أشد مما قال. قال: فقال عمار: (يا أمير المؤمنين، كف عنها فإنها أمك) فقال: كلا، إني مع الله على من خالفه، وإن أمكم ابتلاكم الله بها ليعلم أمعه تكونون أم معها؟
تناقض الغاصبين في نظرية تعيين الخليفة
قال سليم: ثم ذكر علي عليه السلام بيعة أبي بكر وعمر وعثمان فقال: (لعمري لئن كان الأمر كما يقولون، ولا والله ما هو كما يقولون)، ثم سكت. فقال له عمار: وما يقولون؟ فقال:
يقولون (إن رسول الله صلی الله عليه و اله لم يستخلف أحدا وإنهم إنما تركوا ليتشاوروا)، ففعلوا غير ما أمروا في قوله.(5) فقد بايع القوم أبا بكر عن غير مشورة ولا رضى من أحد، ثم أكرهوني وأصحابي على البيعة. ثم بايع أبو بكر عمر عن غير مشورة. ثم جعلها عمر شورى بين ستة رهط وأخرج من ذلك جميع الأنصار والمهاجرين إلا هؤلاء الستة ثم قال: (يصلي صهيب بالناس ثلاثة أيام)، ثم أمر الناس: (إن مضت ثلاثة أيام ولم يفرغ القوم
أن تضرب رقابهم، وإن اجتمع أربعة وخالف اثنان أن يقتلوا الاثنين). ثم تشاوروا في ثلاثة أيام وكانت بيعتهم عن مشورة من جماعتهم وملأهم، ثم صنعوا ما رأيتم!
ثم قال: إن موسى قال لهارون: (ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن) إلى قوله
(ولم ترقب قولي)(6) ، وأنا من نبي الله بمنزلة هارون من موسى، عهد إلي رسول الله صلی الله عليه و اله: (إن ضلت الأمة بعده وتبعت غيري أن أجاهدهم إن وجدت أعوانا، وإن لم أجد أعوانا أن أكف يدي وأحقن دمي)، وأخبرني بما الأمة صانعة بعده.
إخبار أمير المؤمنين عليه السلام عن صفين والنهروان
فلما وجدت أعوانا بعد قتل عثمان على إقامة أمر الله وإحياء الكتاب والسنة
لم يسعني الكف، فبسطت يدي فقاتلت هؤلاء الناكثين، وأنا غدا إن شاء الله مقاتل القاسطين بأرض الشام في موضع يقال له (صفين)، ثم أنا بعد ذلك مقاتل المارقين بأرض من أرض العراق يقال لها (النهروان). أمرني رسول الله صلی الله عليه و اله بقتالهم في هذه المواطن الثلاث.
وكففت يدي لغير عجز ولا جبن ولا كراهية للقاء ربي، ولكن لطاعة رسول الله صلی الله عليه و اله وحفظ وصيته. فلما وجدت أعوانا نظرت فلم أجد بين السبيلين ثالثا: إما الجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو الكفر بالله والجهود بما أنزل الله ومعالجة الأغلال في نار جهنم والارتداد عن الإسلام.
إخبار أمير المؤمنين عليه السلام عن قاتله
وقد أخبرني رسول الله صلی الله عليه و اله أن الشهادة من ورائي، وأن لحيتي ستخضب من دم
رأسي، بل قاتلي أشقى الأولين والآخرين، رجل أحيمر(7) يعدل عاقر الناقة ويعدل قابيل قاتل أخيه هابيل وفرعون الفراعنة والذي حاج إبراهيم في ربه ورجلين من
بني إسرائيل بدلا كتابهم وغيرا سنتهم. ثم قال صلی الله عليه و اله: ورجلين من أمتي.
خطايا أمة محمد صلی الله عليه و اله عليهما
ثم قال عليه السلام: إن عليهما خطايا أمة محمد. إن كل دم سفك إلى يوم القيامة ومال يؤكل حراما وفرج يغشى حراما وحكم يجار فيه عليهما، من غير أن ينقص من إثم من عمل به شئ.
قال عمار: يا أمير المؤمنين، سمهما لنا فنلعنهما. قال: يا عمار، ألست تتولى
رسول الله صلی الله عليه و اله وتبرء من عدوه؟ قال: بلى. قال: وتتولاني وتبرء من عدوي؟ قال: بلى.
قال: حسبك يا عمار، قد برئت منهما ولعنتهما وإن لم تعرفهما بأسمائهما.
قال: يا أمير المؤمنين لو سميتهما لأصحابك فبرءوا منهما كان أمثل من ترك ذلك.
قال: رحم الله سلمان وأبا ذر والمقداد، ما كان أعرفهم بهما وأشد برائتهم منهما ولعنتهم لهما!!
قال: يا أمير المؤمنين جعلت فداك، فسمهما فإنا نشهد أن نتولى من توليت ونتبرء
ممن تبرأت منه. قال: يا عمار، إذا يقتل أصحابي وتتفرق عني جماعتي وأهل عسكري وكثير ممن ترى حولي!
قاعدة عامة في الولاية والبراءة
یا عمار، من تولى موسى وهارون وبرئ من عدوهما فقد برئ من العجل
والسامري، ومن تولى العجل والسامري وبرئ من عدوهما فقد برئ من موسى
وهارون من حيث لا يعلم. يا عمار، ومن تولى رسول الله وأهل بيته وتولاني وتبرء من عدوي
فقد برئ منهما، ومن برئ من عدوهما فقد برئ من رسول الله صلی الله عليه و اله من حيث لا يعلم. (8)
محمد بن أبي بكر نجيب قومه
فقال محمد بن أبي بكر: يا أمير المؤمنين، لا تسمهما فقد عرفتهما ونشهد الله
أن نتولاك ونبرء من عدوك كلهم، قريبهم وبعيدهم وأولهم وآخرهم وحيهم وميتهم وشاهدهم وغائبهم. (9)
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: يرحمك الله يا محمد، إن لكل قوم نجيبا وشاهدا عليهم
وشافعا لأماثلهم، وأفضل النجباء النجيب من أهل السوء وإنك يا محمد لنجيب
أهل بيتك. (10)
تحذير رسول الله صلی الله عليه و اله أبا بكر وعمر من غصب الخلافة
أما إني سأخبرك: دعاني رسول الله صلی الله عليه و اله وعنده سلمان وأبو ذر والمقداد، ثم أرسل
النبي صلی الله عليه و اله عائشة إلى أبيها وحفصة إلى أبيها وأمر ابنته فأرسلت إلى زوجها عثمان، فدخلوا.
فحمد الله وأثنى عليه وقال: يا أبا بكر، يا عمر، يا عثمان، إني رأيت الليلة اثني عشر
رجلا على منبري يردون أمتي عن الصراط القهقرى. فاتقوا الله وسلموا الأمر لعلي
بعدي ولا تنازعوه في الخلافة، ولا تظلموه ولا تظاهروا عليه أحدا. قالوا: يا نبي الله، نعوذ بالله من ذلك أماتنا الله قبل ذلك!!
النص على الأئمة الاثني عشر عليهم السلام بحضور أبي بكر وعمر وعثمان
قال صلی الله عليه و اله: فإني أشهدكم جميعا ومن في البيت من رجل وامرأة: (أن علي بن
أبي طالب خليفتي في أمتي، وإنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم. فإذا مضى فابني هذا
- ووضع يده على رأس الحسن عليه السلام - فإذا مضى فابني هذا - ووضع يده على رأس الحسين عليه السلام - ثم تسعة من ولد الحسين عليه السلام واحد بعد واحد. وهم الذين عنى الله بقوله: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)(11) آية نزلت في الأئمة إلا تلاها
رسول الله صلی الله عليه و اله.
رؤيا رسول الله صلی الله عليه و اله في الغاصبين
فقام أبو بكر وعمر وعثمان، وبقيت أنا وأصحابي أبو ذر وسلمان والمقداد وبقيت
فاطمة والحسن والحسين، وقمن نساءه وبناته غير فاطمة، فقال رسول الله صلی الله عليه و اله: (رأيت هؤلاء الثلاثة وتسعة من بني أمية وفلان من التسعة من آل أبي سفيان(12) وسبعة من ولد الحكم بن أبي العاص بن أمية يردون أمتي على أدبارها القهقرى).
قال ذلك علي عليه السلام وبيت زياد ملآن من أصحاب رسول الله صلی الله عليه و اله. ثم أقبل عليهم فقال: (اكتموا ما سمعتم إلا من مسترشد. يا زياد، اتق الله في شيعتي بعدي) فلما خرج
من عند زياد أقبل علينا فقال: (إن معاوية سيدعيه، ويقتل شيعتي، لعنه الله).
__________
1- البهو: البيت الذي كانوا يقيمونه أمام البيوت أو الخيام منزلا للغرباء والضيوف.
2- أي يرجعون، أو يكفون عن الجهل.
3- أي قتل عثمان.
4- المدرة بمعنى البلدة والقرية لأن بنيانها غالبا من المدر أي الطين، ولعله تصحيف كلمة (مدينة). والمراد به البصرة.
5 - أي في قوله المنسوب إليه بزعمهم.
6- سورة طه: الآية 94.
7- (أحيمر) لقب قدار بن سالف عاقر ناقة ثمود أخذت هنا اسما لابن ملجم، فقد ورد في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لأمير المؤمنين عليه السلام: ألا أحدثكم بأشقى الناس رجلين؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: أحيمر ثمود الذي عقر الناقة والذي يضربك يا علي على هذه - ووضع يده على قرنه - حتى تبتل منه هذه - وأخذ بلحيته -.
راجع مناقب ابن المغازلي: ص 9. وأورده في البحار: ج 32 ص 312 ح 276 عن الطرائف عن الفائق للخوارزمي. وأورده في الغدير: ج 6 ص 334 أيضا.
8- يعني أن من برء من عدو أبي بكر وعمر فقد برئ من رسول الله صلى الله عليه وآله من حيث لا يعلم
9- روي في الإختصاص: ص 65 عن أبي جعفر عليه السلام: إن محمد بن أبي بكر بايع عليا عليه السلام على البراءة من أبيه.
10- روي في (الإختصاص): ص 65 عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كانت النجابة (في محمد بن أبي بكر) قد أتته من قبل أمه أسماء بنت عميس لا من قبل أبيه. وروي في البحار: ج 22 ص 343 عن الصادق عليه السلام: أنجب النجباء من أهل بيت سوء محمد بن أبي بكر.
11- سورة النساء: الآية 59.
12- المراد به معاوية، أي معاوية أحد التسعة من بني أمية.

إبراهيم النخعي يقر بالأئمة عليهم السلام


وفي كتاب سليم (1) عن الأعمش عن خيثمة، قال:
لما حضرت إبراهيم النخعي (2) الوفاة قال لي: (ضمني إليك)، ففعلت. فقال: (أشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا صلی الله عليه و اله رسول الله، وأن علي بن
أبي طالب صلوات الله عليه وصي محمد، وأن الحسن وصي علي، وأن الحسين وصي الحسن، وأن علي بن الحسين وصي الحسين).
قال: ثم أغمي عليه فسقط، فقلت: هي هي ثم أفاق فقال: سمعني غيرك؟
فقلت: لا. فقال: (على هذا أحيي وعليه أموت، وعليه كان علقمة والأسود (3)، ومن
لم يكن على هذا فليس على شئ).
____________
١- هكذا في النسخ، والظاهر أنه من رواية أبان بن أبي عياش يرويها عن الأعمش.
٢- إبراهيم النخعي هو أبو عمران إبراهيم بن يزيد بن الأسود بن عمرو بن ربيعة بن حارثة بن سعد بن مالك بن النخع من مذحج. توفي سنة 96 بالكوفة. وكان علقمة والأسود المذكوران في آخر هذا الحديث عمه وخاله.
٣- هما تلميذا ابن مسعود. أما علقمة فهو علقمة بن قيس بن عبد الله بن مالك بن علقمة. ولد في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله ومات سنة 62 أو 73 بالكوفة. ولعل هذا هو الذي شهد صفين وخضب سيفه دما وأصيبت إحدى رجليه فعرج منها. وكان فقيها في دينه قارئا لكتاب الله وهو من ثقات أمير المؤمنين عليه السلام ومن كبار التابعين ورؤسائهم وزهادهم.
والأسود هو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي من أصحاب علي عليه السلام مات في سنة 74.

وصية أمير المؤمنين عليه السلام في الساعات الأخيرة


سليم بن قيس الهلالي قال(1) : شهدت وصية علي بن أبي طالب صلوات الله عليه
حين أوصى إلى ابنه الحسن عليه السلام، وأشهد على وصيته الحسين عليه السلام ومحمدا وجميع ولده وأهل بيته ورؤساء شيعته.
النص على الأئمة عليهم السلام وتسليم ودائع الإمامة
ثم دفع عليه السلام الكتب والسلاح إليه، ثم قال: يا بني، أمرني رسول الله صلی الله عليه و اله أن أوصي إليك وأدفع كتبي وسلاحي إليك، كما أوصى إلي رسول الله ودفع كتبه وسلاحه إلي، وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين.
ثم أقبل على الحسين عليه السلام فقال له: (وأمرك رسول الله أن تدفعها إلى ابنك هذا)
- وأخذ بيد ابن ابنه علي بن الحسين عليه السلام وهو صغير (2) - فضمه إليه وقال له: (وأمرك رسول الله أن تدفعها إلى ابنك محمد، فاقرأه من رسول الله السلام ومني).
ثم أقبل على ابنه الحسن عليه السلام فقال: يا بني، أنت ولي الأمر وولي الدم بعدي، فإن
عفوت فلك، وإن قتلت فضربة مكان ضربة ولا تمثل. ثم قال: أكتب:
نص وصية أمير المؤمنين عليه السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب: أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له، وأن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو
كره المشركون.
ثم إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك
أمرت وأنا من المسلمين.
ثم إني أوصيك يا حسن وجميع ولدي وأهل بيتي ومن بلغه كتابي من المؤمنين
بتقوى الله ربكم، فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون. واعتصموا بحبل الله جميعا
ولا تفرقوا، فإني سمعت رسول الله صلی الله عليه و اله يقول: (صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصوم، وإن البغضة حالقة الدين وفساد ذات البين)(3) ، ولا قوة إلا بالله.
انظروا ذوي أرحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب.
والله الله في الأيتام فلا تغيروا أفواههم ولا تضيعوا من بحضرتكم(4) ، فقد سمعت
رسول الله صلی الله عليه و اله يقول: (من عال يتيما حتى يستغني أوجب الله له بذلك الجنة كما أوجب لآكل مال اليتيم النار).
والله الله في القرآن، لا يسبقكم إلى العمل به غيركم.
الله الله في جيرانكم، فإن رسول الله صلی الله عليه و اله أوصى بهم.
والله الله في بيت ربكم، فلا يخلون منكم ما بقيتم فإنه إن يترك لم تناظروا. وإن أدنى ما يرجع به من أمه أن يغفر له ما قد سلف.
والله الله في الصلاة، فإنها خير العمل وإنها عمود دينكم.
والله الله في الزكاة، فإنها تطفئ غضب ربكم.
والله الله في شهر رمضان، فإن صيامه جنة من النار.
والله الله في الفقراء والمساكين، فشاركوهم في معيشتكم.
والله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم، فإنما يجاهد في سبيل الله
رجلان: إمام هدى، ومطيع له مقتد بهداه.
والله الله في ذرية نبيكم، فلا يظلمن بين أظهركم وأنتم تقدرون على الدفع عنهم.
والله الله في أصحاب نبيكم الذين لم يحدثوا حدثا ولم يؤوا محدثا، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أوصى بهم ولعن المحدث منهم ومن غيرهم والمؤوي للمحدث.
والله الله في النساء (5) وما ملكت أيمانكم، لا تخافن في الله لومة لائم فيكفيكهم الله
وقولوا للناس حسنا كما أمركم الله.
ولا تتركن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولي الله الأمر أشراركم وتدعون
فلا يستجاب لكم.
____________
1- ورد هذا الحديث في كتاب (الغيبة) للشيخ الطوسي بالإسناد عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، وفي أوله هذه الزيادة:
عن أبي جعفر عليه السلام قال: هذه وصية أمير المؤمنين عليه السلام وهي نسخة كتاب سليم بن قيس الهلالي دفعها إلى أبان وقرأها عليه. قال أبان: وقرأتها على علي بن الحسين عليهما السلام، فقال: صدق سليم، رحمه الله.
2- إنه عليه السلام كان ابن سنتين آنذاك.
3- في الكافي: وإن المبيرة الحالقة للدين فساد ذات البين.
4- في الكافي والتهذيب: فلا تغبوا أفواههم، أي لا تكونوا تصلوهم يوما. وفي الفقيه:
فلا تعر أفواههم ولا يضيعوا بحضرتكم، أي لا ترفع أصواتهم.
5- ورد هذه الفقرة في الكافي هكذا: الله الله في النساء وفيما ملكت أيمانكم، فإن آخر ما تكلم به نبيكم أن قال: (أوصيكم بالضعيفين: النساء وما ملكت أيمانكم. الصلاة الصلاة الصلاة، لا تخافوا في الله لومة لائم، يكفيكم الله من آذاكم وبغي عليكم. قولوا للناس حسنا كما أمركم الله عز وجل ولا تتركوا الأمر بالمعروف و...).

عليكم يا بني بالتواصل والتباذل والتبار، وإياكم والنفاق والتقاطع والتدابر والتفرق.


وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب.
حفظكم الله من أهل بيت وحفظ فيكم نبيكم. أستودعكم الله وأقرء عليكم السلام.
ثم لم يزل يقول (لا إله إلا الله) حتى قبض عليه السلام في أول ليلة من العشر الأواخر من
شهر رمضان ليلة إحدى وعشرين، ليلة الجمعة، سنة أربعين من الهجرة. (1)
____________
١- زاد في التهذيب هذه العبارة في آخر الحديث: قال أبان: قرأتها على علي بن الحسين عليه السلام، فقال علي بن الحسين عليه السلام: صدق سليم.

أقل ما يجب على المؤمن لحفظ عقيدته


وعن سليم بن قيس، قال: قلت لعلي بن أبي طالب عليه السلام: يا أمير المؤمنين، ما الأمر
اللازم الذي لا بد منه والأمر الذي إذا أخذت به وسعني الشك فيما سواه؟
فقال عليه السلام: من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله،
وأقر بما أنزل الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام شهر رمضان وحج البيت والولاية لنا أهل البيت والبراءة من عدونا واجتنب كل مسكر.
الولاية والبراءة إجمالا وتفصيلا
قلت: جعلت فداك، الإقرار بما جاء من عندكم جملة أو مفسرا؟ قال: لا، بل
جملة.
قلت: جعلت فداك، فما المسكر؟ قال: كل شراب إذا أكثر منه صاحبه سكر،
فالجرعة منه بل القطرة حرام.
قلت: جعلت فداك، ليس شئ مما قلت إلا وقد صح غير الولاية، أعامة لجميع
بني هاشم أو خاصة لفقهائكم وعلمائكم؟ البراءة من عدوكم، من عادى جميعكم أو
من عادى رجلا منكم؟ (1)
____________
١- معناه: إن في مسألة (البراءة من عدوكم)، هل هذا العدو من عادى جميعكم أو يكفي عداوته لرجل منكم؟
فقال عليه السلام: لقد سألت - يا أخا بني هلال - فافهم. إذا أتيت بولايتنا أهل البيت في الجملة وبرئت من أعدائنا في الجملة فقد أجزأك.
فإن عرفك الله الأئمة منا الأوصياء العلماء الفقهاء، فعرفتهم وأقررت لهم بالطاعة
وأطعتهم فأنت مؤمن بالله وأنت من أهل الجنة، فهم الذين يدخلون الجنة بغير حساب.
وإن وحدت الله وشهدت أن محمدا رسول الله وأخذت بما ليس بين جميع أهل
القبلة فيه اختلاف - مما قد أجمعوا عليه أن الله قد أمر به ونهى عنه - وأشكل عليك موضع الإمامة والوصية والعلم والفقه، فرددت علمه إلى الله ولم تعادهم ولم تبرء منهم ولم تنصب لهم العداوة، فأنت جاهل بما جهلت ضال عما اهتدى إليه أهل الفضل والولاية. لله فيك المشية، إن عذبك فبذنبك وإن تجاوز عنك فبرحمته.
وأما الناصب لنا والمعادي لنا فمشرك كافر عدو لله.
والعارفون بحقنا المؤمنون بنا مؤمنون مسلمون أولياء الله.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page